ساعد الميجر جنرال قاسم سليماني، قائد «فيلق القدس» التابع للحرس الثوري الإيراني، بلاده على خوض حروب بالوكالة عبر الشرق الأوسط، ما أدى إلى اعتباره مرشحاً محتملاً لخلافة المرشد علي خامنئي.
ويمثل مقتله اليوم (الجمعة)، في ضربة جوية أميركية استهدفت موكبه في مطار بغداد، نهاية رجل كان يشار إليه بالبنان في بلاده. وأصبح منذ دخول الميليشيات العراقية إلى العراق في 2003، تدريجياً اسم الرمز لتمدد الإيراني المتمثل بتصدير الثورة في منطقة غرب آسيا.
أصبح نفوذ سليماني داخل المؤسسة العسكرية الإيرانية جلياً في 2019 عندما منحه خامنئي «وسام ذو الفقار»، وهو أعلى تكريم عسكري في إيران. وكانت هذه المرة الأولى التي يحصل فيها قائد عسكري على هذا الوسام منذ تأسيس الجمهورية الإسلامية في عام 1979.
نشأ سليماني صاحب الصوت الخافت في أسرة بسيطة تعمل بالزراعة في بلدة رابور في جنوب شرقي إيران، حيث ولد في 11 مارس (آذار) 1957.
وفي الثالثة عشرة من عمره سافر إلى كرمان وعمل في مجال البناء لمساعدة والده في سداد ديونه، وذلك وفقاً لما قاله سليماني نفسه في تقرير نشر على موقع «ديوا برس» المتخصص في تاريخ الحرب الإيرانية العراقية التي استمرت 8 سنوات. وعندما أطاحت الثورة الإسلامية بالشاه في 1978، كان سليماني يعمل بدائرة المياه في بلدية كرمان ونظم مظاهرات احتجاج على الشاه. وتطوع سليماني في الحرس الثوري بعد تفجر الحرب مع العراق عام 1980 وسرعان ما ترقى في صفوفه، ثم شارك في محاربة مهربي المخدرات على الحدود مع أفغانستان.
وقال مسؤول عراقي ثانٍ: «سليماني مستمع رائع. فهو لا يفرض نفسه. لكنه يحصل على ما يريد على الدوام».
وفي ذروة الحرب الأهلية العراقية في 2007، اتهم الجيش الأميركي «فيلق القدس» بتزويد الفصائل الموالية لإيران بعبوات ناسفة تسببت في مقتل كثير من الجنود الأميركيين.
ونقلت «نيويورك تايمز» عن مسؤول استخباري عراقي رفيع ذات مرة للمسؤولين الأميركيين في العراق، أن الجنرال سليماني يصف نفسه بأنه «السلطة الوحيدة المخولة بمتابعة المصالح الإيرانية في العراق». وكان المسؤولون الأميركيون في العراق وغيره يعدّون الجنرال قاسم سليماني خصماً كبيراً يُحسب له الحساب.
وقال السفير الأسبق كروكر ذات مرة عنه: «بالنسبة إلى قاسم سليماني، لم تنتهِ الحرب العراقية - الإيرانية حتى الساعة. ولا يمكن لأي إنسان شهد هذا الصراع شديد القسوة والفظاعة ولا يتأثر به إلى الأبد. وكانت غايته الاستراتيجية تتمثل في تحقيق الانتصار النهائي على العراق، وإن لم يكن ذلك ممكناً، فلا محيد عن إضعاف العراق وإسقاطه».
ولعب سليماني دوراً محورياً في الأمن العراقي من خلال الفصائل المختلفة، حتى إن الجنرال ديفيد بتريوس القائد العام للقوات الأميركية في العراق في ذلك الوقت بعث برسائل إليه عن طريق مسؤولين عراقيين، وفقاً لما ورد في برقيات دبلوماسية نشرها موقع «ويكيليكس». وبعد الاستفتاء على استقلال إقليم كردستان في شمال العراق، أصدر سليماني تحذيراً للقيادات الكردية أدى إلى انسحاب مقاتلين من مواقع متنازع عليها وسمح لقوات الحكومة المركزية بتأكيد سلطتها.
ويقال إنه كان صاحب نفوذ أكبر في سوريا. وكانت زيارته لموسكو في صيف 2015 أول خطوة في التخطيط للتدخل العسكري الروسي الذي غيّر شكل الحرب السورية وصاغ تحالفاً إيرانياً روسياً جديداً لدعم الأسد.
وجعله نشاطه هدفاً متكرراً لوزارة الخزانة الأميركية، إذ فرضت عليه الولايات المتحدة عقوبات بسبب دعم فيلق القدس لجماعة حزب الله اللبنانية وفصائل أخرى مسلحة ولدوره في الرد السوري العنيف على المحتجين وما تردد عن دوره في مؤامرة لاغتيال السفير السعودي السابق لدى الولايات المتحدة، عادل الجبير في 2011. وأدرجت وزارة الخزانة الأميركية سليماني على قائمة العقوبات.
في الصيف الماضي، دخل سليماني إلى سجال بين الرئيس الأميركي دونالد ترمب ونظيره الإيراني حسن روحاني، إثر تفاقم التوتر بين الجانبين. وخاطب ترمب قائلاً: «نحن قريبون منكم، وبدرجة لا يمكنكم أن تتصوروها».
وكان الجنرال الإيراني، الذي ظل من الشخصيات الغامضة على نحو كبير، يحظى اليوم بمكانة المشاهير داخل إيران، مع أنه من الشخصيات المثيرة للاهتمام لدى مختلف الناس داخل البلاد. وليس فقط لأنه كان قائداً لجهاز استخباراتي خارج الحدود الإيرانية ومسؤولاً عن تنفيذ العمليات العسكرية ذات الطبيعة السرية، لكنه اعتبر واحداً من أكثر الشخصيات العسكرية نفوذاً، فضلاً عن حياده في الساحة السياسية الداخلية.
سليماني... رأس الحربة الإيرانية في الشرق الأوسط
سليماني... رأس الحربة الإيرانية في الشرق الأوسط
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة