«متحف حائل» يحكي تاريخ الجزيرة العربية لزوار عروس الشمال في السعودية

يضم 9 قاعات تعرض تراث المنطقة عبر مراحل زمنية

متحف حائل صُمم بشكل فريد مستوحى من عمارة المنطقة (محمد الخمسان)
متحف حائل صُمم بشكل فريد مستوحى من عمارة المنطقة (محمد الخمسان)
TT

«متحف حائل» يحكي تاريخ الجزيرة العربية لزوار عروس الشمال في السعودية

متحف حائل صُمم بشكل فريد مستوحى من عمارة المنطقة (محمد الخمسان)
متحف حائل صُمم بشكل فريد مستوحى من عمارة المنطقة (محمد الخمسان)

يتخذ متحف حائل مكانا مميزا ضمن محطات «موسم حائل» الذي انطلق مؤخرا، فالمتحف يروي لزواره تاريخ حقبة زمنية مرت بها الجزيرة العربية بشكل عام و«عروس الشمال» على وجه الخصوص منذ ما قبل التاريخ، مروراً ببدايات الإسلام وصولاً إلى المرحلة الحالية، وهو ما جعله واحداً من أهم المشاريع الثقافية على مستوى المنطقة.
وتبلغ مساحة متحف حائل الإقليمي الذي أنشأته الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني مؤخراً نحو 20 ألف متر مربع، وصُمم بشكل فريد مستوحى من عمارة حائل، ويضم 9 قاعات للعروض وبيئة المنطقة، وعصور ما قبل الإسلام وفترة ما قبل التاريخ، والفترة الإسلامية، والتراث، وعرض «توحيد المملكة» وقاعة «عيش السعودية» إلى جانب قاعات مخصصات للأطفال.
وأكد مدير موسم حائل ماجد الغامدي أن المتحف الإقليمي يشكل إضافة بالغة الأهمية للمشهد الثقافي والفني في المنطقة بما يحتويه من كنوز أثرية ومقتنيات تراثية ومخطوطات قديمة تتيح لجميع زوارها فرصة حقيقية للتجول بين الأزمنة والتعرف على التراث الحضاري للمملكة.
إلى ذلك، أوضح صالح العنزي مدير المركز الإعلامي لموسم حائل لـ«الشرق الأوسط» أن المتحف يحتوي على قاعة التاريخ الطبيعي والجيولوجي لمنطقة حائل وتعرض فيها عينات من صخور المنطقة مع التركيز على مواقع التعدين والمناجم والتراث البيئي والنباتي والحيواني بالمنطقة.
وأضاف أن قاعة عصور ما قبل الإسلام بمنطقة حائل تبدأ من العصور الحجرية حتى العصر الجاهلي، إذ يعرض مجموعة من الأدوات الحجرية والقطع الفخارية ولوحات من النقوش والكتابات الصخرية، إضافة إلى صور تحكي عن كل فترة من فترات ما قبل الإسلام.
ولفت إلى أن قاعة حائل عبر التاريخ الإسلامي تعرض مراحل هجرة الرسول صلى الله عليه وسلم إلى المدينة المنورة وعهد الخلفاء الراشدين والفترات المتتالية، إضافة إلى عرض لوحات تتضمن نصوصاً وصوراً ومخططات تعود إلى تلك الفترة.
وأشار إلى أن قاعة تراث حائل تعرض الجانب التراثي للمنطقة من خلال الصناعات التقليدية وبعض الملابس والحلي التراثية وأواني الطهي وأدوات الزراعة وغيرها من مكونات التراث المحلي.
وتطرق العنزي إلى أن قاعة حائل في العهد السعودي تحكي مسيرة انضمام حائل إلى الحكم السعودي ومشاركة أبناء المنطقة في توحيد أجزاء المملكة والأمراء الذين تعاقبوا على إمارة منطقة حائل، فيما تروي قاعة التعليم في منطقة حائل بدايات التعليم النظامي وأوائل المدارس في المنطقة، إضافة إلى عرض مجموعة من الكتب والأفلام والرسائل القديمة.



رسّام لبناني يبني أعماله على السلام والحوار

نزيه الشامي يترجم مشاعره برسومات من الواقع (نزيه الشامي)
نزيه الشامي يترجم مشاعره برسومات من الواقع (نزيه الشامي)
TT

رسّام لبناني يبني أعماله على السلام والحوار

نزيه الشامي يترجم مشاعره برسومات من الواقع (نزيه الشامي)
نزيه الشامي يترجم مشاعره برسومات من الواقع (نزيه الشامي)

بريشته الإلكترونية المشبّعة بالدفء والعاطفة رسَم نزيه الشامي مشهدية المبنى الذي دمّره القصف في لحظة بمنطقة الطيونة (الضاحية الجنوبية لبيروت)، أمام الكاميرات، وقدّمها تحت عنوان ​«احتضان ما تبقّى»، وأرفقها بصورة لولدين يتعانقان من قلب يرتجف خوفاً.

انتشرت الصورة عبر مواقع التواصل الاجتماعي بعد أن راح يتبادلها اللبنانيون بكثافة. المبنى المهشّم تحوم حوله الطيور المذعورة، وتتطاير منه في لحظة سقوطه نفسها الذكريات والآمال. وبعين نزيه الشامي فإن هذه الغمرة تمثّل عناقاً بين أحد السكان ومبناه المدمّر. فهو يرى أن علاقةً وطيدة تربط الإنسان بالحجر. ومن يقول العكس فهو بالتأكيد لم يَخُض تجربة خسارة بيته. ويوضح لـ​«الشرق الأوسط»: ​«عندما شاهدت المبنى يسقط فكّرت مباشرة بسكّانه، وكيف أنه في ثوانٍ قليلة اختفت ذكرياتهم وجلساتهم العائلية وضحكاتهم، حتى إني غصتُ في حرقة قلوبهم لخسارتهم السقف الذي ادّخروا المال والعمر من أجل تأمينه. وترجمت أفكاري بهذه الرسمة كشخص يتمنّى عناق منزله قبل وداعه. فارتباطنا بالأماكن يندرج على لائحة العلاقات العاطفية التي نعيشها​».

الأماكن كما يقول نزيه الشامي حتى بعد تدميرها واختفائها عن الخريطة تبقى محفورةً في أذهاننا. نمرّ على أطلالها بين وقت وآخر لنستعيد ذكرياتنا ونتخيّلها تنبض دائماً بطيفنا. ويتابع: ​«هذه العودة التلقائية رسمتها بخيالي وترجمتها في لوحة​».

لوحة «احتضان ما تبقّى» (نزيه الشامي)

يعمل نزيه الشامي في إدارة المشروعات المرتكزة على بناء السلام والحوكمة. وطبيعة شغله تدور حول المساهمة في تعزيز الحوار والتفاهم بين المجتمعات. تخصّص بفن التصميم الغرافيكي في الجامعة اللبنانية. وانطلاقاً من تخصّصه راح يرسم بريشة إلكترونية وبتقنية الديجيتال، مشاهد تنبع من الواقع. ويضيف: ​«الفن يولّد السلام، بينما السياسة تتسبب في النزاعات. لا أنتمي إلى أي حزب أو جهة سياسية. ولكنني أتمسك بانتمائي لوطني لبنان أولاً وأخيراً​».

نزيه ابن الـ28 ربيعاً يعيش في مدينة طرابلس الفيحاء، ويعتزّ بعلاقته الوثيقة بها. لم تشأ الظروف أن يتعرّف إلى مناطق تتعرّض اليوم للقصف في لبنان. فهو ترعرع ودرس وعمل فيها. لكنه يستدرك قائلاً: ​«ليس عندي أي ارتباط عاطفي بالمناطق المتضررة من الحرب الدائرة على أرضنا اليوم. ولكن ما يحدث أمام أعين الجميع من دمار حرّك مشاعري. وهو ما حضّني على الإحساس بأنني أنتمي لكل لبنان. وفي ظل كل هذه المشاهد المرعبة التي نعيشها ولد عندي القلق والتوتر. وبرسوماتي أفرّغ الغضب الذي يسكنني​».

لوحة أخرى بعنوان ​«أفكار محاصرة​» رسمها نزيه الشامي تُبرز مدى تأثّر اللبناني بالحرب. ويُجسد ذلك بصورة شخص يتصاعد دخان الانفجارات من رأسه. فالضغوطات النفسية التي يعيشها أدّت به إلى ذلك. ويصوّر نزيه الشامي هذا الشخص يقف في شارع دمّرته الغارات. ويعلّق: ​«في رأيي أن الانفجار الأكبر يحدث اليوم في رؤوسنا، لا سيما عند الأشخاص الذين في عمري. فعندنا هواجس وقلق كبيران لمصير مجهول لا نعرف إلى أين يودي بنا. صحيح أني أبلغ الـ28 من العمر، ولكن سنوات الهدوء والسلام التي عشتها تشكّل أياماً فقط من عمري. فنحن أيضاً عشنا في طرابلس الأمرّين. وشهدنا حروباً بين أحيائنا فكان اللااستقرار رفيقنا​».

«أفكار محاصرة» لنزيه الشامي (نزيه الشامي)

يشرح نزيه الشامي سبب اختياره الأبيض والأسود في رسوماته: ​«إنها الألوان الرئيسية والمحايدة في الوقت نفسه في علم الرسم. كما أن هذين اللونين باستطاعتهما إبراز التناقض في اللوحة بشكل مباشر. وربما بسبب غياب ألوان الحياة الزاهية عن حياتنا نركن إلى الأبيض والأسود، فيسمحان بمشاهدة اللوحة بوضوح والتركيز على المشاعر والرسالة اللتين تحملهما. ووفقاً لدراستي فهذا الفن يتمتع بالجودة الخالدة».

وعن مدينته طرابلس يقول: ​«أنا طرابلسي حقيقي وأحس بأن هذه المدينة تسري في دمي. فهي ليست مجرد مدينة، بل مجموعة حضارات وثقافات. وتاريخها غني بالتحديات والصعوبات. ولعلها تترجم المثل القائل ​(كبرنا سنة بنهار واحد). فما خضته فيها من تجارب حياتية أنضجني بشكل سريع. وهو ما زوّدني بالقدرة على تجاوز مصاعب الحياة. فأنا أشبه مدينتي المنتصبة دائماً، التي تجمع في أحضانها جميع اللبنانيين​».

نزيه الذي عمل في مجال التطوع منذ كان في الـ16 من عمره، تعلّم أنه بذلك يردّ الجميل لمجتمع ينتمي إليه. ويختم لـ​«الشرق الأوسط»: ​«لقد جُلت على مراكز إيواء النازحين في مدينتي. واطلعت على حاجاتهم وساهمت في مساعدتهم. فطرابلس علّمتني الصمود. وهو ما يحفزني على الاستمرار. فأزقتها وبيوتها وأسواقها أعدّها مصدر إلهامي​».