من المقرر أن يشهد التاريخ المضطرب للعلاقات الفرنسية البريطانية تطوراً غير مسبوق بعد ورود تقارير تفيد بأن الرئيس إيمانويل ماكرون يتطلع إلى منح لندن «وسام جوقة الشرف» «الليجيون دونور»، الذي يعد أرفع وسام فرنسي.
ويقال إن ماكرون يرى التكريم وسيلة لإحياء الدور الذي لعبته المدينة خلال الحرب العالمية الثانية عندما وفرت قاعدة لانطلاق الزعيم الفرنسي المنفي شارل ديغول.
وأفادت صحيفة «لو فيغارو» الفرنسية بأن ماكرون كان يخطط للإعلان عن الجائزة في 18 يونيو (حزيران)، وهي الذكرى الثمانين للخطاب الذي دعا فيه الجنرال ديغول الفرنسيين إلى مقاومة الغزو النازي لبلادهم. أذيع النداء في 18 يونيو، وهو التاريخ الذي اعتبر الخطوة التأسيسية للمقاومة، عبر هيئة الإذاعة البريطانية وأذيع مجدداً باللغة الإنجليزية في اليوم التالي في صحيفة «ذا تايمز» اللندنية.
لكن خطوة كهذه ستكون مثيرة للجدل، خاصة إذا حكمنا من خلال الموقع الإلكتروني لصحيفة «لو فيغارو»، حيث ظهر جلياً أن الفرنسيين ساخطين على الاقتراح الذي يرون أنه تكريم لأناس طالما اعتبروهم «أعداء بالوراثة».
وقال عدد كبير من القراء عبر موقع الصحيفة إن «الليجيون دونور»، وتعني «وسام جوقة الشرف، كان فكرة نابليون عام 1802 خلال الفترة التي عاشت فيها فرنسا وبريطانيا سلسلة من الصراعات. وكتب أحدهم يقول: إن «نابليون سيعاني في قبره، فهو من استحدث هذه الميدالية قبل أن يُنفى إلى جزيرة سانت هيلينا البريطانية».
ورغم ذلك، قال إريك بوكيه، رئيس لجنة الصداقة الفرنسية البريطانية في مجلس الشيوخ الفرنسي، إن الميدالية ستكون «وسيلة لنمد يدنا إلى المملكة المتحدة بعد خروجها من الاتحاد الأوروبي». وأضاف: «قد يكون ذلك وسيلة لإظهار أن المملكة المتحدة لا تزال جزءاً من أوروبا وأن العلاقات بين بريطانيا وفرنسا، وبين بريطانيا وأوروبا ستظل قوية. لا يزال القنال الإنجليزي بعرض 21 ميلاً ولن يتغير».
وقال مسؤول فرنسي إن الجائزة لم تكن مغمورة وسبق أن منحت للجزائر عام 2004 وللكونغو برازافيل عام 2006. وأن كلتا المدينتين قد كرمتا لكونهما قواعد للمقاومة خلال الحرب العالمية الثانية. وأضاف المسؤول الذي طلب عدم الكشف عن هويته، أنه «لن يكون مستغرباً تكريم لندن بنفس المنطق».
وقد فر شارل ديغول، الذي كان آنذاك وزيراً صغيراً وعميداً في الجيش، إلى لندن في يونيو 1940. بينما كانت الحكومة الفرنسية تستعد لتوقيع اتفاقية هدنة مع النازيين بعد الغزو الألماني.
وكان ديغول بمفرده ولم يكن يرافقه سوى مساعده في المخيم، وأراد بعض أعضاء مجلس الوزراء البريطاني تجنبه وعدم التعامل معه، لكن ونستون تشرشل أثر أن يقدم له قاعدة لانطلاق المقاومة.
وصل هذا الكلام إلى مسامع عدد ضئيل من الفرنسيين، ولكن الرسالة تسربت وكانت بمثابة دعوة لحشد جميع أولئك الذين رفضوا قبول الاستسلام لهتلر. وأصبح التاريخ ينظر إلى النداء على أنه قد أنقذ شرف الأمة ومكانتها في عالم ما بعد الحرب.
بالإضافة إلى أنشطة حرب العصابات، نشرت المقاومة صحفاً تحت الأرض وقدمت معلومات استخبارية وأمنت شبكات للهروب ساعدت قوات الحلفاء المحاصرين خلف خطوط العدو.
لم تكن العلاقة بين تشرشل وديغول سهلة بحال، فقد اعترف تشرشل بمكانة ديغول، لكنه رآه فظاً ويفتقر إلى الجدارة والثقة.
وكانت علاقة ديغول أسوأ مع الرئيس الأميركي فرانكلين روزفلت، ولم يكن ينظر إلى البريطانيين نظرة احترام. وفي عام 1943. نقل مقر المقاومة إلى الجزائر العاصمة من دون أن يشكر تشرشل على استضافته في بلاده.
قال تشرشل وقتها، إن ديغول كان «وقحاً في تعامله مع البريطانيين ليثبت للفرنسيين أنه ليس عميلاً بريطانياً». وأضاف: «بالتأكيد نفذ هذه السياسة بحذافيرها».
ويحرص ماكرون اليوم، على تسليط الضوء على دور ديغول في تأسيس فرنسا الحديثة العام المقبل، الذي سيصادف الذكرى الـ130 لميلاده والذكرى الخمسين لوفاته.
من جانبه، رفض قصر الإليزيه التعليق على التقارير.
ماكرون يتطلع إلى رد جميل لندن خلال الحرب العالمية الثانية
منتقدون يقولون إن نابليون {سيتعذب في قبره} إذا مُنحت العاصمة البريطانية {وسام الشرف} الفرنسي
ماكرون يتطلع إلى رد جميل لندن خلال الحرب العالمية الثانية
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة