متحف الحرب في مالطا يوثق «آلام القصف» والمعارك التاريخية

حضور مصري في أقسام العرض

دراجة نارية تعود لفترة الحرب العالمية الثانية في مالطا
دراجة نارية تعود لفترة الحرب العالمية الثانية في مالطا
TT

متحف الحرب في مالطا يوثق «آلام القصف» والمعارك التاريخية

دراجة نارية تعود لفترة الحرب العالمية الثانية في مالطا
دراجة نارية تعود لفترة الحرب العالمية الثانية في مالطا

بينما كانت عقارب الساعة تقترب من الثالثة عصراً، توجهت مسرعاً نحو متحف الحرب الوطني في مالطا، الذي يطل على البحر المتوسط داخل قلعة سانت إلمو الشهيرة، ويمثل رأس مثلث العاصمة المالطية الصغيرة فاليتا... الشغف بكواليس الحرب العالمية الثانية ودور جزيرة مالطا في تلك الحرب الدامية كان يدفعني للسير بسرعة نحو بوابة القلعة، وبينما تبلغ سعر تذكرة الدخول 10 يوروات، دخلت أنا مجاناً بعد إظهار جواز سفري الموضح به وظيفتي (صحافي)، رحبت موظفة حجز التذاكر بي وأخبرتني أنّ المتحف سيغلق أبوابه بعد ساعتين فقط، ثم قدمت لي تذكرة مجانية دخلت بها من البوابات الذكية إلى الداخل، وكنت في قمة سعادتي بهذا الموقف، الذي ندمت على عدم تكراره خلال زيارتي للجزيرة الأوروبية الصغيرة، إذ تكثر بها المتاحف والمباني التاريخية التي تتيح دخول الصحافيين إليها مجاناً. على يمين مدخل المتحف استوقفتني قطع حديدية عملاقة ينهش فيها الصدأ، عبارة عن «مراسٍ» تعود لسفن حربية غرقت في مياه البحر المتوسط خلال معارك الحرب العالمية الثانية، وينتشر في الحصن الذي يضم المتحف مدافع حربية قديمة ومتنوعة الأحجام كانت تستخدم للدفاع عن الجزيرة في القرن التاسع عشر.
أقسام المتحف الستة، لا يُشرف عليها أي موظف من الداخل، بل يتولى مراقبتها موظف أمن يجلس بجوار مكتب تذاكر الدخول، ويوثق متحف الحرب الوطني في مالطا الدور المهم الذي لعبته الجزيرة الصغيرة خلال القرون الماضية مروراً بفترة الاحتلال الفرنسي والحرب العالمية الأولى، ثم الثانية، وحتى استقلالها عن بريطانيا، ويلحظ زائر مالطا حالياً توقف أكثر من سفينة حربية ترفع العلم البريطاني بأرصفة موانئ الجزيرة وهو ما يعيد للأذهان أجواء الحرب.
حصن سانت إلمو، الذي يضم المتحف الوطني للحرب، بُني على شكل نجمة وفقاً لأمر القديس يوحنا في عام 1522، وأثناء الحكم البريطاني، عُدّلت القلعة لاستيعاب المتطلبات الجديدة للحرب، وافتُتح المتحف الوطني للحرب بداخله عام 1975 وجُدّد بالكامل في عام 2009.
يتكون المتحف من قاعة كبيرة مقببة وملحقين طويلين وواحد على كل جانب من القاعة وثلاث غرف صغيرة، ورغم أنّ بعض قاعات العرض عتيقة وتاريخية، فإنّ طرق العرض التكنولوجية الحديثة والباهرة، تضفي إليها مزيداً من التميز، وتساعد الزائرين على معايشة أجواء الحرب، عبر شاشات عدة، تقدّم مقاطع مرئية حقيقية للحرب العالمية الثانية، كما تصيبك أصوات القاذفات الألمانية والإيطالية التي كانت تدك مالطا في بداية الحرب العالمية الثانية، داخل القاعة بالخوف من أن تصيبك إحدى القنابل التي يحتفظ بها المتحف ويعلقها بطريقة جيدة كأنها تسقط من السماء فوق الرؤوس.
يذكر أن الحرب العالمية الثانية اندلعت عندما غزت ألمانيا بولندا في 1 سبتمبر (أيلول) 1939، ورغم أن مالطا شكلت جزءا من الإمبراطورية البريطانية، لم تكن الجزيرة في خط المواجهة حتى أعلنت إيطاليا الحرب على الحلفاء في 10 يونيو (حزيران) 1940. وفي صباح اليوم التالي، أسقطت القاذفات الإيطالية وابلا من القنابل على الجزيرة خصوصاً قلعة سانت إلمو (موقع متحف الحرب الوطني) ما أسفر عن مقتل ستة جنود.
التنقل بين أقسام المتحف المتنوعة يتم بسلاسة شديدة، إذ يقود القسم الأول إلى القسم الذي يليه تباعاً حتى انتهاء العرض المتحفي من دون مساعدة أحد، كما أنّ اللافتات التعريفية أمام المقتنيات المعروضة باللغتين المالطية والإنجليزية، واضحة تماماً وتتيح للزائر التعرف على كل المقتنيات عن قرب.
وبينما خُصّص الملحق الأيسر من المتحف لمقتنيات البحرية الملكية البريطانية، على غرار الزي الرسمي والمعدات والشعارات البحرية، فإن القاعة الرئيسية في متحف الحرب تحتوي على العديد من العناصر المهمة مثل مدفع Bofors المضاد للطائرات، وحطام الطائرة البريطانية الشهيرة «سبيت فاير»، وجناح الطائرة الألمانية المقاتلة من طراز «مسيركميت مي - 109» التي عُثر عليها في قاع البحر، بجانب محركات الطائرة الألمانية الشهيرة يونكر.
وتعد السيارة الجيب «Willis Jeep Husky» التي استخدمها الجنرال العسكري الأميركي، والقائد الأعلى لقوات الحلفاء في أوروبا أثناء الحرب العالمية الثانية دوايت ديفيد أيزنهاور، والذي أصبح فيما بعد رئيس الولايات المتحدة الأميركية الرابع والثلاثين، من أشهر معروضات المتحف، وقد أُحضرت إلى مالطا في يوليو (تموز) 1943، استعداداً لغزو القوات الأميركية جزيرة صقلية الإيطالية، واستخدمت هذه الجيب لاحقاً من قِبل الرئيس الأميركي فرانكلين روزفلت عندما زار مالطا في 8 ديسمبر (كانون الأول) 1943.
وبجانب المعروضات المثيرة للحرب العالمية الثانية، تستحق لوحات التصوير المعلقة على جانبي قاعات المتحف أيضا فحصها لأنّها تصور الظروف القاسية التي كان على مالطا وشعبها المرور بها خلال الحرب، حيث تظهر الأضرار الكبيرة التي لحقت بمالطا، بجانب الجوائز والأوسمة المرموقة التي تلقاها رجال الخدمة المالطية والمدنيين خلال الحرب العالمية الثانية لشجاعتهم وتضحياتهم خلال الحرب، وصور عامة للجزيرة الصغيرة أثناء فترة الحرب، وتعد ميدالية جورج كروس التي منحت عام 1942 لجميع سكان مالطا كاعتراف بشجاعتهم خلال الحرب، من أهم تلك الأوسمة.
ويبرز متحف الحرب كذلك بأقسامه المتنوعة، عدداً من القطع الحربية النادرة مثل محركات الطائرات الحربية والزوارق البحرية السريعة، وكشافات إضاءة ضخمة كانت تستخدم لرصد الطائرات الألمانية والإيطالية، ومدافع مضادة للطائرات ودراجات هوائية ونارية، وعددا من المقتنيات البحرية والطوربيدات، وملابس وخوذات عسكرية متنوعة، وتساهم شاشات العرض الموضوعة على الأرضيات بجوار المقتنيات الثمينة في رسم خرائط تفصيلية لمسارات الحرب وتفاصيل المعارك البحرية بين الحلفاء ودول المحور عبر طرق ذكية ومبتكرة.
وفي القسم الأخير من المتحف الذي يحتفي بتاريخ مالطا السياسي والعسكري عقب انتهاء الحرب العالمية الثانية، تحضر مصر عبر إلقاء المتحف الضوء على دور جزيرة مالطا في شن القوات الجوية البريطانية والفرنسية والإسرائيلية الهجوم على مدينة بورسعيد عقب إعلان الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر تأميم قناة السويس في عام 1956، الذي يعرف في مصر باسم «العدوان الثلاثي»، وتوضح شاشات العرض استخدام الطائرات البريطانية للجزيرة كقاعدة لشن الغارات الجوية على مصر. وتوضح الخرائط الإلكترونية كيفية انطلاق الهجوم وعودة الطائرات إلى قواعدها في مالطا، وينتهي العرض المتحفي الشيق بالاحتفاء بتاريخ استقلال مالطا عن بريطانيا عام 1964، قبل أن تُعلن جمهورية في 1974، وتنضم إلى تحالفات سياسية وعسكرية متنوعة خلال العقود الأخيرة.



انطلاق المؤتمر العالمي لـ«موهبة» لتعزيز التعاون الإبداعي لـ«جودة الحياة»

المؤتمر يشكل منصة ملهمة تجمع العقول المبدعة من كل العالم (واس)
المؤتمر يشكل منصة ملهمة تجمع العقول المبدعة من كل العالم (واس)
TT

انطلاق المؤتمر العالمي لـ«موهبة» لتعزيز التعاون الإبداعي لـ«جودة الحياة»

المؤتمر يشكل منصة ملهمة تجمع العقول المبدعة من كل العالم (واس)
المؤتمر يشكل منصة ملهمة تجمع العقول المبدعة من كل العالم (واس)

انطلقت فعاليات النسخة الثالثة من المؤتمر العالمي للموهبة والإبداع بعنوان «عقول مبدعة بلا حدود» في العاصمة السعودية الرياض، الأحد، الذي يجمع نخبةً من الخبراء والموهوبين في مجالات العلوم والتقنية والابتكار، ويشارك فيه أكثر من 300 موهوب ومتحدثون محليون ودوليون من أكثر من 50 دولةً، وذلك برعاية خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز. ونيابة عنه، افتتح الأمير فيصل بن بندر بن عبد العزيز، أمير منطقة الرياض، فعاليات المؤتمر العالمي والمعرض المصاحب للمؤتمر الذي تنظمه مؤسسة الملك عبد العزيز ورجاله للموهبة والإبداع «موهبة»، في مركز الملك عبد الله للدراسات والبحوث البترولية «كابسارك» بالعاصمة السعودية، وشهد توقيع عدد من الاتفاقيات بين «موهبة» وعدد من الجهات.

أمير الرياض خلال افتتاحه فعاليات المؤتمر العالمي والمعرض المصاحب للمؤتمر (واس)

ورفع أمين عام «موهبة» المكلف الدكتور خالد الشريف، كلمة رفع فيها الشكر لخادم الحرمين الشريفين على رعايته للمؤتمر، ودعمه المستمر لكل ما يُعزز ريادة السعودية في إطلاق المبادرات النوعية التي تمثل قيمة مضافة لمستقبل الإنسانية، مثمناً حضور وتشريف أمير منطقة الرياض لحفل الافتتاح.

وقال الدكتور الشريف: «إن قيادة السعودية تؤمن بأهمية الاستثمار برعاية الموهوبين والمبدعين باعتبارهم الركيزة الأساسية لازدهار الأوطان والطاقة الكامنة التي تصنع آفاقاً مستقبلية لخدمة البشرية»، مشيراً إلى أن العالم شاهد على الحراك الشامل لمنظومة تنمية القدرات البشرية في المملكة لبناء قدرات الإنسان والاستثمار في إمكاناته، في ظل «رؤية السعودية 2030»، بقيادة الأمير محمد بن سلمان ولي العهد رئيس مجلس الوزراء السعودي رئيس لجنة برنامج تنمية القدرات البشرية.

وأكد الدكتور الشريف أن هذا الحراك يواكب ما يزخر به وطننا من طاقات بشرية شابة موهوبة ومبدعة في شتى المجالات، يتجاوز إبداعها حدود بلادنا ليصل إلى العالمية، وهو ما مكن المملكة من أن تصبح حاضنة لألمع العقول العالمية الموهوبة والمبدعة، وحاضرة إنسانية واقتصادية واعدة بمستقبل زاهر ينعكس على العالم أجمع.

وأوضح أن المؤتمر العالمي للموهبة والإبداع بنسخته الثالثة يشكّل منصةً ملهمة تجمع العقول المبدعة من كل العالم، لتستلهم معاً حلولاً مبتكرة تعزز جودة الحياة في مجتمعاتنا، وتبرز الفرص، وتعزز التعاون الإبداعي بين الشعوب.

انعقاد هذا المؤتمر يتزامن مع احتفالية مؤسسة «موهبة» بيوبيلها الفضي (واس)

ولفت النظر إلى أن انعقاد هذا المؤتمر يتزامن مع احتفالية مؤسسة «موهبة» بيوبيلها الفضي؛ حيث أمضت 25 عاماً في دعم الرؤى بعيدة المدى للموهبة والإبداع، وباتت مشاركاً رئيسياً في المنظومة الداعمة لاكتشاف ورعاية الطاقات الشابة الموهوبة والمبدعة، بمنهجية تُعد الأكثر شمولاً على مستوى العالم لرعاية الأداء العالي والإبداع.

عقب ذلك شاهد أمير منطقة الرياض والحضور عرضاً مرئياً بمناسبة اليوبيل الفضي لإنشائها، وإنجازاتها الوطنية خلال الـ25 عاماً الماضية، ثم دشن «استراتيجية موهبة 2030» وهويتها المؤسسية الجديدة، كما دشن منصة «موهبة ميتا مايندز» (M3)، وهي منصة عالمية مصممة لربط ودعم وتمكين الأفراد الموهوبين في البيئات الأكاديمية أو قطاعات الأعمال، إلى جانب تدشين الموقع الإلكتروني الجديد لـ«موهبة»، الذي تواصل المؤسسة من خلاله تقديم خدماتها لجميع مستفيديها من الموهوبين وأولياء الأمور.

ويهدف المؤتمر العالمي للموهبة والإبداع إلى إظهار إمكانات الموهوبين، وتطوير نظام رعاية شامل ومتكامل للموهوبين، وتعزيز التكامل والشراكات الاستراتيجية، وتحسين وتعزيز فرص التبادل والتعاون الدولي، ويشتمل المؤتمر على 6 جلساتٍ حوارية، و8 ورش عمل، وكرياثون الإبداع بمساراته الـ4، ومتحدثين رئيسيين؛ حيث يسعى المشاركون فيها إلى إيجاد الحلول الإبداعية المبتكرة للتحديات المعاصرة، إلى جانب فعاليات مصاحبة، تشمل معرضاً وزياراتٍ ثقافيةً متنوعةً على هامش المؤتمر.