جدل تونسي حول التشكيلة الحكومية... رئيس الوزراء يعلن اكتمالها والرئاسة تنفي

رئيس الوزراء التونسي المكلف الحبيب الجملي وهو يسلم تشكيل الحكومة للرئيس التونسي قيس سعيّد (أ.ف.ب)
رئيس الوزراء التونسي المكلف الحبيب الجملي وهو يسلم تشكيل الحكومة للرئيس التونسي قيس سعيّد (أ.ف.ب)
TT

جدل تونسي حول التشكيلة الحكومية... رئيس الوزراء يعلن اكتمالها والرئاسة تنفي

رئيس الوزراء التونسي المكلف الحبيب الجملي وهو يسلم تشكيل الحكومة للرئيس التونسي قيس سعيّد (أ.ف.ب)
رئيس الوزراء التونسي المكلف الحبيب الجملي وهو يسلم تشكيل الحكومة للرئيس التونسي قيس سعيّد (أ.ف.ب)

أعلن رئيس الوزراء التونسي المكلف الحبيب الجملي أمس (الأربعاء) أنه انتهى من تشكيل حكومته المؤلفة من وزراء «مستقلين»، من دون أن يكشف عن أسمائهم، لكن رئاسة الجمهورية سارعت إلى القول إن هذه التشكيلة ليست نهائية وإن المشاورات بشأنها لا تزال جارية.
وخلال مؤتمر صحافي كان من المفترض أن يتم خلاله الإعلان عن التشكيلة الحكومية التي يتم التفاوض عليها منذ أكثر من شهر ونصف، اكتفى الجملي بالقول إن حصة المرأة في الحكومة المرتقبة هي 40 في المائة وإن أكثر من نصف الوزراء هم من «الشباب»، وذلك وفقاً لما ذكرته وكالة الصحافة الفرنسية.
وعقد الجملي مؤتمره الصحافي بعدما سلم رئيس الجمهورية قيس سعيد التشكيلة الحكومية التي يفترض أن تنال ثقة الغالبية المطلقة في البرلمان كي تتسلم السلطة.
واكتفى رئيس الوزراء المكلف بالقول إن الكشف عن التركيبة الحكومية سيتم على الأرجح اليوم (الخميس).
لكن رئاسة الجمهورية قالت مساء أمس إن «هذه القائمة ليست نهائية» وإن المفاوضات حول التشكيلة الحكومية لا تزال مستمرة.
وكان الجملي قال للصحافيين قبل نحو 10 أيام: «سأشكل حكومة كفاءات وطنية مستقلة عن كل الأحزاب ومقياسي هو الكفاءة والنزاهة والقدرة على التسيير».
وكان رئيس الجمهورية كلف في منتصف نوفمبر (تشرين الثاني) الفائت الحبيب الجملي تشكيل حكومة جديدة ضمن مهلة لا تتجاوز شهرين بعدما أعلن حزب «النهضة» الإسلامي ترشيح هذا الخبير الزراعي لتولي المنصب.
وكانت الانتخابات النيابية التي جرت في منتصف أكتوبر (تشرين الأول) أفرزت فسيفساء من الأحزاب يتقدمها «النهضة» الإسلامي (52 نائباً) يليه حزب «قلب تونس» الليبيرالي (38 نائباً) والذي اختار البقاء في المعارضة.
ولم تستطع البلاد منذ ثورة 2011 تجاوز الضغوط الاقتصادية وقد ركزت الطبقة السياسية اهتماماتها أكثر على تأمين الانتقال الديمقراطي السياسي بينما تأجلت الإصلاحات الاجتماعية مع تفاقم المطالب المعيشية.
ولم تسعف المهلة الدستورية الأولية التي منحها الدستور للجملي في إتمام مهمته التي تم تمديدها شهراً إضافياً، علماً بأنه في حال فشل فسيكلف الرئيس شخصية أخرى مستقلة بالمهمة.
والحبيب الجملي (60 عاماً) كاتب دولة سابق لدى وزير الفلاحة (2011 - 2014) وشارك في حكومتين سابقتين بصفة تكنوقراط مستقل.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.