جدل حول «المال السياسي» في الحملة الانتخابية في تونس

من اتهامات بتجاوز سقف الإنفاق إلى ادعاءات بمحاولات شراء لأصوات الناخبين

رئيس الوزراء الأسبق زعيم حزب «نداء تونس» الباجي قائد السبسي يتوسط أعضاء حزبه أثناء إلقاء كلمته أمام مناصريه في منطقة حمام الأنف بتونس أمس (أ.ف.ب)
رئيس الوزراء الأسبق زعيم حزب «نداء تونس» الباجي قائد السبسي يتوسط أعضاء حزبه أثناء إلقاء كلمته أمام مناصريه في منطقة حمام الأنف بتونس أمس (أ.ف.ب)
TT

جدل حول «المال السياسي» في الحملة الانتخابية في تونس

رئيس الوزراء الأسبق زعيم حزب «نداء تونس» الباجي قائد السبسي يتوسط أعضاء حزبه أثناء إلقاء كلمته أمام مناصريه في منطقة حمام الأنف بتونس أمس (أ.ف.ب)
رئيس الوزراء الأسبق زعيم حزب «نداء تونس» الباجي قائد السبسي يتوسط أعضاء حزبه أثناء إلقاء كلمته أمام مناصريه في منطقة حمام الأنف بتونس أمس (أ.ف.ب)

أكد شفيق صرصار، رئيس الهيئة المستقلة العليا للانتخابات في تونس «تسجيل الهيئة للكثير من التجاوزات، بعضها ذو طابع مالي في الحملة الانتخابية استعدادا لانتخابات مجلس نواب الشعب (البرلمان التونسي) التي تجري الأحد المقبل في تونس». وجاء حديث صرصار خلال جلسة جمعته الأول من أمس (الاثنين) مع عدد من قادة الأحزاب السياسية في إطار جلسات الحوار الوطني الذي ترعاه 4 منظمات تونسية هي نقابة العمال ومنظمة الأعراف وعمادة المحامين ورابطة حقوق الإنسان.
وقال عدد من قيادات الأحزاب المشاركة في هذه الجلسة تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، أن «النقطة الرئيسة التي تمت إثارتها أمام رئيس هيئة الانتخابات هي المال السياسي وتجاوز بعض الأحزاب لسقف الإنفاق الذي يخوله القانون الانتخابي، وحتى محاولات إغراء الناخبين بقوة المال».
ووفق مصدر من الرباعي للحوار حضر هذه الجلسة تحدثت إليه «الشرق الأوسط» فإن شفيق صرصار أكد للحاضرين أن «عملية مراقبة إنفاق الأحزاب على حملاتها الانتخابية هي من مشمولات الهيئة الوطنية العليا لمراقبة الحسابات»، مبينا أن «هيئة الانتخابات تتدخل فيما بعد لتسليط عقوبات على القوائم المخالفة للقانون إما بتسليط خطايا مالية أو بإسقاط القائمة في صورة ثبوت تجاوزها بنسبة 75 في المائة لسقف الإنفاق الذي يسمح به القانون الانتخابي».
وقد أثيرت خلال هذه الجلسة كثير المسائل المتعلقة بالعملية الانتخابية، وخصوصا في مدى حياد المشرفين على مكاتب الاقتراع وتنظيم حضور المراقبين والملاحظين وممثلي الأحزاب في فضاءات التصويت وكذلك نجاعة المنظومة الإعلامية، وطمأن شفيق صرصار الأحزاب الحاضرة أن كل الاحتياطات قد اتخذت لتجري عمليات الاقتراع في أحسن الظروف معترفا بوجود نقص في عدد الملاحظين خاصة في الجهات الداخلية.
وبخصوص مختلف التجاوزات المسجلة خلال الحملة الانتخابية قال صرصار لممثلي الأحزاب الحاضرة في جلسة الحوار، إن هيئة الانتخابات قامت بتحرير 4500 محضر، وتوجيه 1000 تنبيه وإحالة عدد من الملفات لم يحددها إلى النيابة العمومية. ورجحت بعض المصادر المطلعة أن تكون الملفات التي تم توجيهها للنيابة العمومية تتصل بقضايا رشوة فضل رئيس الهيئة عدم تقديم تفاصيل بشأنها احتراما لواجب التحفظ.
وسيطرت قضية المال السياسي سواء على أجواء الحملة للانتخابات التشريعية أو على عمليات التزكية للمرشحين للانتخابات الرئاسية التي ستجري في 23 نوفمبر (تشرين الثاني).
فبخصوص الحملة للانتخابات التشريعية أكدت الكثير من الأحزاب في مناسبات متعددة أن «تفاوت الإمكانيات المالية بين الأحزاب، والإنفاق بشكل يفوق ما يسمح به القانون على الحملة سيؤثر بالتأكيد على نتائج الانتخابات». ويبقى أخطر ما في الأمر على الإطلاق حسب بعض هذه الأحزاب التأكيد أن «بعض القوى السياسية تحصل على تمويلات من الخارج» أو «قيام بعض الأحزاب أو الشخصيات بإغراء الناخبين ومحاولة شراء أصواتهم»«وهو ما لم يتم إثباته إلى حد الآن ولم تقدم بشأنه أي شكاوى إلى القضاء التونسي.
ووفق عدد من المراقبين التونسيين للحملات الانتخابية فإن الكثير من المؤشرات تؤكد فعلا تجاوز بعض القوائم لسقف الإنفاق المسموح به قانونيا وذلك بالنظر حسب قول بعضهم إلى «ضخامة الاجتماعات التي نظمتها والتجهيزات التي استخدمتها في نشاطها الدعائي خلال الحملة الانتخابية». ويسلط القانون الانتخابي المعمول به خطايا بشكل تدريجي على القوائم التي تتجاوز سقف الإنفاق المسموح به وتصل العقوبة إلى حد إسقاط القوائم الفائزة في صورة ثبوت تجاوز الإنفاق بنسبة 75 في المائة من السقف المحدد للإنفاق. وتعود مهمة الرقابة المالية على الأحزاب لهيئة مراقبة الحسابات وهي هيئة حكومية دائمة. وقد اعترف بعض المشرفين على هيئة المحاسبات في ندوة انتظمت الأحد بتونس بـ«صعوبة مراقبة إنفاق الأحزاب بشكل دقيق».
أحد المراقبين للساحة السياسية التونسية قال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك مستويات مختلفة ومتفاوتة الخطورة للحديث عن حضور المال في الساحة السياسية التونسية» وهو ما يفسر حسب قوله «استخدام تعبيرين للحديث عن الظاهرة هما (المال السياسي) و(المال السياسي الفاسد)»، مضيفا قوله إن «أول المستويات يتعلق بتفاوت الإمكانيات المالية الذاتية بين الأحزاب وانعكاس ذلك على أنشطة هذه الأحزاب وضخامة اجتماعاتها وحملاتها الدعائية، أما المستوى الثاني فهو استخدام المال في تجاوز القانون في ما هو أخطر كمحاولات شراء أصولات الناخبين وهو ما لم يثبت قضائيا على أي حزب أو أي شخصية مرشحة لمنصب رسمي».
كما أشار إلى «الحديث المتواصل عن حصول بعض الأحزاب على تمويلات خارجية وهو أيضا ما لم يثبت حتى الآن بشكل قضائي على أي من الأحزاب رغم الاتهامات الكثيرة»، حسب قوله.
وتجدر الإشارة أن ترشح عدد من رجال الأعمال كرؤساء على قوائم في عدد من الأحزاب رأت فيه بعض الجهات محاولة من أصحاب النفوذ المالي لدخول الساحة السياسية وافتكاك مواقع فيها، مقابل استفادة هذه الأحزاب من أموال هؤلاء.
أما بالنسبة للانتخابات الرئاسية وفي علاقة بالمال السياسي فقد شهدت الساحة السياسية التونسية جدلا كبيرا حول وجود شبهات لقيام عدد من المرشحين للانتخابات الرئاسية بدفع أموال لقاء الحصول على تزكية من المواطنين علما بأن القانون الانتخابي التونسي يفرض على المرشحين لرئاسة الجمهورية جمع 10 آلاف تزكية من مواطنين عاديين أو تزكية 10 نواب من المجلس الوطني التأسيسي (البرلمان التونسي). وقد ترشح للانتخابات الرئاسية 70 مرشحا لم يبق منهم سوى 27 مرشحا بعد أن قامت هيئة الانتخابات بإسقاط 41 ملفا لعدم استجابتهم للشروط القانونية وانسحاب مرشحين اثنين. ومن بين المرشحين رجال أعمال لم يعرف لهم سابقا نشاط سياسي.



غوتيريش يدين إحالة الحوثيين موظفين أمميين إلى المحاكمة

عنصر حوثي خلال حشد مسلح نظمته الجماعة في محافظة عمران شمال صنعاء (أ.ف.ب)
عنصر حوثي خلال حشد مسلح نظمته الجماعة في محافظة عمران شمال صنعاء (أ.ف.ب)
TT

غوتيريش يدين إحالة الحوثيين موظفين أمميين إلى المحاكمة

عنصر حوثي خلال حشد مسلح نظمته الجماعة في محافظة عمران شمال صنعاء (أ.ف.ب)
عنصر حوثي خلال حشد مسلح نظمته الجماعة في محافظة عمران شمال صنعاء (أ.ف.ب)

بالتوازي مع تنديد الأمم المتحدة بإحالة الحوثيين موظفين يمنيين في المنظمة الدولية إلى المحاكمة، شدّد مسؤولون في الحكومة اليمنية على توسيع التنسيق العسكري لمواجهة الجماعة المدعومة من إيران، وتعزيز حضور مؤسسات الدولة، وتحسين البيئة التشغيلية للمنظمات الإنسانية.

وفي هذا السياق، عبّر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش عن قلقه البالغ إزاء استمرار الحوثيين في احتجاز 59 من موظفي الأمم المتحدة، إلى جانب عشرات العاملين في منظمات غير حكومية، ومؤسسات مجتمع مدني، وبعثات دبلوماسية.

وفي البيان، الذي ورد على لسان ستيفان دوجاريك، المتحدث باسم الأمين العام، ندد غوتيريش بإحالة الموظفين الأمميين إلى محكمة جنائية خاصة تابعة للحوثيين، عادّاً الخطوة «انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي، ولحصانة موظفي الأمم المتحدة، بمن فيهم المواطنون اليمنيون، تجاه أي إجراءات قانونية مرتبطة بمهامهم الرسمية».

وأشار البيان إلى أن هؤلاء الموظفين «يُحتجزون بمعزل عن العالم الخارجي، بعضهم منذ سنوات، من دون أي إجراءات قانونية واجبة». ودعا سلطات الحوثيين إلى «التراجع الفوري عن هذه الإحالة، والإفراج عن جميع المحتجزين من موظفي الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية والسلك الدبلوماسي».

سجناء في صنعاء أمرت محكمة حوثية بإعدامهم بتهمة «التخابر» (إ.ب.أ)

كما جدد تأكيد التزام الأمم المتحدة «بمواصلة دعم الشعب اليمني، وتقديم المساعدة الإنسانية رغم التحديات المتصاعدة» في مناطق سيطرة الحوثيين.

وفي سياق متصل، رحّبت وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل في الحكومة اليمنية، بقرار منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف) نقل مقرها الرئيسي من صنعاء الخاضعة للحوثيين إلى العاصمة المؤقتة عدن.

وأوضحت الوزارة في بيان، أن الخطوة تأتي استجابة لدعواتها المتكررة التي طالبت خلالها بنقل مقار المنظمات الدولية والأممية من صنعاء الخاضعة لسيطرة الحوثيين، «حفاظاً على سلامة كوادرها وضماناً لعدم خضوعها للابتزاز أو العرقلة».

وأكد البيان أن القيادة الحكومية، ممثلة في وزير الشؤون الاجتماعية والعمل محمد الزعوري، «ستوفر كل أشكال الدعم والتسهيلات لتمكين (اليونيسيف) من أداء مهامها بفاعلية أكبر من مقرها الجديد».

تعزيز الجهود العسكرية

وإلى ذلك، شهدت العاصمة اليمنية المؤقتة عدن، اجتماعاً بين عضو «مجلس القيادة الرئاسي» عبد الرحمن المحرمي ووزير الدفاع محسن الداعري. ناقشا خلاله «مستجدات الأوضاع العسكرية في مختلف الجبهات، ومستوى الجاهزية القتالية، وانضباط الوحدات العسكرية، إضافة إلى جهود الوزارة في مجالات التدريب والتأهيل ورفع القدرات الدفاعية»، وفق ما أورده الإعلام الرسمي.

وفي حين نقلت وكالة «سبأ» الحكومية عن الداعري تأكيده أن القوات المسلحة «تعمل بتناغم وانسجام كاملين في مواجهة الحوثيين»، شدد المحرمي، على «ضرورة تعزيز التنسيق بين التشكيلات العسكرية، وحشد الطاقات نحو العدو المشترك، باعتبار ذلك أساسياً لحماية الأمن والاستقرار في المناطق المحررة».

عضو «مجلس القيادة الرئاسي» اليمني عبد الرحمن المحرمي مع وزير الدفاع محسن الداعري (سبأ)

ومن مأرب، بعث عضو «مجلس القيادة الرئاسي» اللواء سلطان العرادة، برسالة وطنية جامعة خلال لقاء موسع ضم أعضاء من مجلسي «النواب» و«الشورى» ومحافظين ومسؤولين ووجهاء من مختلف المحافظات.

وأكّد العرادة أن اليمن «يعيش لحظة فارقة تتطلب رصّ الصفوف وتعزيز التلاحم الوطني». وقال في كلمته: «إن ما يجمع اليمنيين هو إيمانهم الراسخ بأن اليمن لا يُهزم ولا يموت، وأن أبناءه يجددون دائماً قدرتهم على الصمود رغم العواصف» التي تمر بها البلاد.

وأشار العرادة إلى أن التجارب التي مرت بها البلاد «رفعت منسوب الوعي الشعبي بأهمية الدولة وضرورة حماية مؤسساتها»، مؤكداً أن «استعادة مؤسسات الدولة من ميليشيات الحوثي المدعومة من إيران تُمثل اليوم أولوية وطنية لا بديل عنها».

وشدد على أن «الدفاع عن الوطن مسؤولية مشتركة لا تخص محافظة بعينها، بل هي واجب يتحمله جميع اليمنيين دون استثناء، وأن طريق النصر، وإن بدا طويلاً، يظل واضحاً لمن يمتلك الإرادة والعزيمة ووحدة الهدف».


الأمم المتحدة تندد بإحالة عدد من موظفيها المحتجزين على محكمة تابعة للحوثيين

الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش (رويترز)
الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش (رويترز)
TT

الأمم المتحدة تندد بإحالة عدد من موظفيها المحتجزين على محكمة تابعة للحوثيين

الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش (رويترز)
الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش (رويترز)

ندد الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، الثلاثاء، بإحالة المتمردين الحوثيين في اليمن على محكمتهم الخاصة عدداً من موظفي الأمم المتحدة الـ59 الذين يحتجزونهم «تعسفياً».

وأفاد ستيفان دوجاريك، الناطق باسم غوتيريش، بأن الأمين العام «يدين إحالة سلطات الأمر الواقع الحوثية موظفين من الأمم المتحدة على محكمتهم الجنائية الخاصة»، مشيراً إلى أن هذه الإحالة تشمل عدداً لم يحدده من موظفي الأمم المتحدة المُحتجَز بعضهم منذ سنوات.

وأضاف: «ندعو سلطات الأمر الواقع إلى إلغاء هذه الإحالة والعمل بحسن نية للإفراج الفوري عن جميع موظفي الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية والسلك الدبلوماسي».

ونفذ الحوثيون المدعومون من إيران في السنوات الأخيرة موجات عدة من الاعتقالات، ولا يزالون يحتجزون 59 موظفاً من الأمم المتحدة، جميعهم من الجنسية اليمنية، وهم محرومون من أي تواصل مع العالم الخارجي.

وعلّل الحوثيون احتجاز هؤلاء بتهم تجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل، لكنّ الأمم المتحدة نفت الاتهامات مؤكدة عدم جواز ملاحقة موظفيها على أساس أنشطتهم الرسمية.

أما مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان فولكر تورك فأشار في بيان إلى أن أحد زملائه أحيل على المحكمة الخاصة لدى الحوثيين بناء على «اتهامات كاذبة بالتجسس»، وقال: «هذا أمر غير مقبول على الإطلاق ويشكّل انتهاكاً خطيراً لحقوق الإنسان»، مجدداً المطالبة بالإفراج الفوري عن جميع موظفي الأمم المتحدة والمنظمات الأخرى.

ودأب القضاء التابع للحوثيين، الذين يسيطرون على العاصمة صنعاء وأجزاء واسعة من اليمن، على استدعاء عاملين في منظمات غير حكومية وصحافيين ومعارضين.


ترحيب في مقديشو بنجم «تيك توك» صومالي رحّلته واشنطن

الصومالي مهاد محمود (أ.ف.ب)
الصومالي مهاد محمود (أ.ف.ب)
TT

ترحيب في مقديشو بنجم «تيك توك» صومالي رحّلته واشنطن

الصومالي مهاد محمود (أ.ف.ب)
الصومالي مهاد محمود (أ.ف.ب)

في 24 أكتوبر (تشرين الأول)، شنّ البيت الأبيض هجوماً على الصومالي مهاد محمود، واصفاً إياه بأنه «حثالة مجرم» واتهمه خطأ على ما يبدو بالمشاركة في اختطاف جاسوسين فرنسيين في مقديشو، لكنّ بلده استقبله كالأبطال بعد ترحيله من الولايات المتحدة.

ووفقاً لوكالة الصحافة الفرنسية، ذاك المنشور الذي ورد يومها على منصة «إكس» وأُرفِق بصورة لشخص ذي لحية قصيرة يرتدي قميصاً بنقشات مربعات، فاجأ مواطني محمود، إذ يُعَدّ في بلده الأصلي نجماً على وسائل التواصل الاجتماعي يحظى بشعبية واسعة، ويبلغ عدد متابعيه على «تيك توك» نحو 450 ألفاً.

تواجه الصومال منذ عام 2006 تمرداً تقوده حركة «الشباب» المتطرفة المرتبطة بتنظيم «القاعدة»، ولا تزال الحرب مستمرة إلى اليوم على بعد 60 كيلومتراً من العاصمة مقديشو. في هذا الواقع، يركّز مهاد محمود على المناوشات الكلامية بين الفصائل الصومالية المتناحرة ويبدو بعيداً جداً عن أجواء المتمردين المتطرفين.

وأجرت وكالة الصحافة الفرنسية عملية تحَقُق من هذا الرجل الذي رُحِّل إلى الصومال في نوفمبر (تشرين الثاني)، وترى فيه مصادر أمنية صومالية وفرنسية ضحية جديدة لسياسة إدارة ترمب المتعلقة بالهجرة، لا ضالعاً في قضية هزّت فرنسا، ينفي أي دور له فيها.

ففي 14 يوليو (تموز) 2009، أقدمت مجموعة من المسلحين على خطف اثنين من عملاء مديرية الأمن الخارجي الفرنسية من «فندق صحافي العالمي» (Sahafi international) الذي كانا يقيمان فيه بمقديشو، وما لبث أحدهما ويُدعى مارك أوبريير أن تمكن من الهرب بعد شهر.

أما الآخر، وهو دوني أليكس، فتوفي بعد ثلاث سنوات ونصف سنة من الأسر، في يناير (كانون الثاني) 2013، وأكدت باريس أن خاطفيه أعدموه عندما كانت القوات الفرنسية تحاول تحريره.

«ليس صحيحاً»

وصف منشور البيت الأبيض مهاد محمود بأنه «حثالة مجرم خارج على القانون»، واتهمه بأنه «ضالع في اختطاف مسؤولين فرنسيين في فندق صحافي وقتل أحدهما من قِبل حركة الشباب».

وقال محمود في حديث مع وكالة الصحافة الفرنسية، السبت، إن هذا الاتهام «ليس صحيحاً»، موضحاً أنه كان يقيم بين عامَي 2008 و2021 في جنوب أفريقيا ولم يكن موجوداً في الصومال لدى حصول هذه الواقعات، مندداً باتهامات «تخدم الأجندة السياسية» للسلطات الأميركية.

ومع أن مهاد محمود لا يمتلك أي مستندات إدارية تثبت أقواله، أكد اثنان من أقربائه لوكالة الصحافة الفرنسية روايته.

وأظهرت وثيقة صادرة عن الشرطة الصومالية في 28 يونيو (حزيران) 2025 اطلعت عليها وكالة الصحافة الفرنسية أن سجلّه العدلي لا يتضمن أي سوابق.

كذلك رأى مصدران أمنيان صوماليان استصرحتهما وكالة الصحافة الفرنسية أن الاتهامات الأميركية تفتقر إلى الصدقية، وقال أحدهما: «ليس لدينا أي دليل على ارتباطه مباشرة» بالخطف، فيما توقع الآخر «أن تكون الولايات المتحدة تلقّت معلومات مغلوطة».

أما في فرنسا التي بقيت استخباراتها الخارجية تسعى طوال سنوات إلى العثور على المسؤولين عن خطف عميليها، فقد أكّد مصدر أمني لوكالة الصحافة الفرنسية جازماً أن مهاد محمود ليس ضالعاً في ذلك.

وفي المنشور الذي تضمّن اتهامه، أشاد البيت الأبيض بـ«العمل البطولي» لإدارة الهجرة والجمارك الأميركية التي «سحبته» من شوارع مدينة مينيابوليس في ولاية مينيسوتا (بشمال الولايات المتحدة)، حيث تعيش جالية صومالية كبيرة.

ودانت منظمات دولية عدة ارتكاب سلطات الهجرة الأميركية انتهاكات كثيرة لحقوق الإنسان في إطار سياسة الترحيل الجماعي التي اتبعتها إدارة الرئيس دونالد ترمب.

«ضحية ظلم»

روى محمود أن رجالاً «ذوي وجوه مغطاة ويرتدون سترات واقية من الرصاص» طوقوه لدى خروجه من منزله واقترابه من سيارته في 27 مايو (أيار) الفائت و«وجهوا مسدساً» إلى رأسه وأوقفوه.

ورغم إقراره بأنه لم يتلقَ معاملة سيئة لدى توقيفه، ولا خلال أكثر من خمسة أشهر تلته من الاحتجاز، شكا محمود الموجود في الولايات المتحدة منذ عام 2022 «الظلم» الذي قضى على حلمه.

وقال محمود الذي عمل خصوصاً مع «أوبر» و«أمازون»: «ترمب مسؤول عما حدث لي (...) ولكن لست الوحيد. فقد طال ذلك ملايين الأشخاص من مختلف أنحاء العالم الذين يعيشون في الولايات المتحدة، سواء أكانوا صوماليين أم لا».

إلا أن الجالية الصومالية التي ينتمي إليها تبدو مستهدفة بالفعل.

فترمب أدلى بتصريحات لاذعة ضد الصوماليين، واعتبر أن «عصابات» منهم تُرهّب مينيسوتا. وقال في مطلع ديسمبر (كانون الأول): «لا أريدهم في بلدنا (...) وسنذهب في الاتجاه الخاطئ إذا استمررنا في قبول القمامة».

أما مهاد محمود الذي يؤكد «كرامة» شعبه و «أخلاقه»، فرُحِّل في نهاية المطاف إلى مقديشو، عبر كينيا، في بداية نوفمبر (تشرين الثاني)، مع سبعة صوماليين آخرين.

ومنذ عودته إلى بلده، راح نجم «تيك توك» ينشر مقاطع فيديو تُظهِر الترحيب به. وبلغت شعبيته ذروتها، إذ انضم نحو مائة ألف متابع إضافي إلى حسابه على «تيك توك»، وحظيَ أحد مقاطع الفيديو التي نشرها عليه بنحو مليونين ونصف مليون مشاهَدة.

وأكد مهاد محمود الذي لم يكن عاد إلى الصومال منذ مغادرته إياها إلى جنوب أفريقيا عام 2008، أنه «سعيد جداً» بهذا الاستقبال الذي ناله في بلده. لكنه لاحظ أنه «يعود في جزء كبير منه إلى أن الناس» يرونه «ضحية ظلم».