ليبيا: هدوء حذر في طرابلس... وقوات السراج تنفي استهداف سرت

«الوفاق» تتحدث عن أسر 25 مقاتلاً من «الجيش الوطني»

TT

ليبيا: هدوء حذر في طرابلس... وقوات السراج تنفي استهداف سرت

رغم الهدوء الحذر الذي ساد مختلف محاور القتال في العاصمة الليبية طرابلس أمس، قالت قوات «الوفاق» التي يرأسها فائز السراج، إنها اعتقلت العشرات من قوات «الجيش الوطني» الذي يقوده المشير خليفة حفتر، جنوب العاصمة، بينما أكد سفير أميركا لدى ليبيا ريتشارد نورلاند التزام بلاده بالوقوف إلى جانب الشعب الليبي، في سعيه لتحقيق السلام والاستقرار.
وقال السفير الأميركي في رسالة وزعتها السفارة بمناسبة العام الميلادي الجديد، وجهها إلى الليبيين، مساء أول من أمس: «إن جهود البعثة الأميركية تتركز على هذا الهدف... ونحن على استعداد للعمل مع جميع القادة الليبيين والمواطنين، الذين لا يزالون ملتزمين بإنهاء القتال في طرابلس، ودعم الجهود الدولية لتحقيق حل سياسي تفاوضي للأزمة في ليبيا».
وتابع السفير الأميركي مستدركاً: «لا يزال أمامنا كثير من العمل؛ لكنني واثق من أن ليبيا - معاً ومن خلال دعم المجتمع الدولي - ستكون قادرة على رسم طريقها نحو الاستقرار والوحدة».
ميدانياً، قالت القوات الموالية لحكومة السراج، المدعومة دولياً، إنها اعتقلت 25 من عناصر «الجيش الوطني» أثناء محاولتهم التسلل باتجاه أحياء العاصمة، مؤكدة أنهم «استسلموا بعد محاصرتهم بكامل أسلحتهم وعتادهم». كما نشرت صوراً تظهر ثلاث آليات مسلحة، وكميات من الذخائر، في منطقة صلاح الدين جنوب طرابلس، واتهمت قوات «الجيش الوطني» بقتل ثلاثة مدنيين نتيجة قصف جوي استهدف منطقة السواني، الواقعة على بعد 25 كيلومتراً جنوبي العاصمة الليبية.
ونقلت وسائل إعلام محلية موالية لحكومة السراج، عن اللواء عبد الباسط مروان، آمر المنطقة العسكرية بطرابلس، تأكيده «مقتل عدد غير محدد من المدنيين نتيجة هذا القصف»، بينما قال ناطق باسم جهاز الإسعاف والطوارئ، إن «ثلاثة مدنيين قتلوا وأصيب ثلاثة آخرون، بعد القصف الذي تعرضت له المنطقة التي تخضع لسيطرة قوات حكومة السراج»، لافتاً إلى أن القصف «استهدف ورشة صناعية ومحلات في المنطقة».
ونشرت عملية «بركان الغضب» صوراً تظهر ما وصفته بآثار الدمار الكبير، الذي طال ورشة ومخزن حديد، وعدداً من المحلات المجاورة، واتهمت طيران الجيش الوطني بالمسؤولية عن القصف الجوي.
في سياق آخر، نفى المتحدث باسم قوة حماية وتأمين مدينة سرت، الموالية لحكومة السراج، تعرض المدينة لأي قصف جوي مؤخراً.
إلى ذلك، أعرب محمد سيالة، وزير الخارجية بحكومة السراج، عن تقديره لقطر والسودان ووزراء خارجية دول المغرب العربي، على ما وصفه بموقفهم الداعم لحكومته، في الاجتماع الأخير للجامعة العربية، على مستوى المندوبين الدائمين بالقاهرة، أول من أمس.
وأعادت الوزارة نشر كلمة لصالح الشماخي، مندوب حكومة السراج، أعرب خلالها عن «الاستغراب الشديد من الاستجابة السريعة لطلب عقد الاجتماع، وفي يوم التقدم بالطلب نفسه»، لافتاً إلى تجاهل الجامعة العربية في المقابل لطلب حكومته عقد اجتماع طارئ لمجلسها، بعد إعلان (الجيش الوطني) عن عمليته العسكرية لتحرير العاصمة طرابلس، في الرابع من شهر أبريل (نيسان) الماضي. كما انتقد عدم قيام أحمد أبو الغيط، الأمين العام للجامعة العربية، بأي مبادرات أو إرسال مبعوث أو زيارة ليبيا طوال السنوات الماضية، رغم الإلحاح والطلب المتكرر من حكومة السراج.
وبعدما اعتبر أن «موقف الجامعة الحالي هو نتيجة لتدخلات وضغوط»، أضاف الشماخي: «نحن نحتاج إلى موقف عربي موحد من التدخلات الخارجية؛ لكن الأهم وقبل ذلك موقف عربي حاسم وموحد لرفض وإدانة العدوان، ومحاسبة داعميه».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».