الجامعة العربية ترفض التدخلات الخارجية في ليبيا وانتهاك حظر توريد السلاح

طالبت بوقف التصعيد العسكري... وحذرت من تسهيل انتقال «الإرهابيين الأجانب»

جانب من اجتماعات مجلس جامعة الدول العربية في القاهرة أمس (الشرق الأوسط)
جانب من اجتماعات مجلس جامعة الدول العربية في القاهرة أمس (الشرق الأوسط)
TT

الجامعة العربية ترفض التدخلات الخارجية في ليبيا وانتهاك حظر توريد السلاح

جانب من اجتماعات مجلس جامعة الدول العربية في القاهرة أمس (الشرق الأوسط)
جانب من اجتماعات مجلس جامعة الدول العربية في القاهرة أمس (الشرق الأوسط)

أكد مجلس جامعة الدول العربية خلال اجتماعه بالقاهرة أمس، والذي عُقد على مستوى المندوبين الدائمين، رفض وضرورة منع التدخلات الخارجية التي «تسهم في تسهيل انتقال المقاتلين المتطرفين الإرهابيين الأجانب إلى ليبيا»، وكذا رفض انتهاك القرارات الدولية المعنية بحظر توريد السلاح إلى ليبيا، بما يهدد أمن دول الجوار الليبي والمنطقة.
وشدد المجلس في قرار أصدره في ختام اجتماع دورته غير العادية، برئاسة العراق، حول تطورات الوضع في ليبيا على «خطورة مخالفة نص وروح الاتفاق السياسي الليبي، والقرارات الدولية ذات الصلة، على نحو يسمح بالتدخلات العسكرية الخارجية، وبما يسهم في تصعيد وإطالة أمد الصراع في ليبيا والمنطقة».
كما جدد مجلس الجامعة تأكيده الالتزام بوحدة وسيادة ليبيا، وسلامة أراضيها ولحمتها الوطنية، ورفض التدخل الخارجي أياً كان نوعه. مشدداً على دعم العملية السياسية من خلال التنفيذ الكامل لـ«اتفاق الصخيرات» بالمغرب عام 2015، بوصفه المرجعية الوحيدة للتسوية في ليبيا، وأهمية إشراك دول الجوار في الجهود الدولية الهادفة إلى مساعدة الليبيين على تسوية الأزمة الليبية، وأعرب عن «القلق الشديد إزاء التصعيد العسكري الذي يفاقم الوضع المتأزم في ليبيا، ويهدد أمن واستقرار دول الجوار الليبي، والمنطقة ككل بما فيها المتوسط».
في سياق ذلك، دعا المجلس إلى ضرورة وقف الصراع العسكري، مؤكداً أن التسوية السياسية «هي الحل الوحيد لعودة الأمن والاستقرار في ليبيا، والقضاء على الإرهاب». كما طالب المجلس أمين عام جامعة الدول العربية بإجراء الاتصالات على أعلى المستويات مع جميع الأطراف الدولية المعنية بالأزمة الليبية، بما فيها السكرتير العام للأمم المتحدة، لاستخلاص مواقف إيجابية ومنسقة تستهدف حلحلة الأزمة الليبية، ومنع أي تدخل عسكري خارجي يهدد السلم والأمن الدوليين، ودعم الجهود التي يقودها المبعوث الأممي غسان سلامة، في المسارات السياسية والأمنية والاقتصادية، وذلك في إطار السعي نحو حل ليبي - ليبي خالص للأزمة، ورفع تقارير دورية لمجلس الجامعة ومتابعة تنفيذ هذا القرار.
من جهة أخرى، طلب المجلس من سكرتير عام الأمم المتحدة، عرض تقرير حول الموضوع على مجلس الأمن نظراً إلى سرعة التعامل مع التطورات، وذلك لما ينطوي عليه أي تدخل عسكري خارجي محتمل في ليبيا من تهديد حقيقي للسلم والأمن الدوليين، ومطالبة العضو العربي في مجلس الأمن بمتابعة طرح القضية في المجلس ومع أعضائه.
بدورها، دعت دولة العراق، بوصفها رئيسة المجلس، جميع الأطراف المعنية في ليبيا، إلى الحوار الوطني البناء، ودعم عربي لجهود الأطراف الليبية في تحقيق السلام والاستقرار، علاوةً على دعم جهود الجامعة العربية في هذا المجال، بما ينسجم مع تطلعات الشعب الليبي. وفي هذا السياق، أكد السفير أحمد نايف رشيد الدليمي، المندوب الدائم للعراق، موقف بلاده الثابت رفض وإدانة التدخلات الخارجية في شؤون أي دولة من الدول العربية، والداعي إلى تغليب لغة الحوار والسلام على لغة السلاح والتناحر والاختصام. وقال في هذا الصدد إن هذا الاجتماع غير العادي «يعد الثاني في ظرف أسبوعين فقط، ويدل على عمق التحديات التي تواجهها الأمة والشعوب العربية، سواء على المستوى الوطني لكل دولة، أو على مستوى الإقليم ككل».
وجاء الاجتماع بطلب من مصر لبحث تطورات الأوضاع في ليبيا، بعد حديث تركيا عن إرسال قوات إلى ليبيا للقتال بجانب حكومة طرابلس.
في سياق ذلك، رحب أحمد أبو الغيط، الأمين العام لجامعة الدول العربية، بالقرار الصادر أمس، عن مجلس الجامعة بشأن تطورات الوضع في ليبيا، والذي تضمن القلق حيال التصعيد العسكري.
ونقل مصدر مسؤول بالأمانة العامة للجامعة عن أبو الغيط تأكيده أن التدخلات العسكرية غير العربية في الأراضي العربية «تظل مرفوضة إجمالاً من الدول العربية»، مشيراً إلى أن القرار الصادر عن الجامعة في هذا الشأن «يعكس موقفاً عربياً رافضاً للتدخلات التي تُفاقم الأزمات وتؤدي إلى تعقيدها وإطالة أمدها».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».