تركيا: حملة موسعة على «داعش» تسفر عن ضبط 100 عنصر غالبيتهم أجانب

ترحيل 780 إرهابياً منذ بداية 2019

TT

تركيا: حملة موسعة على «داعش» تسفر عن ضبط 100 عنصر غالبيتهم أجانب

ألقت قوات مكافحة الإرهاب التركية القبض على 100 من عناصر تنظيم «داعش» الإرهابي، غالبيتهم عراقيون وسوريون، في حملات دهم في عدد من الولايات في أنحاء البلاد، استهدفت خلايا التنظيم، بينما أعلن وزير الداخلية سليمان صويلو أن العام الجاري شهد ترحيل 780 إرهابياً أجنبياً إلى خارج البلاد.
وقالت مصادر أمنية تركية، أمس (الاثنين)، إن قوات مكافحة الإرهاب نفذت خلال الأيام الأخيرة عمليات استهدفت خلايا «داعش» في 6 ولايات، أسفرت عن ضبط أكثر من 40 عراقياً، ونحو 20 سورياً ومغربي، بحسب «الأناضول».
وأضافت المصادر أن الحملات الأمنية نفذت في كل من العاصمة أنقرة وولايات قيصري (وسط) وبطمان (جنوب شرق) وبورصة (غرب) وسامسون (شمال) وأضنة (جنوب)؛ حيث تم القبض على 22 من عناصر «داعش» في بطمان بموجب مذكرة توقيف صادرة من النيابة العامة في الولاية.
وشارك في المداهمات التي جرت بولاية بطمان فرق مكافحة الإرهاب التابعة لمديرية الأمن العام، وشرطة المهام الخاصة، إضافة إلى فرق من الدرك التركي. وعثرت قوات الأمن التركية على أسلحة وذخائر ووثائق تنظيمية عائدة إلى «داعش» خلال مداهمتها العناوين التي كان يقيم بها المطلوبون.
وألقت قوات مكافحة الإرهاب القبض على 9 عراقيين متهمين بالانتماء إلى «داعش» في ولاية قيصري (وسط)، يجري التحقيق معهم حالياً. وفي العاصمة أنقرة، نفذت قوات مكافحة الإرهاب حملات مماثلة، أسفرت عن القبض على 33 أجنبياً بتهمة الانتماء لـ«داعش»، هم 30 عراقياً وسوريان ومغربي.
وفي ولاية أضنة (جنوب) أوقفت فرق مكافحة الإرهاب 6 من عناصر «داعش» هم 4 عراقيين وسوريان، وفي سامسون (شمال) تم القبض على 14 عراقياً، كما تم القبض على 16 «داعشياً»، منهم 13 سورياً، في حملات على مدار الأيام القليلة الماضية في بورصة (غرب).
في السياق ذاته، قال وزير الداخلية التركي، سليمان صويلو، إن سلطات بلاده رحلت 780 مقاتلاً إرهابياً أجنبياً إلى بلادهم منذ بداية عام 2019. وكان صويلو قد أعلن في 4 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، أن نحو 1200 عضو من «داعش» محتجزون في السجون التركية، ونحو 300 آخرين تحتجزهم القوات التركية منذ عملية «نبع السلام» العسكرية التي نفذتها في شمال شرقي سوريا في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، بمن في ذلك أسر وأقارب أعضاء التنظيم.
وتواصل تركيا ترحيل عناصر تنظيم «داعش» الإرهابي الأجانب إلى بلادهم، في عملية انطلقت في 11 نوفمبر الماضي. ووصل عدد من تم ترحيلهم منذ ذلك التاريخ إلى 112 عنصراً من مقاتلي «داعش» الأجانب وعائلاتهم. ومن بين من تم ترحيلهم عناصر من الولايات المتحدة، والدنمارك، وألمانيا، وآيرلندا، وهولندا، وبريطانيا، والمغرب، وكوسوفا، و23 من فرنسا. وفي وقت سابق، قال الرئيس رجب طيب إردوغان إن أكثر من 1150 عنصراً من عناصر «داعش» معتقلون في تركيا. كما تحتجز القوات التركية والفصائل الموالية لها في شمال سوريا 287 من عناصر التنظيم، الذين فرُّوا أثناء عملية «نبع السلام» التركية، التي استهدفت المقاتلين الأكراد في شمال شرقي سوريا، في أكتوبر الماضي. ويحتجز في السجون التي يسيطر عليها الأكراد في شمال سوريا نحو 12 ألف مقاتل من تنظيم «داعش» الإرهابي، بينهم من 2500 إلى 3 آلاف أجنبي، وفق مصادر كردية.
وقال وزير الداخلية سليمان صويلو، إن بلاده ستنتهي من إعادة غالبية المحتجزين لديها من عناصر «داعش» إلى بلادهم، بحلول نهاية العام الحالي، مشيراً إلى أن عدد المحتجزين الذين سيجري ترحيلهم بحلول نهاية العام يتوقف على المدة التي ستستغرقها العملية «لكن بالنسبة لأوروبا تحديداً، فالعملية جارية».
ويوجد 944 مقاتلاً أجنبياً من 36 دولة في مراكز اعتقال بتركيا بانتظار الترحيل. وتجبر الخطوة الدول الأوروبية على اتخاذ قرار بشأن كيفية التعامل مع عودة المسلحين الذين تبنوا الفكر المتشدد، بمن فيهم من اكتسبوا خبرة في ساحات القتال في صفوف التنظيم الإرهابي في سوريا والعراق.
وفي الوقت ذاته، تواصل قوات مكافحة الإرهاب التركية حملاتها على خلايا «داعش» داخل البلاد. وفي هذا الإطار ألقت القبض على 37 شخصاً، الأسبوع الماضي، غالبيتهم من الأجانب، في عمليات متفرقة استهدفت تنظيم «داعش» الإرهابي، من بينهم قياديون تولوا مواقع مهمة في التنظيم. وقالت مصادر أمنية إن فرق مكافحة الإرهاب في ولاية بالكسير (غرب تركيا)، نفذت، الجمعة، عمليات مداهمة شملت 8 أماكن في المدينة، في إطار مكافحة تنظيم «داعش». وأضافت أن العمليات أسفرت عن اعتقال 10 أشخاص، وتبين أن أحدهم كان أمير التنظيم في محافظة الأنبار العراقية، واثنين كانا مسؤولين عن الشؤون العسكرية، وآخر كان مسؤولاً عن العمليات اللوجيستية، بالإضافة إلى خبير في المتفجرات، والبقية من المقاتلين. وكان مكتب المدعي العام التركي بالولاية قد أصدر مذكرة توقيف بحق 11 مواطناً عراقياً مشتبهاً بانتمائهم لـ«داعش»، وتوليهم مناصب قيادية في التنظيم.
وفي عملية أخرى في ولاية شانلي أورفا (جنوب تركيا)، ألقت فرق مكافحة الإرهاب القبض على 6 يشتبه بصلتهم بتنظيم «داعش» الإرهابي. وذكرت مصادر أمنية أن فرق مكافحة الإرهاب التابعة لمديرية الأمن نفذت بشكل متزامن عمليات مداهمة في مركز الولاية ومدينة أكتشا قلعة، الحدودية مع سوريا، في إطار مكافحة خلايا التنظيم الإرهابي، أسفرت عن القبض على 6 مشتبهين. كما ألقت قوات مكافحة الإرهاب التركية في مدينة إسطنبول، ليل الخميس - الجمعة، القبض على 21 يشتبه بصلتهم بتنظيم «داعش» الإرهابي في عمليات مداهمة شملت 48 موقعاً في المدينة، من بينهم 20 أجنبياً، في إطار مكافحة تنظيم «داعش». وصادرت الفرق الأمنية وثائق ومواد رقمية متعلقة بالتنظيم خلال عمليات التفتيش. وقالت مصادر أمنية إن الموقوفين مشتبه بقيامهم بأنشطة لصالح تنظيم «داعش»، وكانوا يستعدون لتنفيذ عمليات إرهابية. وقبل ذلك بيومين، ألقت قوات الأمن التركية القبض على 4 من عناصر «داعش» في تكيرداغ غرب البلاد يحملون الجنسية السورية.
وصعدت السلطات التركية من حملاتها على تنظيم «داعش» منذ مطلع عام 2017، بسبب تنفيذه سلسلة من التفجيرات أدت إلى مقتل أكثر من 300 شخص وإصابة المئات منذ عام 2015. وزادت وتيرة هذه الحملات عقب عملية «نبع السلام» العسكرية التركية في شمال شرقي سوريا في أكتوبر الماضي، بسبب فرار المئات من عناصر التنظيم من مناطق سيطرة «قوات سوريا الديمقراطية» (قسد)، التي انتزعتها تركيا والفصائل السورية الموالية لها، ومقتل زعيم التنظيم أبو بكر البغدادي في إدلب شمال غربي سوريا. وخلال الحملات المستمرة على مدى نحو 4 سنوات، ألقت قوات مكافحة الإرهاب التركية القبض على أكثر من 5 آلاف من عناصر «داعش» غالبيتهم من الأجانب، ورحَّلت نحو 3 آلاف خارج البلاد، بينما بقي المئات في السجون داخل تركيا.



«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
TT

«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)

ما زال حزب «الجبهة الوطنية» المصري الجديد يثير انتقادات وتساؤلات بشأن برنامجه وأهدافه وطبيعة دوره السياسي في المرحلة المقبلة، خاصة مع تأكيد مؤسسيه أنهم «لن يكونوا في معسكر الموالاة أو في جانب المعارضة».

وكان حزب «الجبهة الوطنية» مثار جدل وتساؤلات في مصر، منذ الكشف عن اجتماعات تحضيرية بشأنه منتصف الشهر الماضي، انتهت بإعلان تدشينه في 30 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وتمحورت التساؤلات حول أسباب ظهوره في هذه المرحلة، وهل سيكون بديلاً لحزب الأغلبية في البرلمان المصري (مستقبل وطن)، لا سيما أن مصر مقبلة على انتخابات برلمانية نهاية العام الجاري.

هذه التساؤلات حاول اثنان من مؤسسي الحزب الإجابة عنها في أول ظهور إعلامي مساء السبت، ضمن برنامج «الحكاية» المذاع على قناة «إم بي سي»، وقال وكيل مؤسسي حزب «الجبهة الوطنية» ووزير الإسكان المصري السابق عاصم الجزار، إن «الحزب هو بيت خبرة هدفه إثراء الفكر وإعادة بناء الوعي المصري المعاصر»، مؤكداً أن الحزب «لا يسعى للأغلبية أو المغالبة، بل يستهدف التأثير النوعي وليس الكمي».

وأضاف: «هدفنا تشكيل تحالف من الأحزاب الوطنية القائمة، إذ لن نعمل وحدنا»، معلناً استعداد الحزب الجديد، الذي لا يزال يستكمل إجراءات تأسيسه رسمياً، للتحالف مع «أحزاب الأغلبية مستقبل وطن وحماة وطن والمعارضة والمستقلين أيضاً بهدف خدمة المصلحة الوطنية»، مستطرداً: «لن نكون أداة لتمرير قرارات، بل أداة للإقناع بها».

وشدد الجزار على أن «الحزب لا ينتمي لمعسكر الموالاة أو للمعارضة»، وإنما «نعمل لمصلحة الوطن».

وهو ما أكده رئيس «الهيئة العامة للاستعلامات» بمصر وعضو الهيئة التأسيسية لحزب «الجبهة الوطنية»، ضياء رشوان، الذي قال: «سنشكر الحكومة عندما تصيب ونعارضها عندما تخطئ»، مشيراً إلى أن «مصر ليس لها حزب حاكم حتى يكون هناك حديث عن موالاة ومعارضة».

الانتقادات الموجهة للحزب ارتبطت بتساؤلات حول دوره في ظل وجود نحو 87 حزباً سياسياً، وفق «الهيئة العامة للاستعلامات»، منها 14 حزباً ممثلاً في البرلمان الحالي، يتصدرها حزب «مستقبل وطن» بأغلبية 320 مقعداً، يليه حزب «الشعب الجمهور» بـ50 مقعداً، ثم حزب «الوفد» بـ39 مقعداً، وحزب «حماة الوطن» بـ27 مقعداً، وحزب «النور» الإسلامي بـ11 مقعداً، وحزب «المؤتمر» بـ8 مقاعد.

ورداً على سؤال للإعلامي عمرو أديب، خلال برنامج «الحكاية»، بشأن ما إذا كان الحزب «طامحاً للحكم ويأتي بوصفه بديلاً لحزب الأغلبية»، قال رشوان: «أي حزب سياسي يسعى للحكم، لكن من السذاجة أن نقول إن حزباً يعمل على إجراءات تأسيسه اليوم سيحصد الأغلبية بعد 8 أو 10 أشهر»، مشيراً إلى أن «الحزب لن يعيد تجارب (الهابطين من السماء)». واستطرد: «لن نسعى للأغلبية غداً، لكن قد يكون بعد غد».

وأضاف رشوان أن «الحزب يستهدف في الأساس إعادة بناء الحياة السياسية في مصر بعد فشل تجربة نظام الحزب الواحد في مصر منذ عام 1952»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إحياء تحالف 30 يونيو (حزيران)»، لافتاً إلى أن «التفكير فيه هو ثمرة للحوار الوطني الذي أثار زخماً سياسياً».

طوال ما يزيد على ساعة ونصف الساعة حاول الجزار ورشوان الإجابة عن التساؤلات المختلفة التي أثارها إعلان تدشين الحزب، والتأكيد على أنه «ليس سُلمة للوصول إلى البرلمان أو الوزارة»، وليس «بوابة للصعود»، كما شددا على أن «حزب الجبهة يضم أطيافاً متعددة وليس مقصوراً على لون سياسي واحد، وأنه يضم بين جنباته المعارضة».

وعقد حزب «الجبهة الوطنية» نحو 8 اجتماعات تحضيرية على مدار الأسابيع الماضي، وتعمل هيئته التأسيسية، التي تضم وزراء ونواباً ومسؤولين سابقين، حالياً على جمع التوكيلات الشعبية اللازمة لإطلاقه رسمياً.

ويستهدف الحزب، بحسب إفادة رسمية «تدشين أكبر تحالف سياسي لخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة، عبر صياغة تفاهمات سياسية واسعة مع الأحزاب الموجودة»، إضافة إلى «لمّ الشمل السياسي في فترة لا تحتمل التشتت».

ومنذ إطلاق الحزب تم ربطه بـ«اتحاد القبائل والعائلات المصرية» ورئيسه رجل الأعمال إبراهيم العرجاني، حتى إن البعض قال إن «الحزب هو الأداة السياسية لاتحاد القبائل». وعزز هذه الأحاديث إعلان الهيئة التأسيسية التي ضمت رجل الأعمال عصام إبراهيم العرجاني.

وأرجع الجزار الربط بين الحزب والعرجاني إلى أن «الاجتماعات التحضيرية الأولى للحزب كانت تجري في مكتبه بمقر اتحاد القبائل؛ كونه أميناً عاماً للاتحاد»، مؤكداً أن «الحزب لا علاقة له باتحاد القبائل». وقال: «العرجاني واحد من عشرة رجال أعمال ساهموا في تمويل اللقاءات التحضيرية للحزب». وأضاف: «الحزب لا ينتمي لشخص أو لجهة بل لفكرة».

وحول انضمام عصام العرجاني للهيئة التأسيسية، قال رشوان إنه «موجود بصفته ممثلاً لسيناء، ووجوده جاء بترشيح من أهل سيناء أنفسهم».

وأكد رشوان أن «البعض قد يرى في الحزب اختراعاً لكتالوج جديد في الحياة السياسية، وهو كذلك»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إعادة بناء الحياة السياسية في مصر التي يقول الجميع إنها ليست على المستوى المأمول».

بينما قال الجزار: «نحن بيت خبرة يسعى لتقديم أفكار وحلول وكوادر للدولة، ونحتاج لكل من لديه القدرة على طرح حلول ولو جزئية لمشاكل المجتمع».

وأثارت تصريحات الجزار ورشوان ردود فعل متباينة، وسط تساؤلات مستمرة عن رؤية الحزب السياسية، التي أشار البعض إلى أنها «غير واضحة»، وهي تساؤلات يرى مراقبون أن حسمها مرتبط بالانتخابات البرلمانية المقبلة.

كما رأى آخرون أن الحزب لم يكن مستعداً بعد للظهور الإعلامي.

بينما أشار البعض إلى أن «الحزب ولد بمشاكل تتعلق بشعبية داعميه»، وأنه «لم يفلح في إقناع الناس بأنه ليس حزب موالاة».

وقال مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية الدكتور عمرو الشوبكي لـ«الشرق الأوسط» إن «الحزب قدم حتى الآن كلاماً عاماً دون تصور أو رؤية واضحة للإصلاح التدريجي»، موضحاً أنه «من حيث المبدأ من حق أي جماعة تأسيس حزب جديد».

وبينما أكد الشوبكي أن ما عرضه المسؤولون عن الحزب الجديد بشأن «عدم طموحه للحكم لا يختلف عن واقع الحياة السياسية في مصر الذي يترك للدولة تشكيل الحكومة»، مطالباً «بتفعيل دور الأحزاب في الحياة السياسية»، فالمشكلة على حد تعبيره «ليست في إنشاء حزب جديد، بل في المساحة المتاحة للأحزاب».