حادثة روديغر تزيد عنصرية الملاعب الإنجليزية «قبحاً»

مورينيو ولامبارد يشددان على رفض الظاهرة «الخبيثة» خارج الملعب وداخله

العنصرية باتت أحد أكثر الأمور المزعجة في الملاعب الإنجليزية «الشرق الأوسط»  -  روديغر تعرض لتصرفات عنصرية في مباراة فريقه أمام توتنهام (رويترز)
العنصرية باتت أحد أكثر الأمور المزعجة في الملاعب الإنجليزية «الشرق الأوسط» - روديغر تعرض لتصرفات عنصرية في مباراة فريقه أمام توتنهام (رويترز)
TT

حادثة روديغر تزيد عنصرية الملاعب الإنجليزية «قبحاً»

العنصرية باتت أحد أكثر الأمور المزعجة في الملاعب الإنجليزية «الشرق الأوسط»  -  روديغر تعرض لتصرفات عنصرية في مباراة فريقه أمام توتنهام (رويترز)
العنصرية باتت أحد أكثر الأمور المزعجة في الملاعب الإنجليزية «الشرق الأوسط» - روديغر تعرض لتصرفات عنصرية في مباراة فريقه أمام توتنهام (رويترز)

من داخل استاد توتنهام هوتسبير «سيداتي سادتي، هذا بيان أمني: العنصرية تتداخل في المباراة».
يمكنك أن تعيد العبارة السابقة من جديد ما شئت من المرات. مرحباً بكم في بريطانيا العظمى عام 2019 موطن الانقسامات والقبح، ومكان يمكن لمباراة ببطولة الدوري الممتاز فيه أن تنتهي بعد احتساب ثماني دقائق كوقت إضافي لتعويض الوقت المهدر وحكم الفيديو المساعد وصيحات القرود، ومكان تتداخل فيه صور السلوك العنصري بشكل جلي في كرة القدم.
كانت تلك مناسبة تعيسة لتوتنهام هوتسبير على نحو يتجاوز حزن النادي لخسارته بنتيجة 2 - 0 على أرضه على يد تشيلسي الذي قدم أداءً مبهراً. بإمكانك هدم المباني القديمة وبناء استاد جديد متلألئ وبراق محله، لكن للأسف الشديد ما يملأ هذا المكان ربما لا يأتي على ذات مستوى حلم التحديث الذي يجسده الاستاد الجديد.
في منتصف الشوط الثاني للمباراة توقف اللعب فجأة. الآن، أصبحنا نألف هذه المشاهد، عندما يحوم اللاعبون في الأرجاء ويهملون الكرة ويسود شعور بأن اليوم بأكمله بدأ في التهاوي.
وتبدأ الصور التي ينقلها التلفزيون في كشف المصدر، فقد أشار إلى أنتونيو روديغر بوضوح إلى أنه تعرض لإساءة عنصرية من قطاع ما من الجماهير في زاوية تضم جماهير النادي صاحب الأرض. وأخطر الحكم مدربي كلا الفريقين بالأمر. وقبل نهاية المباراة بثلاث دقائق أذيع البيان الوارد أعلاه عبر أرجاء الاستاد، محذراً الجماهير بنبرة آلية من أن ثمة أنماط سلوك عنصرية تحدث، ومشيراً إلى أن هذا الأمر ربما يحمل عواقب إذا ما استمر.
وتسبب ذلك في حدوث بعض الاضطراب. جدير بالذكر أنه تبعاً للنص الجامد للقواعد المنظمة لكرة القدم، فإن صدور البيان للمرة الثانية كان ينبغي أن يؤدي إلى وقف المباراة، لكن هذا لم يحدث. وفي وقت لاحق، أوضح توتنهام هوتسبير أن البيان كان مرتبطاً بحادثة عنصرية واحدة فقط جرى الإبلاغ عنها.
في هذه الحالة، لماذا استمر مسؤولو الاستاد في تكرار إذاعة البيان، والذي جرت صياغته في صيغة الزمن المضارع وكأن الحادثة مستمرة؟ لماذا أطلقت صرخة التحذير من السلوك العنصري من جديد؟ على أفضل تقدير، كان هذا سلوكا مرتبكا وغير دقيق. ومع استمرار انطلاق البيانات، عادت فكرة مألوفة لتطل برأسها.
بوجه عام، تعشق الكرة الإنجليزية إلقاء المواعظ، أمر لا بأس فيه على الإطلاق عندما يصدر عن أرض أخلاقية قوية، لكن إلى أي مدى نحن على استعداد للمضي قدماً؟
لقد كانت تلك حادثة عنصرية تنتمي للفئة الأولى في إطار واحد من أنجح بطولات الدوري الممتاز عالمياً، يتابعه مئات الملايين حول العالم. وتحمل البطولة من خلفها مجموعة ضخمة من الشركاء التجاريين من مختلف الصور، من جهات بث وإذاعة إلى رعاة إلى شركات دعاية وإعلانات.
ما الذي يحتاجه الأمر لوقف مباراة كتلك؟ ما نمط الإرادة والشجاعة الأخلاقية اللازمة لجعل مباراة توتنهام هوتسبير أمام تشيلسي أول مباراة رفيعة المستوى بأي دولة في العالم يجري إيقافها، بل وربما لإلغائها كلية بسبب صدور إساءات عنصرية خلالها تبعاً للبروتوكولات الجديدة؟
هنا، لم نجد إجابة، ربما لأن التحذيرات المتكررة كانت مؤشراً على وجود خطأ ما بالمنظومة، علاوة على أنه من المهم بالتأكيد الانتباه إلى الإطار العام والصورة الكبيرة. المعروف أن الاستاد يسع 62 ألف متفرج، وكانت الحادثة المشار إليها حادثة عنصرية واحدة فقط. والتساؤل الأهم الآن ما مدى استعداد الكرة الإنجليزية لتقديم نموذج يحتذى به على صعيد مكافحة العنصرية في الملاعب.
في الواقع، لطالما بدت فكرة البروتوكول ثلاثي الخطوات سخيفة بعض الشيء.
بأي منطق يحصل المسيء على العفو مرتين، وفقط عندما يتكرر الجرم ثلاث مرات يصبح جريمة؟ لماذا يتعين على أي لاعب كرة قدم، أو أي شخص، تجاهل إساءة عنصرية تعرض لها مرتين ويبدي هذا الهامش الفسيح من التساهل تجاه المخطئ؟
فيما مضى، لطالما أظهرت الكرة الإنجليزية استعدادها للقيادة. ومن بين الأمثلة على ذلك الغضب الشديد الذي أبدته تجاه تجاوزات الجماهير البلغارية. إلا أن ثمة مستوى أعلى من العمل هنا. ويتعين التذكير هنا بأن ثروة كرة القدم ومكانتها ونفوذها تنبع بأكملها من اللاعبين والمشاهدين. وبالتالي، فإن المعنيين بهذه الرياضة يتحملون مسؤولية حماية ورعاية مصالح هؤلاء الأفراد.
وينطبق الأمر ذاته على العقوبات. إذا ما ثبت أن واحداً أو أكثر من المشجعين وجه إساءات عنصرية للاعبي تشيلسي، فالوقت حان إذن لإقرار مثال ونموذج ومعاقبة النادي ذاته عن التصرفات التي تحدث داخل حدوده.
تجدر الإشارة هنا إلى أنه منذ عام مضى، تعرض رحيم سترلينغ لإساءات عنصرية في تشيلسي. والواضح أن هذا أبعد ما يكون عن حادثة فردية. والمؤكد أن أسلوب التعامل مع الحادثة الأخيرة سيكون بمثابة اختبار تحتاج الكرة الإنجليزية بشدة لأن تجتازه من دون أن تهز كتفها كالعادة في تعبير عن قلة حيلتها.
من جهته، قال جوزيه مورينيو بعد المباراة: «أكره العنصرية في المجتمع، وأكرهها في كرة القدم». وأظهر فرنك لامبارد نفس القوة في تنديده بالعنصرية بجميع صورها. ومع هذا، لم نشهد حديثاً حول ضرورة التأكيد على هذا الرفض والتنديد عملياً من خلال التعامل مع هذه الحادثة.
بطبيعة الحال تجاهل القضية برمتها يبدو الخيار الأسهل. في الواقع، لقد أصبح أمراً مألوفاً على نحو مدهش أن نشير مراراً وتكراراً إلى أن مصدر هذه التوترات قادم من سياسيي المملكة المتحدة، وأصبح من المألوف للغاية كذلك القول بأن العنصرية مشكلة اجتماعية، وأن كرة القدم في حد ذاتها لا تخلق هذا السلوك. ومع هذا، تتحمل كرة القدم مسؤولية ضبط ما يجري داخل حدودها وتقديم نموذج يحتذى به لكيفية التعامل مع هذا السم.
يحمل هذا الأمر أهمية كبيرة في مجال كرة القدم وكل مجال عام آخر وكل مجال يتفاعل في إطاره المواطنون. وليس عليك سوى السير على امتداد توتنهام هاي ستريت لتعاين مزيج الثقافات الثري الذي يسكن المكان، والذي يمكن بسهولة للغاية أن يشتعل ويتحول إلى كتلة لهب بسبب الإهمال والغباء وغياب الاحترام والرسائل السياسية التحريضية المبطنة.
اليوم، أمامنا فرصة لفعل شيء مختلف وأن نقود، بدلاً عن اتخاذ موقف رد الفعل فحسب.


مقالات ذات صلة

إيقاف بنتانكور 7 مباريات بعد تعليق عنصري ضد سون

رياضة عالمية رودريغو بنتانكور (إ.ب.أ)

إيقاف بنتانكور 7 مباريات بعد تعليق عنصري ضد سون

أعلن الاتحاد الإنجليزي لكرة القدم، اليوم الاثنين، إيقاف رودريغو بنتانكور، لاعب وسط توتنهام هوتسبير، 7 مباريات، بعد ملاحظة عنصرية من اللاعب القادم من أوروغواي.

«الشرق الأوسط» (لندن)
شؤون إقليمية احتجاجات في إسرائيل ضد تفشي الجريمة المنظمة في المجتمع العربي مارس 2021 (غيتي)

«قوانين الفجر الظلامية»... كيف يُشرعن الكنيست التمييز ضد العرب في إسرائيل؟

يواصل ائتلاف اليمين في الكنيست سن تشريعات ضد المواطنين العرب في إسرائيل بهدف ترهيبهم واضطهادهم... فما أبرز تطورات تلك الحملة المتواصلة لشرعنة التمييز ضدهم؟

نظير مجلي (تل أبيب)
رياضة عالمية فينيسيوس غاضب جداً بسبب خسارة الجائزة (أ.ف.ب)

بعد زلزال الجائزة الذهبية... مَن الذين يخافون من وجود ريال مدريد؟

بعد أقل من 24 ساعة على الضربة القاسية التي تلقاها ريال مدريد بخسارة الكلاسيكو 4 - 0 أمام برشلونة في البرنابيو، الأحد، حدث تحول آخر مزلزل في ريال مدريد.

The Athletic (باريس)
رياضة عالمية لامين يامال يحتفل بتسجيل الهدف الثالث لبرشلونة (أ.ف.ب)

كلاسيكو العالم: الريال يحقق في تعرض يامال لإساءات عنصرية

ذكرت تقارير إعلامية إسبانية أن لامين يامال، نجم فريق برشلونة الإسباني لكرة القدم، تعرض لإساءات عنصرية في مباراة الكلاسيكو التي فاز بها فريقه على ريال مدريد.

«الشرق الأوسط» (برلين)
رياضة عالمية لوم تشاوان كان غاضباً من الهتافات (رويترز)

استبدال تشاونا لاعب لاتسيو بعد تعرضه لإساءة عنصرية أمام تفينتي

قال ماركو باروني، مدرب لاتسيو الإيطالي، إن جناحه لوم تشاونا استُبدال بعد تعرضه لإهانات عنصرية من الجماهير خلال الفوز 2 - صفر على تفينتي.

«الشرق الأوسط» (روما)

بطولة إيطاليا: إنتر للنهوض من كبوة الديربي... ويوفنتوس للعودة إلى سكة الانتصارات

لاعبو ميلان وفرحة تخطي الجار اللدود إنتر (أ.ب)
لاعبو ميلان وفرحة تخطي الجار اللدود إنتر (أ.ب)
TT

بطولة إيطاليا: إنتر للنهوض من كبوة الديربي... ويوفنتوس للعودة إلى سكة الانتصارات

لاعبو ميلان وفرحة تخطي الجار اللدود إنتر (أ.ب)
لاعبو ميلان وفرحة تخطي الجار اللدود إنتر (أ.ب)

يسعى إنتر حامل اللقب إلى النهوض من كبوة الديربي وخسارته، الأحد الماضي، أمام جاره اللدود ميلان، وذلك حين يخوض (السبت) اختباراً صعباً آخر خارج الديار أمام أودينيزي، في المرحلة السادسة من الدوري الإيطالي لكرة القدم. وتلقى فريق المدرب سيموني إينزاغي هزيمته الأولى هذا الموسم بسقوطه على يد جاره 1-2، بعد أيام معدودة على فرضه التعادل السلبي على مضيفه مانشستر سيتي الإنجليزي في مستهل مشواره في دوري أبطال أوروبا.

ويجد إنتر نفسه في المركز السادس بثماني نقاط، وبفارق ثلاث عن تورينو المتصدر قبل أن يحل ضيفاً على أودينيزي الذي يتقدمه في الترتيب، حيث يحتل المركز الثالث بعشر نقاط بعد فوزه بثلاث من مبارياته الخمس الأولى، إضافة إلى بلوغه الدور الثالث من مسابقة الكأس الخميس بفوزه على ساليرنيتانا 3-1. ويفتقد إنتر في مواجهته الصعبة بأوديني خدمات لاعب مؤثر جداً، هو لاعب الوسط نيكولو باريلا، بعد تعرّضه لإصابة في الفخذ خلال ديربي ميلانو، وفق ما قال بطل الدوري، الثلاثاء.

وأفاد إنتر بأنّ لاعب وسط منتخب إيطاليا تعرّض لتمزق عضلي في فخذه اليمنى، مضيفاً أنّ «حالته ستقيّم من جديد الأسبوع المقبل». وذكر تقرير إعلامي إيطالي أنّ باريلا (27 عاماً) سيغيب إلى ما بعد النافذة الدولية المقررة الشهر المقبل، ما يعني غيابه أيضاً عن المباراتين أمام النجم الأحمر الصربي (الثلاثاء) في دوري أبطال أوروبا، وتورينو متصدر ترتيب الدوري.

«كانوا أفضل منا»

وأوضحت صحيفة «غازيتا ديلو سبورت»، التي تتخذ من ميلانو مقراً لها، أن إينزاغي حاول تخفيف عبء الخسارة التي تلقاها فريقه في الديربي بهدف الدقيقة 89 لماتيو غابيا، بمنح لاعبيه فرصة التقاط أنفاسهم من دون تمارين الاثنين، على أمل أن يستعيدوا عافيتهم لمباراة أودينيزي الساعي إلى الثأر من إنتر، بعدما خسر أمامه في المواجهات الثلاث الأخيرة، ولم يفز عليه سوى مرة واحدة في آخر 12 لقاء. وأقر إينزاغي بعد خسارة الدربي بأنهم «كانوا أفضل منا. لم نلعب كفريق، وهذا أمر لا يمكن أن تقوله عنا عادة».

ولا يبدو وضع يوفنتوس أفضل بكثير من إنتر؛ إذ، وبعد فوزه بمباراتيه الأوليين بنتيجة واحدة (3 - 0)، اكتفى «السيدة العجوز» ومدربه الجديد تياغو موتا بثلاثة تعادلات سلبية، وبالتالي يسعى إلى العودة إلى سكة الانتصارات حين يحل (السبت) ضيفاً على جنوا القابع في المركز السادس عشر بانتصار وحيد. ويأمل يوفنتوس أن يتحضر بأفضل طريقة لرحلته إلى ألمانيا الأربعاء حيث يتواجه مع لايبزيغ الألماني في مباراته الثانية بدوري الأبطال، على أمل البناء على نتيجته في الجولة الأولى، حين تغلب على ضيفه أيندهوفن الهولندي 3-1. ويجد يوفنتوس نفسه في وضع غير مألوف، لأن جاره اللدود تورينو يتصدر الترتيب في مشهد نادر بعدما جمع 11 نقطة في المراحل الخمس الأولى قبل استضافته (الأحد) للاتسيو الذي يتخلف عن تورينو بفارق 4 نقاط.

لاعبو إنتر بعد الهزيمة أمام ميلان (رويترز)

من جهته، يأمل ميلان ومدربه الجديد البرتغالي باولو فونسيكا الاستفادة من معنويات الديربي لتحقيق الانتصار الثالث، وذلك حين يفتتح ميلان المرحلة (الجمعة) على أرضه ضد ليتشي السابع عشر، قبل رحلته الشاقة جداً إلى ألمانيا حيث يتواجه (الثلاثاء) مع باير ليفركوزن في دوري الأبطال الذي بدأه بالسقوط على أرضه أمام ليفربول الإنجليزي 1-3. وبعد الفوز على إنتر، كان فونسيكا سعيداً بما شاهده قائلاً: «لعبنا بكثير من الشجاعة، وأعتقد أننا نستحق الفوز. لا يمكنني أن أتذكر أي فريق آخر تسبب لإنتر بكثير من المتاعب كما فعلنا نحن».

ويسعى نابولي إلى مواصلة بدايته الجيدة مع مدربه الجديد، أنطونيو كونتي، وتحقيق فوزه الرابع هذا الموسم حين يلعب (الأحد) على أرضه أمام مونتسا قبل الأخير، على أمل تعثر تورينو من أجل إزاحته عن الصدارة. وفي مباراة بين فريقين كانا من المنافسين البارزين الموسم الماضي، يلتقي بولونيا مع ضيفه أتالانتا وهما في المركزين الثالث عشر والثاني عشر على التوالي بعد اكتفاء الأول بفوز واحد وتلقي الثاني ثلاث هزائم. وبعدما بدأ مشواره خليفة لدانييلي دي روسي بفوز كبير على أودينيزي 3-0، يأمل المدرب الكرواتي إيفان يوريتش منح روما انتصاره الثاني هذا الموسم (الأحد) على حساب فينيتسيا.