صالح يرفض الإملاءات الخارجية... والحكيم يتوسط لحل أزمة رئاسة الوزراء

حلفاء طهران يسعون لـ«تجاوز» الرئيس العراقي وتكليف الحلبوسي بتسمية المرشح

TT

صالح يرفض الإملاءات الخارجية... والحكيم يتوسط لحل أزمة رئاسة الوزراء

فاجأ الرئيس العراقي برهم صالح، خصومه ممن شنوا عليه، خلال الأيام الثلاثة الماضية، هجمات حادة بشأن ما عدوه هروباً من بغداد إلى السليمانية، إثر رفضه تكليف مرشح «البناء»، وعرضه الاستقالة من منصبه عبر رسالة وجهها إلى رئيس البرلمان محمد الحلبوسي.
المفاجأة جاءت حين استقبل صالح في مكتبه بقصر السلام في العاصمة بغداد، أمس، السفير الياباني لدى العراق. وطبقاً لبيان لرئاسة الجمهورية، فإن صالح أكد على احترام إرادة الشعب العراقي في الإصلاح، ورفض أي تدخل خارجي في السياسة الداخلية. وأضاف البيان أنه «تم التأكيد على ضرورة دعم استقرار العراق، وتجاوز التحديات الحالية باحترام إرادة الشعب العراقي في الإصلاح، ورفض أي تدخل خارجي في السياسة الداخلية».
يأتي ذلك في وقت لا تزال أزمة رئاسة الوزراء تراوح مكانها بل وتزداد تعقيداً. وفي هذا السياق، رفع النائب عن تحالف «البناء» في البرلمان العراقي، عدي عواد، أمس، دعوى قضائية ضد صالح، بزعم «انتهاكه العديد من نصوص الدستور العراقي»، مطالباً بتخويل رئيس مجلس النواب العراقي، محمد الحلبوسي، صلاحية تكليف مرشح لتشكيل الحكومة الجديدة.
وأشارت وثيقة الدعوى إلى رفض صالح تكليف مرشح الكتلة النيابية الأكثر عدداً، في إشارة إلى كتلة «البناء» القريبة من طهران، بتشكيل الحكومة، متهماً رئيس الجمهورية «بالتلاعب بنصوص الدستور وتفسيرها وفق آرائه الشخصية».
الخميس الماضي، رفض صالح، تكليف مرشح تحالف «البناء» محافظ البصرة أسعد العيداني، بتشكيل الحكومة المقبلة. وقال إنه يفضل الاستقالة على تكليف مرشح لا يحظى بتأييد المتظاهرين.
إلى ذلك، كشف جاسم البخاتي، النائب عن «تيار الحكمة»، الذي يتزعمه عمار الحكيم، عن قيام الأخير بدور الوساطة بين رئيس الجمهورية والأطراف السياسية من أجل حل أزمة المرشح. وفيما لم تعلن «كتلة البناء» عن سحب ترشحيها للعيداني، فقد جرى تداول ثلاثة أسماء بديلة، لكن لم يتم طرح أي منها بصورة معلنة، وهم العسكري السابق المتقاعد اللواء الركن توفيق الياسري، والوزير الأسبق للاتصالات محمد توفيق علاوي، والفريق المتقاعد عبد الغني الأسدي، الذي يعد أحد أبطال النصر على تنظيم «داعش».
وقال البخاتي، في تصريح، إن «الحكيم يجري اتصالات من أجل التوصل إلى حل»، متوقعاً «حصول انفراج في الأزمة السياسية القائمة خلال الأسبوع الحالي». وأضاف أن «السيد عـمار الحكيم بدأ بتحركات شملت إجراء اتصالات مع رئيس الجمهورية وأصحاب العقل، لأجل حلحلة أزمة رئيس الحكومة والتوصل إلى اختيار شخصية مقبولة للجميع».
بدوره، هاجم النائب في البرلمان العراقي وأحد المترشحين لرئاسة الوزراء، فائق الشيخ علي، زعيم تحالف «الفتح» هادي العامري، متهماً إياه بأنه يقف خلف عدم ترشيحه للمنصب. وكان الشيخ علي أعلن عن تقديم سيرته الذاتية إلى رئيس الجمهورية بوصفه مرشحاً مستقلاً ومدعوماً من قطاعات واسعة من المتظاهرين. وكان زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر أعلن عن طرح ثلاثة أسماء كمرشحين لرئاسة الوزراء، أحدهم فائق الشيخ علي، لكنه عاد وسحب تأييده عنهم في اليوم التالي، بعد أن تبيين له أنهم لم يحظوا بتأييد ساحات التظاهر.
وقال الشيخ علي، في تغريدة على «تويتر»، أمس، إن «قرار العراق الآن بيد هادي العامري... فهو الذي يرفض الموافقة على ترشيح فائق الشيخ علي لرئاسة الوزراء». وأضاف: «هل تعلمون لماذا؟.. لأنه يعلم علم اليقين بأنني سأحاكمه كمجرم قاتَلَ العراق وشعبه، وبرقبته دماء الأبرياء من العراقيين، وكسارق سرق نفط العراق وأموال وزارة النقل، وعشرات التهم بانتظاره!».
إلى ذلك، أكد فرهاد علاء الدين المستشار السابق للرئيس العراقي برهم صالح، لـ«الشرق الأوسط»، أن «المشهد السياسي أصبح أكثر تعقيداً، بعد اعتذار رئيس الجمهورية عن تكليف المرشح الثاني لكتلة (البناء) (العيداني)، وسط إصرارها على ترشيح من تراه مناسباً لتشكيل الحكومة باعتباره حقاً دستورياً، كونها الأكثر عدداً، طبقاً لرسالة مجلس النواب العراقي إلى رئيس الجمهورية، رغم أن هذا الإصرار يتجاهل رفضاً واسعاً من جهات سياسية مؤثرة، وكذلك من قبل ساحات التظاهر والاعتصامات في مدن وسط وجنوب العراق، بل وفي المقدمة منها ما تطالب به مرجعية النجف الأشرف».
ويضيف علاء الدين أن «العرف السياسي السائد في الماضي القريب كان يقضي بأن على الكتل السياسية أن تجتمع للتداول بشأن أبرز الشخصيات التي تراها مناسبة للمنصب، ثم يتم عرض المرشح المتفق عليه مبدئياً على الجهات المعنية الداخلية والإقليمية والدولية، بهدف الحصول على مباركاتها، ليبدأ التفاوض حول تقاسم المناصب والمواقع التنفيذية، وبعد الاتفاق النهائي والأخير بين تلك الكتل يتم تمرير المرشح التوافقي داخل مجلس النواب ليحظى بموافقة الجميع دون اعتراضات تذكر». وأوضح أن «الغريب بالأمر هذه المرة أن القوى والكتل الفاعلة مصرة على ما يبدو على تغافل المتغيرات الواضحة والملموسة المحيطة بالمعادلة السياسية، التي غيرت قواعد اللعبة، وطرحت قوانينها الجديدة وإضافة لاعبين مؤثرين إلى المشهد القائم».



15 ألف طالب يمني في تعز تسربوا خلال فصل دراسي واحد

المعلمون في تعز يواصلون احتجاجاتهم المطالبة بزيادة الأجور (إعلام محلي)
المعلمون في تعز يواصلون احتجاجاتهم المطالبة بزيادة الأجور (إعلام محلي)
TT

15 ألف طالب يمني في تعز تسربوا خلال فصل دراسي واحد

المعلمون في تعز يواصلون احتجاجاتهم المطالبة بزيادة الأجور (إعلام محلي)
المعلمون في تعز يواصلون احتجاجاتهم المطالبة بزيادة الأجور (إعلام محلي)

في حين يواصل المعلمون في محافظة تعز اليمنية (جنوب غرب) الإضراب الشامل للمطالبة بزيادة رواتبهم، كشفت إحصائية حديثة أن أكثر من 15 ألف طالب تسربوا من مراحل التعليم المختلفة في هذه المحافظة خلال النصف الأول من العام الدراسي الحالي.

وعلى الرغم من قيام الحكومة بصرف الرواتب المتأخرة للمعلمين عن شهري نوفمبر (تشرين الثاني) وديسمبر (كانون الأول)، فإن العملية التعليمية لا تزال متوقفة في عاصمة المحافظة والمناطق الريفية الخاضعة لسيطرة الحكومة الشرعية بسبب الإضراب.

ويطالب المعلمون بإعادة النظر في رواتبهم، التي تساوي حالياً أقل من 50 دولاراً، حيث يُراعى في ذلك الزيادة الكبيرة في أسعار السلع، وتراجع قيمة العملة المحلية أمام الدولار. كما يطالبون بصرف بدل الغلاء الذي صُرف في بعض المحافظات.

الأحزاب السياسية في تعز أعلنت دعمها لمطالب المعلمين (إعلام محلي)

ووفق ما ذكرته مصادر عاملة في قطاع التعليم لـ«الشرق الأوسط»، فإن محافظتي عدن ومأرب أقرتا صرف حافز شهري لجميع المعلمين يقارب الراتب الشهري الذي يُصرف لهم، إلا أن هذه المبادرة لم تُعمم على محافظة تعز ولا بقية المحافظات التي لا تمتلك موارد محلية كافية، وهو أمر من شأنه - وفق مصادر نقابية - أن يعمق الأزمة بين الحكومة ونقابة التعليم في تلك المحافظات، وفي طليعتها محافظة تعز.

ظروف صعبة

وفق بيانات وزعتها مؤسسة «ألف» لدعم وحماية التعليم، فإنه وفي ظل الظروف الصعبة التي يمر بها قطاع التعليم في مدينة تعز وعموم مناطق سيطرة الحكومة الشرعية المعترف بها دولياً، ازدادت تداعيات انقطاع الرواتب والإضراب المفتوح الذي دعت إليه نقابة المعلمين، مع إحصاء تسرب أكثر من 15 ألفاً و300 حالة من المدارس خلال النصف الأول من العام الدراسي الحالي.

وقال نجيب الكمالي، رئيس المؤسسة، إن هذا الرقم سُجل قبل بدء الإضراب المفتوح في جميع المدارس، وتعذر استئناف الفصل الدراسي الثاني حتى اليوم، معلناً عن تنظيم فعالية خاصة لمناقشة هذه الأزمة بهدف إيجاد حلول عملية تسهم في استمرار العملية التعليمية، ودعم الكادر التربوي، حيث ستركز النقاشات في الفعالية على الأسباب الجذرية لانقطاع الرواتب، وتأثيرها على المعلمين والمؤسسات التعليمية، وتداعيات الإضراب على الطلاب، ومستقبل العملية التعليمية، ودور المجتمع المدني والمنظمات المحلية والدولية في دعم قطاع التعليم.

المعلمون في عدن يقودون وقفة احتجاجية للمطالبة بتحسين الأجور (إعلام محلي)

وإلى جانب ذلك، يتطلع القائمون على الفعالية إلى الخروج بحلول مستدامة لضمان استمرارية التعليم في ظل الأزمات، ومعالجة الأسباب التي تقف وراء تسرب الأطفال من المدارس.

ووجهت الدعوة إلى الأطراف المعنية كافة للمشاركة في هذه الفعالية، بما في ذلك نقابة المعلمين اليمنيين، والجهات الحكومية المعنية بقطاع التعليم، ومنظمات المجتمع المدني المحلية والدولية.

آثار مدمرة

كانت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف) قد ذكرت منتصف عام 2024، أن أكثر من 4.5 مليون طفل في اليمن خارج المدرسة بسبب تداعيات سنوات من الصراع المسلح. وأفادت بأن شركاء التعليم يعيدون تأهيل وبناء الفصول الدراسية، ويقدمون المساعدة التعليمية للملايين، ويعملون على إعادة الآخرين إلى المدارس، وعدّت أن الاستثمار في التعليم هو استثمار في مستقبل الأجيال.

وتقول المنظمة إنه منذ بداية الحرب عقب انقلاب الحوثيين على السلطة الشرعية، خلفت الهجمات التي تعرض لها أطفال المدارس والمعلمون والبنية التحتية التعليمية آثاراً مدمرة على النظام التعليمي في البلاد، وعلى فرص الملايين من الأطفال في الحصول على التعليم.

1.3 مليون طفل يمني يتلقون تعليمهم في فصول دراسية مكتظة (الأمم المتحدة)

وأكدت المنظمة الأممية أن للنزاع والتعطيل المستمر للعملية التعليمية في جميع أنحاء البلاد، وتجزئة نظام التعليم شبه المنهار أصلاً، تأثيراً بالغاً على التعلم والنمو الإدراكي والعاطفي العام والصحة العقلية للأطفال كافة في سن الدراسة البالغ عددهم 10.6 مليون طالب وطالبة في اليمن.

ووفق إحصاءات «اليونيسيف»، فإن 2,916 مدرسة (واحدة على الأقل من بين كل أربع مدارس) قد دمرت أو تضررت جزئياً أو تم استخدامها لأغراض غير تعليمية نتيجة سنوات من النزاع الذي شهده اليمن.

كما يواجه الهيكل التعليمي مزيداً من العوائق، تتمثل في عدم حصول أكثر من ثلثي المعلمين (ما يقرب من 172 ألف معلم ومعلمة) على رواتبهم بشكل غير منتظم منذ عام 2016، أو انقطاعهم عن التدريس بحثاً عن أنشطة أخرى مدرة للدخل.