كونتي يواجه صعوبات جمة لتفادي انتخابات مبكرة في إيطاليا

عليه القيام بتعديل تشكيلته الوزارية مع المحافظة على التوازنات الحالية

رئيس الوزراء الايطالي جوزيبي كونتي (رويترز)
رئيس الوزراء الايطالي جوزيبي كونتي (رويترز)
TT

كونتي يواجه صعوبات جمة لتفادي انتخابات مبكرة في إيطاليا

رئيس الوزراء الايطالي جوزيبي كونتي (رويترز)
رئيس الوزراء الايطالي جوزيبي كونتي (رويترز)

لم يكن رئيس الوزراء الإيطالي جيوزيبي كونتي بحاجة للهديّة التي قدّمها له وزير التربية لورنزو فيورامونتي باستقالته يوم عيد الميلاد، ليدرك أن حكومته معلّقة بخيطان رفيعة تمسك بها مجموعة من القوى والتيّارات المتناحرة التي لم يعد يجمع بينها سوى الخوف من الذهاب إلى انتخابات مبكرة، ينتظرها زعيم اليمين المتطرف ماتّيو سالفيني على أحرّ من الجمر منذ خروجه من الحكومة نهاية الصيف الماضي.
وكان فيورامونتي، وهو من القيادات الوازنة في حركة النجوم الخمس التي تعاني من تصدّعات في صفوفها منذ فترة، قد قرّر الاستقالة من منصبه احتجاجاً على قلّة الاعتمادات المالية التي خُصِّصت لوزارته في الموازنة العامة التي أقرها البرلمان مساء الثلاثاء الماضي. ويذكر أن فيورامونتي المعروف بانتقاداته الشديدة لخفض الموازنات المخصصة للتعليم والبحوث، كان قد أعلن يوم تسلّم مهامه منذ أربعة أشهر أنه سوف يستقيل إذا لم يتمكّن من الحصول على 3 مليارات يورو لوزارته. وتساءل في معرض التعليق على استقالته: «هل من المستغرب أن يفي وزير بالوعود التي يقطعها؟»، ثم انتقد الحكومة بسبب قلّة طموحها وجرأتها لتخصيص الموارد اللازمة لقطاع التعليم والبحوث الذي تحتلّ فيه إيطاليا مرتبة متأخرة جداً بين البلدان الأوروبية.
وفي تعليقه على استقالة وزير التربية قال وزير الاقتصاد روبرتو غوالتييري، الذي ينتمي إلى الحزب الديمقراطي، إن موارد الدولة محدودة في الظرف الراهن، مؤكداً أنه تعهد بزيادة موازنة التعليم في العام المقبل.
ومعروف عن فيورامونتي أيضا أنه من المدافعين عن زيادة ضريبة القيمة المضافة التي سقطت في النهاية من قانون الموازنة؛ حيث إن عدم زيادة الضرائب كان من العناوين الرئيسية في برنامج التحالف الحكومي الذي يتعرّض لقصف مركّز من اليمين على الجبهة الضريبية. كما أنه يعارض بشدة قوانين الهجرة التي أقرتها الحكومة السابقة بضغط من سالفيني الذي كان يتولّى حقيبة الداخلية، والتي ما زالت سارية رغم تعهد الحكومة الجديدة بإلغائها.
ويحظى الوزير المستقيل بشعبية واسعة في صفوف الشباب بعد أن أضاف إلى المناهج التعليمية مادة حول تغيّر المناخ، عندما كان وكيلاً لوزارة التربية في الحكومة السابقة، وهو يقود التيّار الذي كان متحفظّاً على التحالف الحكومي السابق مع حزب الرابطة اليميني المتطرف، وكان قد صرّح مؤخراً بعد الانتكاسات الانتخابية المتكررة التي تعرّضت لها حركة النجوم الخمس بقوله: «إن العام الذي أمضيناه في الحكم مع الرابطة قد أنهكنا. كان من المفترض أن نتحلّى بالشجاعة الكافية لنقول لا للكثير من القرارات التي اتخذتها الحكومة تحت ضغط سالفيني وتهديداته بفرط التحالف».
وتتحدث أوساط سياسية مقرّبة من الوزير المستقيل عن نيّته الاستقالة أيضا من حركة النجوم الخمس وتشكيل كتلة برلمانية مستقلّة مع عدد من نوّاب الحركة التي خسرت في الأشهر الأخيرة خمسة من نوابها البارزين، انضمّ ثلاثة منهم إلى كتلة الرابطة التي يتزعمها سالفيني.
الحكومة من جهتها لم تعلّق حتى الآن على هذه الاستقالة التي تشكّل ضربة قاسية لجهود كونتي من أجل الحفاظ على تماسك التحالف الذي نشأ بحكم الضرورة بين النجوم الخمس والحزب الديمقراطي في أغسطس (آب) الماضي، بهدف وقف صعود اليمين المتطرف بقيادة سالفيني، واحتواء إصراره على إجراء انتخابات مبكرة ترجّح كل الاستطلاعات فوزه فيها بأغلبية تمكّنه من تشكيل حكومة منفرداً. لكن منذ تشكيل هذه الحكومة تبدّى أنها تقوم على توازن ضعيف يهتزّ عند كل قرار، على غرار ما كان يحصل في الحكومة الأولى التي رأسها كونتي والتي قامت على تحالف بين الرابطة والنجوم الخمس، قطعاً للطريق على تشكيل حكومة بين الحركة والحزب الديمقراطي.
ومع الإعلان عن استقالة فيورامونتي صعّدت المعارضة اليمينية انتقاداتها للحكومة، مشددة على مطلبها بإجراء انتخابات مبكرة، فيما لم تسلم خاصرة كونتي من انتقادات الحلفاء، مثل حزب «إيطاليا الحيّة» الذي شكّله مؤخراً رئيس الوزراء الأسبق ماتّيو رنزي منشقّاً عن الحزب الديمقراطي، وبعض الأحزاب التقدمية الأخرى التي تدعم الحكومة.
ويواجه رئيس الوزراء كونتي مشهداً معقدّا قبل أيام معدودة من المؤتمر الصحافي التقليدي في نهاية السنة حيث يستعرض حصيلة العمل الحكومي، إذ عليه أن يقوم بتعديل تشكيلته الوزارية من غير أن يهتزّ التوازن الدقيق الذي تقوم عليه، وأن يضمن عدم خسارة المزيد من الدعم البرلمان إذا أراد أن يتحاشى الذهاب إلى انتخابات مبكرة. وعليه أن يصمد أمام الحملة العاتية التي تشنّها عليه المعارضة اليمينية التي فازت في جميع الانتخابات الفرعية والمحلية التي أجريت حتى الآن، وتستعدّ لمعركة قد تكون حاسمة في إقليم «اميليا رومانا» أواخر الشهر المقبل قد يتوقف عليها مصير التحالف الحاكم.



هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
TT

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)

تخضع «هيئة تحرير الشام»، التي قادت قوات المعارضة للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، لعقوبات من الأمم المتحدة منذ فترة طويلة، وهو ما وصفه المبعوث الخاص للمنظمة الدولية إلى سوريا غير بيدرسون، بأنه «عامل تعقيد لنا جميعاً».

كانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف في السابق باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت العلاقات بالتنظيم في عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما فُرض عليها تجميد عالمي للأصول وحظر أسلحة.

ويخضع عدد من أعضاء «هيئة تحرير الشام» أيضاً لعقوبات الأمم المتحدة مثل حظر السفر، وتجميد الأصول، وحظر الأسلحة، ومنهم زعيمها وقائد إدارة العمليات العسكرية أحمد الشرع، المكنى «أبو محمد الجولاني»، المدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.

وقال دبلوماسيون إنه لا يوجد حالياً أي مناقشات عن رفع العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة على الجماعة. ولا تمنع العقوبات التواصل مع «هيئة تحرير الشام».

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟ (رويترز)

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

فرضت الأمم المتحدة عقوبات على «جبهة النصرة»، لأن الجماعة مرتبطة بتنظيم «القاعدة»، ولأنها كانت «تشارك في تمويل أو تخطيط أو تسهيل أو إعداد أو ارتكاب أعمال أو أنشطة» مع «القاعدة» أو دعماً لها وتستقطب أفراداً وتدعم أنشطة «القاعدة».

وجاء في قائمة العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة: «في يناير (كانون الثاني) 2017، أنشأت جبهة النصرة (هيئة تحرير الشام)، وسيلة لتعزيز موقعها في التمرد السوري وتعزيز أهدافها باعتبارها فرعاً لتنظيم (القاعدة) في سوريا»... ورغم وصف ظهور «هيئة تحرير الشام» بطرق مختلفة (على سبيل المثال كاندماج أو تغيير في الاسم)، فإن جبهة «النصرة» استمرت في الهيمنة والعمل من خلال «هيئة تحرير الشام» في السعي لتحقيق أهدافها.

وفُرضت عقوبات على الجولاني بسبب ارتباطه بتنظيم «القاعدة» وعمله معه.

كيف يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة؟

تستطيع أي دولة عضو في الأمم المتحدة في أي وقت تقديم طلب لرفع العقوبات عن كيان أو شخص إلى لجنة عقوبات تنظيمي «داعش» و«القاعدة» التابعة لمجلس الأمن الدولي المؤلف من 15 دولة.

وإذا جاء الطلب من دولة لم تقترح في البداية فرض عقوبات الأمم المتحدة، فإن اللجنة تتخذ القرار بالإجماع.

وإذا تقدمت الدولة التي اقترحت في البداية فرض العقوبات بطلب الشطب من القائمة، فسيمحى الاسم من القائمة بعد 60 يوماً، ما لم توافق اللجنة بالإجماع على بقاء التدابير.

لكن إذا لم يتم التوصل إلى إجماع، يستطيع أحد الأعضاء أن يطلب إحالة الطلب إلى مجلس الأمن للتصويت عليه في غضون 60 يوماً.

ولم تتضح بعد الدول التي اقترحت فرض عقوبات على جبهة «النصرة» والجولاني.

ويستطيع أيضاً الشخص أو الكيان الخاضع للعقوبات أن يطلب إزالة التدابير عن طريق الاتصال بأمين عام المظالم، وهو منصب أنشأه المجلس في عام 2009، ليقوم بمراجعة الطلب.

وإذا أوصى أمين عام المظالم بإبقاء اسم ما على القائمة، فسيظل مدرجاً على القائمة. وإذا أوصى أمين عام المظالم بإزالة اسم ما، فسترفع العقوبات بعد عملية قد تستغرق ما يصل إلى 9 أشهر، ما لم توافق اللجنة في وقت أسبق بالإجماع على اتخاذ إجراء أو الإحالة إلى المجلس لتصويت محتمل.

هل هناك استثناءات من العقوبات؟

يستطيع الأشخاص الخاضعون لعقوبات الأمم المتحدة التقدم بطلب للحصول على إعفاءات فيما يتعلق بالسفر، وهو ما تقرره اللجنة بالإجماع.

ويقول المجلس إن عقوباته «لا تستهدف إحداث عواقب إنسانية تضر بالسكان المدنيين».

وهناك استثناء إنساني للأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة يسمح «بتوفير أو معالجة أو دفع الأموال أو الأصول المالية الأخرى أو الموارد الاقتصادية، أو توفير السلع والخدمات اللازمة لضمان تقديم المساعدات الإنسانية في الوقت المناسب، أو لمساندة الأنشطة الأخرى التي تدعم الاحتياجات الإنسانية الأساسية».