استراتيجية السعودية السياحية تؤتي ثمارها

الرئيس التنفيذي لـ«الهيئة الملكية للعلا»: آفاق ذهبية هائلة أسميها النفط الأصفر الجديد

في أحد الشواطئ الخاصة بمدينة جدة (نيويورك تايمز)
في أحد الشواطئ الخاصة بمدينة جدة (نيويورك تايمز)
TT

استراتيجية السعودية السياحية تؤتي ثمارها

في أحد الشواطئ الخاصة بمدينة جدة (نيويورك تايمز)
في أحد الشواطئ الخاصة بمدينة جدة (نيويورك تايمز)

داخل مخيم، تحت سماء مرصعة بالنجوم، تحدث غازي العنزي عن تجربته في مجال السياحة الناشئ بالمملكة العربية السعودية. منذ عقد مضى، في وقت كان في العشرينات فحسب، اعتاد العنزي اصطحاب الشركاء التجاريين لشقيقه في جولات عبر تلال الصحراء السعودية.
الآن، في الـ31، يملك العنزي أسطولاً صغيراً من السيارات الرياضية، ويعمل لديه نحو 12 موظفاً، بجانب امتلاكه مهارة تلبية احتياجات ورغبات الزائرين القادمين من دول متنوعة كثيرة، وهي مهارة تعلمها بصورة ذاتية.
وقال أثناء حضوره مأدبة عشاء أعدها لأكثر عن عشرين سائحاً من فرنسا وأوكرانيا وماليزيا والولايات المتحدة ضمّت أطباقاً من الدجاج المشوي والسلطات الشرق الأوسطية المميزة: «أعلم ما يودون عمله، وما أحتاج إلى فعله كي أحقق لهم ذلك».
بوجه عام، يستقبل العنزي وشركته، «غازي تورز»، ما يصل إلى 900 زائر شهري، وتُنظم لهم جولات، مثل تلك إلى مجرى نهر جاف تحفّه أشجار السنط، شمال الرياض، عاصمة المملكة العربية السعودية.
إلا أنه على ثقة من أن هذه الأرقام على وشك أن تتضاعف، مع شروع السعودية في فتح أبوابها والانفتاح على العالم وجهة سياحية كبرى. وبدأت الحكومة في الفترة الأخيرة، في إصدار تأشيرات سياحية للمرة الأولى. ومع هذا، لا يقتصر الأمر على ذلك، وإنما يجري ضخ مليارات الدولارات في مشروعات سياحية عملاقة بمختلف أرجاء المملكة لبناء منتجعات على أحدث طراز ومطارات جديدة، في محاولة لدفع الاقتصاد بعيداً عن الاعتماد على صناعة البترول والوظائف الحكومية التي يمولها.
وجاء التحول باتجاه السياحة بتوجيه من ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، الذي تسعى رؤيته لعام 2030 إلى تنويع الاقتصاد واجتذاب مزيد من الاستثمارات الأجنبية وتوسيع نطاق القطاع الخاص.
حتى وقت قريب، كانت زيارة السعودية أمراً صعباً على أي شخص، فيما عدا الحجاج المسلمين الذين يزورونها بهدف قضاء مناسك الحج، وكذلك للمسافرين إليها بغرض العمل. وعلى امتداد عقود، تعرضت المواقع الأثرية في الجزء الأكبر منها للتجاهل، وكانت الفنادق وخدمات السفر نادرة خارج حدود المدن الكبرى بالمملكة.
جدير بالذكر أن معدلات البطالة بين السعوديين مرتفعة للغاية، بنسبة تصل إلى نحو 12 في المائة، لكن الحكومة ترى أن صناعة السفر التي يعمل بها نحو 60 ألف شخص، من الممكن أن تتسع وتخلق مليون فرصة عمل إضافية، في ظل تنامي الحاجة لمختلف الأعمال من سائقين وطهاة ومرشدين ومديري فنادق وخبراء آثار.
واليوم، يستعين السعوديون بمسؤولين تنفيذيين دوليين بمجال العقارات، وينظمون حملات إعلانية رفيعة المستوى كي يضعوا أنفسهم على خريطة السياحة العالمية. وهناك بالفعل مؤشرات توحي بأن هذه الجهود بدأت تعطي ثمارها، فقد ارتفعت مبيعات الغرف الفندقية بالسعودية خلال الشهور التسعة الأولى من عام 2019، بمعدل 11.8 في المائة عن الفترة ذاتها من العام السابق.
من جانبه، قال عمرو المدني، الرئيس التنفيذي لـ«الهيئة الملكية للعلا»، وهي منطقة تقع شمال غربي المملكة، وتعادل نحو حجم نيوجيرسي، وهو يشير إلى الآفاق الذهبية الواسعة من حوله: «أسمّي هذا النفط الأصفر الجديد».
جدير بالذكر أن منطقة العلا تضم أطلالاً مثيرة لمدينة قديمة تضم مقابر حفرت في الصخر، وتعرف باسم مدائن صالح. ومثل بترا، المنطقة السياحية الشهيرة جنوب الأردن، بنيت المدينة على يد مملكة الأنباط منذ نحو ألفي عام.
ولا يتجاوز سكان هذه المساحة الواسعة 45 ألف شخص. وهناك بالفعل بعض المنتجعات القائمة، ووافقت سلسلة «أكور» الفرنسية، منذ وقت قريب على إدارة واحد منها. من جانبه، يخطط المدني لاستثمار ما يصل إلى 20 مليار دولار، من مزيج من مصادر عامة وخاصة، لتمويل توسيع المطار والتوسع في بناء فنادق ومنشآت أخرى لاستيعاب ما يصل إلى مليوني زائر سيفدون لمشاهدة المواقع الأثرية، وكذلك الاستمتاع بالطعام المميز والمزارات الثقافية.
أيضاً، هناك مشروع آخر طموح يجري تشييده على الساحل الغربي للمملكة المطل على البحر الأحمر ويغطي منطقة نائية بساحل ممتد لمسافة 120 ميلاً وأكثر عن 90 جزيرة وشعاب مرجانية واسعة النطاق يمكن أن تتحول يوماً إلى جنة لعشاق رياضة الغطس.
وفي ذلك المكان، يرغب السعوديون في تشييد نحو 50 فندقاً فاخراً، بينها 14 في المرحلة الأولى. ويتوقع السعوديون أن تسهم هذه المنشآت نهاية الأمر بنحو 6 مليارات دولار سنوياً في الاقتصاد. ووافقت شركة «أكور» على المشاركة، ويقول المطورون إنهم يخوضون محادثات مع مجموعات فندقية عالمية أخرى.
جدير بالذكر هنا أن «صندوق الاستثمار العام»، الذي يضمّ نحو 320 مليار دولار يملك مشروع البحر الأحمر، ويوفر بعض التمويل الأولي فيه. ومن المحتمل أن تتدفق بعض عائدات صفقة البيع الأخيرة لحصة في «أرامكو» السعودية، الشركة الوطنية للنفط، إلى داخل الصندوق الاستثماري، وربما تستخدم في تمويل مشروعات سياحية أخرى.
الملاحظ أن هذه المشروعات في حجم دول صغيرة، وسيتم استغلال حجمها وقلة سكان هذه المناطق لبناء مجتمعات متميزة. في «مشروع تطوير البحر الأحمر»، على سبيل المثال، لن يجري ربط المشروع بالشبكة الكهربائية الوطنية، وإنما سيجري الاعتماد بصورة كاملة على مصادر الطاقة المتجددة، مثل الرياح والطاقة الشمسية، تبعاً لما أفاده به باغانو، كندي الجنسية.
اليوم، تعمد السعودية إلى الترويج لصورة لنفسها تدور حول منتجعات شديدة الحداثة وأطلال حضارات قديمة ومشاهد رومانسية من الصحراء التي اجتازها ذات يوم «لورانس العرب».
ويطمح القائمون على مشروعي «البحر الأحمر» و«العلا» إلى اجتذاب السائحين الأثرياء المهتمين بالحفاظ على البيئة، الذين لديهم استعداد لدفع مبلغ إضافي مقابل معايشة تجربة في موقع جديد وغير ملوث نسبياً. ويرى بعض الخبراء بمجال السياحة أن هذا التوجه ربما يؤتي ثماراً إيجابية.
من ناحيته، قال فيليب وولر، مدير شؤون الشرق الأوسط بشركة «إس تي آر» المعني بالأبحاث المرتبطة بالسياحة والسفر: «أعداد الأماكن التي يمكن ارتيادها على هذا الكوكب بدأت تنفد».
من جهتها، تعمل «أمان ريزورتس»، مجموعة الفنادق التي تتخذ سويسرا مقراً لها، والتي تقدم خدماتها للأثرياء والمشاهير، على تشييد ثلاثة مواقع تابعة لها في العلا، وتنوي افتتاحها عام 2023. وقالت آنا ناش، المتحدث الرسمية باسم الشركة عن ذلك: «ثمة قدر هائل من الثقافة يمكن للمرء استكشافه هنا، وهذا تحديداً ما يسعى وراءه عملاؤنا».
ومع ذلك، أشار وولر إلى أن السعوديين ينطلقون «من البدايات الأولى للغاية»، فرغم أن المملكة تستقبل نحو 15 مليون زائر سنوياً من مختلف أنحاء العالم، فإن الغالبية العظمى منهم حجاج مسلمون، بينما اقتصرت السياحة في الجزء الأكبر منها على رحلات هامشية بعد اجتماعات العمل. وعليه، فإن هناك حاجة لجهود هائلة بمجال تدريب العاملين وبناء الفنادق من أجل تلبية الهدف الحكومي المعلن المتمثل في تحقيق 100 مليون زيارة داخلية ودولية بحلول عام 2030، ما يفوق ضعف الـ41 مليون زيارة التي تحققت عام 2018.
- خدمة «نيويورك تايمز»



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».