تعليق المفاوضات السودانية في جوبا بعد الاختلاف حول «العلمانية»

تعليق المفاوضات السودانية في جوبا بعد الاختلاف حول «العلمانية»
TT

تعليق المفاوضات السودانية في جوبا بعد الاختلاف حول «العلمانية»

تعليق المفاوضات السودانية في جوبا بعد الاختلاف حول «العلمانية»

وافقت وساطة جنوب السودان لمحادثات السلام في السودان، على طلب «الحركة الشعبية - شمال»، بقيادة عبد العزيز الحلو، بتعليق المفاوضات مع الحكومة الانتقالية لمدة أسبوعين، أثناء ذلك تقدمت الجبهة الثورية برؤيتها التفاوضية لمسار شمال البلاد. وقال رئيس لجنة الوساطة، توت قلواك، في تصريحات صحافية من مقر التفاوض بعاصمة جنوب السودان (جوبا)، إن وفد «الشعبية» طلب تعليق المفاوضات بغرض التشاور مع قيادات وقواعد الحركة حول بعض القضايا لإكمال رؤيتها حول العملية التفاوضية.
وأشار قلواك الذي يشغل منصب مستشار رئيس حكومة الجنوب للشؤون الأمنية، إلى أن المفاوضات في كل المسارات تمضي بصورة جيدة تمهد للوصول إلى اتفاق سلام شامل.
وعزت الحركة الشعبية طلبها تعليق المفاوضات إلى رفض وفد الحكومة المفاوض النص صراحة على العلمانية. وأضافت في بيان أن تباعد المواقف حول علمانية الدولة وحق تقرير المصير لمنطقتي جبال النوبة والنيل الأزرق حال دون التوقيع على «اتفاق إعلان المبادئ».
وأكدت «الشعبية» عزمها ورغبتها الأكيدة في استئناف المفاوضات لتحقيق سلام عادل وشامل يخاطب الجذور التاريخية للمشكلة السودانية، وفي مقدمتها بناء دولة علمانية.
وقال رئيس الحركة، عبد العزيز الحلو، خلال مخاطبته طلاب جامعة الخرطوم، عبر «سكايب»، أمس: «إذا رفضت الحكومة مبدأ العلمانية»، فإن حركته ستطالب بـ«حق تقرير المصير لكل الشعوب السودانية».
ودعا الحلو إلى فتح النقاش حول «الوثيقة الدستورية»، مشيراً إلى أن الوثيقة جيدة، ولكن هنالك نواقص نريد أن نكملها من خلال المفاوضات الجارية بمنبر جوبا.
وأضاف: «الوثيقة سكتت عن الشريعة الإسلامية والعلمانية، ونصَّت على مادة تتحدث عن سريان كل القوانين الإسلامية السابقة التي وضعها النظام الإسلامي المعزول».
وأعلن الحلو رفض الحركة للمؤتمر الدستوري الذي تنادي به القوى السياسية، وقال: «نبحث عن بدائل وآليات أخرى لصياغة الدستور الدائم للبلاد».
وأكد استمرار الحركة في المفاوضات بمنبر جوبا في ترتيب أجندة التفاوض في القضايا السياسية والإنسانية والأمنية.
وفي السياق، تسلَّمت الوساطة رؤية «الجبهة الثورية» لقضايا التفاوض حول مسار شمال السودان. ومن جانبه، أشار رئيس الجبهة الثورية، الهادي إدريس، إلى أنه بتقديم مسار الشمال رؤيتهم للوساطة، تكون كل مسارات الجبهة الثورية قد دخلت في التفاوض مع الحكومة الذي يسير بخطى ثابتة. ووقَّعت الحكومة والجبهة الثورية، الثلاثاء الماضي، على اتفاق سلام نهائي حول مسار وسط السودان.
وكانت الحكومة الانتقالية، تسلمت ورقة الاتفاق الإطاري للتفاوض حول مسار شرق السودان، وتعليق التفاوض فيه لثلاثة أسابيع لإتاحة الفرصة لمكونات الإقليم للتشاور في مؤتمر خاص يُعقد خلال أيام.
في غضون ذلك، أكد قيادي بـ«قوى إعلان الحرية والتغيير»، اتفاق المجلس المركزي لقوى «التغيير» على مرشحي 14 ولاية، فيما تبقت 4 ولايات، وهي (الجزيرة وشرق دارفور) وكسلا وبورتسودان.
وقال القيادي الذي فضّل حَجْب اسمه لـ«الشرق الأوسط»: «تم اختيار مرشحي (التجمع الاتحادي)، أيمن خالد والياً لولاية الخرطوم العاصمة، وعز الدين جعفر للولاية الشمالية». وأضاف: «تم إرجاء اختيار مرشحي ولايتي كسلا وبورتسودان الواقعتين شرق البلاد، للتشاور مع مكونات الإقليم المختلفة».
وفي منحى آخر، أشار القيادي إلى أن «قوى إعلان الحرية والتغيير» ستشرع، في القريب العاجل، بتشكيل المجلس التشريعي.
ومن جهة ثانية، أكد القيادي بـ«قوى إعلان الحرية والتغيير»، بابكر فيصل، أن المكون العسكري في مجلس السيادة الانتقالي، ملتزم بما تم الاتفاق عليه في «الوثيقة الدستورية» مع قوى الثورة.
وقال في منتدى سياسي، أمس، إن الحكومة لن تنجح إلا بتحقيق السلام، مشيراً إلى تغيير كبير سيطال هياكل السلطة الانتقالية مجلسي السيادة والوزراء، بعد توقيع اتفاق السلام النهائي مع الحركات المسلحة. وأقر فيصل بوجود بطء في عمل لجنة التحقيق المستقلة بشأن فض اعتصام القيادة، مؤكداً أن قوة «التغيير» لن تتنازل عن «القصاص لكل الشهداء الذين سقطوا خلال الأحداث».



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.