«الدرة»... كنز غازي تعطل 6 عقود

الاتفاق السعودي ـ الكويتي يمهد لاستغلال الحقل تجارياً

الاتفاق السعودي الكويتي حول المنطقة المشتركة يفتح آفاق تنفيذ مشروعات جديدة في مجال الغاز للبلدين (الشرق الأوسط)
الاتفاق السعودي الكويتي حول المنطقة المشتركة يفتح آفاق تنفيذ مشروعات جديدة في مجال الغاز للبلدين (الشرق الأوسط)
TT

«الدرة»... كنز غازي تعطل 6 عقود

الاتفاق السعودي الكويتي حول المنطقة المشتركة يفتح آفاق تنفيذ مشروعات جديدة في مجال الغاز للبلدين (الشرق الأوسط)
الاتفاق السعودي الكويتي حول المنطقة المشتركة يفتح آفاق تنفيذ مشروعات جديدة في مجال الغاز للبلدين (الشرق الأوسط)

أفصح إعلان الاتفاق السعودي الكويتي على المنطقة المشتركة مؤخراً، عن نوايا لبدء تنفيذ مشروعات جديدة مرتبطة بالغاز في المنطقة المشتركة بين السعودية والكويت، والتوجه نحو التوسع في مجال الطاقة، موحياً بالتطلع نحو تخطي الإنتاج النفطي إلى الاستثمار في الطاقة، وتحديداً الغاز.
وكشف وزير الطاقة السعودي الأمير عبد العزيز بن سلمان عن إقامة مشروع جديد للغاز في حقل الدرة البحري، وأن العمل على تنفيذه سيبدأ قريباً. وأكد في حقل الخفجي، بعد يوم من توقيع اتفاق مع الكويت، أنهى نزاعاً حول المنطقة المحايدة، المعروفة أيضاً بالمقسومة، والذي يتشاركه البلدان، أن الدرة حقل غاز في المنطقة المشتركة لم يُستفد منه حتى الآن، لافتاً إلى أهمية السرعة في إنجازه، إضافة إلى حاجة الطرفين للطاقة المنتجة من الغاز في الحقل.
وأكد وزير الطاقة السعودي أنه خلال الفترة القريبة المقبلة سيبدأ العمل على تنفيذ مشروعات في الدرة، مضيفاً أن هذه المنطقة واعدة، وبها كميات غاز كبيرة، وستكون ممكنة في توفير كميات كبيرة على أسس تجارية للبلدين.
ولحقل الدرة أهمية كبيرة على الصعيدين الاقتصادي والسياسي؛ حيث تكمن أهميته باعتباره مخزناً منتظراً لإنتاج الغاز، بينما موقعه الذي يقع في منطقة حدودية عطل إنتاجه منذ تاريخ استكشافه في العام 1960.
وأشار الأمير عبد العزيز بن سلمان إلى أن الخفجي ستعود لوضعها الطبيعي من حيث الإنتاج بنهاية العام 2020، وأن حقل غاز الدرة لم تتم الاستفادة منه، وهي «دُرة على مسماها». كما يصفها. وقال: «علينا أن نعجل باستخدامه، خاصة أن توفير الغاز من الدرة يعزز من اقتصاد البلدين».
وأضاف أن تطوير منطقة الخفجي لتكون مدينة صناعية بات ممكناً، ما يحقق تنمية وفرص عمل للمواطنين والمواطنات وغيرهم من دول العالم، ومن الممكن أن تتحول الخفجي إلى منطقة صناعية، وتعزز هذا التوجه.
من جهة أخرى، أشار الدكتور محمد الصبان المستشار الاقتصادي والنفطي الدولي إلى أن «الدرة» حقل غاز مشترك في المنطقة المغمورة بين السعودية والكويت، وكانت إيران تنازع للحصول على جزء منه، وذلك لموقعه الحدودي، مشيراً إلى أنه كان من المفترض أن يعمل منذ فترة طويلة، لكن ما تسبب في تأخره هو موقعه الحدودي الذي جعله محل خلاف. وأضاف الصبان في حديث لـ«الشرق الأوسط» أن هذا الحقل يمتلك مناصفة بين السعودية والكويت، مثل الحقول الأخرى في المنطقة المشتركة بين السعودية والكويت، مؤكداً أن هناك «جهوداً إيجابية للاستثمار في حقل الدرة».
وأوضح الصبان أنه في العادة يستغرق الحقل 6 أشهر حتى يبدأ الإنتاج الفعلي، في حين كان هذا الحقل جاهزاً ومكتشفاً منذ ستينات القرن الماضي، بيد أنه لم يتم الاتفاق على كيفية استخراج الغاز والاستفادة منه بين الدولتين، مشيراً إلى أن السعودية والكويت بحاجة لهذا الغاز على المستوى المحلي.
وحول الادعاءات الإيرانية بأن لها نصيباً في هذا الحقل، قال الصبان، إن طول فترة تجميد الحقل أدت إلى ادعاء إيران أن لها نصيباً من هذا الحقل، مضيفاً: «من المعروف أن هذا الحقل يقع في المنطقة المحايدة بين السعودية والكويت».
إلى ذلك، كانت السعودية والكويت عبرتا عن احتجاجهما واستيائهما من الاعتداءات والتجاوزات المتكررة من قبل الزوارق العسكرية التابعة لإيران في مياه المنطقة المغمورة المحاذية للمنطقة المغمورة المقسومة، وذلك في العام 2016، عبر رسالة مشتركة مقدمة إلى الأمين العام للأمم المتحدة.
وكانت مصادر كويتية تحدثت في وقت سابق عن خطة لعقد مفاوضات ثلاثية بين الكويت والسعودية كطرف، وإيران كطرف ثانٍ بشأن استئناف إنتاج النفط في المنطقة الحدودية المشتركة بين السعودية والكويت نظراً لمرور الجزء البحري من هذه المنطقة عبر المناطق والمياه المشتركة بين الدول الثلاث.
ويمتلك حقل الدرة مخزوناً من النفط والغاز، وهو يقع في المنطقة البحرية المتداخلة التي لم يتم ترسيمها بين الكويت وإيران، وتقع أغلب مساحة الحقل في المياه الكويتية والسعودية. ويحتوي الحقل الذي اكتشف عام 1960 على مخزون كبير من الغاز، يقدره خبراء بنحو 11 تريليون قدم مكعبة من الغاز الطبيعي، إضافة إلى أكثر من 300 ملايين برميل نفطي.
وكانت الحكومة الإيرانية بدأت التنقيب عن النفط والغاز في حقل الدرة، الذي تسميه «أراش»، عام 2000، ما سرّع اتجاه الكويت والسعودية لترسيم الحدود البحرية بين البلدين والتخطيط لتطوير الحقول النفطية المشتركة.
ويعود الخلاف على حقل «الدرة» إلى ستينات القرن الماضي، وقت اكتشافه؛ حيث كان محل تنازع بين إيران والكويت، بشأن استغلال ثرواته من النفط والغاز، ومنحت إيران امتياز التنقيب والاستغلال للشركة الإيرانية - البريطانية للنفط، في حين منحت الكويت الامتياز لشركة «رويال داتش شل»، وقد تداخل الامتيازان في الجزء الشمالي من حقل الدرة. وفي عام 2012 قامت شركة الخفجي بإرساء حق التطوير والإنتاج على شركة «شل» النفطية.
ولم تكن الحدود التي رسمها السياسي البريطاني بيرسي كوكس في العام 1922، عبر معاهدة العقير، التي اعتمدتها الدول الثلاث، واضحة في الكنوز التي تمتلئ في باطنها، وهذا ما حدث في المنطقة المقسومة بين السعودية والكويت، والتي تحظى بحقلي نفط، بإمكانهما إنتاج 500 ألف برميل يومياً، إضافة إلى حقل الدرة الذي ينتظر أن ينتج منه الغاز خلال الفترة المقبلة.
وجددت السعودية والكويت تأكيدهما على عمق علاقتهما في مجال الطاقة، باتفاقية جديدة تعيد العمل على الإنتاج في حقلي الخفجي والوفرة، مع ملامح لمشروعات قد ترى النور قريباً فيما يتعلق بإنتاج الغاز في هذه المنطقة المشتركة.


مقالات ذات صلة

«السيادي» السعودي يُكمل الاستحواذ على 15 % من مطار هيثرو

الاقتصاد صندوق الاستثمارات العامة السعودي يهدف لدعم تحقيق النمو المستدام في مطار هيثرو (أ.ب)

«السيادي» السعودي يُكمل الاستحواذ على 15 % من مطار هيثرو

أكمل صندوق الاستثمارات العامة السعودي الاستحواذ على حصة تُقارب 15 % في «إف جي بي توبكو»، الشركة القابضة لمطار هيثرو من «فيروفيال إس إي»، ومساهمين آخرين.

«الشرق الأوسط» (الرياض) «الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد إريك ترمب يتحدث خلال مقابلة مع «رويترز» في أبو ظبي (رويترز)

إريك ترمب: نخطط لبناء برج في الرياض بالشراكة مع «دار غلوبال»

قال إريك ترمب، نجل الرئيس الأميركي المنتخب، لـ«رويترز»، الخميس، إن منظمة «ترمب» تخطط لبناء برج في العاصمة السعودية الرياض.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد جانب من فعاليات النسخة السابقة من المؤتمر في الرياض (واس)

السعودية تشهد انطلاق مؤتمر سلاسل الإمداد الأحد

تشهد السعودية انطلاق النسخة السادسة من مؤتمر سلاسل الإمداد، يوم الأحد المقبل، برعاية وزير النقل والخدمات اللوجيستية.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد صورة تجمع المسؤولين السعوديين واليابانيين خلال إطلاق صندوق مؤشرات متداولة وإدراجه في بورصة طوكيو (الشرق الأوسط)

«الاستثمارات العامة السعودي» يستثمر بأكبر صندوق في بورصة طوكيو

أعلنت مجموعة «ميزوهو» المالية، الخميس، إطلاق صندوق مؤشرات متداولة، وإدراجه في بورصة طوكيو.

«الشرق الأوسط» (طوكيو)
الاقتصاد وسط تحديات مناخية… كيف أصبحت السعودية أكبر منتج للمياه المحلاة عالمياً؟ 

وسط تحديات مناخية… كيف أصبحت السعودية أكبر منتج للمياه المحلاة عالمياً؟ 

قبل أكثر من مائة عام، بدأت رحلة السعودية ذات المناخ الصحراوي والجاف مع تحلية المياه بآلة «الكنداسة» على شواطئ جدة (غرب المملكة).

عبير حمدي (الرياض)

الاقتصاد الألماني يخشى «ضربة محتملة» من ترمب

ترام يسير في أحد شوارع مدينة هامبورغ الألمانية (د.ب.أ)
ترام يسير في أحد شوارع مدينة هامبورغ الألمانية (د.ب.أ)
TT

الاقتصاد الألماني يخشى «ضربة محتملة» من ترمب

ترام يسير في أحد شوارع مدينة هامبورغ الألمانية (د.ب.أ)
ترام يسير في أحد شوارع مدينة هامبورغ الألمانية (د.ب.أ)

قال رئيس البنك المركزي الألماني يواكيم ناغل، يوم الجمعة، إن اقتصاد ألمانيا سينكمش للعام الثاني على التوالي هذا العام، وسيكون تعافيه باهتاً، وربما يتفاقم بسبب حرب تجارية مع الولايات المتحدة.

وتعاني ألمانيا، أكبر اقتصاد في منطقة اليورو، منذ سنوات، منذ أن فقد قطاعها الصناعي القوي القدرة على الوصول إلى الطاقة الروسية الرخيصة، وأيضاً مع تضاؤل ​​شهية الصين للصادرات الألمانية.

ومن المتوقع الآن أن يشهد الاقتصاد الألماني ركوداً خلال أشهر الشتاء ثم يتعافى بأبطأ وتيرة ممكنة؛ حيث سيكون الارتفاع المتوقع في الاستهلاك الخاص أقل ما كان مرتقباً، وقد يضعف سوق العمل أكثر وتتعافى استثمارات الأعمال ببطء.

وقال ناغل: «الاقتصاد الألماني لا يكافح فقط الرياح الاقتصادية المعاكسة المستمرة، ولكن أيضاً المشاكل البنيوية. كما تستجيب سوق العمل الآن بشكل ملحوظ للضعف المطول للنشاط الاقتصادي».

ويتوقع البنك المركزي الألماني الآن انكماش الاقتصاد الألماني بنسبة 0.2 في المائة هذا العام، بعد أن توقع في يونيو (حزيران) توسعاً بنسبة 0.3 في المائة، بينما تم خفض توقعات النمو لعام 2025 إلى 0.2 في المائة من 1.1 في المائة سابقاً.

ولكن حتى هذه الأرقام قد تكون مفرطة في التفاؤل، كما حذر البنك، نظراً للتهديدات الناجمة عن الحمائية المتزايدة والصراعات الجيوسياسية وتأثير التغيير الهيكلي على الاقتصاد الألماني.

وأضاف البنك المركزي الألماني أن محاكاة الرسوم الجمركية المتزايدة المتوقعة من إدارة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، تظهر أن الولايات المتحدة ستعاني من أكبر ضربة للنمو، ولكن ألمانيا ستخسر أيضاً ما بين 1.3 و1.4 في المائة من الناتج حتى عام 2027، وقد يرتفع التضخم أيضاً بسبب هذه التدابير.

وقال البنك المركزي الألماني إن التضخم سيرتفع بنسبة 0.1 إلى 0.2 في المائة سنوياً حتى عام 2027 بسبب سياسة الحماية التي ينتهجها ترمب، لكن نموذج المعهد الوطني للاقتصاد القياسي العالمي توقع انخفاضاً بنسبة 1.5 في المائة العام المقبل، و0.6 في المائة في عام 2026. وقال البنك المركزي الألماني: «المخاطر التي تهدد النمو الاقتصادي حالياً تميل إلى الجانب السلبي، والمخاطر التي تهدد التضخم تميل إلى الجانب الإيجابي»، مضيفاً أن الانتخابات الفيدرالية الألمانية في الأشهر المقبلة قد تغير التوقعات المالية.

وهذا الضعف المستمر هو أحد الأسباب الرئيسية وراء خفض البنك المركزي الأوروبي لأسعار الفائدة يوم الخميس، والتلميح إلى المزيد من التيسير في المستقبل، مع تراجع مخاوف التضخم إلى حد كبير وتحول التركيز نحو النمو.

لكن البنك المركزي الألماني ليس مستعداً بعد لإعلان الفوز في معركة التضخم؛ حيث قال يوم الجمعة إن تضخم أسعار المواد الغذائية قد يقفز، وإن تضخم الخدمات سيظل مرتفعاً، مما يبقي الزيادات في الأسعار أعلى من متوسط ​​منطقة اليورو.

وفي غضون ذلك، أظهرت البيانات يوم الجمعة تراجع الصادرات الألمانية على نحو ملحوظ في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.

وأعلن مكتب الإحصاء الاتحادي في فيسبادن أن الصادرات انكمشت في أكتوبر بنسبة 2.8 في المائة مقارنة بسبتمبر (أيلول) السابق عليه، إلى 124.6 مليار يورو. كما انخفضت الصادرات بنفس النسبة على أساس سنوي.

وانخفضت الصادرات إلى الولايات المتحدة، أكبر سوق للصادرات الألمانية، بنسبة 14 في المائة على أساس شهري لتصل إلى 12.2 مليار يورو. وفي الوقت نفسه، انخفضت الصادرات الألمانية إلى الصين بنسبة 3.8 في المائة. وفي التجارة مع دول الاتحاد الأوروبي، انخفضت الصادرات الألمانية بنسبة 0.7 في المائة.

وكتب كبير الاقتصاديين في مصرف «في بي»، توماس جيتسل، أن بداية الربع الأخير من عام 2024 لا تبشر بالخير مع الانخفاض الذي سجلته الصادرات في أكتوبر الماضي، وأضاف: «حتى لو كان الانخفاض الكبير في الصادرات إلى الولايات المتحدة يتعلق على الأرجح بالطلبيات الكبيرة، فإن التراجع يعطي لمحة عما يمكن أن يحدث في حالة حدوث نزاعات جمركية كبيرة مع الولايات المتحدة».

وتسببت المنافسة المتزايدة في الأسواق العالمية من الصين، على سبيل المثال، فضلاً عن مشكلات هيكلية في الصناعة الألمانية، مثل ارتفاع تكاليف الطاقة والأعباء البيروقراطية الكثيرة، في إنهاك ألمانيا بوصفها دولة تصديرية لفترة طويلة. وكانت الصادرات قد انخفضت بالفعل في سبتمبر الماضي.

وانخفضت الواردات إلى ألمانيا بنسبة 0.1 في المائة في أكتوبر مقارنة بسبتمبر إلى 111.2 مليار يورو. وبالمقارنة مع الشهر نفسه من العام الماضي، كانت هناك زيادة بنسبة 1.7 في المائة. وكان الميزان التجاري إيجابياً عند 13.4 مليار يورو.