استعادة نصر حامد أبو زيد

مؤتمر عنه بمشاركة 16 باحثا من مصر والأردن والسودان والمغرب والجزائر وتركيا

من جلسات المؤتمر
من جلسات المؤتمر
TT

استعادة نصر حامد أبو زيد

من جلسات المؤتمر
من جلسات المؤتمر

في محاولة لكسر حالة الجمود التي وصل إليها الفكر الإسلامي المعاصر، وفي ظل الحاجة إلى تجديد الخطاب الديني لمواجهة موجات التعصب الديني التي أصبحت تهدد المجتمعات العربية، استعادت القاهرة على مدار يومين، أفكار أبو زيد في أول مؤتمر لمؤسسة نصر حامد أبو زيد بعنوان «التأويلية عند نصر أبو زيد»، بمشاركة 16 باحثا من مصر والأردن والسودان والمغرب والجزائر وتركيا، وقد تركزت الأبحاث حول محورين، الأول: فلسفة التأويل، ونقد الخطاب الديني. والثاني: التأويل وفق منهج أبو زيد. وذلك في محاولة لتسليط الضوء على أهمية قراءة أعماله، وتوظيف أفكاره في بناء تيار إسلامي مستنير بعد هيمنة النظرة الأصولية للدين الإسلامي.
وقد أعلنت دكتورة ابتهال يونس، أستاذ الأدب الفرنسي بجامعة القاهرة ومقررة المؤتمر، عن أن المؤسسة تحرص على دعم شباب الباحثين في مجال الدراسات الإسلامية، ومنح جوائز في الدراسات القرآنية، مع تنظيم مؤتمر سنوي حول الدراسات القرآنية، على أن يجري تنظيم ورش عمل حول الدراسات القرآنية.
وتطرقت دكتورة سلمى مبارك، من جامعة القاهرة لخطاب التحريم والفن عند نصر حامد أبو زيد، وطرحت في ورقتها البحثية تساؤلا جوهريا «لماذا تفرض إشكالية التحريم نفسها عند الحديث عن علاقة الفن والدين؟»، لافتة إلى أن الدين والفن معا احتياج إنساني، وطريق لتحرر الإنسان، وأنهما ممارستان تقعان في سياق ثقافي/ تاريخي يشكلهما ويحدد علاقتهما مع مفهوم المقدس.، مشيرة إلى أن هذه التشابهات لم تمنع الاشتباك بينهما على مر التاريخ. وتوقفت عند مفهوم خطاب التحريم في الفن عند أبو زيد في كتابه «التجديد والتحريم والتأويل» الذي حاول فيه تفكيك مفاصل مفهوم التحريم وتشريحه ومن ثم فض الاشتباك بين ما يراه البعض «الأخوين العدوين».
بينما تحدث الباحث التركي عثمان تاستان، عن الاستقبال الفكري وتأثير نصر أبو زيد في السياق الأكاديمي التركي، ذلك الفكر الذي أثار سجالات كثيرة في تركيا عام 1990 بين النشطاء والباحثين في الفكر الإسلامي، وكيف تزايد الاهتمام بأعماله ومنهجه التأويلي إذ ترجمت أعماله للتركية وجرت قراءته بصورة واسعة عام 2000، من خلال مقالات ومقابلات صحافية مما أدى لذيوع فكره خارج الأوساط الأكاديمية. وقدم الباحث وائل النجمي، مقاربة بين مفهومي «التأويلي» و«المقدس» في بحث بعنوان «آليات (الاشتباك التأويلي) في خطاب المساجلة.. التفكير في زمن التكفير نموذجا». وحاول الباحث تقديم تفسير لـ«الاشتباك التأويلي» عبر تفسيره للدائرة التأويلية التي يتصارع فيها التأويل «الداعم» والتأويل «المضاد»، وهدف البحث للكشف عن التقنيات التأويلية التي جرى استخدامها في كتاب «التفكير في زمن التكفير». ويرى الباحث أنه يجب أن تكون هناك مجموعة كبيرة من الدراسات الثقافية الموسعة لمجمل خطاب أبو زيد والخطاب المضاد الذي جرى توجيهه له.
وفي دراسة متعمقة، قدم محمد أحمد الصغير، بحثه «القراءة الحداثية للنص القرآني بين التأويل والإبداع، في خطابي نصر حامد أبو زيد وطه عبد الرحمن»، مشيرا إلى أن «الممارسة التأويلية للنص تجعلنا ننفلت من دوغمائية القراءات التحريفية والسطحية للنص القرآني، كما تجنبنا إضافة إلى ذلك مأزق الثنائيات التي سيجت الفكر الإسلامي بمغالق أصبح صعبا فتحها. مثل «ثنائية العقل والنقل»، وهذا ما يسميه المفكر المصري بجدلية النص والواقع، من تناول ظاهرة الوحي والنبوة، وعلاقة المكي والمدني بعلوم القرآن، ولواحقها من المقيد والمطلق أو المحكم والمتشابه، والإعجاز. ويشير إلى أن عمل المفكر المغربي الدكتور طه عبد الرحمن يرتكز على تفكيك دعائم القراءات الحداثية التي حاولت تفسير النص القرآني، وفق رؤية تأويلية أو تأريخية أو حتى عقلانية، تنزل فيه النص المقدس منزلة النصوص البشرية. وقدم الباحث الجزائري المتخصص في علم اجتماع الإسلام، عبد القادر حميدة، قراءة سوسيو - تاريخية في كتابات أبو زيد، شارحا عوائق مشروع نصر التأويلي، ومدى تغلغل الخطاب الديني في اللاوعي الجمعي.
ومن السودان، تطرق دكتور مجدي عز الدين حسن، أستاذ الفلسفة بكلية الآداب بجامعة النيلين، إلى المنهج التأويلي الذي اتبعه نصر أبو زيد في دراساته للنص القرآني. ومن خلال رؤية نقدية أوضح إلى أي مدى نجح أبو زيد في استثمار الرأسمال الرمزي لعلوم اللسانيات والسميولوجيا والتحليل النفسي والهرمنيوطيقا وغيرها من الحقول المعرفية، في فهم موضوعه وإلى أي مدى نجح في توظيفها في إنتاج قراءته التجديدية للنص الديني الإسلامي.



«جائزة الشيخ حمد للترجمة والتفاهم الدولي» تتوّج الفائزين بدورتها العاشرة

الشيخ ثاني بن حمد الممثل الشخصي لأمير قطر خلال تكريم الفائزين بالجائزة (الشرق الأوسط)
الشيخ ثاني بن حمد الممثل الشخصي لأمير قطر خلال تكريم الفائزين بالجائزة (الشرق الأوسط)
TT

«جائزة الشيخ حمد للترجمة والتفاهم الدولي» تتوّج الفائزين بدورتها العاشرة

الشيخ ثاني بن حمد الممثل الشخصي لأمير قطر خلال تكريم الفائزين بالجائزة (الشرق الأوسط)
الشيخ ثاني بن حمد الممثل الشخصي لأمير قطر خلال تكريم الفائزين بالجائزة (الشرق الأوسط)

كرّمت «جائزةُ الشيخ حمد للترجمة والتفاهم الدولي»، بدولة قطر، مساء الثلاثاء، الفائزين في فئات الدورة العاشرة، وذلك خلال حفل كبير حضره الشيخ ثاني بن حمد آل ثاني الممثل الشخصي لأمير البلاد، وشخصيات بارزة، وأعضاء البعثات الدبلوماسية، ونخبة من الباحثين والعاملين بمجال الترجمة.

وتهدف الجائزة إلى تكريم المترجمين وتقدير دورهم في تمتين أواصر الصداقة والتعاون بين شعوب العالم، وتقدير دورهم عربياً وعالمياً في مد جسور التواصل بين الأمم، ومكافأة التميز في هذا المجال، وتشجيع الإبداع، وترسيخ القيم السامية، وإشاعة التنوع، والتعددية والانفتاح.

الشيخ ثاني بن حمد لدى حضوره حفل تكريم الفائزين بالجائزة (الشرق الأوسط)

كما تطمح إلى تأصيل ثقافة المعرفة والحوار، ونشر الثقافة العربية والإسلامية، وتنمية التفاهم الدولي، وتشجيع عمليات المثاقفة الناضجة بين اللغة العربية وبقية لغات العالم عبر فعاليات الترجمة والتعريب، ويبلغ مجمل قيمة الجائزة في مختلف فئاتها مليوني دولار أميركي.

وقال الدكتور حسن النعمة، أمين عام الجائزة، إنها «تساهم في تعزيز قيم إنسانية حضارةً وأدباً وعلماً وفناً، اقتداءً بأسلافنا الذي أسهموا في بناء هذه الحضارة وسطروا لنا في أسفار تاريخها أمجاداً ما زلنا نحن اليوم الأبناء نحتفل بل ونتيه مفتخرين بذلك الإسهام الحضاري العربي في التراث الإنساني العالمي».

وأشاد النعمة بالكتاب والعلماء الذين ترجموا وأسهموا في إنجاز هذه الجائزة، وبجهود القائمين عليها «الذين دأبوا على إنجاحها وإخراجها لنا في كل عام لتكون بهجة ومسرة لنا وهدية من هدايا الفكر التي نحن بها حريُّون بأن نرى عالمنا أجمل وأسعد وأبهج وأرقى».

الدكتور حسن النعمة أمين عام الجائزة (الشرق الأوسط)

من جانب آخر، أعربت المترجمة والأكاديمية، ستيفاني دوغول، في كلمة نيابة عن الضيوف وممثلة للمترجمين، عن شكرها لجهود دولة قطر وجائزة الشيخ حمد للترجمة في تكريم المترجمين والمثقفين من كل أنحاء العالم، موجهة التحية لجميع الفائزين، وللغة العربية.

يشار إلى أنه في عام 2024، توصلت الجائزة بمشاركات من 35 دولة حول العالم، تمثل أفراداً ومؤسسات معنية بالترجمة، من بينها 17 دولة عربية. وقد اختيرت اللغة الفرنسية لغة رئيسية ثانية إلى جانب اللغة الإنجليزية، بينما اختيرت الهنغارية والبلوشية والتترية واليوربا في فئة اللغات القليلة الانتشار.

الفائزون بالدورة العاشرة

وفاز بالجائزة هذا العام «فئة الترجمة من اللغة العربية إلى اللغة الفرنسية»، في المركز الثاني رانية سماره عن ترجمة كتاب «نجمة البحر» لإلياس خوري، والثالث إلياس أمْحَرار عن ترجمة كتاب «نكت المحصول في علم الأصول» لأبي بكر ابن العربي، والثالث (مكرر): ستيفاني دوغول عن ترجمة كتاب «سمّ في الهواء» لجبور دويهي.

وعن «فئة الترجمة من اللغة الفرنسية إلى اللغة العربية»، فاز بالمركز الثاني الحُسين بَنُو هاشم عن ترجمة كتاب «الإمبراطورية الخَطابية» لشاييم بيرلمان، والثاني (مكرر) محمد آيت حنا عن ترجمة كتاب «كونت مونت كريستو» لألكسندر دوما، والثالث زياد السيد محمد فروح عن ترجمة كتاب «في نظم القرآن، قراءة في نظم السور الثلاث والثلاثين الأخيرة من القرآن في ضوء منهج التحليل البلاغي» لميشيل كويبرس، والثالث (مكرر): لينا بدر عن ترجمة كتاب «صحراء» لجان ماري غوستاف لوكليزيو.

من ندوة «الترجمة من اللغة العربية وإليها... واقع وآفاق» (الشرق الأوسط)

أما (الجائزة التشجيعية)، فحصل عليها: عبد الواحد العلمي عن ترجمة كتاب «نبي الإسلام» لمحمد حميد الله. بينما فاز في «فئة الترجمة من اللغة العربية إلى اللغة الإنجليزية»، حصلت على المركز الثالث: طاهرة قطب الدين عن ترجمة كتاب «نهج البلاغة» للشريف الرضي. وذهبت الجائزة التشجيعية إلى إميلي درومستا (EMILY DRUMSTA) عن ترجمة المجموعة الشعرية «ثورة على الشمس» لنازك الملائكة.

وفي (فئة الترجمة من اللغة الإنجليزية إلى اللغة العربية) حصل على المركز الثاني مصطفى الفقي وحسام صبري عن ترجمة كتاب «دليل أكسفورد للدراسات القرآنية» من تحرير محمد عبد الحليم ومصطفى شاه، والثاني (مكرر): علاء مصري النهر عن ترجمة كتاب «صلاح الدين وسقوط مملكة بيت المقدس» لستانلي لين بول.

وفي «فئة الإنجاز»، في قسم اللغة الفرنسية: (مؤسسة البراق)، و(دار الكتاب الجديد المتحدة)، و«في قسم اللغة الإنجليزية»: (مركز نهوض للدراسات والبحوث)، و(تشارلز بترورث (Charles E. Butterworth)، وفي لغة اليورُبا: شرف الدين باديبو راجي، ومشهود محمود جمبا. وفي «اللغة التترية»: جامعة قازان الإسلامية، و«في قسم اللغة البلوشية»: دار الضامران للنشر، و«في اللغة الهنغارية»: جامعة أوتفوش لوراند، وهيئة مسلمي المجر، وعبد الله عبد العاطي عبد السلام محمد النجار، ونافع معلا.

من ندوة «دور الجائزة في الارتقاء بمعايير جودة الترجمة» (الشرق الأوسط)

عقدٌ من الإنجاز

وعقدت الجائزة في الذكرى العاشرة لتأسيسها ندوة ثقافية وفكرية، جمعت نخبة من أهم العاملين في مجال الترجمة والمثاقفة من اللغة العربية وإليها، تتناول الندوة في (الجلسة الأولى): «الترجمة من اللغة العربية وإليها: واقع وآفاق»، بينما تتناول (الجلسة الثانية): «دور الجائزة في الارتقاء بمعايير جودة الترجمة، وكيفية تطوير هذا الدور».

وخلال مشوارها في عشر سنوات، كرّمت الجائزة مئات العاملين في الترجمة من الأفراد والمؤسسات، في نحو 50 بلداً، لتفتح بذلك آفاقاً واسعة لالتقاء الثقافات، عبر التشجيع على الاهتمام بالترجمة والتعريب، ولتصبح الأكبر عالمياً في الترجمة من اللغة العربية وإليها، حيث اهتمت بها أكثر من 40 لغة، كما بلغت القيمة الإجمالية السنوية لمجموع جوائزها مليوني دولار.

ومنذ تأسيسها، كرمت الجائزة 27 مؤسسة ودار نشر من المؤسسات التي لها دور مهم في الترجمة، و157 مترجماً و30 مترجمة، حيث فاز كثيرون من مختلف اللغات الحية عبر العالم. حتى اللغات التي يتحدث بها بضعة ملايين بلغتها الجائزة وكرمت رواد الترجمة فيها من العربية وإليها. أما اللغات الكبرى في العالم فكان لها نصيب وافر من التكريم، مثل الإنجليزية والفرنسية والإسبانية والألانية والصينية والكورية واليابانية والتركية والفارسية والروسية.

وشملت الجائزة كذلك ميادين القواميس والمعاجم والجوائز التشجيعية للمترجمين الشباب وللمؤسسات الناشئة ذات الجهد الترجمي، وغطت مجالات الترجمة شتى التخصصات الإنسانية كاللغوية والتاريخية والدينية والأدبية والاجتماعية والجغرافية.

وتتوزع فئاتها على فئتين: «الكتب المفردة»، و«الإنجاز»، تختص الأولى بالترجمات الفردية، سواء من اللغة العربية أو إليها، وذلك ضمن اللغات الرئيسية المنصوص عليها في هذه الفئة. وتقبل الترشيحات من قبل المترشح نفسه، ويمكن أيضاً ترشيح الترجمات من قبل الأفراد أو المؤسسات.

أما الثانية فتختص بتكريم الجهود الطويلة الأمد المبذولة من قبل الأفراد والمؤسسات في مجال الترجمة من اللغة العربية أو إليها، في عدة لغات مختارة كل عام، وتُمنح الجائزة بناء على عدد من الأعمال المنجزة والمساهمة في إثراء التواصل الثقافي والمعرفي.