لو كان لجدران منتجع «ماربيا كلوب» أن تحكي قصة الأمراء والأثرياء والنجوم الذين قضوا فيه بعض الوقت خلال عمره البالغ 60 عاما، لكانت الرواية تبدأ بفكرة بناء قصر خاص لمؤسس الموقع الأمير ألفونسو هونلوهي في ثلاثينات القرن الماضي وتستعرض شريطا طويلا من الذكريات والحفلات الصاخبة والأسماء اللامعة التي يظهر منها عربيا كل من عمر الشريف وعدنان خاشقي. وفي عام 1954، حول الأمير ألفونسو قصره الخاص إلى فندق راق استقبل فيه كل أمراء أوروبا تقريبا والكثير من نجوم السينما والأثرياء من كل أنحاء العالم.
وربما كان هذا هو السبب في أن هذا الموقع الذي يتوسط مدينتي ماربيا وبورتو بانوس على شاطئ الأندلس ظهرت فيه للمرة الأولى عبارة «المجتمع المخملي» (The Jet Set) الذي كان يجتمع أعضاؤه فيه سنويا خلال عطلات الصيف.
المنتجع يطل على البحر مباشرة ويضم حمامي سباحة و5 مطاعم ومساحات شاسعة من الحدائق، ويتمتع ضيوف الفندق بعضوية مجانية في نادي الغولف المحلي الذي ينقلهم إليه الفندق بسيارات خاصة. وتقدم المطاعم أنواع الأطعمة الإسبانية والعالمية ويتخصص بعضها في الأكلات البحرية الطازجة، ويعمل فيها أشهر الطهاة الأوروبيين.
تنتشر فيلات الفندق على الطراز المكسيكي على مساحات كبيرة من الأراضي لا يزيد فيها طول أي مبني عن طابقين وينقسم المبنى إلى عدد قليل من الفيلات المستقلة بمستوى 5 نجوم. وتطل الغرف على البحر أو الحدائق بتراس خاص. ويضم الفندق 132 غرفة من كل المستويات. وهناك الكثير من الخدمات التي يقدمها الفندق لزواره في موسم 2014 - 2015 منها الساونا والمساج و«ثلاسو سبا». وهناك أيضا ناد للأطفال واستوديو وغرفة موسيقى وغابة مدارية والكثير من البرامج الترفيهية.
وبوجه عام يحتفظ الفندق بروح المسكن الأرستقراطي بدلا من الفندق التجاري. فالحدائق والغابات المحيطة تجري العناية الدقيقة بها يوميا كما تنتشر غرف الفندق أفقيا بدلا من رأسيا، ولكل منها بالكون أو تراس خارجي به مقاعد صيفية. وحتى الخدمة فيه تجري بصورة صامتة وسريعة وعلى غرار الخدمة في القصور الأميرية.
وخلال اليوم تبدو منطقة المسبح وكأنها القلب النابض لسكان الفندق، حيث يلتقي الجميع من أجل الاسترخاء في الشمس أو السباحة أو تناول المشروبات. ويمكن استخدام خدمات الفندق الملاصق، واسمه بونتي رومانو، ويقدم أدوات التريض وملاعب تنس. ويطل ملعب الغولف الخاص بالفندق على جبل طارق ويمكن منه مشاهدة الساحل المغربي على الجانب الآخر من البحر المتوسط.
ولا يبعد الفندق أكثر من 35 دقيقة بالسيارة من مطار مالاغا، وذلك بالطريق السريع الخاص الذي يدفع مستخدمه عدة يوروهات في نهاية المطاف قبل الخروج منه إلى مدينة ماربيا. ويمكن الاستعانة بسيارات الأجرة لزيارة مدينة ماربيا التي تقع غرب الفندق، أو الذهاب إلى الضاحية الأرستقراطية بورتو بانوس إلى الشرق من الفندق.
ولكن «ماربيا كلوب» باهظ التكلفة ويقتصر على كبار الزوار، حيث تبدأ أسعار الغرف من 3 آلاف يورو أسبوعيا وحتى 8 آلاف يورو، وهي أسعار شهر أكتوبر (تشرين الأول) الذي لا يعد من شهور الذروة. وهناك فيلات تطل على البحر وجبل طارق في الأفق بحمامات سباحة خاصة وأطقم خدمة تقتصر عليها. ويقول أحد أطقم الخدمة، إن الإقامة فيها تكلف 30 ألف يورو في الأسبوع الواحد. ثم هناك «فيلا ديل مار» وهي فيلا خاصة اقتناها المنتجع في بدايات القرن الحالي وتتميز بالخصوصية التامة وهي محجوزة لكبار الزوار ولا يعلن عنها ولا عن أسعارها ويقبل عليها سلسلة من الأمراء وكبار رجال السياسة والاقتصاد.
المثير في هذا الفندق أنه حافظ على أرستقراطيته ومستوى خدماته عبر الكثير من التحولات التي جرت في إسبانيا، وخصوصا في جنوبها من إقبال سياحي وعقاري عشوائي إلى أزمة يورو خانقة ضربت السياحة والعقار في آن وما زالت إسبانيا تعاني من توابعها.
في الثمانينات والتسعينات اكتسب جنوب إسبانيا، ومنطقة «كوستا ديل سول» سمعة سيئة لأنها بدأت في جذب طبقات شعبية من السياح بفضل رحلات الطيران الرخيص، وتجنب الكثير من السياح الأوروبيين إسبانيا إلى وجهات سفر جديدة.
كذلك أدت عشوائية البناء العقاري إلى انهيار القيم العقارية في المنطقة إلى أقل من النصف بداية من عام 2008. ولم تصل المنطقة بعد إلى معدل الأسعار الذي كانت عليه في عام 2007. وأدت عدة فضائح لمنشآت أقيمت بتراخيص بناء مزورة وبيعت لأجانب إلى عزوف عن الشراء في المنطقة.
ولكن هذه التحولات السلبية لم تؤثر على سمعة «ماربيا كلوب»، وما زال يجذب النجوم والمشاهير في الوقت الحاضر ولكنهم يفضلون السرية في إقامتهم، ربما لأسباب أمنية، بخلاف نجوم الماضي الذين كانت حفلاتهم وجلساتهم تجري علانية أمام الكاميرات.
وتحمل جدران الفندق العشرات من الصور لبعض المشاهير الذين صالوا وجالوا بين أرجاء الفندق في حقب مختلفة. من بين هؤلاء السيناتور إدوارد كيندي في شبابه والممثلة الفرنسية بريجيت باردو والممثل ألن ديلون والمغني الإسباني خوليو أغلاسيوس. ومن الممثلين يظهر جيمس ستيوارت وجينا لولوبريجيدا وشون كونري وتوني كيرتس، بالإضافة إلى الكوميدي بوب هوب وبطل السباقات جيمس هنت ومغني الأوبرا الإيطالي بلاسيدو دومينغو.
ولعل أشهر الأمراء الأوروبيين المعروفين عربيا كان الأمير رينيه أمير موناكو وزوجته الحسناء الأميرة غريس. وزار الفندق أيضا الأغاخان والكونت رودي وزوجته الأميرة ماري لويز من بروسيا. كما استقبل الأمير ألفونسو ملك إسبانيا السابق خوان كارلوس في الفندق. ومن الشخصيات الشهيرة التي ترددت كثيرا على الفندق كان الأمير دون جيمي دومورا أوف أراغون، وهو أخو ملكة بلجيكا. ويقال إنه توفي فجأة بعد حفل صاخب أقامه له عدنان خاشقي في ماربيا.
وفي منتصف التسعينات اشترت مجموعة استثمارية منتجع «ماربيا كلوب» والفندق المجاور له بوينتا رومانو، في وقت كان فيه النجوم والأثرياء قد انتقلوا إلى مواقع أخرى من موناكو إلى سان تروبيه. وعمل المستثمرون الجدد على استعادة رونق المنطقة وتغيير كل الديكورات الداخلية ودعوة بعض الأرستقراطيين للعودة إلى ماربيا. وبلغ حجم الاستثمار في تحديث «ماربيا كلوب» 40 مليون دولار. وفي الوقت نفسه ظهر عمدة ماربيا الجديد جيسس جيل ليقول إنه يعتزم تنظيف المدينة من السمعة الرديئة التي صاحبتها حتى يعود إليها النجوم مرة أخرى.
ويبدو أن هذه الجهود حققت هدفها بعودة النجوم، حيث يجد الضيف في «ماربيا كلوب» نفسه وجها وجه أمام نجوم عالميين أو أرستقراطيين أوروبيين يتجولون على الشاطئ أو يتناولون الطعام في أحد مطاعم المنتجع.
وفي عام 2001 اختارت الأميرة أريانا ابنة الأمير ألفونسو الذي أسس المنتجع قبل 50 عاما أن تقيم حفل زفافها في «ماربيا كلوب»، كما أقام الأمير هوبرتس أحد ولدي الأمير ألفونسو معرضا للتصوير في الفندق في عام 2003.
وتقول أوساط تقييم المطاعم، إن مطعم «ذا غريل» في «ماربيا كلوب» يمثل أكثر الأكلات شهية وأفضل الجلسات الرومانسية على أضواء الشموع في كل ساحل جنوب أوروبا على البحر المتوسط. وكذلك يتميز البوفيه الذي يقدمه مطعم الشاطئ المسمى «بيتش كلوب» ويتضمن أكلات خفيفة مكونة من السلطات والأسماك الطازجة المشوية على الفحم.
من ضمن التجديدات غير المعهودة مركز «ثلاسو سبا» وثلاسو هي كلمة إغريقية تعني البحر، ويوفر هذا المركز بعض الأنشطة العلاجية والرياضية المعتمدة على مياه البحر وتشمل المساج والساونا والأسرة المغمورة في المياه. وتهدف هذه الأنشطة إلى تنشيط الجسم واستعادة حيويته. وهو مركز يتميز بموقعه الفريد على البحر مباشرة ويشتهر بين كافة مراكز العلاج الطبيعي في أوروبا. وتبدأ أسعار المركز من نحو 400 يورو للجلسة الواحدة وحتى 1400 لبرنامج أسبوعي.
ويضم المنتجع أيضا الكثير من البوتيكات التي تحمل علامات فاخرة لا يراها المتسوق إلا في بوند ستريت في لندن أو روديو درايف في لوس أنجليس. وفي ركن هادئ من المنتجع يوجد تمثال صغير لمؤسس المنتجع الأمير ألفونسو نصب في ذكرى مرور نصف قرن على تأسيس «ماربيا كلوب».
وفي الوقت الحالي تجري عمليات بناء 150 منزلا جديدا حول ملعب الغولف الملحق بالفندق، وهي تطل على المروج الخضراء والبحر وتمثل قمة الفخامة في العقار الإسباني في المنطقة. وهي تبنى على الطراز الأندلسي التقليدي.
وتاريخيا، كانت البقعة الجغرافية التي تمثل ماربيا الآن هي الموقع المفضل للعرب بعد غزو الأندلس لموقعها البحري الذي كان يمكن منه مشاهدة الساحل الأفريقي في الأيام صافية المناخ. زارها ابن بطوطة ووصفها بالبلد الخصب الجميل.
وفي 11 يونيو (حزيران) عام 1485 جرى تسليم ماربيا لملك إسبانيا، كآخر معاقل دولة العرب في الأندلس، وجرى التسليم من دون قتال واكتسبت المدينة لقب «محمية ملكية» وكانت عاصمة الإقليم لفترة طويلة وجرى بناء قلعة تاريخية فيها ما زالت آثارها باقية حتى الآن.
«ماربيا كلوب».. 50 عاما من التألق والأرستقراطية
منتجع يحكي قصص الأمراء والأثرياء
جاكوزي داخل إحدى الفيلات
«ماربيا كلوب».. 50 عاما من التألق والأرستقراطية
جاكوزي داخل إحدى الفيلات
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة












