باحثون ينتجون طماطم صالحة للنمو في الفضاء

تحسباً لتلف الأطعمة الطازجة مثل الفواكه والخضراوات، يحرص رواد الفضاء على تناولها في الأيام الأولى من رحلتهم الفضائية، وتُؤجّل الأطعمة الأخرى التي تحتاج إلى الماء من أجل تجهيزها للأيام التالية من الرحلة الفضائية، مثل دقيق الشوفان، وحساء الجبن، والأرز والمعكرونة ولحوم الدجاج وسمك التونة.
ولكن على ما يبدو أن رواد الفضاء لن يكونوا مضطرين لذلك في المستقبل، على الأقل بالنسبة إلى «الطماطم»، إذ حملت دراسة أُجريت في معمل «كولد سبرينغ هاربر» بأميركا، ونُشرت أول من أمس، في دورية «نيتشر بيوتكنولوجي» مفاجأة سارة تتعلق بإنتاج طماطم تصلح للزراعة فضائياً. وقال الفريق البحثي الذي عمل على إنتاجها في تقرير نشره الموقع الإلكتروني للمعمل، بالتزامن مع نشر الدراسة، إن علماء وكالة الفضاء الأميركية «ناسا» أبدوا اهتماماً بهذا المنتج الجديد.
وتختلف الطماطم الفضائية عن نظيرتها التقليدية في أن ثمارها مدمجة بشكل يشبه باقة الزهور، مع استبدال الطماطم بالزهور، وتنضج بسرعة، حيث تنتج محصولاً جاهزاً للحصاد في أقل من 40 يوماً.
وتم إنتاج الطماطم الجديدة عن طريق ضبط اثنين من الجينات التي تتحكم في النمو التناسلي وحجم النبات، وهما جينا (SELF PRUNING (SP وSP5G، مما تسبب في توقف النبات عن النمو في وقت مبكر.
ويقول الباحث الرئيسي في الدراسة د.زاك ليبمان في التقرير الذي نشره الموقع الإلكتروني للمعمل: «عندما تلعب بالنضج النباتي، فإنك تلعب بالنظام بأكمله، ويشمل هذا النظام السكريات وأماكن تصنيعها، والأوراق وكيفية توزيعها، لذلك فإنه من الضروري البحث عن جين ثالث يسمح لنا بتحقيق ذلك دون الإضرار بالنظام». ويضيف: «تم اكتشاف الجين SIER، الذي يتحكم في طول السيقان، وقاموا بتحويره باستخدام أداة تحرير الجينات (كريسبر) وأدى الجمع بينه وبين الطفرات في الجينين المزهرين الآخرين إلى خلق سيقان أقصر ونباتات مضغوطة للغاية».
ويعترف د.ليبمان بأن الهدف الأساسي لهذا العمل هو إنتاج الطماطم بطرق جديدة، دون الاضطرار إلى تجهيز الأرض أو إضافة الأسمدة، وذلك بهدف المساعدة في إطعام الناس مع تحقيق بصمة كربونية منخفضة في الوقت ذاته، ولكن وجدوا أن طريقة الإنتاج التي تحقق هذا الهدف ملائمة أيضاً لكي تقدم محصولاً طازجاً لرواد الفضاء.
في السياق ذاته، كانت شركة أدوية روسية قد طوّرت تقنية تسمح بإنتاج لحوم طازجة، بدلاً من اللحوم المجففة التي كان يحملها رواد الفضاء في رحلاتهم.
وتقوم تلك التقنية التي طوّرتها شركة «Invitro»، على إنتاج اللحوم باستخدام طابعة ثلاثية الأبعاد، حيث تُصطحب الأنسجة البقرية إلى محطة الفضاء الدولية، ثم تتم تنميتها في ظروف صناعية تحاكي جسم البقر في طابعة ثلاثية الأبعاد لتنمو وتصبح نسيجاً عضلياً، يكون شريحة صغيرة من اللحم، تتم طباعتها لتصبح جاهزة للأكل.
ونُفّذت تجربة لإنتاج اللحوم بهذه الطريقة تحت إشراف مؤسسة الفضاء الحكومية الروسية، التي قال مديرها التنفيذي نيكولاي بورديني في 9 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، لوكالة الصحافة الفرنسية، إن جميع الخلايا أظهرت نتيجة جيدة في الفضاء.
وتأتي كل هذه المحاولات لأن رواد الفضاء مثلهم مثل سكان الأرض يحتاجون إلى نفس كمية السعرات الحرارية مع اختلافات بسيطة تتمثل في مزيد من الأطعمة المحتوية على فيتامين «د»، وذلك لتعويض افتقار رواد الفضاء للشمس، وقليل من الصوديوم «ملح الطعام» والأطعمة المحتوية على عنصر الحديد، وذلك وفق تقرير نشره موقع «space.com» في يوليو (تموز) الماضي.
وتكون عدد كرات الدم الحمراء بالنسبة إلى رواد الفضاء أقل من الطبيعي، ولذلك يجب الامتناع عن تناول الأطعمة الغنية بالحديد، لأن معظم كمية الحديد التي يتناولها الإنسان تذهب إلى كرات الدم الحمراء، ولأن عددها قليل عندهم يسبب ذلك مشكلات صحية، ويؤثر تناول الصوديوم «ملح الطعام»، على الكتلة العظمية لهم.