معضلة «الكتلة الأكبر» في العراق تراوح في مكانها

كتلة «البناء» تتداول أسماء بديلة للسهيل لترؤس الحكومة

TT

معضلة «الكتلة الأكبر» في العراق تراوح في مكانها

تبادلت رئاستا الجمهورية والبرلمان النفي بشأن وصول كتاب «الكتلة الأكبر» إلى رئيس الجمهورية برهم صالح. فبعد رفض صالح تكليف وزير التعليم العالي قصي السهيل، مرشح «كتلة البناء» التي طرحت نفسها بوصفها «الكتلة الأكبر»، أعاد صالح الملف إلى البرلمان إثر رفض كتلة «سائرون» زعم «البناء» أنها «الأكبر».
وفي حين تم تداول أنباء أمس بشأن إرسال كتاب من رئيس البرلمان محمد الحلبوسي إلى رئيس الجمهورية بشأن «الكتلة الأكبر»، فقد نفى المكتبان الإعلاميان لرئيسي البرلمان والجمهورية إرسال أي كتاب بهذا الشأن، مما يعني أن الأزمة تراوح في مكانها.
وطبقاً للمعلومات التي حصلت عليها «الشرق الأوسط» من مصدر سياسي مطلع، فإن «الزعامات السياسية في البلاد تواصل عقد الاجتماعات في محاولة منها للخروج من مأزق (الكتلة الأكبر)». وحسب المصدر، فإن «هناك مواقف حصلت في غضون اليوميين الماضيين، وهما تغيير موقف (تحالف القوى العراقية) الرافض لاختيار قصي السهيل مرشحاً لرئاسة الوزراء، فضلا عن التصعيد الجماهيري الذي أحرج كثيراً (كتلة البناء) التي بدأت تتدارس أسماء بديلة للسهيل لكن دون أن تعلن تخلياً تاماً ومعلناً عنه».
من جهته، أكد النائب الأول لرئيس مجلس النواب حسن الكعبي أن كتاب تشكيل حكومة عادل عبد المهدي المستقيلة حسم موضوع «الكتلة الأكبر». وقال الكعبي في بيان أمس إنه «لا أثر قانونياً لأي كتاب موجه إلى رئيس الجمهورية برهم صالح سوى الكتاب الذي تشكلت به حكومة عادل عبد المهدي المستقيلة والذي حسمت بموجبه (الكتلة الأكبر)».
إلى ذلك، أكد الرئيس العراقي في بيان بمناسبة أعياد الميلاد أنه يعمل «بكل ما نستطيع من أجل تجاوز الوضع الراهن نحو المزيد من الإصلاح وترسيخ أمن واستقرار البلد والنهوض به وبتقدمه بما يلبي طموحات شعبنا بمختلف أديانه وطوائفه وقومياته، ويعزز وحدتنا وتآزرنا».
في السياق نفسه، شدد رئيس الوزراء الأسبق وزعيم ائتلاف «دولة القانون» نوري المالكي على ضرورة الإسراع في تسمية مرشح رئاسة الحكومة المقبلة. وقال المالكي في بيان له عقب استقباله سفير كوريا الجنوبية لدى العراق جانغ كيونغ ووك إنه «جرى خلال اللقاء بحث واستعراض العلاقات الثنائية بين العراق وكوريا الجنوبية وسبل تعزيزها بما يخدم مصالح شعبي البلدين الصديقين في مختلف المجالات». وأكد المالكي أن «لدى العراق رغبة في تطوير وتنمية العلاقات مع جميع دول العالم ومنها كوريا الجنوبية، بما يسهم في تنمية الاقتصاد العراقي»، مشدداً على ضرورة «الإسراع في تسمية مرشح لرئاسة الحكومة يمتلك القدرة على إدارة البلاد خلال المرحلة المقبلة».
وفي سياق التأييد لأهمية اختيار رئيس وزراء بمواصفات ترضي الشارع، دعا زعيم «تيار الحكمة»، عمار الحكيم، إلى الإسراع في اختيار مثل هذه الشخصية. وقال الحكيم في بيان إن «من الضروري تشريع قانون انتخابات يعتمد الترشيح الفردي والدوائر الفردية كونه يمثل مطلب الشعب العراقي». كما شدد على «أهمية ترشيح شخصية مستقلة غير جدلية لمنصب رئيس مجلس الوزراء وتحظى بقبول الشعب وتتمتع بالكفاءة والخبرة في إدارة البلاد في هذه المرحلة الحساسة، وتتحمل مسؤولية التحضير لانتخابات مبكرة».
وفي هذا السياق، يقول النائب السابق في البرلمان العراقي حيدر الملا لـ«الشرق الأوسط» إنه «بصرف النظر عن كل محاولات إحياء (الكتلة الأكبر) من قبل (جماعة البناء)، فإن الحراك الشعبي وكذلك الموقف المتميز لرئيس الجمهورية الدكتور برهم صالح أسقط الادعاء بـ(الكتلة الأكبر)». وأضاف أن «الحل الوحيد الممكن والذي من المتوقع الخروج به هو الحل التوافقي عن طريق اختيار شخصية مناسبة لهذا المنصب».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».