لعب النجم الإنجليزي السابق مارتن بيترز، الذي وافته المنية قبل 3 أيام عن عمر يناهز 76 عاماً، في عصر كان جميع اللاعبين فيه يتميزون بالرشاقة والأناقة، فكان يركض كالطير فوق عشب الملعب الموحل وهو يرتدي حذاء ثقيلاً، والكرة لا تبتعد مطلقاً عن قدميه.
لم يكن اللاعب، الذي قاد منتخب إنجلترا للحصول على كأس العالم والذي احتفل بهذا الإنجاز بتناول كوب من الشاي مع زوجته، مهتماً بالشهرة، بل كان عاشقاً لكرة القدم، وقدم مسيرة حافلة مع ناديي وستهام يونايتد وتوتنهام هوتسبر.
وعلى مدار مسيرته الكروية التي امتدت خلال الفترة بين عامي 1959 و1981، قدم بيترز مستويات رائعة للغاية، وكان يُلقب بـ«الشبح» بسبب سرعته الفائقة وانطلاقاته الصاروخية من خط الوسط للهجوم. ووصفه المدير الفني السابق للمنتخب الإنجليزي، السير ألف رامزي، ذات مرة بأنه «اللاعب الذي سبق عصره بعشر سنوات».
وبطريقة أخرى، كان بيترز يعكس قيم وأعراف بريطانيا بعد الحرب العالمية الثانية. وُلد بيترز في بليستو في إيست إند بالعاصمة البريطانية لندن في 8 نوفمبر (تشرين الثاني) عام 1943، ونشأ في عصر كان يسوده الود والاحترام بين الجميع. وبينما كان بيترز يصعد الخطوات الـ39 الشهيرة إلى منصة المربع الملكي في ملعب ويمبلي الشهير خلف صديقه وقائده، بوبي مور، للحصول على كأس العالم بعدما ساعد المنتخب الإنجليزي في الحصول على لقب المونديال عام 1966، مسح بيترز يديه في القميص الذي يرتديه حتى لا يوحل القفازات البيضاء للملكة.
وتم اكتشاف بيترز، الذي كان يلعب حارس مرمى وهو تلميذ بالمدرسة، من قبل الأسطورة والي سانت بيير، وانضم إلى وست هام يونايتد وهو في الخامسة عشرة من عمره في صيف عام 1959. وبعد 7 سنوات، وبالتحديد بعد 8 أسابيع فقط من مشاركته الأولى مع المنتخب الإنجليزي في مباراة ودية ضد يوغوسلافيا، حصل على كأس العالم مع منتخب الأسود الثلاثة. لقد كان هذا إنجازاً هائلاً في عصر لم يكن من السهل فيه اللعب بقميص المنتخب الإنجليزي في المحافل الدولية.
لكن بيترز كان يستحق تماماً مكانه في صفوف المنتخب الإنجليزي. وقبل عام واحد وعلى الملعب نفسه، كان بيترز أحد الأعمدة الأساسية لنادي وست هام يونايتد الذي فاز على نادي «ميونيخ 1860» الألماني ليفوز بكأس الكؤوس الأوروبية، إلى جانب مور وجيوف هورست.
وقال هورست، الذي سجل 3 أهداف في فوز المنتخب الإنجليزي على ألمانيا في نهائي كأس العالم عام 1966 بأربعة أهداف مقابل هدفين، مساء يوم السبت الماضي: «اليوم هو يوم حزين للغاية لكرة القدم بصفة عامة ولي بصفة خاصة. لقد كان مارتن بيترز واحداً من أعظم اللاعبين على مر العصور، وصديقاً حميماً لي، وزميلاً لي لمدة تزيد على 50 عاماً. لقد لعب معي في المباراة النهائية لكأس العالم وسجل فيها، وكان زميلي في نادي وست هام يونايتد لسنوات طويلة إلى جانب بوبي مور. ارقد في سلام يا صديقي».
وسجل بيترز هدفاً في الدقيقة الـ78 من المباراة النهائية لمونديال 1966 أمام ألمانيا، وكان من المفترض أن يتذكره التاريخ إلى الأبد بوصفه مسجل هدف الفوز في تلك المباراة، لكن اللاعب الألماني لولفجانج ويبر أحرز هدف التعادل في اللحظات الأخيرة من الوقت الأصلي للمباراة، التي امتدت إلى الوقت الإضافي، ليحرز هيرست هدفين بعد ذلك وينهي المهمة تماماً لصالح الإنجليز.
وعندما انتقل المنتخب الإنجليزي بقيادة السير ألف رامزي من الاحتفالات الرسمية في فندق «رويال غاردن» في كينسينغتون للاحتفال بشكل آخر في النوادي الليلية في ويست إند، احتفل بيترز بطريقة أخرى مع زوجته، كاث، عن طريق تناول كوب من الشاي في مكان هادئ.
وبعد نهاية كأس العالم عاد بيترز إلى ملعب «أبتون بارك» مع نادي وست هام يونايتد وسجل 100 هدف في 364 مباراة قبل أن ينتقل إلى توتنهام هوتسبر في عام 1970 في صفقة جعلت منه أول لاعب في كرة القدم يحصل على 200 ألف جنيه إسترليني. ورغم الشهرة والثراء، فإنه لم يتغير سلوك بيترز، الذي ساعد توتنهام هوتسبر على الفوز بكأس رابطة الأندية الإنجليزي المحترفة عامي 1971 و1973، وكأس الاتحاد الأوروبي عام 1972.
وشارك بيترز في نهائيات كأس العالم عام 1970 مع المنتخب الإنجليزي بقيادة السير ألف رامزي، وسجل الهدف الثاني في مرمى منتخب ألمانيا الغربية في دور الثمانية لتصبح النتيجة تقدم المنتخب الإنجليزي بهدفين دون رد، لكن تم استبداله قبل نهاية المباراة بـ9 دقائق، بينما كانت النتيجة تشير إلى تقدم إنجلترا بهدفين مقابل هدف وحيد. وتعادل المنتخب الألماني وامتدت المباراة لوقت إضافي، وخسر الإنجليز بنتيجة 3 أهداف مقابل هدفين.
حصل بيترز على شارة قيادة المنتخب الإنجليزي قبل وقت قصير من نهاية مسيرته الدولية التي لعب خلالها 67 مباراة بقميص المنتخب الإنجليزي وسجل خلالها 20 هدفاً، لكنه لم يتمكن من مساعدة إنجلترا في التأهل لنهائيات كأس العالم عام 1974.
وبعد 5 سنوات مع توتنهام هوتسبر، لعب لكل من نوريتش سيتي وشيفيلد يونايتد، بالإضافة إلى نادي غورليستون في دوريات الهواة. وبمساعدة من هورست، عمل بيترز في وقت لاحق في إحدى شركات السيارات، لكنه اضطر في عام 2001 لبيع الميداليات التذكارية التي حصل عليها في كأس العالم عام 1966. وابتعد بيترز عن الإعلام، لكنه كان دائماً يحظى باستقبال حافل في كل مرة كان يذهب فيها إلى ملعب «وايت هارت لين» أو ملعب «أبتون بارك».
أصيب بيترز بمرض ألزهايمر في عام 2016. ويتذكر مايك كوليت، الذي كان رئيس التحرير العالمي لـ«رويترز» في ذلك الوقت، الحفل الذي أقيم للمّ شمل لاعبي المنتخب الإنجليزي في الذكرى الخمسين لفوزهم بكأس العالم، ذلك العام بحزن شديد. ومساء السبت الماضي، تذكر كوليت ما حدث قائلاً: «كان قد سبق لي أن التقيت مارتن وأجريت معه مقابلات شخصية مرات عدة، خصوصاً خلال السنوات التي لعبها في توتنهام هوتسبر. لقد كان دائماً يتحدث بطلاقة كبيرة في وسائل الإعلام. لكن في عام 2016 كان الأمر مفجعاً، حيث كان يعاني من أجل تذكر أي شيء عن كأس العالم، وكان يخطئ في أسماء زملائه في الفريق. وفي النهاية، وكما يحدث دائماً في مثل هذه الحالات، تمكن الصحافيون من تجميع بعض التصريحات له، لكن كان من الواضح أنه كان مريضاً جداً. لقد شعرنا جميعاً بحزن شديد عندما رأيناه على تلك الحالة».
وتوفي بيترز بهدوء أثناء نومه في الساعات الأولى من يوم السبت، وترك خلفه زوجته، كاث، ونجليه ليان وغرانت، وحفيدتيهما هانا وميغ.
الكرة الإنجليزية تفقد مارتن بيترز أحد أفضل لاعبيها على مر العصور
فاز مع منتخب إنجلترا بكأس العالم وكان عاشقاً للعبة ولا يهتم بالشهرة
الكرة الإنجليزية تفقد مارتن بيترز أحد أفضل لاعبيها على مر العصور
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة