أحمد عبد الكريم يختتم ثلاثيته الفنية بـ«مراكب الإشراق»

ألوان دافئة وحوار شيق في اللوحات

لوحات عبد الكريم تنطوي على بساطة مغوية والإشراق فيها كأنّه ترحال في الزمن
لوحات عبد الكريم تنطوي على بساطة مغوية والإشراق فيها كأنّه ترحال في الزمن
TT

أحمد عبد الكريم يختتم ثلاثيته الفنية بـ«مراكب الإشراق»

لوحات عبد الكريم تنطوي على بساطة مغوية والإشراق فيها كأنّه ترحال في الزمن
لوحات عبد الكريم تنطوي على بساطة مغوية والإشراق فيها كأنّه ترحال في الزمن

يواصل الفنان أحمد عبد الكريم، في معرضه «مراكب الإشراق» المقام في «غاليري النيل» بالقاهرة، ولعه بالتناغم البصري مع الطبيعة واللعب على ثيمات من الموروث الشعبي والفن الفرعوني، صانعاً حالة من التجاور الحميمم بينها في لوحات هذا المعرض، الذي يعد بمثابة ضلع مهم في ثلاثية فنية، بدأها بمعرضين سابقين: هما «مراكب ورق» في التسعينات، مجسداً مشاعر وهواجس الغربة عن الوطن، ثم «مراكب القمر»، الذي عكس حالة من الفرح والنور الدّاخلي بالعودة من هذه الغربة.
يعزز هذا التجاور حرص الفنان على التجانس اللوني بين رموزه ومفردات عالمه، وفي ظل جمالية هادئة مشغوفة بالجمال، بكل صوره وعناصره البسيطة والمركبة، وهو ما ينعكس على التنوع في أحجام اللوحات بالمعرض، ما بين المعلقة الجدارية الكبيرة، واللوحات المتوسطة وصغيرة الحجم. لا يأتي هذا التفاوت عشوائياً، وإنّما يفرضه عالم الرؤية في المعرض، حيث ترتبط الصورة بصرياً بفكرة الإشراق، ممتزجة بتجلياتها المعرفية والروحانية والتراثية، إلى حد الاتساع والتحليق في فضاءات لا مترامية أحياناً، ثم الاختزال والتماهي في مساحة صغيرة، وكأنّها ومضات من التقطير البصري والروحي تذوب في انفعال الفنان بها، وتتحول إلى فضاء مفتوح للتأمل، وإعادة النظر والقراءة والفهم. يعزز ذلك اتزان الصورة على مسطحها التجريدي، فهي ليست صورة مشتتة أو غائمة، بل تملك مصدرها وتحيل إليه عبر اللون والخط، والتوريات والمنمنمات، كما أنّها تتسم بالسطوع حتى في حالات الدكنة، وتلمس ما يدور في الداخل من عواطف ومشاعر وأحلام وذكريات.
يضع عبد الكريم بوعي فني الكتلة دائماً في بؤرة الموضوع، سواء في منتصف اللوحة، أو في جوانبها، أو يعلو بها حتى تكاد تلامس خط الأفق، أو ترسو في الأسفل كأنّها في حالة ترقب وانتظار، بينما تتنوع ماهيتها في هيئة حيوانات ومراكب وطيور وأشجار وبشر في حالة عشق، ولا يغيب الهدهد أيقونة الفنان الأثيرة بحكمته الدينية المعروفة.
اللافت هنا أنّ ما يميز الكتلة أنّها ليست كتلة صلدة وصماء منغلقة على نفسها، ومكتفية بها، إنّما تكتسب كينونتها وحيويتها من القدرة على التوالد والبوح والحوار مع عناصر اللوحة، كما أنّها تلم شتات الفراغ من حولها، وتذوبه في داخلها، ليفقد خاصيته الوهمية، ويمتلئ باللوحة، مساهماً في تنويع مساقط الضوء والنور، وملتصقاً بالأشكال في داخل الصورة، حتى يصعب فصله عنها.
يكثف الفنان من رمزية المركب، فأحياناً يأخذ سمت المعبد بهيكله الهرمي، وتجاويفه المسطحة، وأحياناً يتراءى على هيئة تابوت ينتظر العبور من برزخ الجسد إلى برزخ الروح، لكنّه في كل الأحوال يجسد رمزية شيقة، تنطوي على بساطة مغوية، فيبدو الإشراق كأنّه ترحال في الزمن والعالم الآخر. إنّها رحلة عشق، يعلو فيها إيقاع الصعود من الأسفل للأعلى، من ربكة الأرض إلى براح السماء؛ مراكب لا تحمل بشراً، تمخر عباب الماء محملة بلفائف مزينة بتوريقات نباتية وعلامات وإشارات، أشبه بالمطويات البردية، كما تومض في جسدها أسماك صغيرة في حالة من الحبور، وعلى جسد المطويات تشع قلوب حمراء، تشدك إلى مدى أبعد في فضاء الصورة، وكأنها حلم لا ينتهي، معلق على جدران المعابد الفرعونية.
تتضافر الامتزاجات اللونية في اللوحات ما بين خامة الأكريلك والأحبار في تكثيف أجواء الإشراق، وتحرير الشكل من نمطية المنظر الطبيعي، فينساب التكوين في مساحات لونية منبسطة، ويبدو مشدوداً إلى الداخل أكثر، تحت وقع الألوان الحارة الدافئة، بصبغتها الأرجوانية البنية والحمراء، وزرقتها الساجية، والخطوط المتشابكة وسط فضاء ينداح فيه الأصفر الرملي، كأنّه علامة على صحراء تشبه المجهول، أو فضاء لم يكتشف بعد، بينما ينبثق الضوء من البقع اللونية ويشف في لطشات البياض، ورجرجة الألوان العفوية التي يصنعها فن «الإيبرو»، الرسم على الماء الذي يوظفه الفنان في بعض اللوحات لإضفاء روح المنمنمة على نسيج التكوين والصورة، وتحرير الزخرفة من عنصر التوشية والزينة.
سعى أحمد عبد الكريم، في هذا المعرض، وبخبرة عميقة إلى استكناه الجانب المظلم في الوجود، وجذبه إلى فضاء أكثر إشراقاً، مسلحاً بالحلم والأمل في الفن والحياة معاً.



كاتدرائية نوتردام الفرنسية تتعافى من الحريق... وتكشف عن هيئتها الجديدة للعالم

جانب من كاتدرائية نوتردام دو باريس في باريس، بعد ترميمها، 29 نوفمبر 2024 (رويترز)
جانب من كاتدرائية نوتردام دو باريس في باريس، بعد ترميمها، 29 نوفمبر 2024 (رويترز)
TT

كاتدرائية نوتردام الفرنسية تتعافى من الحريق... وتكشف عن هيئتها الجديدة للعالم

جانب من كاتدرائية نوتردام دو باريس في باريس، بعد ترميمها، 29 نوفمبر 2024 (رويترز)
جانب من كاتدرائية نوتردام دو باريس في باريس، بعد ترميمها، 29 نوفمبر 2024 (رويترز)

بعد أكثر من 5 سنوات من أعمال ترميم واسعة، كشفت كاتدرائية نوتردام في العاصمة الفرنسية، باريس، عن هيئتها الجديدة للعالم، اليوم الجمعة، بعد تعرضها لحريق مدمر عام 2019.

تُظهر هذه الصورة مذبح الكنيسة الذي صممه الفنان والمصمم الفرنسي غيوم بارديه، في قلب كاتدرائية نوتردام دو باري في باريس، 29 نوفمبر 2024 (أ.ف.ب)

جاء ذلك خلال الزيارة الأخيرة للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى موقع البناء ليشاهد بنفسه التصميمات الداخلية التي تم ترميمها قبل إعادة افتتاح الكاتدرائية الشهيرة في الثامن من ديسمبر (كانون الأول) المقبل.

ويتم بث زيارته التي تستمر ساعتين على الهواء مباشرة. وتظهر أعمال حجرية تم ترميمها وألوان نابضة بالحياة، وغيرها من ثمار جهود إعادة الإعمار الهائلة، وفق وكالة «أسوشييتد برس».

الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون محاطاً برئيس مؤسسة «إعادة بناء نوتردام دو باري» العامة وبرئيس أساقفة باريس يزور كاتدرائية نوتردام دو باري في باريس، 29 نوفمبر 2024 (أ.ف.ب)

دخل ماكرون عبر الأبواب الأمامية العملاقة للكاتدرائية والمنحوتة بدقة، وحدّق في الأسقف بدهشة. وكان برفقته زوجته بريجيت ورئيس أساقفة باريس وآخرون.

وانضم ماكرون إلى مجموعة تضم 700 من الحرفيين والمهندسين المعماريين وكبار رجال الأعمال والمانحين، وأشاد بالحرفية والتفاني وراء جهود الترميم.

السيدة الأولى الفرنسية بريجيت ماكرون، والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، ورئيس مؤسسة «إعادة بناء نوتردام دو باري» العامة فيليب جوست، ووزيرة الثقافة والتراث الفرنسية رشيدة داتي، ورئيس أساقفة باريس لوران أولريش يزورون كاتدرائية نوتردام دو باري في باريس، 29 نوفمبر 2024 (أ.ف.ب)

ومن المقرر أن يعود ماكرون في السابع من ديسمبر لإلقاء خطاب وحضور تدشين المذبح الجديد خلال قداس مهيب في اليوم التالي.

وتأتي زيارة ماكرون بمثابة بداية لسلسلة من الأحداث التي تبشر بإعادة افتتاح التحفة القوطية التي تعود إلى القرن الثاني عشر.

الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون وزوجته بريجيت برفقة رئيس مؤسسة «إعادة بناء نوتردام دو باري» العامة فيليب جوست، يزورون كاتدرائية نوتردام دو باري في باريس، 29 نوفمبر 2024 (أ.ف.ب)

وترى إدارة ماكرون أن إعادة الإعمار تمثل رمزاً للوحدة الوطنية والقدرة الفرنسية.