تركيا تعزز نقاط المراقبة مع اقتراب قوات النظام من تطويق إدلب

نزوح 25 ألف مدني من المحافظة إلى حدودها فراراً من القصف

فرار مدنيين من القصف على جنوب محافظة إدلب باتجاه الحدود السورية - التركية (أ.ف.ب)
فرار مدنيين من القصف على جنوب محافظة إدلب باتجاه الحدود السورية - التركية (أ.ف.ب)
TT

تركيا تعزز نقاط المراقبة مع اقتراب قوات النظام من تطويق إدلب

فرار مدنيين من القصف على جنوب محافظة إدلب باتجاه الحدود السورية - التركية (أ.ف.ب)
فرار مدنيين من القصف على جنوب محافظة إدلب باتجاه الحدود السورية - التركية (أ.ف.ب)

نزح ما لا يقل عن 25 ألف مدني سوري من محافظة إدلب في شمال غربي سوريا باتجاه الحدود التركية خلال اليومين الماضيين فراراً من القصف المكثف لقوات النظام بدعم من روسيا، فيما استمر تعزيز نقاط المراقبة في المنطقة الواقعة شرق الطريق الدولي (إم 5) مع اقتراب قوات النظام من تطويقها.
وقالت وسائل إعلام تركية رسمية إن ما لا يقل عن 25 ألف مدني فروا من إدلب في شمال غربي سوريا إلى تركيا خلال اليومين الماضيين في حين كثفت القوات السورية والروسية قصفهما للمنطقة.
وكان الرئيس التركي رجب طيب إردوغان قال، يوم الخميس الماضي، إن 50 ألف شخص يفرون من إدلب باتجاه تركيا. وقال سكان ومسعفون إن طابورا طويلا من المركبات شوهد يغادر مدينة معرة النعمان التي تسيطر عليها المعارضة يوم الجمعة، لكن وكالة «أنباء الأناضول» التركية الرسمية، ذكرت أمس (الأحد) أن 25 ألفا فروا من إدلب ليسوا ضمن الخمسين ألفا الذين تحدث عنهم إردوغان، وأنهم وصلوا إلى منطقة قرب الحدود التركية.
وأدخلت تركيا، ليل الجمعة - السبت، تعزيزات كبيرة إلى نقاط المراقبة التركية في كل من العيس والصرمان ومعر حطاط وشير مغار، بالتزامن مع الإعلان عن استعداد جيش النظام لإطلاق عملية عسكرية كبيرة بدعم من روسيا للسيطرة على كامل ريف إدلب الشرقي، في المنطقة الواقعة شرق الطريق الدولي (إم 5) وتطويق نقاط المراقبة التركية المنتشرة في المنطقة ومنها نقطة مورك، التي تعرضت في السابق لهجمات متكررة من جيش النظام. وطبقاً لمعلومات المرصد السوري لحقوق الإنسان، دخلت 9 أرتال على الأقل عبر معبر كفرلوسين إلى إدلب، وتألف كل رتل من 10 آليات ومدرعات على الأقل، وتوجهت الأرتال نحو المنطقة الجنوبية من ريف إدلب.
وأفاد المرصد أمس، (الأحد)، بأن الجيش التركي أرسل رتلا عسكريا، مساء أول من أمس، إلى نقاط المراقبة في منطقة خفض التصعيد في ريف حماة الشمالي رداً على تقدم الجيش السوري. وذكر أن الرتل يتألف من نحو 20 آلية بينها عربات مصفحة وسيارات، تحمل جنوداً ومعدات عسكرية، مؤكدا وصول رتل عسكري إلى نقطة المراقبة التركية في «شير مغار» بجبل شحشبو في ريف حماة الشمالي، تزامناً مع اقتراب قوات الجيش السوري إلى نقطة المراقبة التركية في الصرمان بريف إدلب الشرقي.
ويشهد ريف إدلب الجنوبي تصاعدا في القصف الذي تشنه طائرات سورية وأخرى روسية على مناطق يقطنها مدنيون، ما أسفر عن مقتل العشرات وإصابة المئات.
وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان إن رجلين اثنين قتلا جراء قصف جوي روسي على بلدة تلمنس بريف إدلب الجنوبي، بعد منتصف ليل السبت - الأحد، في حين تواصل قوات النظام هجماتها البرية في عمق ريف إدلب الجنوبي الشرقي، محققة مزيداً من التقدم على حساب الفصائل والجماعات المدعومة من تركيا بإسناد بري وجوي عنيف ومكثف. وأضاف المرصد أن عدد المناطق التي سيطرت عليها قوات النظام منذ بدء العملية العسكرية، مساء الخميس الماضي، ارتفع إلى 21 منطقة لتصل بذلك إلى مشارف وحدود قرية الصرمان التي تتواجد فيها نقطة مراقبة تركية ضمن اتفاق آستانة بشأن منطقة خفض التصعيد في إدلب. كما وثق المرصد السوري مقتل 5 عناصر من قوات الجيش السوري و7 من الفصائل والمتشددين المدعومين من تركيا خلال القصف والاشتباكات منذ ما بعد منتصف ليل السبت.
وصعدت قوات النظام وروسيا منذ أسبوع وتيرة قصفها في إدلب وتحديداً في ريف المحافظة الجنوبي، وقدرت الأمم المتحدة منذ 16 ديسمبر (كانون الأول) الجاري فرار عشرات الآلاف من المدنيين من منطقة معرة النعمان باتجاه مناطق أكثر أمناً شمالاً.
وتسيطر هيئة تحرير الشام المدعومة تركيا على الجزء الأكبر من محافظة إدلب، التي تأوي ونواحيها ثلاثة ملايين شخص، نصفهم تقريباً نازحون من مناطق أخرى. وتنشط فيها أيضاً فصائل معارضة أقل نفوذاً. وتخشى المجموعات المسلحة أو ما يعرف بالمعارضة السورية المدعومة من تركيا، تطويق نقطة المراقبة التركية الواقعة في الصرمان في حال توسع رقعة الهجمات. ورغم التوصّل إلى اتفاق هدنة، في أغسطس (آب) الماضي، توقف بموجبه هجوم واسع شنته قوات النظام لأربعة أشهر في إدلب، تتعرض المحافظة منذ أسابيع لقصف تشنه طائرات حربية سورية وروسية.
وأكد الرئيس السوري بشار الأسد، في زيارة في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، كانت الأولى من نوعها للمحافظة منذ اندلاع النزاع في سوريا في العام 2011، أن معركة إدلب هي «الأساس» لحسم الحرب في سوريا.



زعيم الحوثيين «سعيد» بالمواجهة مع إسرائيل... ويتعهد باستمرار التصعيد

الحريق مستمر لليوم الثاني في مستودعات الوقود بميناء الحديدة اليمني (أ.ف.ب)
الحريق مستمر لليوم الثاني في مستودعات الوقود بميناء الحديدة اليمني (أ.ف.ب)
TT

زعيم الحوثيين «سعيد» بالمواجهة مع إسرائيل... ويتعهد باستمرار التصعيد

الحريق مستمر لليوم الثاني في مستودعات الوقود بميناء الحديدة اليمني (أ.ف.ب)
الحريق مستمر لليوم الثاني في مستودعات الوقود بميناء الحديدة اليمني (أ.ف.ب)

تبنّت الجماعة الحوثية إطلاق صواريخ باتجاه إسرائيل، الأحد، ومهاجمة سفينة في البحر الأحمر دون أضرار، وفيما عبّر زعيمها عبد الملك الحوثي عن سعادته بالمواجهة المباشرة مع تل أبيب، استمر الحريق الضخم الناجم عن الغارات الإسرائيلية على مستودعات الوقود في ميناء الحديدة ساعات طويلة، وارتفع عدد القتلى إلى 6 مع إصابة نحو 90 جريحاً.

كان الجيش الإسرائيلي استهدف، السبت، مستودعات الوقود في ميناء مدينة الحديدة اليمنية الخاضعة للحوثيين ومحطة الكهرباء، غداة انفجار مسيّرة استهدفت تل أبيب وأدت إلى مقتل شخص وإصابة آخرين.

ولقي الهجوم الإسرائيلي إدانةً من الحكومة اليمنية مع تحذير إسرائيل والحوثيين من تحويل اليمن إلى ساحة حرب، في حين هددت الجماعة الموالية لإيران بالرد على القصف وتبنت إطلاق عدة صواريخ، الأحد، باتجاه إيلات، ومهاجمة سفينة شحن في البحر الأحمر.

وأكد الجيش الإسرائيلي اعتراض دفاعاته صاروخ أرض - أرض أُطلق من اليمن، وقال إن نظام الدفاع الصاروخي «آرو 3» أسقط الصاروخ قبل عبوره إلى أراضي إسرائيل. ونقلت «رويترز» أنه «قبل الاعتراض، دوّت صفارات الإنذار في إيلات، مما دفع السكان إلى المسارعة إلى المخابئ».

وقال المتحدث العسكري باسم الجماعة الحوثية يحيى سريع، في بيان متلفز، إن «جماعته نفذت عملية عسكرية نوعية، وقصفت أهدافاً مهمة في إيلات جنوب فلسطين المحتلة بعدد من الصواريخ الباليستية»، كما استهدفت، حسب ادعاء سريع، سفينة «بومبا» الأميركية في البحرِ الأحمرِ بعدد من الصواريخ الباليستية والطائرات المسيرة، وهو الهجوم الذي لم تؤكده وكالات الأمن البحري.

وفي حين اعترفت الجماعة بتلقيها، الأحد، غارتين استهدفتا مواقع لها في منطقة بحيص التابعة لمديرية ميدي في محافظة حجة (شمال غرب)، كان الجيش الأميركي أعلن الأحد أن قواته نجحت في تدمير طائرة حوثية من دون طيار فوق البحر الأحمر، لكنه لم يتبن المشاركة في الهجمات الإسرائيلية على ثاني أكبر الموانئ اليمنية الخاضع للجماعة الانقلابية.

وحسب شهود في مدينة الحديدة، ما زالت الحرائق مستمرة، الأحد، لعدم توافر الإمكانات لإطفائها، إذ يتوقع استمرارها أياماً أخرى، وسط معلومات عن تعرض 20 خزان وقود للحريق من بين أكثر من 80 خزاناً، وفق مصادر اقتصادية يمنية.

أحد المصابين جراء الغارات الإسرائيلية على أهداف حوثية في ميناء الحديدة اليمني (أ.ف.ب)

وأفادت وسائل الإعلام الحوثية، نقلاً عن مصادر طبية، بأن الضربات على ميناء الحديدة أدت إلى مقتل 6 أشخاص وإصابة نحو 90 آخرين، وسط المخاوف من تكرار الهجمات الإسرائيلية إذا ما تواصلت الهجمات الحوثية المميتة باتجاه تل أبيب.

وانتهز التجار الموالون للجماعة الحوثية في صنعاء والحديدة وغيرها من المدن الضربات على خزانات الوقود، وقاموا بإغلاق محطات التعبئة والتسبب في أزمة خانقة، إذ عادة ما يقومون بمثل هذا السلوك لرفع الأسعار وبيع المشتقات النفطية والغاز في السوق السوداء.

مرحلة تصعيد خامسة

عبّر زعيم الحوثيين عبد الملك الحوثي في خطبة الأحد عن سعادة جماعته بالمواجهة المباشرة مع إسرائيل وأمريكا وبريطانيا، وتوعد باستمرار التصعيد البحري ضد السفن ومهاجمة إسرائيل، وأعلن أن الهجوم بالطائرة المسيرة على تل أبيب، الجمعة الماضي، هو بداية المرحلة الخامسة من التصعيد.

ونفى الحوثي أن تكون المسيرة التي أدت إلى مقتل شخص وإصابة نحو أربعة آخرين، أُطلقت من مكان آخر غير مناطق سيطرة جماعته في اليمن، كما زعم أن جماعته التي قامت بتصنيعها وإطلاقها.

وهوّن زعيم الجماعة الانقلابية في اليمن من أهمية الضربة الإسرائيلية على ميناء الحديدة، وقال إن جماعته ستواصل عملياتها، وإن أي ضربات أخرى لن يكون لها أي تأثير على قدراتها العسكرية، مشدداً على أن الجماعة لن «تتراجع عن موقفها».

وتبنت الجماعة الحوثية منذ نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي العديد من الهجمات ضد إسرائيل، دون أي تأثير يُذكر، باستثناء هجوم المسيّرة الأخير على تل أبيب، كما تبنت مهاجمة أكثر من 170 سفينة في البحرين الأحمر والعربي تحت مزاعم نصرة الفلسطينيين في غزة.

وأقرت الجماعة بتلقي أكثر من 570 غارة منذ 12 يناير (كانون الثاني) الماضي، وسقوط 57 قتيلاً و87 جريحاً، جراء الضربات التي تشنها واشنطن تحت ما سمته تحالف «حارس الازدهار».

وأصابت الهجمات الحوثية، حتى الآن، نحو 30 سفينة منذ بدء التصعيد، غرقت منها اثنتان؛ إذ أدى هجوم في 18 فبراير (شباط) إلى غرق السفينة البريطانية «روبيمار» في البحر الأحمر، قبل غرق السفينة اليونانية «توتور»، التي استُهدفت في 12 يونيو (حزيران) الماضي.

كما أدى هجوم صاروخي في 6 مارس (آذار) الماضي إلى مقتل 3 بحارة، وإصابة 4 آخرين، بعد أن استهدف في خليج عدن سفينة «ترو كونفيدنس» الليبيرية.

وإلى جانب الإصابات التي لحقت بالسفن، لا تزال الجماعة تحتجز السفينة «غالاكسي ليدر» التي قرصنتها في 19 نوفمبر الماضي، واقتادتها مع طاقمها إلى ميناء الصليف، شمال الحديدة، وحوّلتها مزاراً لأتباعها.

إدانة حكومية وقلق أممي

أدان مصدر مسؤول في الحكومة اليمنية بأشد العبارات القصف الإسرائيلي على الحديدة وعده «عدواناً وانتهاكاً» للسيادة اليمنية، و«مخالفة صريحة لكافة القوانين والأعراف الدولية».

وحمّل المصدر اليمني المسؤول، إسرائيل، المسؤولية الكاملة عن أي تداعيات جراء غاراتها الجوية، بما في ذلك تعميق الأزمة الإنسانية التي فاقمها الحوثيون بهجماتهم الإرهابية على المنشآت النفطية وخطوط الملاحة الدولية، فضلاً عن تقوية موقف هذه الميليشيات، وسردياتها الدعائية المضللة.

ضربات إسرائيلية أحدثت حرائق ضخمة في الحديدة اليمنية (رويترز)

وجدد المصدر الحكومي تحذيره الحوثيين من استمرار رهن مصير اليمنيين والزج بهم في معارك الجماعة العبثية خدمة لمصالح النظام الإيراني ومشروعه التوسعي في المنطقة.

كما حذر المصدر النظام الإيراني وإسرائيل من محاولة تحويل الأراضي اليمنية عبر «الحوثيين المارقين» إلى ساحة لحروبهما العبثية، ومشاريعهما التخريبية في المنطقة.

وإذ جددت الحكومة اليمنية موقفها الداعم للشعب الفلسطيني وحقه في إقامة دولته المستقلة، أكدت أن السبيل الوحيد لتحقيق السلام في اليمن هو دعم الحكومة لاستكمال بسط نفوذها على كامل ترابها الوطني، وتنفيذ قرارات الشرعية الدولية، خصوصاً القرار 2216.

دخان كثيف جراء احتراق مستودعات الوقود في ميناء الحديدة إثر ضربة إسرائيلية (رويترز)

في غضون ذلك، قال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، في مذكرة للصحافيين، إنه يشعر بقلق بالغ إزاء التقارير الواردة حول الغارات الجوية الإسرائيلية التي وقعت في محيط ميناء الحديدة في اليمن رداً على الهجمات الحوثية السابقة على إسرائيل.

وتحدث غوتيريش عن وقوع أضرار كبيرة في البنية التحتية المدنية، داعياً جميع المعنيين إلى تجنب الهجمات التي قد تلحق الضرر بالمدنيين وبالبنية التحتية المدنية، وممارسة أقصى درجات ضبط النفس.

يُشار إلى أن تصعيد الحوثيين تسبب في إصابة مساعي السلام اليمني، التي يقودها المبعوث الأممي هانس غروندبرغ بالجمود؛ إذ تسود المخاوف من انهيار التهدئة الهشّة المستمرة منذ عامين، وعودة القتال على نطاق أوسع.