مخاوف في تل أبيب من قرار المحكمة الجنائية الدولية

نتنياهو وغانتس وليبرمان و120 شخصية قد يواجهون الاتهام في لاهاي

رموز فلسطينية للفنان البريطاني بانكسي على الجدار الإسرائيلي العازل في بيت لحم بالضفة الغربية (أ.ف.ب)
رموز فلسطينية للفنان البريطاني بانكسي على الجدار الإسرائيلي العازل في بيت لحم بالضفة الغربية (أ.ف.ب)
TT

مخاوف في تل أبيب من قرار المحكمة الجنائية الدولية

رموز فلسطينية للفنان البريطاني بانكسي على الجدار الإسرائيلي العازل في بيت لحم بالضفة الغربية (أ.ف.ب)
رموز فلسطينية للفنان البريطاني بانكسي على الجدار الإسرائيلي العازل في بيت لحم بالضفة الغربية (أ.ف.ب)

أكدت مصادر قضائية عليا في تل أبيب أن قرار المدعية في المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي، فاتو بنسودة، فتح تحقيق في جرائم حرب إسرائيلية ضد الفلسطينيين، سيؤدي إلى اعتقال شخصيات كثيرة من القادة الإسرائيليين السياسيين والعسكريين وحتى القضائيين في نحو 100 دولة في العالم، وأن أكثر من 120 منهم سيصبحون متهمين.
وقالت هذه المصادر إنه ليس من قبيل الصدف أن يقف جميع قادة الأحزاب الصهيونية، بمن في ذلك معظم أحزاب المعارضة، ضد قرار بنسودة، حيث إن القرار قد يؤدي إلى محاكمة قادة هذه الأحزاب بمعظمهم وفي مقدمتهم رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، ووزير الدفاع السابق، أفيغدور ليبرمان، ووزير الدفاع الحالي، نفتالي بنيت، ووزير الدفاع الأسبق، موشيه يعالون، ورؤساء أركان الجيش الإسرائيلي، الحالي أفيف كوخافي، وسلفاه جادي آيزنكوت وبيني غانتس، ورئيس الشاباك الحالي، ناداف أرغمان، وسلفه يورام كوهين، وغيرهم من القادة المسؤولين عن العمليات الحربية ضد غزة وأهلها أو في الضفة الغربية والقدس.
ومع أن الحكومة الإسرائيلية قررت فرض السرية على مداولاتها بشأن الخطوات التي ستتخذها ضد محكمة لاهاي، وقررت نقل جميع المداولات حولها إلى المجلس الوزاري المصغر للشؤون السياسية والأمنية (الكابينيت)، و«إبقاء تنفيذ القرارات بسرية وليس تحت الشمس، فقد خرج القادة الإسرائيليون، الواحد تلو الآخر، بهجوم على المحكمة الجنائية الدولية وقرار المدعية العامة، واتهموها بممارسة «الإرهاب السياسي» ضد إسرائيل وكان هناك من اتهمها باللاسامية. واستهل رئيس الوزراء، نتنياهو جلسة حكومته العادية، أمس الأحد، بتصريح قال فيه إن «قرار المدعية في المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي، فاتو بنسودة، أول من أمس الجمعة، فتح تحقيق في جرائم حرب إسرائيلية ضد الفلسطينيين، يتناقض مع جوهر المحكمة في لاهاي».
وأضاف نتنياهو، إنه «عندما تأسست المحكمة بعد أهوال المحرقة، كان هدفها التعامل والتدخل في دول لا يوجد فيها جهاز قضاء سليم. وهذه ليست الحالة في إسرائيل، الديمقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط». وادعى نتنياهو أن «المحكمة في لاهاي تحولت إلى سلاح في الحرب ضد إسرائيل». وتساءل: «من يتهمون هنا؟ الإيرانيون، الذين يقتلون المئات من شعبهم يوميا؟ السوريون الذين قتلوا مئات الألوف من السوريين؟ لا، يتهمون إسرائيل. والمدعية تناقض الحقيقة التاريخية، عندما تقرر أن اليهود لا يستطيعون السكن في وطنهم. هذا تناقض».
وقال مصدر في وزارة الخارجية الإسرائيلية إن المحكمة الدولية تمارس الإرهاب السياسي ضد إسرائيل. وقال وزير الخارجية، يسرائيل كاتس، إن «إسرائيل امتنعت عن إخلاء قرية الخان الأحمر، (تجمع بدوي فلسطيني قرب القدس الشرقية المحتلة)، بسبب الخوف من المحكمة في لاهاي. توصلنا إلى استنتاج في الكابينيت بأن هذه ستكون نقطة حساسة ويمكن أن تكون دافعاً حاسماً لاتخاذ المدعية قراراً بفتح تحقيق ضد إسرائيل». وهاجم القرار أيضاً قادة تكتل «كحول لفان»، الذين يعتبرون هم أيضاً متهمين، لكنهم هاجموا حكومة نتنياهو في الوقت ذاته لأنها «تصرفت طول الوقت كمن يخاف هذه المحكمة ولذلك لم تعمل شيئا ضدها».
وتتحسب إسرائيل من خطوة قد تسبق القرار المتوقع من المحكمة الجنائية الدولية، في غضون 120 يوماً من الآن، ألا وهي قيام مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة بنشر «القائمة السوداء» الخاصة بأسماء الشركات العاملة في المستوطنات الإسرائيلية داخل حدود عام 1967. وقالت مصادر قانونية دولية إن المجلس سينشر القائمة في الشهر المقبل، علما بأنه تم تأجيل نشرها عدة مرات، وهناك محاولات من الإدارة الأميركية تتم لمحاولة تأجيل القائمة مرة أخرى. وبحسب مصادر سياسية في تل أبيب ففي الشهور الأخيرة القليلة تلقت عدة شركات إسرائيلية إشعاراً من مكتب المفوض، بشأن إمكانية إدراجها في «القائمة السوداء». من بين تلك الشركات: بنك هبوعاليم. بنك لومي، كوكا كولا، شركة بيزك، رامي ليفي، وغيرها من الشركات الأخرى.
في المقابل، أكدت القوى الوطنية والإسلامية لمحافظة رام الله والبيرة، على أهمية التوجه الذي أعلنته المحكمة الجنائية الدولية حول فتح تحقيق في جرائم الاحتلال بحق الشعب الفلسطيني. وقالت إن من الضروري استيفاء البيانات وفق اختصاص المحكمة التي تتيح إمكانية الشروع في تحقيق بهذا الخصوص وفق مرحلة تمهيدية لمحاكمة قادة الاحتلال وأركانها على الجرائم التي مورست على مدار سنوات الاحتلال بحق شعبنا بما فيها جريمة الاستيطان، والتطهير العرقي، وكذلك الجرائم بحق الأسرى التي سقط ضحيتها أكثر من 222 شهيداً لأسباب مختلفة من بينها الإهمال الطبي المتعمد والتعذيب وإطلاق النار المباشر.
ودعت للعمل بإرادة دولية حقيقية بهذا الاتجاه لإحقاق الحق وإنصاف ضحايا المجازر الدموية لدولة الاحتلال ونهبها للأرض، ومصادرتها، وهدم البيوت، وسياساتها العدوانية بحق الشعب الفلسطيني، وتمكين لجان التحقيق الدولية من الوصول للأراضي الفلسطينية، وإلزام دولة الاحتلال بالخضوع لهذا الأمر كشرط أساسي، كي تأخذ العدالة مجراها والموافقة العلنية على دخول لجان الاختصاص للأراضي الفلسطينية.
ودعت القوى لاستنهاض كل عوامل القوة والصمود في وجه الاحتلال رفضاً للتوسع الاستيطاني وحملات التطهير العرقي في القدس والأغوار والمناطق المصنفة «ج»، ضمن هدف واضح، وهو تكريس الأمر الواقع الاحتلالي وفرض حل الأمر الواقع. وشدد البيان الصادر عن هذه القوى، على «أهمية تضافر الجهود لمساندة الأسرى ضحايا التعذيب الوحشي في زنازين الاحتلال ومعتقلاته أو الأسرى ضحايا الإهمال الطبي المتعمد والاعتقال الإداري أو الأسيرات، والأطفال، وقدامى الأسرى ذوي الأحكام العالية ومعارك الإضراب المفتوح عن الطعام». وأكد أن «من شأن الإسراع ببدء تحقيق دولي في جرائم الاحتلال أن يفتح نافذة أمل جديدة بإمكانية محاسبة دولة الاحتلال، وإدارات سجونها بحق الأسيرات والأسرى».



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.