نازحون جدد إلى المجهول في شمال غربي سوريا

هرباً من قصف عنيف للطيران الروسي على معرة النعمان

نازحون جدد إلى المجهول في شمال غربي سوريا
TT

نازحون جدد إلى المجهول في شمال غربي سوريا

نازحون جدد إلى المجهول في شمال غربي سوريا

بحركة سريعة، يوضب أبو إسماعيل حاجياته الأساسية على متن شاحنة، لينطلق وعائلته فيها بعيداً عن القصف وآثاره المدمرة في مدينته معرة النعمان، لينضم بذلك إلى عشرات آلاف الفارين إلى المجهول، بعيداً عن تصعيد جديد لقوات النظام في شمال غربي سوريا.
ومنذ أسبوع، عادت قوات النظام وحليفتها روسيا لتصعيد قصفها في محافظة إدلب، تحديداً مدينة معرة النعمان ومحيطها في الريف الجنوبي، رغم اتفاق هدنة وضع حداً في نهاية أغسطس (آب) الماضي لهجوم عسكري واسع لدمشق.
يحاول أبو إسماعيل (42 عاماً) أن يلحق بركب الفارين، ويقول لوكالة الصحافة الفرنسية: «الليلة التي مرت علينا صعبة لدرجة أني لا أتمناها لعدونا»، في إشارة إلى القصف العنيف الذي تعرضت له مدينة اعتاد أن ينزح منها، كلما صعّدت قوات النظام قصفها. ويضيف الرجل الملتحي، الذي وضع طاقية صوفية سوداء ويعمل في الإنشاءات: «نزحنا من معرة النعمان أكثر من مرة، نذهب منها ثم نعود... عشنا في خيم سابقاً وتعرضنا للذل (...) والآن وجهتنا غير معروفة، لا نعرف ما إذا كان هناك بيوت تستقبلنا، لا نعرف إلى أين نذهب وماذا سيحصل معنا».
ينتهي أبو إسماعيل من تجهيز الشاحنة التي امتلأت بكراسي أطفال وأغطية وفرش وأغراض منزلية ودراجتين ناريتين. تصعد زوجته وأطفاله الملحفون بثياب شتوية وجيران له على متن الشاحنة، قبل أن تنطلق بهم، وتنضم إلى سيارات أخرى مثيلة تتجه شمالاً إلى مناطق أكثر أمناً.
وعلى ضوء تكثيف الغارات الجوية والقصف منذ 16 ديسمبر (كانون الأول) في جنوب إدلب، قدرت الأمم المتحدة، الجمعة، فرار عشرات الآلاف من المدنيين من منطقة معرة النعمان إلى شمال المحافظة. وانضم هؤلاء إلى مئات الآلاف ممن فروا قبل أشهر جراء هجوم لقوات النظام استمر أربعة أشهر.
وتتصاعد سحب الدخان الأسود من مدينة معرة النعمان، التي محُيت معالم شوارع عدة فيها، بعدما باتت عبارة عن جبال من الحجارة المتساقطة من المباني المدمرة على جانبيها. والسبت، فرغت مدينة معرة النعمان تدريجياً من سكانها الذين انهمكوا بإفراغ منازلهم من حاجيات ضرورية يأخذونها معهم، ومنهم من كان يطلب عبر تطبيقات الهاتف الخلوي مساعدة في تأمين وسائل نقل تنقذهم من القصف. أما أصحاب المحال المدمرة فعملوا على إخراج ما أمكن إنقاذه من بضائع، علهم يستفيدون منها لاحقاً، فيما لم يفارق الطيران أجواء المدينة. قبل عامين، أبو أسامة (29 عاماً) فرّ من شمال حمص، وها هو اليوم في معرة النعمان يعيد تجربة النزوح مجدداً مع زوجته وأطفاله الأربعة. وبعد ليلة من القصف الشديد، طلب أبو أسامة صباح السبت مساعدة من منظمة «الخوذ البيضاء» (الدفاع المدني في مناطق سيطرة الفصائل المقاتلة) لتأمين شاحنة يفر بها وعائلته. انهمك أبو أسامة، بمساعدة أطفاله وسكان آخرين، في ملء شاحنة بحاجيات المنزل، من فرش وأغطية وموقد غاز وسجاد، فضلاً عن أكياس وصناديق وضع فيها المواد الغذائية من خبز وخضار وزيت وغيرها.
ويقول: «نخرج اليوم تحت القصف والخوف والرعب والطيران الذي لا يهدأ من فوقنا (...) عيوننا على الطيران، وأذاننا تترقب الصواريخ، ولا نعلم ما ينتظرنا على الطريق». ويضيف: «الأحداث ذاتها تتكرر معنا (...) نذهب مجدداً إلى المجهول، لا أحد يعرف إلى أي يذهب، لا منزل ولا ملجأ ولا حتى مساعدات».
تؤوي إدلب ونواحيها، الواقعة بمعظمها تحت سيطرة «هيئة تحرير الشام» (جبهة النصرة سابقاً)، نحو ثلاثة ملايين شخص، نصفهم تقريباً نازحون من مناطق أخرى. ويعيش عشرات الآلاف في مخيمات عشوائية ويعتمدون في معيشتهم على مساعدات تقدمها المنظمات الإنسانية الدولية.
إلا أن روسيا والصين استخدمتا، الجمعة، حق النقض في مجلس الأمن ضد مشروع قرار لتمديد الترخيص الممنوح للأمم المتحدة لتقديم المساعدات الإنسانية العابرة للحدود إلى سوريا، الذي من المفترض أن ينتهي في العاشر من الشهر المقبل. وانتقدت منظمات دولية عدة، بينها «سايف ذي شيلدرن» و«لجنة الإنقاذ الدولية»، «الفيتو» الروسي الصيني الذي سيتسبب بقطع «شريان حياة» حقيقي لسكان إدلب.
وفي مخيم عشوائي شمال إدلب، يقول حسان أبو وائل (33 عاماً)، النازح منذ شهرين من منطقة معرة النعمان: «نأكل ونشرب فقط إذا أتتنا المعونات»، مضيفاً: «إذا توقفت المعونات عنا بسبب روسيا، نحن الذين نعيش في خيم تتسرب منها المياه، فعلى الدنيا السلام».
توافقه أم عبدو (60 عاماً) الرأي، وتقول بحدة: «بالإضافة إلى القصف وموت أولادنا، يلاحقون اليوم لقمة عيشنا». وتضيف: «تريدون أن يموت الشعب من الجوع؟ أدعو الله ألا يسامح أي أحد يقطع عنا» المساعدات.



الحكومة اليمنية تحذر إسرائيل وإيران من تحويل اليمن إلى ساحة لحروبهما «العبثية»

ألسنة النيران تشتعل في الحديدة بعد الغارات الإسرائيلية (أ.ف.ب)
ألسنة النيران تشتعل في الحديدة بعد الغارات الإسرائيلية (أ.ف.ب)
TT

الحكومة اليمنية تحذر إسرائيل وإيران من تحويل اليمن إلى ساحة لحروبهما «العبثية»

ألسنة النيران تشتعل في الحديدة بعد الغارات الإسرائيلية (أ.ف.ب)
ألسنة النيران تشتعل في الحديدة بعد الغارات الإسرائيلية (أ.ف.ب)

أدان مصدر مسؤول في الحكومة اليمنية بأشد العبارات الهجوم الإسرائيلي على ميناء الحديدة، وعده انتهاكاً لسيادة الأراضي اليمنية، ومخالفة صريحة لكافة القوانين والأعراف الدولية.

وحمّل المصدر، في بيان، إسرائيل المسؤولية الكاملة عن أي تداعيات جراء الغارات الجوية، بما في ذلك تعميق الأزمة الإنسانية التي فاقمتها جماعة الحوثي بهجماتها الإرهابية على المنشآت النفطية وخطوط الملاحة الدولية، فضلاً عن تقوية موقف الجماعة المتمردة المدعومة من إيران، وسردياتها الدعائية المضللة.

وجدد المصدر تحذيره للحوثيين من استمرار رهن مصير اليمن وأبناء شعبه والزج بهم في معارك الجماعة «العبثية»، «خدمة لمصالح النظام الإيراني ومشروعه التوسعي في المنطقة».

كما حذر المصدر النظام الإيراني وإسرئيل من أي محاولة لتحويل الأراضي اليمنية «عبر المليشيات المارقة» إلى ساحة لـ«حروبهما العبثية ومشاريعهما التخريبية» في المنطقة.

نيران ضخمة تشتعل في الحديدة بعد القصف الإسرائيلي (أ.ف.ب)

ودعا المصدر الحوثيين إلى الاستماع لصوت العقل، والاستجابة لإرادة الشعب اليمني وتطلعاته وتغليب مصالحه الوطنية على أي مصالح وأجندات أخرى، وعدم استجلاب التدخلات العسكرية الخارجية، والانخراط الجاد في عملية السلام، ووقف كافة أشكال العنف والتصعيد العسكري.

كما دعا المصدر المجتمع الدولي ومجلس الأمن إلى تحمل مسؤولياتهما من أجل حماية الأمن والسلم الدوليين، مؤكداً في هذا السياق أن السبيل الوحيد لتحقيق ذلك هو دعم الحكومة اليمنية لاستكمال بسط نفوذها على كامل ترابها الوطني، وتنفيذ قرارات الشرعية الدولية، وخصوصاً القرار 2216.

وجددت الحكومة اليمنية موقفها الثابت والداعم للشعب الفلسطيني، ودعت المجتمع الدولي إلى اتخاذ كافة الخطوات اللازمة لوقف العدوان الإسرائيلي على الشعب الفلسطيني، وتحقيق تطلعاته في الأمن والاستقرار والحياة الكريمة، وإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية.