تختلف عادات الشعوب في الاحتفال بنهاية العام، وفي بعض البلدان بأعياد الميلاد أيضاً. وتظهر هذه الاختلافات على وجه الخصوص في الأطعمة التقليدية التي يتم تناولها في هذه المناسبات. وعادة تناول الديك الرومي في عيد الشكر الأميركي الذي يقع في نوفمبر (تشرين الثاني) من كل عام انتقلت إلى بريطانيا في عيد الميلاد الذي يأتي في الأسبوع الأخير من العام. ولكن الديك الرومي لم ينتشر إلى بلدان أوروبا ولا إلى دول أخرى تحتفل بطريقتها وطعامها التقليدي بفترة أعياد نهاية العام.
في اليابان، تتميز فترة نهاية العام بالدجاج المقلي والأسماك. والغريب أن أطعمة دجاج كنتاكي في اليابان بدأت هذه العادة منذ عام 1974، ويزداد الإقبال عليها سنوياً في فترة الأعياد. وتتراوح الأذواق في اليابان بين الأسماك التقليدية وعادة تناول الدجاج المقلي الجديدة. ويطلب اليابانيون وجبات الدجاج المقلي قبل أسابيع من حلول فترة نهاية العام، لضمان وصولها في اليوم المحدد، ويتناولون معها كعك الفراولة.
وفي بريطانيا، ما زال الديك الرومي هو المسيطر على مائدة أعياد الميلاد، وهي عادة بدأت في القرن السادس عشر، وانتقلت من إنجلترا إلى الولايات المتحدة. وتحفل المائدة أيضاً بالبطاطس المشوية والسجق والخضراوات المتنوعة التي يتم سلقها أو قليها مع صلصات مختلفة وكعك محشو بالفواكه والحلويات. وتختلف هذه المأكولات قليلاً في اسكوتلندا وويلز وآيرلندا الشمالية. ويظل الديك الرومي وجبة أساسية في اسكوتلندا، يسبقها تناول الشوربة التي يضاف إلى الخضراوات والجزر والبازلاء، كما يختلف السجق الاسكوتلندي والحلويات عنها في إنجلترا. وفي ويلز، تنتشر وجبات اللحم البقري والضاني، بدلاً من الديك الرومي، ويضاف إليها الفطر وشوربة الجزر. ويتم تناول البطاطس بقشرها بعد شويها في الفرن، ثم يأتي بعد ذلك تناول الحلوى وفطائر التفاح.
وفي آيرلندا الشمالية، يفضلون الأوز المشوي، بدلاً من الديك الرومي، ويضاف إلى الوجبة اللحم البقري وكثير من الحلويات والشوكولاته.
وجبات الأعياد في أوروبا
في ألمانيا، يتنوع اختيار الوجبة الرئيسية خلال موسم الأعياد بين البط والأوز والأرانب واللحم البقري المشوي، إلى جانب البطاطس والخضراوات المسلوقة. وبعد الوجبة، يتناول الألمان فطائر اسمها «ستولين»، مكونة من خبز بالفواكه والمكسرات والتوابل والسكر. ومن العادات الألمانية التي انتشرت إلى أنحاء أوروبا روزنامة للأطفال للشهر الأخير من العام تحتوي على الشوكولاته لكل يوم من أيام الشهر. ويتم تبادل الهدايا يوم 24 ديسمبر (كانون الأول) من كل عام. ومن العادات الألمانية أيضاً غناء الأطفال على الأبواب لجمع تبرعات لجمعيات خيرية.
أما في فرنسا، بلد فنون الطبخ، فإن التنوع في أكلات موسم نهاية العام هو السائد. ويختار البعض الأكلات البحرية، مثل اللوبستر والمحاريات والكافيار. كما يتبع البعض تقليد تناول الديك الرومي مع اختلاف الحشو، حيث يفضل الفرنسيون المكسرات. ولا يقتصر الأمر على الديك الرومي، وإنما يشمل كثيراً من الطيور الأخرى، ولكل منها طريقة إعداد خاصة. ويفضل أهالي مناطق الألزاس الأوز والبط والدجاج.
ومن التقاليد الفرنسية أيضاً الاستعداد لموسم الأعياد بعدد 13 حلوى مختلفة، تتراوح بين الفواكه والكعك. وفي أنحاء وسط وشمال فرنسا، يتناول العامة قوالب من الشوكولاته التي تسمى «بوش دو نويل».
وفي إيطاليا، يقوم الإيطاليون بإعداد 7 أنواع من الأسماك لاحتفالات نهاية العام، بينما يكتفي البعض بتناول الدجاج المشوي. وتقليدياً، يفضل الإيطاليون عدم تناول اللحوم في أعياد الميلاد، حيث يفضلون عليها الأسماك والخضراوات التي تشمل الخرشوف والكوسة والقرنبيط.
وتشمل الوجبات الاحتفالية بعض الباستا التي تشمل اللازانيا. ويتراوح عدد أصناف الطعام التي تقدم في وجبة واحدة بين 7 و21 نوعاً من الطعام. وتتراجع بعض التقاليد الإيطالية في تناول الطعام في أثناء فترة الأعياد، وينتشر الآن تقليد تناول الديك الرومي على طريقة عيد الشكر الأميركي.
ولا يهتم الإيطاليون كثيراً بالحلويات، مثل بقية الأوروبيين، ولكنهم يتناولون نوعاً من الكعك اسمه «باناتوني»، وقطع الشوكولاته والبسكويت. وتقدم بعض المطاعم الإيطالية في أوروبا وجبات الأعياد على الطريقة الإيطالية، ومنها مطاعم جيمي أوليفر وكارلوشيو في أنحاء بريطانيا.
وفي إسبانيا، ما زال الديك الرومي هو الوجبة السائدة في أعياد نهاية العام، ومعه الدجاج المشوي. ولكن إسبانيا كانت تعتمد تقليدياً على المأكولات البحرية في موسم الأعياد، خصوصاً اللوبستر والجمبري (الروبيان)، مع بعض اللحوم المجففة والجبن.
ومن الوجبات المفضلة أيضاً لحم الخراف المشوي، خصوصاً في منطقة كاستيل وليون. وفي منطقة كاتالونيا، يتم تناول شوربة «غاليتس»، وهي شوربة باستا باللحم المفروم. كما تنتشر حلوى بالمكسرات اسمها «تورون»، وهي تشبه إلى حد كبير حلوى «النوغات». ومن أنواع الحلوى الأخرى التي تنتشر في إسبانيا في موسم أعياد نهاية العام كعك اسمه «بولفوروني»، تعود جذور إنتاجه إلى الأندلس في القرن السادس عشر. أما الكعكة الرئيسية التي تسمى «كعكة الكريسماس»، فهي تسمى في إسبانيا «روسكون دو رييس»، وهي تحتوي على الفواكه وقطع السكر والكريم.
وتقليدياً، يتناول البرتغاليون الأسماك في نهاية العام في وجبة اسمها «كونسوادا»، مع كثير من أنواع الكعك الذي يسمى أحياناً بأسماء المقاطعات البرتغالية التي ابتكرته. ويعتمد البرتغاليون على الأسماك والبطاطس المسلوقة في وجبات نهاية العام.
ومن الوجبات المشهورة في فترة الأعياد «كاتابلانا»، وقدمها العرب إلى البرتغال لتحل محل الطاجن المغربي، وبالإضافة إلى الوجبة التي تحمل هذا الاسم، وتضم طاجناً من البحريات المطبوخة بالبخار، فإن الاسم يشمل أيضاً الإناء الذي يتم الطبخ فيه. وبدأت هذه الوجبات في منطقة الغارف (جنوب البرتغال)، ثم انتشرت إلى المناطق الشمالية كافة بعد ذلك. واشتهر المطبخ البرتغالي أيضاً بالتوابل والأعشاب التي أحضرها العرب إليه، مثل القرفة والكمون والكزبرة والبقدونس والنعناع والزعفران.
وفي هولندا، تستمر الاحتفالات طوال شهر ديسمبر (كانون الأول) من كل عام. وفي نهاية العام، تتكون الوجبة الرئيسية من الديك الرومي أو الأوز أو الأرانب أو الدجاج المشوي، مع كثير من أنواع الخضراوات والبطاطس المشوية. ويتناول الهولنديون كثيراً من أنواع الحلويات التي يشبه بعضها البسبوسة الشرقية (وتسمى «سبيكيولاس») والكعك التقليدي (ويسمى «جيفولدي»). ويلجأ البعض إلى طهي قطع من اللحوم أو الجبن على موقد صغير على المائدة، وهي عادة مستعارة من سويسرا. وتحتفظ العائلات بالمواقد الصغيرة طوال العام حتى يتم استخدامها فقط في نهاية العام.
وفي أوروبا الشرقية، يتم الاحتفال بأنواع مختلفة من الأطعمة التي يصل عددها تقليدياً إلى 12 نوعاً، وتشمل اللحوم والبيض والحليب، بعد فترة صيام نباتي طويلة. وتشمل وجبات الأعياد أيضاً الأسماك والبحريات والفطر والبطاطس والشوربة. وتختلف أنواع الحلويات بين بلد وآخر، وأهمها أنواع الفطائر. ويعتمد شعب إستونيا على السجق، بينما يتناول أهل ليتوانيا تفاحة مقسمة على عدد أفراد الأسرة قبل الوجبة، في تقليد لتفاحة آدم. وفي بيلاروس، يتم التركيز أكثر على ليلة رأس السنة منذ أيام سيطرة الاتحاد السوفياتي على البلاد. وتشمل الاحتفالات خطاب من الرئيس قبل تناول وجبة نهاية العام.
- دول أخرى
في الأرجنتين، تتنوع أنواع اللحوم في أعياد نهاية العام من اللحم البقري إلى الطيور إلى الماعز. وتشمل الوجبات البطاطس المشوية، كما تنتشر وجبة إيطالية المنشأ اسمها «فيتيل ثونيه»، وهي شرائح من اللحم البقري في صلصة بيضاء. وهناك أيضاً بعض الأنواع التي تقتصر على الأرجنتين، مثل الطماطم المحشية التي تعد الخيار النباتي في وجبات نهاية العام. ويعد عصير الأناناس الشراب المفضل في نهاية العام. أما الحلويات فتشمل أنواعاً من النوغات بحشو من المكسرات والزبيب، تسمى «تورون».
وفي البرازيل، تشمل الوجبات المحلية في موسم الأعياد طائراً يماثل الديك الرومي، يسمى «تشيستر»، ولكن الأغلبية في المناطق الساحلية تفضل الأسماك التي يتم قليها في شكل كرات. وتضم المائدة أيضاً السلاطة والفواكه الطازجة والمشروبات المثلجة، حيث يقع موسم نهاية العام في البرازيل في ذروة الصيف.
ويأكل البرازيليون البطاطس باردة في صيغة سلاطة مخلوطة بالتفاح والزبيب. كما يتم تحضير الأرز في المقلاة، مع خلطة من الثوم قبل سلقة. ويؤكل نبات الكيل بعد إضافة الملح والثوم له. وبعد الوجبة، يتناول البرازيليون الفواكه الطازجة والكعك والشوكولاته.
وما زالت بعض الدول الأفريقية تتبع عادات المستعمرين القدامى، مثل ألمانيا في ناميبيا، والبرتغال في أنغولا. وتضاف إلى وجبات نهاية العام بعض المأكولات المحلية، خصوصاً النباتات والحبوب التي تزرع في موسم الأعياد الصيفي، حيث هذه الدول في جنوب الكرة الأرضية. وبصفة عامة، تحاول الأغلبية من السكان تدبير وجبات دسمة مهما كان نوعها لتعوض بها الرجيم القاسي الذي تفرضه عليها الموارد المحدودة المتاحة لهم طوال بقية أشهر العام.