هيل في بيروت يحث على تشكيل حكومة إصلاحية تتجاوب مع الحراك

تجنّب الحديث عن العقوبات على «حزب الله» ولم يعترض على تكليف دياب

الرئيس ميشال عون مستقبلاً هيل أمس (دالاتي ونهرا)
الرئيس ميشال عون مستقبلاً هيل أمس (دالاتي ونهرا)
TT

هيل في بيروت يحث على تشكيل حكومة إصلاحية تتجاوب مع الحراك

الرئيس ميشال عون مستقبلاً هيل أمس (دالاتي ونهرا)
الرئيس ميشال عون مستقبلاً هيل أمس (دالاتي ونهرا)

سجّلت زيارة وكيل وزارة الخارجية الأميركية للشؤون السياسية السفير ديفيد هيل إلى بيروت أمس، موقف الولايات المتحدة المحايد تجاه الملف الحكومي، والدعوة إلى تشكيل حكومة من الاختصاصيين وإجراء إصلاحات هادفة ومستدامة، تتجاوب مع مطالب الحراك. وتمثّل التعبير عن الحياد بتجنب الحديث عن العقوبات على «حزب الله»، في مقابل طمأنة تلقاها من المسؤولين اللبنانيين لجهة الالتزام بالمضي بالإصلاحات.
والتقى هيل أمس الرئيس ميشال عون ورئيس البرلمان نبيه بري ورئيس حكومة تصريف الأعمال سعد الحريري، على أن يلتقي اليوم وزير الخارجية جبران باسيل ورئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع. وقالت مصادر مواكبة للزيارة لـ«الشرق الأوسط» بأن هيل كان حريصاً على عدم التدخل في مسار تشكيل الحكومة، ولا بأسماء الوزراء، وتحدث بحيادية مطلقة عن الوضع، مركزاً على ضرورة إجراء الإصلاحات لتكون استجابة لتطلعات الشعب اللبناني، وهي أساس كل شيء في هذه المرحلة، كما ركز على ضرورة مكافحة الفساد.
ولفتت المصادر إلى أن هيل لم يأتِ على ذكر العقوبات على «حزب الله» في لقاءاته، ودعا إلى ترك المصالح الحزبية جانبا والعمل من أجل المصلحة الوطنية ودفع عجلة الإصلاحات.
واللافت في الزيارة، أن المسؤولين اللبنانيين فوجئوا بالنبرة «الهادئة» التي استعملها هيل أمس في جولته حيث إن تصريحاته المكتوبة خلت من أي ذكر لـ«حزب الله» وسلاحه. ونُقل عن أوساط مطلعة أن هيل «لم يعترض على تكليف حسّان دياب تشكيل حكومة جديدة» موضحا أن هذا «شأن داخلي لبناني». وتوقفت المصادر عند «انتقاده بعنف» لما أسماه «الفساد المستشري». وتوقفوا عند تكرار الموفد الأميركي استعمال عبارات «قوة الشراكة بين بلدينا».

القصر الجمهوري
وأبلغ الرئيس عون السفير هيل أن «مسار تشكيل الحكومة الجديدة بدأ ليل أمس (الأول) مع تسمية الرئيس المكلف الدكتور حسان دياب، وستكون أمام هذه الحكومة مهمات كثيرة، أبرزها: إجراء الإصلاحات المطلوبة، لا سيما أنها سوف تتألف من فريق عمل منسجم قادر على مواجهة الظروف الصعبة التي يمر بها لبنان سياسيا واقتصاديا».
وتمنى عون على الولايات المتحدة «أن تشارك مع المجموعة الدولية لدعم لبنان»، منوها خصوصا بـ«المساعدة التي تقدمها إلى الجيش اللبناني عتادا وتدريباً». وأكد عون أن «التحركات الشعبية القائمة حاليا تتوافر لها الحماية الأمنية اللازمة، انطلاقا من المحافظة على حرية التعبير من دون قطع الطرق وشل تنقل المواطنين، لأن ذلك يتعارض مع القوانين والأعراف الدولية التي تضمن حرية الآخرين»، لافتا إلى أن مطالب «الحراك الشعبي» تلقى منه كل دعم، ولذلك دعا المشاركين فيه إلى «الحوار للاتفاق على النقاط الإصلاحية الضرورية»، وأنه لا يزال ينتظر «التجاوب مع هذه الدعوة».
وشدد رئيس الجمهورية على أن «مسيرة مكافحة الفساد التي بدأت من ثلاث سنوات مستمرة، والإجراءات تتوالى لمعاقبة المرتكبين، لا سيما أن الحراك تجاوز الخطوط الحمر التي كان يرفعها بعض النافذين والمستفيدين من الفساد وباتت عملية المكافحة أفضل». وعن الوضع في الجنوب، أكد الرئيس عون «تمسك لبنان بالمحافظة على الاستقرار على الحدود والالتزام بالقرار 1701»، لافتا إلى أن «دخول باخرة يونانية المياه الإقليمية اللبنانية في المنطقة الاقتصادية الخالصة، شكل انتهاكا للسيادة اللبنانية، وقد طلب لبنان من الأمم المتحدة القيام بالتحقيقات اللازمة». وجدد الرئيس عون مطالبة الولايات المتحدة بـ«المساعدة في إقناع إسرائيل الالتزام بترسيم الحدود البحرية، وذلك بهدف تثبيت الهدوء والاستقرار في الجنوب».
بعد انتهاء اللقاء، قال السفير هيل في تصريح: «أنا في لبنان اليوم بناء على طلب وزير الخارجية مايك بومبيو للقاء القادة اللبنانيين، من أجل البحث في الأوضاع الحالية. وتعكس زيارتي هذه قوة الشراكة بين بلدينا، وإنني هنا لأحث القادة السياسيين في لبنان على الالتزام وإجراء إصلاحات هادفة ومستدامة يمكنها أن تقود إلى لبنان مستقر ومزدهر وآمن، وكان ذلك مضمون المحادثة التي أجريتها للتو مع الرئيس عون.
ورأى هيل الذي سبق أن شغل منصب سفير الولايات المتحدة في لبنان من العام 2013 حتى 2015. أن «الاحتجاجات الجامعة وغير الطائفية والسلمية إلى حد كبير على مدى الأيام الـ65 الماضية، تعكس مطلب الشعب اللبناني الطويل الأمد في إصلاح اقتصادي ومؤسساتي وإلى حكم أفضل ومن أجل وضع حد للفساد المستشري».
ولفت إلى أن «الولايات المتحدة تدعو القوى الأمنية إلى مواصلة ضمان سلامة المتظاهرين أثناء مشاركتهم في المظاهرات السلمية، وإلى ضبط النفس من قبل الجميع. فليس هناك مكان للعنف في الخطاب المدني. والولايات المتحدة تريد للبنان وشعبه - كل شعبه - النجاح، وسوف تستمر في كونها شريكا ملتزما في هذا الجهد».

لقاء بري
واستعرض رئيس مجلس النواب نبيه بري أمام الموفد الأميركي في عين التينة مرحلة ما قبل استقالة حكومة الرئيس سعد الحريري، مبدياً تأييده لمطالب الحراك. كما عرض بري مرحلة الاستشارات وسعيه بعدة محاولات لعودة الرئيس الحريري الذي أصر على الرفض.
وأضاف بري: «اليوم نمر بمسار تشكيل حكومة جديدة مع الرئيس المكلف حسان دياب وأول واجباتها الإصلاحات ومحاربة الفساد والشفافية والإصرار على إخضاع كافة التلزيمات عبر مناقصات شفافة». وحول الوضع في الجنوب شدّد رئيس المجلس على أن إسرائيل وحدها المسؤولة عن الخروقات للقرار الأممي 1701 وليس آخرها تحليق المسيرات فوق الضاحية الجنوبية للعاصمة بيروت. وقال هيل: «نقلت إلى الرئيس بري الرسالة عينها التي نقلتها إلى الرئيس عون، بأننا نحث القادة السياسيين في لبنان على إجراء إصلاحات هادفة ومستدامة يمكنها أن تقود إلى لبنان مستقر ومزدهر وآمن».
وأعرب هيل عن قلقه «بسبب أدلة على وجود مجموعات تسعى إلى تقويض التعبير غير العنيف من خلال التهويل والهجمات الجسدية ضد المتظاهرين، فليس هناك مكان للعنف في الخطاب المدني». وتقدم بالشكر «من القوى الأمنية اللبنانية على جهودها لحماية المتظاهرين وأدعوهم إلى مواصلة ضمان سلامة المتظاهرين وحرية التعبير». ودعا «جميع الأطراف إلى ممارسة أقصى درجات ضبط النفس، وكما قلت ليس هناك مكان للعنف في السياسة».

لقاء الحريري
وفي بيت الوسط، التقى هيل الرئيس سعد الحريري وتركز البحث على التطورات في لبنان والمنطقة واستكملت المباحثات إلى مأدبة غداء أقامها الرئيس الحريري.
وقالت مصادر مواكبة بأن الحريري أكد أن لبنان يعاني من أزمة كبيرة على الصعيدين المالي والاقتصادي والمعيشي، مركزاً على ضرورة أن يبادر المجتمع الدولي لمساعدة لبنان.
وأكد هيل أن الولايات المتحدة «كانت شريكة للبنان منذ عقود، ونحن على استعداد لمساعدة لبنان على دخول فصلٍ جديد من ازدهارٍ اقتصادي يتميّز بالحكم الرشيد وخالٍ من الفساد. ولكننا وأصدقاء لبنان الآخرين يمكننا فعل ذلك فقط عندما يقوم قادة لبنان بالتزام صادق وواضح وظاهر بالإصلاح».
وقال هيل «ما يهمنا جميعاً هو ما إذا كان قادة الأحزاب والمجتمعات اللبنانية سيوفون بالتزاماتهم لخدمة شعب لبنان عبر الاستجابة للحاجات والأصوات التي نسمعها. وعندها فقط يمكن للمجتمع الدولي أن يساعد اللبنانيين على تحقيق إمكاناتهم لتطوير هذا البلد».



الخارجية الفلسطينية ترحب بموافقة الأمم المتحدة على تمديد ولاية «الأونروا»

رجل يعلق علماً فلسطينياً على هوائي في مبنى شبه مدمّر كان يضم عيادة لـ«الأونروا» في مخيم جباليا بغزة (أ.ف.ب)
رجل يعلق علماً فلسطينياً على هوائي في مبنى شبه مدمّر كان يضم عيادة لـ«الأونروا» في مخيم جباليا بغزة (أ.ف.ب)
TT

الخارجية الفلسطينية ترحب بموافقة الأمم المتحدة على تمديد ولاية «الأونروا»

رجل يعلق علماً فلسطينياً على هوائي في مبنى شبه مدمّر كان يضم عيادة لـ«الأونروا» في مخيم جباليا بغزة (أ.ف.ب)
رجل يعلق علماً فلسطينياً على هوائي في مبنى شبه مدمّر كان يضم عيادة لـ«الأونروا» في مخيم جباليا بغزة (أ.ف.ب)

رحبت وزارة الخارجية الفلسطينية، الجمعة، بتبني الجمعية العامة بأغلبية ساحقة خمسة قرارات لصالح الشعب الفلسطيني، من بينها تجديد ولاية وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين «الأونروا».

وقالت الوزارة، في بيان، إن هذه القرارات «تعكس تضامناً واسعاً من جميع أنحاء العالم مع الشعب الفلسطيني وقضيته العادلة، وتمثل إقراراً بمسؤولية المجتمع الدولي في دعم الاحتياجات السياسية والإنسانية، بما فيها حق لاجئي فلسطين».

وأضافت أن هذا التضامن يؤكد دعم العالم لوكالة «الأونروا» سياسياً ومالياً، ولحماية حقوق اللاجئين وممتلكاتهم وإدانة الاستيطان الإسرائيلي.

وأشارت الخارجية الفلسطينية إلى أن هذا التصويت «تعبير إضافي عن رفض المجتمع الدولي للضم والاستيطان والتهجير القسري والعقاب الجماعي والتدمير الواسع للبنية التحتية في الأرض الفلسطينية المحتلة، والإبادة في قطاع غزة».


حديث ترمب عن تعديل المرحلة الثانية... هل يُفعل «البند 17» بـ«اتفاق غزة»؟

يملأ فلسطينيون حاوياتهم بالمياه في مخيم النصيرات للنازحين الفلسطينيين وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)
يملأ فلسطينيون حاوياتهم بالمياه في مخيم النصيرات للنازحين الفلسطينيين وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)
TT

حديث ترمب عن تعديل المرحلة الثانية... هل يُفعل «البند 17» بـ«اتفاق غزة»؟

يملأ فلسطينيون حاوياتهم بالمياه في مخيم النصيرات للنازحين الفلسطينيين وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)
يملأ فلسطينيون حاوياتهم بالمياه في مخيم النصيرات للنازحين الفلسطينيين وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)

حديث عابر للرئيس الأميركي دونالد ترمب عن «تعديل المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة» دون أن يوضح تفاصيل ذلك التعديل، أثار تساؤلات بشأن تنفيذ ذلك.

هذا الحديث الغامض من ترمب، يفسره خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» بأنه سيكون تغييراً في تنفيذ بنود الاتفاق، فبدلاً من الذهاب لانسحاب إسرائيلي من القطاع الذي يسيطر فيه على نسبة 55 في المائة، ونزع سلاح «حماس»، سيتم الذهاب إلى «البند 17» المعني بتطبيق منفرد لخطة السلام دون النظر لترتيباتها، وتوقعوا أن «المرحلة الثانية لن يتم الوصول إليها بسهولة في ظل عدم إنهاء ملفات عديدة أهمها تشكيل مجلس السلام ولجنة إدارة غزة ونشر قوات الاستقرار».

و«البند 17» في اتفاق وقف إطلاق النار بغزة الذي دخل حيز التنفيذ في 10 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، ينص على أنه «في حال أخّرت (حماس) أو رفضت هذا المقترح، فإنّ العناصر المذكورة أعلاه، بما في ذلك عملية المساعدات الموسّعة، ستنفّذ في المناطق الخالية من الإرهاب التي يسلّمها الجيش الإسرائيلي إلى قوة الاستقرار الدولية».

و«وثيقة السلام» التي وُقعت في أكتوبر الماضي بين «حماس» وإسرائيل تناولت فقط النقاط المتعلقة بما يسمى «المرحلة الأولى»، وتشمل الهدنة الأولية وانسحاب قوات الجيش الإسرائيلي، وشروط تبادل الأسرى والمحتجزين، وتسهيل دخول المساعدات الإنسانية، فيما لم يتم التوصل إلى اتفاق رسمي بشأن «المرحلة الثانية» المتعلقة بإدارة غزة بعد الحرب.

وأعلن ترمب في تصريحات نقلت، الخميس، أن المرحلة الثانية من خطته للسلام في غزة «ستخضع للتعديل قريباً جداً»، وسط تصاعد القلق من تعثرها وعدم إحرازها تقدماً ملموساً في التنفيذ، دون توضيح ماهية تلك التعديلات.

المحلل في الشأن الإسرائيلي بمركز «الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية»، الدكتور سعيد عكاشة، يرى أن التعديل الذي يمكن أن يرتكز عليه ترمب للحيلولة دون انهيار الاتفاق كما يعتقد هو اللجوء لـ«البند 17» الذي يرسخ لتقسيم غزة، لغزة قديمة وجديدة، وهذا ما كان يطرحه المبعوث الأميركي، ستيف ويتكوف الشهر الماضي في عدد من لقاءاته.

وأشار إلى أن هذا التعديل هو المتاح خاصة أن الاتفاق أقر في مجلس الأمن الشهر الماضي، ويمكن أن يعاد تفعيل ذلك البند تحت ذرائع عدم استجابة «حماس» لنزع السلاح أو ما شابه، متوقعاً أن يقود هذا الوضع لحالة لا سلم ولا حرب حال تم ذلك التعديل.

رد فعل فلسطينية على مقتل أحد أقربائها في غارة إسرائيلية بخان يونس (أ.ف.ب)

ويرجح المحلل السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، أنه في ظل عدم توضيح ماهية تعديلات ترمب بشأن المرحلة الثانية، فإن «هناك مخاوف من ترسيخ تقسيم غزة يمكن أن نراها في التعديل مع رغبة إسرائيلية في استمرار بقائها في القطاع، تطبيقاً لما يتداول بأن هذا غزة جديدة وأخرى قديمة».

ووسط ذلك الغموض بشأن التعديل، أفاد موقع «أكسيوس» بأن ترمب يعتزم إعلان انتقال عملية السلام في غزة إلى مرحلتها الثانية، والكشف عن هيكل الحكم الجديد في القطاع قبل 25 ديسمبر (كانون الأول) الجاري. ونقل الموقع، الخميس، عن مسؤولَين أميركيين قولهما إن «تشكيل القوة الدولية وهيكل الحكم الجديد لغزة في مراحله الأخيرة»، متوقعين أن يعقد الرئيس الأميركي اجتماعاً مع رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو قبل نهاية ديسمبر الجاري لمناقشة هذه الخطوات.

غير أن الرقب يرى أن المرحلة الثانية أمامها عقبات تتمثل في «عدم تشكيل مجلس السلام وحكومة التكنوقراط، وعدم تشكيل الشرطة التي ستتولى مهامها وقوة الاستقرار، وأن أي تحركات لن ترى النور قبل يناير (كانون الثاني) المقبل».

ولا يرى عكاشة في المستقبل القريب سوى اتساع احتلال إسرائيل للمناطق التي تقع تحت سيطرتها في القطاع لتصل إلى 60 في المائة مع استمرار تعثر تنفيذ الاتفاق دون تصعيد كبير على نحو ما يحدث في جنوب لبنان من جانب إسرائيل.

فلسطينيون يسيرون أمام الخيام الممتدة على طول الشوارع وسط أنقاض المباني المدمرة في جباليا (أ.ف.ب)

وقبل أيام، تحدثت صحيفة «يديعوت أحرونوت» عن أن هناك خطة إسرائيلية لإعادة توطين نحو مليوني فلسطيني في مناطق جديدة خاضعة لإسرائيل شرق الخط الأصفر، وتفريغ المناطق الخاضعة لسيطرة «حماس» من المدنيين بالكامل، وملاحقة عناصر حركة «حماس» في هذه المناطق تدريجياً. كما نقلت صحيفة «تلغراف» البريطانية، عن دبلوماسيين غربيين أن الخطة الأميركية بشأن غزة تنطوي على خطر تقسيم القطاع إلى جزأين للأبد، ما يؤسّس لوجود قوات الاحتلال بشكل دائم في القطاع المنكوب.

وقبل نحو أسبوع، أكد وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، في لقاء ببرشلونة مع الممثلة العليا للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية للاتحاد الأوروبي، كايا كالاس، على وحدة الأراضي الفلسطينية بين الضفة الغربية وقطاع غزة ورفض مصر أي إجراءات من شأنها تكريس الانفصال بين الضفة الغربية وغزة أو تقويض فرص حل الدولتين على الأرض.

وأعاد عبد العاطي، التأكيد على ذلك في تصريحات، الأربعاء، قائلاً إنه «لا مجال للحديث عن تقسيم غزة، فغزة هي وحدة إقليمية متكاملة، وجزء لا يتجزأ من الدولة الفلسطينية القادمة، جنباً إلى جنب مع الضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية، وهذه هي قرارات الشرعية الدولية وبالتأكيد يتعين الالتزام بذلك»، مؤكداً أنه إلى الآن يجرى التشاور بشأن لجنة إدارة قطاع غزة مع الأطراف المعنية، حتى تتولى هذه اللجنة الإدارية من التكنوقراط مهام العمل على الأرض. وأشار عكاشة إلى أن الجهود المصرية ستتواصل لمنع حدوث تقسيم في قطاع غزة أو حدوث تعديل يؤثر على الاتفاق، لافتاً إلى أن السيناريوهات مفتوحة بشأن التطورات المرتبطة بخطة ترمب.


«المعاقون» في صنعاء... فئة منسيّة تحت مقصلة الحرمان

معاقون في صنعاء أخضعهم الحوثيون للمشاركة في فعالية طائفية (فيسبوك)
معاقون في صنعاء أخضعهم الحوثيون للمشاركة في فعالية طائفية (فيسبوك)
TT

«المعاقون» في صنعاء... فئة منسيّة تحت مقصلة الحرمان

معاقون في صنعاء أخضعهم الحوثيون للمشاركة في فعالية طائفية (فيسبوك)
معاقون في صنعاء أخضعهم الحوثيون للمشاركة في فعالية طائفية (فيسبوك)

تتفاقم معاناة الآلاف من ذوي الإعاقة في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء، في ظل انهيار شبه كامل لمنظومة الرعاية الاجتماعية، واتهامات مباشرة للجماعة الحوثية بتحويل الموارد المخصصة لهذه الفئة إلى قنوات تخدم مشروعها العسكري والآيديولوجي.

ومع استمرار انقطاع البرامج الحكومية والدعم الدولي، يجد المعاقون أنفسهم أمام واقع قاسٍ تتضاعف فيه الاحتياجات وتتراجع فيه فرص العلاج والرعاية.

مصادر محلية أكدت لـ«الشرق الأوسط» أن الجماعة الحوثية كثفت خلال الأسابيع الأخيرة من ممارساتها التي تستهدف ذوي الإعاقة في صنعاء ومدن أخرى تحت سيطرتها، سواء عبر استغلالهم في فعاليات ومناسبات سياسية، أو من خلال إجبار عشرات الأطفال على حضور دورات تعبئة فكرية تستند إلى خطاب طائفي، في مخالفة صريحة لأبسط قواعد الرعاية الإنسانية.

وتشير المصادر إلى أن ما تبقى من المراكز والمنشآت المتخصصة التي كانت تقدم خدمات طبية وتأهيلية للمعاقين، تحوّل إلى أماكن شبه مهجورة بعد إغلاقات تعسفية ووقف شبه تام للبرامج الفنية والدعم الخارجي، نتيجة استحواذ الجماعة على المخصصات والموارد المالية.

مبنى «صندوق رعاية وتأهيل المعاقين» الخاضع للحوثيين في صنعاء (إكس)

وكشف سكان في صنعاء أن مئات المعاقين فقدوا مصادر دخلهم المحدودة. ومع غياب برامج الدعم، اضطرت كثير من الأسر إلى إرسال أبنائها من ذوي الإعاقة إلى شوارع المدينة، بحثاً عن أي مساعدة تساهم في تغطية احتياجاتهم الغذائية أو تكاليف العلاج باهظة الثمن.

وتؤكد أسرة تقيم في ضواحي صنعاء أن اثنين من أبنائها من ذوي الإعاقة لم يعودا قادرين على تلقي جلسات العلاج الطبيعي أو الحصول على أجهزة طبية مساعدة، مثل الأطراف الصناعية أو السماعات، بعد ارتفاع أسعارها وغياب الدعم المخصص لهم من «صندوق رعاية وتأهيل المعاقين» الخاضع لسيطرة الحوثيين.

وتضيف الأسرة أن الصندوق ـ الذي كان يعد المتنفس الوحيد لهذه الفئة ـ توقف عن تقديم معظم خدماته التعليمية والتأهيلية، مما أدى إلى حرمان مئات الأطفال من ذوي الإعاقة من حقهم في التعليم المتخصص.

ضحايا بلا رعاية

تقدّر مصادر يمنية حقوقية أن عدد ذوي الإعاقة في صنعاء وبقية مناطق سيطرة الحوثيين يتجاوز 4.5 مليون معاق، بينهم مصابون بإعاقات خلقية، وآخرون نتيجة الحرب التي أشعلتها الجماعة منذ انقلابها. وتؤكد التقديرات أن أكثر من 70 في المائة منهم محرومون من الحصول على أهم الاحتياجات الأساسية، وعلى رأسها الكراسي المتحركة، والأجهزة التعويضية، وجلسات العلاج الطبيعي، وبرامج التأهيل المهني.

جانب من زيارة قيادات حوثية لـ«صندوق رعاية وتأهيل المعاقين» في صنعاء (إعلام حوثي)

وأكد عاملون في «صندوق رعاية وتأهيل المعاقين» بصنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن هناك تراجعاً حاداً في الخدمات المقدمة، مشيرين إلى أن الصندوق يستقبل شهرياً نحو 800 حالة جديدة، معظمها تحتاج إلى رعاية طويلة المدى لا يستطيع الصندوق تلبيتها حالياً. وقالوا إن سيطرة الحوثيين على موارد الصندوق وقراراته أدت إلى إيقاف عشرات المراكز وتجميد برامج التأهيل، إضافة إلى تحويل جزء كبير من الدعم لصالح الجرحى والمقاتلين العائدين من الجبهات.

وأشار العاملون إلى أن المساعدات النقدية والأجهزة التعويضية تُمنح بشكل شبه حصري لعناصر الجماعة وجرحاها، في الوقت الذي يُترك فيه آلاف المعاقين المدنيين لمواجهة مصيرهم دون أي دعم.

تعبئة فكرية

وسط هذا الانهيار الإنساني، تواصل الجماعة الحوثية إخضاع عشرات الأطفال من ذوي الإعاقة في صنعاء لدورات فكرية وتعبوية تحت اسم «دورات توعوية»؛ إذ أفادت مصادر مطلعة بأن الجماعة جمعت خلال الأيام الماضية أطفالاً ومراهقين من تسعة مراكز وجمعيات متخصصة، تتراوح أعمارهم بين 10 و18 عاماً، وأخضعتهم لمحاضرات تهدف إلى غرس أفكارها العقائدية.

وتقول المصادر إن هذه هي المرة الثالثة منذ مطلع العام التي يتم فيها إخضاع قاصرين معاقين لمثل هذه الأنشطة، في خطوة أثارت سخطاً واسعاً بين أسر الضحايا، الذين اعتبروا ذلك استغلالاً فجاً لفئة يُفترض حمايتها وتمكينها بدلاً من تجييرها لصالح مشروع سياسي.

ويأتي ذلك بعد زيارة مفاجئة للقيادي الحوثي محمد مفتاح، القائم بأعمال رئيس حكومة الانقلاب، إلى مقر الصندوق، وهي زيارة رأى فيها مراقبون محاولة لشرعنة ممارسات الجماعة لا أكثر.

فتيات معاقات لدى مشاركتهن في برنامج تعبوي نظمه الحوثيون في صنعاء (فيسبوك)

ويحذر مختصون اجتماعيون في صنعاء من أن استمرار الإهمال وغياب برامج الدعم قد يدفعان بمزيد من ذوي الإعاقة إلى دوامة الفقر المدقع، ويعمق من معاناتهم الصحية والإنسانية. ويتهمون الجماعة الحوثية بأنها حولت هذه الفئة من مواطنين يحتاجون إلى رعاية إلى وسيلة للابتزاز السياسي والاستغلال الإعلامي.

ويطالب المختصون المؤسسات الدولية والمانحين بضرورة إعادة تفعيل برامج الدعم والتأهيل وضمان وصول المساعدات إلى مستحقيها بعيداً عن تدخّلات الحوثيين، داعين إلى وضع آلية رقابة مستقلة على البرامج الموجهة لذوي الإعاقة.

ويؤكد المختصون أن إنقاذ هذه الفئة يتطلب جهوداً عاجلة، خصوصاً في ظل الانهيار المتواصل للخدمات الصحية وارتفاع تكاليف العلاج وتوقف التمويل المحلي والدولي عن معظم المراكز.