اختراق نوعي في مشاورات الغاز بين موسكو وكييف

بوتين يقر بالتعويضات... ويؤكد التمسك بالشبكة الأوكرانية

اختراق نوعي في مشاورات الغاز بين موسكو وكييف
TT

اختراق نوعي في مشاورات الغاز بين موسكو وكييف

اختراق نوعي في مشاورات الغاز بين موسكو وكييف

أعلنت روسيا وأوكرانيا والمفوضية الأوروبية عن التوصل إلى «اتفاق مبدئي» بشأن الاتفاقية الجديدة حول إمدادات الغاز الروسي إلى أوكرانيا، وعبر شبكات أنابيبها إلى أوروبا، وسط مؤشرات تدل على تفاهمات بشأن شروط من الجانبين الروسي والأوكراني، كادت أن تحول دون أي تقدم بهذا الصدد.
وبالتزامن مع إعلان هذه التطور المهم للغاية، أكد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عزم بلاده توقيع اتفاقية جديدة مع أوكرانيا، وعدم وجود أي نوايا لديها للتخلي عن شبكة الترانزيت الأوكرانية. وكان لافتا أن دعا بوتين إلى الانطلاق في المفاوضات من حقيقة أن هناك تعويضات أقرتها محكمة ستوكهولم، مستحقة للجانب الأوكراني، علما بأنه طلب في وقت سابق من أوكرانيا التنازل عن تلك التعويضات كشرط لتوقيع اتفاقية «غاز» جديدة.
وكان مصير ترانزيت الغاز الروسي عبر أوكرانيا موضوعا رئيسيا توقف عنده الرئيس الروسي، في مؤتمره الصحافي السنوي أول من أمس الخميس. وضمن إجابته عن سؤال حول مستقبل العلاقة مع أوكرانيا، أشار إلى ما بات يُعرف باسم «حرب الغاز»؛ دلالة على الخلافات المستمرة بين روسيا وأوكرانيا في هذا المجال، ووصف العلاقات بين البلدين في هذا المجال بكونها «معقدة وحساسة»، لكنه أكد في ذات الوقت قائلا: «نريد حل هذه المشكلة».
ورغم انتقاده قرار محكمة ستوكهولم التي ألزمت «غاز بروم» الروسية بدفع تعويضات للجانب الأوكراني، في نزاع حول كميات الترانزيت، عاد الرئيس الروسي وأقر بأنه «يوجد قرار صادر عن محكمة. هذه حقيقة. سننطلق (في المحادثات مع أوكرانيا) من هذه الحقيقة». وكانت تلك التعويضات واحدة من العقبات الرئيسية في المحادثات مع أوكرانيا؛ حيث أصر بوتين في وقت سابق على تخلي الجانب الأوكراني عن تلك التعويضات كشرط لتوقيع اتفاقية غاز جديدة، ورفضت أوكرانيا هذا الشرط... إلا أن ليونة بهذا الصدد برزت من موسكو في أعقاب أول محادثات هاتفية أجراها بوتين مع الرئيس الأوكراني فلاديمير زيلينسكي نهاية الشهر الماضي.
وحملت تصريحات بوتين أول من أمس «رسائل طمأنة» لأوكرانيا والأوروبيين بشأن مصير الترانزيت عبر أوكرانيا بعد بدء العمل بشبكات أنابيب أخرى شيدتها روسيا، وقال: «على الرغم من تشييد بنى تحتية جديدة، مثل (سيل الشمال – 1)، و(سيل الشمال – 2)، و(السيل التركي)، فإننا سنحافظ على الترانزيت عبر أوكرانيا»، ولإزالة المخاوف من أن الاقتراح الروسي بتوقيع عقود سنوية مع أوكرانيا يعني أن روسيا ربما تستعد لوقف الإمدادات عبر الشبكة الأوكرانية، قال بوتين: «لا نية لدينا بتوقيع عقد لمدة محدودة ما، كي نقوم بعد ذلك بوقف الترانزيت. لن يحدث أمر كهذا، نحن مهتمون ونريد الحفاظ على هذا المسار (الترانزيت) المريح» عبر أوكرانيا. وعبر عن قناعته بالتوصل إلى اتفاقية جديدة، وأكد «سنسعى كي تكون أوكرانيا مرتاحة للاتفاق، ولا رغبة لدينا لتصعيد في مجال الطاقة، تماما كما لا توجد لدينا رغبة باستغلال الطاقة للتأثير على الوضع في أوكرانيا».
وبينما كان بوتين يتحدث من موسكو عن مصير إمدادات الغاز الروسي إلى أوكرانيا وعبر شبكاتها إلى أوروبا، انطلقت في العاصمة الألمانية برلين أول من أمس جولة جديدة من المشاورات الثلاثية حول مصير اتفاقية الغاز بين روسيا وأوكرانيا، شارك فيها وزير الطاقة الروسي ألكسندر نوفاك، ووزير الطاقة الأوكراني أليكسي أورجيل، وماروش شيفتشوفيتش، النائب السابق لرئيس المفوضية الأوروبية، والذي تقرر أن يستمر في متابعة هذا الملف. وعن ألمانيا شارك كل من بيتر ألتماير، وزير الاقتصاد، وغيورغ فالديرزي، المبعوث الفيدرالي الألماني الخاص لترانزيت الغاز عبر أوكرانيا. وخلال مشاورات استمرت ست ساعات، عمل جميع هؤلاء على تجاوز العقبات، وصياغة نص اتفاقية جديدة للغاز، يبدأ العمل بها مطلع العام القادم، خشية من توقف إمدادات الغاز الروسي إلى أوروبا وأوكرانيا، مع انتهاء العمل بالاتفاقية الحالية، التي وقعتها روسيا وأوكرانيا عام 2009، لمدة 10 سنوات.
وخلال مؤتمر صحافي مشترك في أعقاب المشاورات في برلين، أكد وزير الطاقة الروسي نوفاك إعداد بروتوكولا مفصلاً، قال إنه «جاهز إلى حد بعيد، ويحتاج إلى الموافقات» في العواصم، وعبر عن أمله بأن تتوصل الأطراف الثلاثة في وقت قريب إلى اتفاق يضمن استمرار إمدادات الغاز بعد الأول من يناير (كانون الثاني) القادم. ويبدو أن الأطراف تجاوزت عقبة «مدة الاتفاقية الجديدة»، إذ ترغب أوكرانيا في أن تكون كالاتفاقية السابقة، أي لمدة عشر سنوات، بينما تدعو روسيا إلى اتفاقية لمدة عام واحد. في هذا الصدد أشار نوفاك إلى أن المجتمعين بحثوا بالتفصيل المسائل المتعلقة بمدة الاتفاقية وحجم كميات الغاز للجانب الأوكراني بموجبها، لافتاً إلى جولة جديدة من المشاورات «في وقت قريب». وقالت شركة تخديم شبكة الأنابيب الأوكرانية، إن محادثات تقنية ستجري مع شركة «غاز بروم» الروسية اليوم السبت 21 ديسمبر (كانون الأول).
من جانبه أكد وزير الطاقة الأوكراني أليكسي أورجيل اقتراب روسيا وأوكرانيا من «الحل النهائي» خلال المحادثات في برلين، وقال: «قمنا بمعالجة النص النهائي للاتفاقية، والذي قربنا من التوقيع»، وعبر عن يقينه بأن روسيا وأوكرانيا ستتوصلان قريبا إلى نتائج إيجابية. ولم يكشف أي من الأطراف عن تفاصيل الاتفاقية الجديدة، وقال يوري فيترينكو، المدير التنفيذي لشركة «نافتو غاز» الأوكرانية، إن الاتفاقية على شكل حزمة تشمل جميع القضايا، ولا بد من بحثها مع رئيسي البلدين، قبل التوقيع عليها. وعبر ممثل المفوضية الأوروبية عن ارتياحه لنتائج المشاورات في برلين، وقال: «لقد توصلنا اليوم إلى اتفاق مبدئي، وسيجري بحث التفاصيل في العواصم»، مؤكدا أن هذه النتيجة إيجابية لروسيا وأوكرانيا وأوروبا في آن واحد.



الأسواق الأميركية تشهد تراجعاً بسبب بيانات اقتصادية محبطة

متداولون يعملون في بورصة نيويورك (رويترز)
متداولون يعملون في بورصة نيويورك (رويترز)
TT

الأسواق الأميركية تشهد تراجعاً بسبب بيانات اقتصادية محبطة

متداولون يعملون في بورصة نيويورك (رويترز)
متداولون يعملون في بورصة نيويورك (رويترز)

انخفضت مؤشرات الأسهم الأميركية، يوم الخميس، في ظل بيانات اقتصادية محبِطة قد تشير إلى تباطؤ في النمو الاقتصادي. وتراجع مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» بنسبة 0.2 في المائة خلال التعاملات المبكرة، متجهاً نحو خَسارته الثالثة في الأيام الأربعة الماضية، وهو ما يشير إلى تعثر ملحوظ بعد ارتفاعه الكبير، هذا العام.

وفي المقابل، ارتفع مؤشر «داو جونز» الصناعي بمقدار 23 نقطة، أو 0.1 في المائة، في حين انخفض مؤشر «ناسداك» المركب بنسبة 0.4 في المائة، مقارنةً بأعلى مستوى سجله في اليوم السابق، وفق وكالة «أسوشييتد برس».

وتأثرت الأسواق بتقرير يُظهر ارتفاعاً في عدد الأميركيين الذين تقدموا بطلبات للحصول على إعانات البطالة، الأسبوع الماضي، بالإضافة إلى تحديث آخر أظهر أن التضخم على مستوى الجملة، قبل أن يصل إلى المستهلكين الأميركيين، كان أعلى من المتوقع في الشهر الماضي.

وعلى الرغم من أن هذه التقارير لا تشير إلى كارثة وشيكة، فإنها تثير القلق بشأن بعض الآمال التي كانت تدعم مؤشرات الأسهم، وخاصة «ستاندرد آند بورز 500» الذي وصل إلى أعلى مستوى له، هذا العام، حيث كانت السوق تُعوّل على تباطؤ التضخم بما يكفي لإقناع بنك الاحتياطي الفيدرالي بمواصلة خفض أسعار الفائدة، مع بقاء الاقتصاد قوياً بما يكفي لتفادي الركود.

ومن بين التقريرين، قد يكون التحديث الأكثر تأثيراً هو الأضعف لسوق العمل، وهو ما يَعدُّه كريس لاركين، المدير الإداري للتداول والاستثمار في «إي تريد» من «مورغان ستانلي»، عاملاً مهماً في حسم مسار السوق. ولفت إلى أن ارتفاع أسعار البيض ربما يكون السبب وراء أرقام التضخم التي جاءت أعلى من المتوقع. وأضاف لاركين أن «أسبوعاً واحداً من البيانات الضعيفة لا ينفي الاتجاه العام القوي لسوق العمل، لكن بنك الاحتياطي الفيدرالي سيكون حذراً في التعامل مع أي إشارات على ضعف سوق الوظائف».

ويتوقع المستثمرون بشكل شبه مؤكَّد أن يقوم بنك الاحتياطي الفيدرالي بتخفيض سعر الفائدة الرئيسي، في اجتماعه المرتقب الأسبوع المقبل، ما يمثل التخفيض الثالث على التوالي، بعد أن بدأ خفض الفائدة في سبتمبر (أيلول) الماضي، بعدما كانت عند أعلى مستوياتها منذ عقدين. ويأمل البنك أن يسهم هذا التخفيض في دعم سوق العمل المتباطئة مع السعي لتحقيق هدف التضخم البالغ 2 في المائة. إلا أن هذه الخطوة قد تثير أيضاً القلق بشأن تعزيز التضخم في المستقبل.

في سياق مماثل، كان هذا التوجه في السياسة النقدية مواكباً لخطوات مماثلة اتخذتها بنوك مركزية أخرى. فقد قام البنك المركزي الأوروبي بتخفيض أسعار الفائدة بمقدار ربع نقطة مئوية، كما كان متوقعاً، بينما خفَّض البنك الوطني السويسري سعر الفائدة بمقدار نصف نقطة مئوية، في خطوة حادة تعكس التحديات الاقتصادية العالمية الراهنة. من جانب آخر، أشار البنك المركزي السويسري إلى أن الوضع الاقتصادي العالمي يشوبه عدم اليقين، ولا سيما مع تأثيرات السياسة الاقتصادية المرتقبة تحت إدارة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، إضافة إلى التقلبات في السياسة الاقتصادية بأوروبا.

على صعيد الأسهم، تراجعت أسهم شركة «أدوبي» بنسبة 11.4 في المائة، على الرغم من إعلانها أرباحاً تفوق توقعات المحللين للربع الأخير، حيث قدمت الشركة توقعات لأرباح وإيرادات في سنتها المالية المقبلة التي جاءت أقل قليلاً من تقديرات السوق. في المقابل، ارتفعت أسهم «كروغر» بنسبة 2.9 في المائة، بعد أن أعلنت عودتها لشراء أسهمها مرة أخرى، بعد إلغاء محاولتها السابقة للاندماج مع «ألبرتسونز». ووافق مجلس إدارة «كروغر» على برنامج لإعادة شراء أسهم بقيمة تصل إلى 7.5 مليار دولار، ليحل محل تفويض سابق كان بقيمة مليار دولار فقط.

وفي أسواق الأسهم العالمية، ظلت المؤشرات الأوروبية مستقرة إلى حد ما، بعد قرار البنك المركزي الأوروبي خفض أسعار الفائدة، بينما كانت الأسواق الآسيوية أكثر قوة، فقد ارتفعت مؤشرات الأسهم في هونغ كونغ بنسبة 1.2 في المائة، وفي شنغهاي بنسبة 0.8 في المائة، في حين سجل مؤشر «كوسبي» في كوريا الجنوبية زيادة بنسبة 1.6 في المائة، محققاً ثالث مكاسبه المتتالية، مع تراجع الاضطرابات السياسية التي شهدتها البلاد، الأسبوع الماضي، حين أعلن رئيسها، لفترة وجيزة، الأحكام العرفية.

وفي سوق السندات، ارتفع عائد سندات الخزانة الأميركية لأجل 10 سنوات إلى 4.29 في المائة، مقارنةً بـ4.27 في المائة بنهاية يوم الأربعاء، في حين انخفض عائد سندات الخزانة الأميركية لأجل عامين إلى 4.15 في المائة، من 4.16 في المائة.