صدام حاد بين الحكومة الإسرائيلية ومؤسستها القضائية

TT

صدام حاد بين الحكومة الإسرائيلية ومؤسستها القضائية

دخلت الحكومة الإسرائيلية بقيادة بنيامين نتنياهو في صدام حاد مع المحكمة العليا ومؤسستها القضائية، على خلفية المحاكمة بتهم الفساد. فقد قرر وزير القضاء المقرب من نتنياهو، أمير أوحانا، تعيين موظفة صغيرة في منصب المدعي العام الجديد، وردت محكمة العدل العليا، أمس (الأربعاء)، بتجميد التعيين. فراح قادة اليمين يهاجمون المحكمة ومؤسسة القضاء برمتها. وردت المعارضة باتهام نتنياهو بمحاولة السيطرة على جهاز النيابة حتى يعرقل محاكمته، ويظل رئيساً للحكومة لأطول فترة ممكنة.
وكان وزير القضاء، قد عين المحامية أورلي بن أري غينزبيرغ، قائمة بأعمال النائب العام للدولة، متجاهلاً موقف النيابة العامة ورئيسها السابق، شاي نتسان، والمستشار القضائي للحكومة، أبيحاي مندلبليت، ومفوض خدمات الدولة، البروفسور دانييل هيرشكوفيتش، الذين أوصوا بتعيين نائب رئيس النيابة الحالي، شلومو لمبرغر، في المنصب. وقال د. أبيعاد شراغا، رئيس «جمعية نقاوة الحكم» التي رفعت الدعوى باسمها، إن أوحانا تعمد هذا التعيين وخطط للضجة التي تدور من حوله اليوم، لكي يؤجج العداء تجاه المؤسسة القضائية في الشارع ويخدم بذلك رئيسه، بنيامين نتنياهو. فهو يعرف أن كبار المسؤولين في المؤسسة القضائية، يعارضون التعيين، مع نتنياهو هو الذي كان قد عينهم في مناصبهم. وأضاف: «نتنياهو رئيس حكومة متهم بالفساد. استخدم الحكم لكي يتسلط على الدولة. ويفتش عن طريقة لإجهاض محاكمته. والخطة هي أن يعين محامية من الدرجة الرابعة في منصب النائب العام، حتى يمرر خطته ضد المؤسسة القضائية التي تحاكمه».
وأضاف شراغا: «محكمة العدل العليا التي تتصرف عادة بحذر ولا تتدخل في تعيينات بوظائف كبيرة كهذه، رأت أن هذا التعيين يشكل خطورة على نزاهة الحكم وسلامة الدولة. فقررت التدخل وأصدرت أمراً احترازياً ضد وزير القضاء، أمير أوحانا، يقضي بتجميد تعيينه لأنها وجدت اعتبارات مشبوهة بشكل متطرف لهذا التعيين. وقد قلنا للمحكمة إن هذا التعيين ينطوي على نقص شديد في طهارة اليد والنية الحسنة، ويحتوي على مؤشرات للرغبة في إضعاف (حراس العتبة) وجهاز إنفاذ القانون، ذات العلاقة، والمرتبطة بملفات التحقيق ضد رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو».
وقال شراغا إن «الوزير أوحانا قام بخطوة خطيرة للغاية. فهذا الوزير، الذي عينه نتنياهو مؤخراً في هذا المنصب، يثبت أن تعيينه جاء لخدمة غرض محدد هو التشويش على الإجراءات القضائية التي تنفذها النيابة ضد المتهم نتنياهو، وربما لتنفيذ عملية تصفية مركزية لمكتب المدعي العام، عن طريق تعيين شخص لا يملك المؤهلات المطلوبة لتولي المنصب. فلا يمكن تعيين موظفة في منصب (نائبة ادعاء عام في منطقة)، في منصب المدعي العام، مثلما لا يمكن تعيين قائد وحدة عسكرية صغيرة في منصب رئيس أركان الجيش، وخاصة في أوج الحرب». وتابع المسؤول، أنه «من الواضح أن كل هذا جرى بشكل متعمد ومقصود، من أجل أن ترفض المحكمة التعيين، وهكذا سيكون بحوزة أوحانا ونتنياهو ورعيتهما مواد مشتعلة ضد الجهاز القضائي مع اقتراب الانتخابات. ولأسفي الشديد، استغلوا السيدة بن آري في هذه القصة، والتفوا عليها، وبعد أن ترفض المحكمة العليا التعيين سيلقون بها إلى الكلاب». وقال رئيس كتلة «المعسكر الديمقراطي»، النائب نتسان هوروفتس، إن هذا التعيين سياسي بامتياز ولذلك فإنه مرفوض. فوزير العدل يريد إضعاف النيابة وإرضاء رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو المتهم بجرائم فساد.
من جهته، أعلن المستشار القضائي للحكومة الإسرائيلية، أبيحاي مندلبليت، أمس، أن تعيين أوحانا لبن آري يتجاوز حدود المعقول «بصورة متطرفة»، وأنه يوجد مانع قانوني في إقرار التعيين. وأبلغ مندلبليت الوزير أنه لا يستطيع الظهور في المحكمة باسم الدولة للدفاع عن هذا التعيين، ما دفع أوحانا إلى اختيار محام خاص يمثله في المحكمة.
إلا أن التعيين حظي بتأييد جميع قادة أحزاب اليمين، حتى منافس نتنياهو على رئاسة الليكود، جدعون ساعر، تبنى القرار، وقال إن محكمة العدل العليا أخطأت عندما قررت التدخل. ودعاها إلى رد الدعوى ومنح الحكومة حقها في تعيين موظفيها.



رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
TT

رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

حظيت رسائل «طمأنة» جديدة أطلقها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، خلال احتفال الأقباط بـ«عيد الميلاد»، وأكد فيها «قوة الدولة وصلابتها»، في مواجهة أوضاع إقليمية متوترة، بتفاعل واسع على مواقع التواصل الاجتماعي.

وقال السيسي، خلال مشاركته في احتفال الأقباط بعيد الميلاد مساء الاثنين، إنه «يتابع كل الأمور... القلق ربما يكون مبرراً»، لكنه أشار إلى قلق مشابه في الأعوام الماضية قبل أن «تمر الأمور بسلام».

وأضاف السيسي: «ليس معنى هذا أننا كمصريين لا نأخذ بالأسباب لحماية بلدنا، وأول حماية فيها هي محبتنا لبعضنا، ومخزون المحبة ورصيدها بين المصريين يزيد يوماً بعد يوم وهو أمر يجب وضعه في الاعتبار».

السيسي يحيّي بعض الأقباط لدى وصوله إلى قداس عيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

وللمرة الثانية خلال أقل من شهر، تحدث الرئيس المصري عن «نزاهته المالية» وعدم تورطه في «قتل أحد» منذ توليه المسؤولية، قائلاً إن «يده لم تتلوث بدم أحد، ولم يأخذ أموال أحد»، وتبعاً لذلك «فلا خوف على مصر»، على حد تعبيره.

ومنتصف ديسمبر (كانون الأول) الماضي، قال السيسي في لقاء مع إعلاميين، إن «يديه لم تتلطخا بالدم كما لم تأخذا مال أحد»، في إطار حديثه عن التغييرات التي تعيشها المنطقة، عقب رحيل نظام بشار الأسد.

واختتم السيسي كلمته بكاتدرائية «ميلاد المسيح» في العاصمة الجديدة، قائلاً إن «مصر دولة كبيرة»، مشيراً إلى أن «الأيام القادمة ستكون أفضل من الماضية».

العبارة الأخيرة، التي كررها الرئيس المصري ثلاثاً، التقطتها سريعاً صفحات التواصل الاجتماعي، وتصدر هاشتاغ (#مصر_دولة_كبيرة_أوي) «التريند» في مصر، كما تصدرت العبارة محركات البحث.

وقال الإعلامي المصري، أحمد موسى، إن مشهد الرئيس في كاتدرائية ميلاد المسيح «يُبكي أعداء الوطن» لكونه دلالة على وحدة المصريين، لافتاً إلى أن عبارة «مصر دولة كبيرة» رسالة إلى عدم مقارنتها بدول أخرى.

وأشار الإعلامي والمدون لؤي الخطيب، إلى أن «التريند رقم 1 في مصر هو عبارة (#مصر_دولة_كبيرة_أوي)»، لافتاً إلى أنها رسالة مهمة موجهة إلى من يتحدثون عن سقوط أو محاولة إسقاط مصر، مبيناً أن هؤلاء يحتاجون إلى التفكير مجدداً بعد حديث الرئيس، مؤكداً أن مصر ليست سهلة بقوة شعبها ووعيه.

برلمانيون مصريون توقفوا أيضاً أمام عبارة السيسي، وعلق عضو مجلس النواب، محمود بدر، عليها عبر منشور بحسابه على «إكس»، موضحاً أن ملخص كلام الرئيس يشير إلى أنه رغم الأوضاع الإقليمية المعقدة، ورغم كل محاولات التهديد، والقلق المبرر والمشروع، فإن مصر دولة كبيرة وتستطيع أن تحافظ علي أمنها القومي وعلى سلامة شعبها.

وثمّن عضو مجلس النواب مصطفى بكري، كلمات السيسي، خاصة التي دعا من خلالها المصريين إلى التكاتف والوحدة، لافتاً عبر حسابه على منصة «إكس»، إلى مشاركته في الاحتفال بعيد الميلاد الجديد بحضور السيسي.

وربط مصريون بين عبارة «مصر دولة كبيرة» وما ردده السيسي قبل سنوات لقادة «الإخوان» عندما أكد لهم أن «الجيش المصري حاجة كبيرة»، لافتين إلى أن كلماته تحمل التحذير نفسه، في ظل ظهور «دعوات إخوانية تحرض على إسقاط مصر

وفي مقابل الكثير من «التدوينات المؤيدة» ظهرت «تدوينات معارضة»، أشارت إلى ما عدته تعبيراً عن «أزمات وقلق» لدى السلطات المصرية إزاء الأوضاع الإقليمية المتأزمة، وهو ما عدّه ناجي الشهابي، رئيس حزب «الجيل» الديمقراطي، قلقاً مشروعاً بسبب ما تشهده المنطقة، مبيناً أن الرئيس «مدرك للقلق الذي يشعر به المصريون».

وأوضح الشهابي، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أنه «رغم أن كثيراً من الآراء المعارضة تعود إلى جماعة الإخوان وأنصارها، الذين انتعشت آمالهم بعد سقوط النظام السوري، فإن المصريين يمتلكون الوعي والفهم اللذين يمكنّانهم من التصدي لكل الشرور التي تهدد الوطن، ويستطيعون التغلب على التحديات التي تواجههم، ومن خلفهم يوجد الجيش المصري، الأقوى في المنطقة».

وتصنّف السلطات المصرية «الإخوان» «جماعة إرهابية» منذ عام 2013، حيث يقبع معظم قيادات «الإخوان»، وفي مقدمتهم المرشد العام محمد بديع، داخل السجون المصرية، بعد إدانتهم في قضايا عنف وقتل وقعت بمصر بعد رحيل «الإخوان» عن السلطة في العام نفسه، بينما يوجد آخرون هاربون في الخارج مطلوبون للقضاء المصري.

بينما عدّ العديد من الرواد أن كلمات الرئيس تطمئنهم وهي رسالة في الوقت نفسه إلى «المتآمرين» على مصر.