لا يزال «داعش» مهيمنا على القتال الدائر في محافظة الأنبار العراقية حتى بعد أسابيع من بدء شن الحملة الجوية الأميركية، بينما يواجه الجيش العراقي صعوبة مواصلة القتال، ولم يتمكن من تحقيق الاستفادة القصوى من الدعم الجوي الذي يقدمه التحالف، وفقا لما أفاد به مسؤولون. ووفقا لمسؤولين في واشنطن، فإن غارات التحالف لعبت دورا كبيرا في تمكين القوات العراقية والكردية من القتال في أقصى الشمال وفي سوريا وتحقيق مكاسب في مواجهة المتشددين، لكن الحملة الجوية محدودة في الأنبار، ويعزى ذلك جزئيا إلى التزام القوات العراقية البقاء في ثكناتها. ولهذا، يمارس المستشارون العسكريون الأميركيون ضغوطا متزايدة على العراقيين لكي يتركوا ثكناتهم ويغتنمون الفرصة لقتال «داعش».
في المقابل، استغل مقاتلو «داعش» الوتيرة البطيئة على الجانب الآخر من خلال تكثيف حملتهم على مدى الأسابيع الأخيرة؛ حيث استولوا على البلدات والثكنات العسكرية الواقعة على طول وادي نهر الفرات في الأنبار.
وكان تقدم «داعش» يشكل أحد الشواغل الرئيسة لدى السلطات العراقية منذ بداية العام. ففي بادئ الأمر، أوجد المسلحون موطئ قدم لهم هناك في يناير (كانون الثاني) عندما سيطروا على مدينة الفلوجة. كما وسعوا من نطاق سيطرتهم على جميع أنحاء المحافظة، من خلال استخدام القوة في بعض الأحيان، فضلا عن استغلال الاستياء الشديد بين أبناء السنة جراء تهميش الحكومة لهم في بغداد.
ورغم القتال الدائر في تلك الأماكن، لم يجر شن سوى غارة جوية واحدة من قبل قوات التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة. ويرى بعض المسؤولين أن الحملة الجوية في الأنبار كانت محدودة جزئيا بسبب طبيعة التضاريس التي تجعل من الصعب الحصول على دعم جوي، مع استغلال المسلحين البساتين والمدن والبلدات الواقعة على ضفاف نهر الفرات للاختباء. وأفاد مسؤولون أميركيون بأن القلق يساورهم، على وجه الخصوص، إزاء سقوط ضحايا من المدنيين. وأشاروا كذلك إلى أن سوء الأحوال الجوية حال دون طلعات المراقبة الجوية في الأيام الأخيرة، كما أن التركيز المكثف على كوباني في سوريا حوّل مسار الطائرات.
وذكر بعض المسؤولين أيضا أنه منذ بدء الحملة الجوية للتحالف، تعلم مقاتلو «داعش» عبر العراق وسوريا كيفية الانتشار في شكل فرق أصغر، كما أنهم أولو مزيدا من الاهتمام بإخفاء الأسلحة والمعدات.
ويؤكد المسؤولون الأميركيون أنهم بحثهم على أخذ زمام المبادرة لا يقصدون خروج القوات العراقية في الأنبار من قواعدها قبل أن يجري تدريبها وتسليحها بشكل مناسب. وقال أحد كبار المسؤولين العسكريين الأميركيين في واشنطن، الذي اشترط عدم الكشف عن هويته بسبب مناقشة اعتبارات أمنية تتعلق بالمعركة: «المستشارون الأميركيون يبذلون قصارى جهدهم لمساعدة قوات الأمن العراقية كي تكون أكثر كفاءة ولديها قدر من الثقة في هذا المجال»، وأضاف: «إنهم يحاولون أن يجعلوهم قادرين على طرد (داعش) بقدر استطاعتهم».
لكن المكاسب التي استطاع «داعش» تحقيقها في الأنبار أثارت المخاوف في أوساط المسؤولين العراقيين ونظرائهم الأميركيين. إذ إن سيطرة التنظيم على المحافظة من شأنه أن يتيح المجال أمام مسلحيه للتنقل من الحدود السورية في الغرب وحتى مشارف بغداد في الشرق، ومن بابل في الجنوب إلى الموصل في أقصى الشمال، فيما يرى بعض المحللين أن تحقيق «داعش» المزيد من المكاسب في الأنبار من شأنه أن يشكل خطرا كبيرا على مطار بغداد الدولي وينذر بسقوطه، جنبا إلى جنب مع سقوط العاصمة ذاتها في أيدي التنظيم. مع ذلك، يصر المسؤولون العراقيون والأميركيون على أن بغداد ليست معرضة لخطر السقوط نظرا إلى تمركز عشرات الآلاف من القوات الحكومية العراقية وعناصر الميليشيات الشيعية في المدينة، فضلا عن الوجود الكثيف للأسلحة الأميركية في المطار، بما في ذلك طائرات هليكوبتر من طراز «أباتشي».
لكن المسؤولين يرجحون أن يواصل المسلحون البحث عن نقاط الضعف في الدفاعات الخارجية للمدينة، بالإضافة إلى إرسال انتحاريين إلى الأحياء الشيعية المزدحمة لإثارة عداوات طائفية وزيادة حدة التوترات بالمدينة.
وفي حثهم القوات العراقية على أخذ زمام المبادرة في الأنبار، يشير المسؤولون الأميركيون إلى النجاحات التي تحققت في الأماكن الأخرى، بما فيها استعادة القوات العراقية سد الموصل وكسر الحصار المفروض على قرية آمرلي في محافظة صلاح الدين. وبالمثل، نجحت قوات البيشمركة في شن هجمات ناجحة، بدعم من الغارات الجوية، لاستعادة عدة بلدات بما فيها بلدة ربيعة الواقعة على الحدود مع سوريا. وفي الأسبوع الماضي، سجلت القوات العراقية انتصارا نادرا وكبيرا في الأنبار عندما تمكن الجيش العراقي من طرد «داعش» من 3 بلدات شمال شرقي الأنبار.
* خدمة «نيويورك تايمز»
مسؤولون أميركيون: نسعى لحث القوات العراقية على مبارحة ثكناتها ومهاجمة «داعش»
أقروا بأن الغارات الجوية في الأنبار كانت محدودة حتى الآن
مسؤولون أميركيون: نسعى لحث القوات العراقية على مبارحة ثكناتها ومهاجمة «داعش»
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة