المغرب يسد الطريق أمام أطماع إسبانيا بترسيم حدوده البحرية

اعتمد قانونين جديدين يستندان على القانون الدولي وتقنيات دقيقة لرسم الحدود

TT

المغرب يسد الطريق أمام أطماع إسبانيا بترسيم حدوده البحرية

صادقت لجنة الخارجية المغربية والدفاع الوطني والشؤون الإسلامية والمغاربة من المقيمين في الخارج بمجلس النواب (الغرفة الأولى بالبرلمان)، مساء أول من أمس، بالإجماع على مشروعي قانونين يهدفان إلى بسط السيادة المغربية الكاملة على كافة مجالاتها البحرية، طبقا للقانون الدولي للبحار، المعتمد من طرف الأمم المتحدة.
ويتعلق القانون الأول بحدود المياه الإقليمية المغربية، والثاني بإحداث منطقة اقتصادية خالصة على مسافة 200 ميل بحري عرض الشواطئ المغربية.
ويأتي اعتماد هذين القانونين في سياق سلسلة من التوترات بين المغرب وإسبانيا منذ بداية الألفية الجديدة، حيث تسعى إسبانيا منذ 2001 إلى بسط سيطرتها على المياه الإقليمية، المحاذية للمحافظات الصحراوية، انطلاقا من جزر الكناري الواقعة قبالة سواحل الصحراء. وقد سبق لإسبانيا أن تقدمت للأمم المتحدة في ديسمبر (كانون الأول) 2014 بطلب لتمديد مياهها الإقليمية غرب وجنوب غربي جزر الكناري إلى مدى 350 ميلا، بدل 200 ميل، وهو ما عارضه المغرب بشدة، كونه سيبسط نفوذ إسبانيا على السواحل الملاصقة لمحافظاتها الجنوبية.
وتنازع إسبانيا سيادة المغرب على هذه السواحل، معتبرة أن قضية الصحراء لم تحسم بعد، وتزعم أن ولاية المغرب في منطقة الصحراء إدارية فقط، وليست سياسية. غير أن السبب الحقيقي وراء الأطماع الإسبانية هو الإقبال الكبير للشركات العالمية على التنقيب عن النفط والغاز في النطاق البحري الأطلسي، انطلاقا من جنوب المغرب في اتجاه موريتانيا والسنغال، وغرب أفريقيا جنوبا، والعثور على ثروات نفطية مهمة في تلك المناطق.
وبمناسبة تقديم مشروعي القانونين الجديدين للجنة الدفاع الوطني بمجلس النواب، مساء أول من أمس، قال ناصر بوريطة، وزير الخارجية والتعاون الأفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، إن هناك مجموعة من المحددات وراء إعداد وعرض هذه المشاريع في هذه الظرفية بالذات، وهي محددات متداخلة ومتقاطعة، منها السياسي والقانوني والاقتصادي، وكذا الإجرائي - التقني، مشددا على أن عمقها يأتي حرصا من قبل المغرب على حماية وصون مصالحه العليا على مستوى ترابه، وعلى المستوى الجغرافي والسياسي للمنطقة.
وأضاف بوريطة أن بسط السيادة المغربية على كامل مجاله البحري والبري «يعد خيارا استراتيجيا مؤسسا على حقوق المغرب المشروعة، ويستند إلى مرتكزات قانونية وجيهة، عملا بدبلوماسية الوضوح والطموح التي يريدها العاهل المغربي الملك محمد السادس»، مشيرا إلى أن طرح هذين القانونين يهدف إلى ملء الفراغ التشريعي في المنظومة الوطنية المتعلقة بالمجالات البحرية، وملاءمتها مع متطلبات فرض المغرب لسيادته الكاملة على ترابه الوطني، ومياهه الإقليمية.
وأشار بوريطة إلى أن وضع هذين القانونين يأتي في سياق تنفيذ التوجيهات، التي تضمنها خطاب الملك محمد السادس بمناسبة الذكرى الـ44 للمسيرة الخضراء، والتي دعا فيها إلى ضرورة استيعاب كافة المجال الترابي للبلاد، إذ أشار العاهل المغربي في خطابه إلى أن «المسيرة الخضراء مكنت من استرجاع المغرب لأقاليمه الجنوبية. ومنذ ذلك الوقت تغيرت خريطة المغرب، ولم نستوعب بأن الرباط صارت في أقصى الشمال، وأكادير هي الوسط الحقيقي للبلاد».
وأوضح بوريطة أن هدف القانونين الجديدين المعروضين على البرلمان هو تحيين الترسانة القانونية المغربية في المجال البحري، عبر إدراج المعطيات العلمية والجغرافية، المتعلقة بتحديد «الخط الأساسي» للمناطق البحرية ما وراء «الرأس الأيوبي» بطرفاية (جنوب أغادير) إلى سواحل المحيط الأطلسي على طول الأقاليم الجنوبية للمملكة.
وخلص بوريطة إلى القول إن من شأن هذا الوضوح القانوني أن «يشكل لا محالة أرضية تفاوضية صلبة لأي تسوية أو اتفاق، قد يتم بهذا الخصوص مع الدول التي لها شواطئ متاخمة أو مقابلة لبلادنا»، مؤكدا أن «القيام بهذا العمل التشريعي السيادي لا يعني عدم انفتاح المغرب على حل أي نزاع حول التحديد الدقيق لمجالاته البحرية مع الجارتين إسبانيا وموريتانيا، وذلك في إطار الحوار البناء والشراكة الإيجابية».



تهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل وسيلة الحوثيين لإرهاب السكان

وقفة للجماعة الحوثية في وسط العاصمة صنعاء ضد الضربات الأميركية البريطانية على مواقعها (أ.ب)
وقفة للجماعة الحوثية في وسط العاصمة صنعاء ضد الضربات الأميركية البريطانية على مواقعها (أ.ب)
TT

تهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل وسيلة الحوثيين لإرهاب السكان

وقفة للجماعة الحوثية في وسط العاصمة صنعاء ضد الضربات الأميركية البريطانية على مواقعها (أ.ب)
وقفة للجماعة الحوثية في وسط العاصمة صنعاء ضد الضربات الأميركية البريطانية على مواقعها (أ.ب)

أفرجت الجماعة الحوثية عن عدد ممن اختطفتهم، على خلفية احتفالاتهم بعيد الثورة اليمنية في سبتمبر (أيلول) الماضي، لكنها اختطفت خلال الأيام الماضية المئات من سكان معقلها الرئيسي في صعدة، ووجَّهت اتهامات لهم بالتجسس، بالتزامن مع بث اعترافات خلية مزعومة، واختطاف موظف سابق في السفارة الأميركية.

وذكرت مصادر محلية في محافظة صعدة (242 كيلومتراً شمال صنعاء)، أن الجماعة الحوثية تنفِّذ منذ عدة أيام حملة اختطافات واسعة طالت مئات المدنيين من منازلهم أو مقار أعمالهم وأنشطتهم التجارية، وتقتادهم إلى جهات مجهولة، بتهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل، مع إلزام أقاربهم بالصمت، وعدم التحدُّث عن تلك الإجراءات إلى وسائل الإعلام، أو عبر مواقع التواصل الاجتماعي.

وقدرت المصادر عدد المختطَفين بأكثر من 300 شخص من مديريات مختلفة في المحافظة التي تُعدّ معقل الجماعة، بينهم عشرات النساء، وشملت حملة المداهمات منازل عائلات أقارب وأصدقاء عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني، عثمان مجلي، الذي ينتمي إلى صعدة.

فعالية حوثية في صعدة التي تشهد حملة اختطافات واسعة لسكان تتهمم الجماعة بالتجسس (إعلام حوثي)

ورجحت المصادر أن اختطاف النساء يأتي بغرض استخدامهن رهائن لابتزاز أقاربهن الذين لم تتمكن الجماعة من الوصول إليهم، أو لإقامتهم خارج مناطق سيطرتها، ولإجبار من اختُطفنَ من أقاربهم على الاعتراف بما يُطلب منهن. وسبق للجماعة الحوثية اتهام حميد مجلي، شقيق عضو مجلس القيادة الرئاسي، أواخر الشهر الماضي، بتنفيذ أنشطة تجسسية ضدها، منذ نحو عقدين لصالح دول عربية وغربية.

إلى ذلك، اختطفت الجماعة الحوثية، الاثنين الماضي، موظفاً سابقاً في سفارة الولايات المتحدة في صنعاء، من منزله دون إبداء الأسباب.

وبحسب مصادر محلية في صنعاء؛ فإن عدداً من العربات العسكرية التابعة للجماعة الحوثية، وعليها عشرات المسلحين، حاصرت مقر إقامة رياض السعيدي، الموظف الأمني السابق لدى السفارة الأميركية في صنعاء، واقتحمت مجموعة كبيرة منهم، بينها عناصر من الشرطة النسائية للجماعة، المعروفة بـ«الزينبيات»، منزله واقتادته إلى جهة غير معلومة.

مسلحون حوثيون يحاصرون منزل موظف أمني في السفارة الأميركية في صنعاء قبل اختطافه (إكس)

وعبث المسلحون و«الزينبيات» بمحتويات منزل السعيدي خلال تفتيش دقيق له، وتعمدوا تحطيم أثاثه ومقتنياته، وتسببوا بالهلع لعائلته وجيرانه.

إفراج عن مختطَفين

أفرجت الجماعة الحوثية عن الشيخ القبلي (أمين راجح)، من أبناء محافظة إب، بعد 4 أشهر من اختطافه، كما أفرجت عن عدد آخر من المختطفين الذين لم توجه لهم أي اتهامات خلال فترة احتجازهم.

وراجح هو أحد قياديي حزب «المؤتمر الشعبي» الذين اختطفتهم الجماعة الحوثية إلى جانب عدد كبير من الناشطين السياسيين وطلاب وشباب وعمال وموظفين عمومين، خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، على خلفية احتفالهم بثورة «26 سبتمبر» 1962.

مخاوف متزايدة لدى اليمنيين من توسيع حملات الترهيب الحوثية بحجة مواجهة إسرائيل (أ.ب)

ومن بين المفرَج عنهم صاحب محل تجاري أكَّد لـ«الشرق الأوسط» أنه لم يعلم التهمة التي اختُطِف بسببها؛ كونه تعرض للاختطاف في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، أي بعد شهرين من حملة الاختطافات التي طالت المحتفلين بذكرى الثورة اليمنية.

وذكر أن الوسطاء الذين سعوا لمحاولة الإفراج عنه لم يعرفوا بدورهم سبب اختطافه؛ حيث كان قادة أجهزة أمن الجماعة يخبرونهم في كل مرة بتهمة غير واضحة أو مبرَّرة، حتى جرى الإفراج عنه بعد إلزامه بكتابة تعهُّد بعدم مزاولة أي أنشطة تخدم أجندة خارجية.

خلية تجسس مزعومة

بثَّت الجماعة الحوثية، عبر وسائل إعلامها، اعترافات لما زعمت أنها خلية تجسسية جديدة، وربطت تلك الخلية المزعومة بما سمته «معركة الفتح الموعود والجهاد المقدس»، في مواجهة الغرب وإسرائيل.

وطبقاً لأجهزة أمن الجماعة، فإن الخلية المزعومة كانت تسعى لإنشاء بنك أهداف، ورصد ومراقبة المواقع والمنشآت التابعة للقوة الصاروخية، والطيران المسيَّر، وبعض المواقع العسكرية والأمنية، بالإضافة إلى رصد ومراقبة أماكن ومنازل وتحركات بعض القيادات.

خلال الأشهر الماضية زعمت الجماعة الحوثية ضبط عدد كبير من خلايا التجسس (إعلام حوثي)

ودأبت الجماعة، خلال الفترة الماضية، على الإعلان عن ضبط خلايا تجسسية لصالح الغرب وإسرائيل، كما بثَّت اعترافات لموظفين محليين في المنظمات الأممية والدولية والسفارات بممارسة أنشطة تجسسية، وهي الاعترافات التي أثارت التهكُّم، لكون ما أُجبر المختطفون على الاعتراف به يندرج ضمن مهامهم الوظيفية المتعارف عليها ضمن أنشطة المنظمات والسفارات.

وسبق للجماعة أن أطلقت تحذيرات خلال الأيام الماضية للسكان من الحديث أو نشر معلومات عن مواقعها والمنشآت التي تسيطر عليها، وعن منازل ومقار سكن ووجود قادتها.

تأتي هذه الإجراءات في ظل مخاوف الجماعة من استهداف كبار قياداتها على غرار ما جرى لقادة «حزب الله» اللبناني، في سبتمبر (أيلول) الماضي، وفي إطار المواجهة المستمرة بينها وإسرائيل والولايات المتحدة وبريطانيا، بعد هجماتها على طرق الملاحة الدولية في البحر الأحمر، والهجمات الصاروخية باتجاه إسرائيل.