باشا آغا: تفاهمات السراج مع تركيا ليست مرتبطة بأحداث طرابلس

وزير داخلية «الوفاق» قال إن حفتر «لم يحقق أي تقدم عسكري معتبر» في العاصمة

باشا آغا (أ.ف.ب)
باشا آغا (أ.ف.ب)
TT

باشا آغا: تفاهمات السراج مع تركيا ليست مرتبطة بأحداث طرابلس

باشا آغا (أ.ف.ب)
باشا آغا (أ.ف.ب)

أبدى فتحي باشا آغا، وزير الداخلية بحكومة «الوفاق» الليبية، استغرابه من ردود الفعل التي أثارها توقيع مذكرتي تفاهم مع تركيا بشأن التعاون الأمني وترسيم الحدود البحرية، معتبرا ذلك «انتقاصا للسيادة الليبية».
وقال باشا آغا في تصريحا للوكالة الألمانية، أمس: «تركيا دولة صديقة وحليفة لليبيا منذ القدم، أي أن العلاقة معها ليست طارئة أو مستحدثة، فضلا عن امتلاكها لحصة وازنة من عقود المقاولات والإنشاءات منذ العهد السياسي السابق لثورة فبراير (شباط)، والاتفاقيات الموقعة حديثا تخدم مصالح البلدين، وتحديدا ليبيا، لأنها تصب في اتجاه السيطرة على الحدود، ومكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة والهجرة غير الشرعية... ولا تتعارض مع مصالح أي دولة»، مبرزا أن كل من يرى بهذه الاتفاقيات «انتهاكا للقانون الدولي يستطيع أن يلجأ إلى السبل القانونية الدولية، فهذا حق مكفول لمن يمتلكه».
ولم يفصح باشا آغا عما إذا كانت حكومته ستحاول الاستفادة من مذكرة التعاون الأمني، التي وقعتها مع تركيا مؤخرا لتطلب رسميا إرسال قوات لتعزيز، وتأمين مواقعها في مواجهة التصعيد العسكري الأخير. واكتفى بالتأكيد على أن «التفاهمات مع تركيا ليست مؤقتة أو آنية، فالتعاون الأمني والعسكري وتأمين الحدود المشتركة، والتنسيق في مجالات مكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة العابرة للحدود، كل هذه الجوانب ليست معلقة على مدة مؤقتة، ولا مرتهنة بالأحداث الجارية في طرابلس».
كما تطرق باشا آغا إلى المعركة العسكرية في طرابلس، معلقا على النداء الذي أطلقه المشير خليفة حفتر، القائد العام لـ«الجيش الوطني»، لقواته بالتقدم باتجاه قلب طرابلس، وقال إن «ساعات الصفر لدى حفتر وقواته كثيرة». مشددا على أن «التقليل من شأن أهمية تحذيرات ودعوات حفتر المتكررة للتقدم، والحسم تنطلق من حقائق ووقائع، وليس من منظور الاستخفاف، أو إطلاق التصريحات السياسية الرنانة للتغطية على أي خسائر تعرضت لها قوات الوفاق في الأيام الأخيرة كما يردد البعض».
وأضاف آغا موضحا «هم يتحدثون كل يوم عن تقدمات هنا وهناك. وببساطة، قوموا بجمع الأخبار من أبريل (نيسان) الماضي لليوم، وقوموا بعملية حسابية بسيطة، وستجدون أن هذه القوة الغازية قد تجاوزت حتى الحدود الليبية - التونسية، وصارت تسيطر على شمال أفريقيا بالكامل... والشيء الوحيد الذي تتميز به قوات حفتر علينا هو إطلاق الأكاذيب، ولا نستطيع مجاراتهم بهذا الأمر».
في سياق ذلك، قلل باشا آغا من عملية إسقاط قوات حفتر لطائرة مسيرة، يتردد أنها تركية المنشأ، مساء الجمعة الماضية، وقال إن الطائرات «تسقط في كل مكان وكل يوم»، متابعا: «لقد أوهموا مناصريهم بالوعود بالغنائم والمكاسب، واستغلوا مصالح بعض الدول في مكافحة التطرف والإرهاب، الذي نحاربه بكل جهد ممكن، للحصول على دعمهم ومساندتهم... واليوم يتكشف للجميع أنهم وقعوا ضحية نصاب عسكري».
وردا على سؤال حول تناقض تصريحاته بخصوص تراجع الوضع العسكري لقوات حفتر مع تصريحات للمبعوث الأممي لليبيا غسان سلامة لصحيفة إيطالية مطلع الشهر بأن «حفتر يقترب من إحكام القبضة على طرابلس بفضل الدعم الروسي المكثف له»، رد باشا آغا قائلا: «نحن نتحدث انطلاقا من حقائق وليس من تخمينات أو توقعات... حفتر أطلق هجومه على العاصمة منذ تسعة أشهر، ولم يستطع أن يترجم أو يحرز الأهداف، التي تعهد وقياداته مرارا ببلوغها خلال أيام معدودة. هو بالأساس لم يحقق أي تقدم عسكري معتبر».
كما سخر باشا آغا من الشائعات التي ترددت مساء الأحد، نقلا عن إعلام موالٍ لحفتر، بتعرضه للإصابة في ساقه خلال محاولة لاغتياله، واصفا مطلقيها بالعجز والإفلاس، وقال بهذا الخصوص: «هذا خبر غير صحيح، وقد تعودنا عليه من كثرة سماعه... الأمر أشبه بالحديث الراهن عن أن بعض قيادات (الوفاق) فرت إلى خارج البلاد، هربا من تقدم قوات ومسلحي حفتر... حكومة (الوفاق) متماسكة، ولا صحة لأي شائعات تطلق هنا وهناك بشأنها، ووضع الجبهة لدينا متماسك، ولم نفقد أي مواقع، والمعنويات عالية جدا... للأسف الطرف الآخر أصيب بالعجز والإفلاس السياسي قبل العسكري، وصار ينشر شائعات من بنات أوهامه وأحلامه».
ورغم قيام باشا آغا قبل أشهر قليلة بتوجيه الاتهام لروسيا بالعمل على تأجيج الأوضاع في ليبيا، بهدف السيطرة على النفط، فقد أكد باشا آغا هذه المرة على أن روسيا «هي إحدى الدول التي ورطتها قيادة القوة الغازية لطرابلس». موضحا أن الروس «اعتقدوا أن المعطيات التي قُدمت لهم حقيقية، وأنهم بشيء من الدعم سيحققون نصرا مهما بالسيطرة على طرابلس، لكن ضعف ورداءة القوات المهاجمة، وإصرار وبسالة قواتنا المدافعة، وما اتبعته من استراتيجيات دفاعية ومناورات تكتيكية أربكت القوات الغازية... لقد تورطت بعض الدول الداعمة لهم بالتقنيات وحتى المرتزقة في حرب خاسرة... وقد صارت الحرب حرب استنزاف سياسي وعسكري للمهاجمين».



3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
TT

3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)

قدمت الحكومة اليمنية عبر سفارتها في واشنطن 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية في مواجهة الجماعة الحوثية المدعومة من إيران، في حين تحدثت الجماعة، الأحد، عن غارة ضربت موقعاً لها في جنوب محافظة الحديدة.

ووصف الإعلام الحوثي الغارة بـ«الأميركية - البريطانية»، وقال إنها استهدفت موقعاً في مديرية التحيتا الخاضعة للجماعة في جنوب محافظة الحديدة الساحلية على البحر الأحمر، دون إيراد تفاصيل عن آثار الضربة.

مقاتلات أميركية من طراز «إف 35» شاركت في ضرب الحوثيين باليمن (أ.ب)

وفي حين لم يتبنَّ الجيش الأميركي على الفور هذه الغارة، تراجعت خلال الشهر الأخير الضربات على مواقع الحوثيين، إذ لم تسجل سوى 3 غارات منذ 12 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

وكانت واشنطن أنشأت تحالفاً بقيادتها سمّته «حارس الازدهار» وبدأت - ومعها بريطانيا في عدد من المرات - في شن ضربات على مواقع الجماعة الحوثية ابتداء من 12 يناير (كانون الثاني) 2024، في مسعى لإضعاف قدرة الجماعة على مهاجمة السفن.

وإذ بلغت الغارات أكثر من 800 غارة غربية استأثرت محافظة الحديدة الساحلية بأغلبها، كانت الجماعة تبنت مهاجمة نحو 215 سفينة منذ نوفمبر 2023، وأدت الهجمات إلى غرق سفينتين وإصابة أكثر من 35 سفينة ومقتل 3 بحارة.

وتزعم الجماعة الموالية لإيران أنها تشن هجماتها ضد السفن إلى جانب عشرات الهجمات باتجاه إسرائيل مساندة منها للفلسطينيين في غزة، في حين تقول الحكومة اليمنية إن الجماعة تنفذ أجندة طهران واستغلت الأحداث للهروب من استحقاقات السلام.

تصنيف ودعم وتفكيك

في وقت يعول فيه اليمنيون على تبدل السياسة الأميركية في عهد الرئيس المنتخب دونالد ترمب، لتصبح أكثر صرامة في مواجهة الحوثيين الذين باتوا الذراع الإيرانية الأقوى في المنطقة بعد انهيار «حزب الله» وسقوط نظام بشار الأسد، قدم السفير اليمني لدى واشنطن محمد الحضرمي 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ لدعم بلاده.

وتتضمن المقترحات الثلاثة إعادة تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية، ودعم الحكومة اليمنية لتحرير الحديدة وموانئها، واستهداف قيادات الجماعة لتفكيك هيكلهم القيادي.

محمد الحضرمي سفير اليمن لدى الولايات المتحدة ووزير الخارجية الأسبق (سبأ)

وقال السفير الحضرمي إن تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية على غرار تصنيف «حزب الله» و«الحرس الثوري» الإيراني، من شأنه أن يبعث برسالة قوية مفادها أن أفعال الحوثيين (ترويع المدنيين، واستهداف الأمن البحري، وزعزعة استقرار المنطقة) غير مقبولة.

وبخصوص دعم الحكومة اليمنية لتحرير ميناء الحديدة، أوضح الحضرمي في مداخلته أمام مجلس الشيوخ الأميركي أن تأمين هذا الميناء الحيوي على البحر الأحمر، من شأنه أن يمكن الحكومة من حماية البحر الأحمر وإجبار الحوثيين على الانخراط في السلام، وكذلك منع وصول الدعم الإيراني إليهم.

وأكد الحضرمي أن تحرير الحديدة لن يكلف الحكومة اليمنية الكثير، وقال: «كنا على مسافة قليلة جداً من تحرير الحديدة في 2018، وتم إيقافنا من قبل المجتمع الدولي. وأعتقد أنه حان الأوان لتحرير هذا الميناء».

وفيما يتعلق باستهداف قيادات الحوثيين لتفكيك هيكلهم القيادي، شدد السفير اليمني في واشنطن على أهمية هذه الخطوة، وقال إن «محاسبة قادة الميليشيات الحوثية على جرائمهم ستؤدي إلى إضعاف عملياتهم وتعطيل قدرتهم على الإفلات من العقاب».

وأضاف: «ستعمل هذه التدابير على تعزيز أمن البحر الأحمر، وحفظ دافعي الضرائب وهذا البلد (الولايات المتحدة) للكثير من المال، ومحاسبة الحوثيين على أفعالهم، وتوفير الضغط اللازم لإجبار الجماعة على الانخراط في المفاوضات، مما يمهد الطريق لسلام دائم في اليمن».

ورأى السفير اليمني أن الدبلوماسية وحدها لا تجدي نفعاً مع النظام الإيراني ووكلائه، وقال: «حاولنا ذلك معهم لسنوات عديدة. (السلام من خلال القوة) هو المجدي! وأنا واثق بأن الشعب اليمني والإيراني سيتمكنون يوماً ما من تحرير أنفسهم من طغيان النظام الإيراني ووكلائه».

اتهام إيران

أشار السفير الحضرمي في مداخلته إلى أن معاناة بلاده كانت النتيجة المتعمدة لدعم إيران للفوضى وعدم الاستقرار في المنطق، وقال: «منذ أكثر من 10 سنوات، قامت إيران بتمويل وتسليح جماعة الحوثي الإرهابية، وتزويدها بالأسلحة الفتاكة لزعزعة استقرار اليمن وتهديد خطوط الملاحة الدولية في البحر الأحمر».

وأوضح أنه من المأساوي أن الدعم الإيراني مكّن الحوثيين من أن يصبحوا خطراً ليس فقط على اليمن، بل على المنطقة والعالم، إذ يعدّ البحر الأحمر ممراً مهماً للشحن التجاري، حيث يمر منه أكثر من 10 في المائة من التجارة العالمية و30 في المائة من شحن البضائع السنوي، لافتاً إلى أن الولايات المتحدة وحدها تنفق مليارات الدولارات للتصدي لهجمات لا تكلف إيران إلا القليل.

صاروخ وهمي من صنع الحوثيين خلال تجمع في صنعاء دعا له زعيم الجماعة (إ.ب.أ)

وخاطب الحضرمي أعضاء مجلس الشيوخ الأميركي بالقول: «يجب إيقاف الحوثيين، ويمكن لليمنيين إيقافهم! فنحن نمتلك العزيمة والقوة البشرية لمواجهة الحوثيين والتهديد الإيراني في اليمن والبحر الأحمر. ولكننا لا نستطيع أن نفعل ذلك بمفردنا؛ نحن بحاجة لدعمكم».

وأشار السفير اليمني إلى أن الحوثيين يحصلون على النفط والغاز مجاناً من إيران، وباستخدام الأسلحة الإيرانية يمنعون اليمن من تصدير موارده الطبيعية، مما أعاق قدرة الحكومة على دفع الرواتب، أو تقديم الخدمات، أو شن هجوم مضاد فعال ضد الجماعة. وقال: «يمكن أن يتغير ذلك بدعم الولايات المتحدة».

وأكد الحضرمي أن اليمنيين لديهم العزيمة والقدرة على هزيمة الحوثيين واستعادة مؤسسات الدولة وإحلال السلام، واستدرك بالقول إن «وجود استراتيجية أميركية جديدة حول اليمن يعدّ أمراً بالغ الأهمية لمساعدتنا في تحقيق هذا الهدف».

ومع تشديد السفير اليمني على وجود «حاجة ماسة إلى نهج جديد لمعالجة التهديد الحوثي»، أكد أن الحوثيين «ليسوا أقوياء بطبيعتهم، وأن قوتهم تأتي فقط من إيران وحرسها الثوري، وأنه بوجود الاستراتيجية الصحيحة، يمكن تحييد هذا الدعم».