حوارات فنية بين 19 فناناً عربياً وأجنبياً في «سمبوزيوم الأقصر للتصوير»

تكريم الفنان أحمد نوار في ختام الدورة الـ12

TT

حوارات فنية بين 19 فناناً عربياً وأجنبياً في «سمبوزيوم الأقصر للتصوير»

تحتضن مدينة الأقصر (جنوب مصر)، فنانين من 11 دولة يجوبون أرجاءها، ويتفاعلون مع سحرها وعبقها التاريخي، ليبدعوا لوحات تتحاور مع تراث فرعوني ممتد لآلاف السنين؛ إذ يجمعهم «سمبوزيوم الأقصر الدولي للتصوير»، الذي تنعقد حالياً دورته الـ12، وتختتم غداً بتكريم أحد رموز الحركة التشكيلية المصرية المعاصرة د. أحمد نوار رئيس «جمعية محبي الفنون الجميلة العريقة» في مصر.
ويتبارى الفنّانون في أجواء إبداعية على أنغام الموسيقى التراثية المصرية؛ لعرض حصاد أعمالهم في الملتقى بيومه الأخير في معرض يبرز تأثير الطبيعة والبيئة المكانية على الفنانين المشاركين، ثم تعرض الأعمال في القاهرة مرّة أخرى مع افتتاح الدورة المقبلة.
ينظم الملتقى قطاع صندوق التنمية الثقافية، بالتعاون مع محافظة الأقصر. وعن أهمية الملتقى السنوي ومكانته على صعيد الملتقيات الفنية العالمية، يقول القوميسير العام للملتقي د. عماد أبو زيد، الأستاذ بكلية التربية الفنية في جامعة حلوان، إنّ «مشاركات هذا العام تأتي ضمن حوار فني بلغة بصرية معاصرة، تؤكد على التواصل المستمر مع الذات والعالم من أجل مستقبل جديد ومبشر لأفريقيا، يكون مركزه مدينة الأقصر مهد الفنون».
وتقول د. أمل نصر، عضو اللجنة العليا لملتقى الأقصر الدولي للتصوير والأستاذة في كلية الفنون الجميلة بالإسكندرية، لـ«الشرق الأوسط»، «حرصنا على دعوة فنانين لهم توجهات فنية متنوعة، وأن تُنظّم ندوات تعريفية بهم وبأعمالهم على مدار أيام الملتقى، الذي ننتظر نتاجه بأعمال مستوحاة من طبيعة مدينة الأقصر، سواء المكانية أو البشرية أو الأثرية، حيث ينظم الملتقى برنامجاً ثقافياً وزيارات المواقع الأثرية في مدينة الأقصر لاستلهام عظمة الفن المصري القديم، فهناك من الفنانين من يتفاعل برسوم معبرة عن المناظر الطبيعية أو بورتريهات تبرز ملامح أهل المدينة، وسماتهم، أو حياتهم اليومية، فيما يتأثر البعض بطابعها الأثري الفريد».
ويعدّ الملتقى فرصة لشباب الفنانين في الأقصر للاحتكاك بتجارب فنية من دولة عربية وأجنبية، والاستفادة من الخبرات والتقنيات الفنية بين أجيال مختلفة أيضاً، وفق نصر التي لفتت إلى «حرص اللجنة العليا على مرافقة طلاب الفنون الجميلة في الأقصر للفنانين المشاركين بالملتقى».
وعن اختيار الملتقى لتكريم د. أحمد نوار، أوضحت نصر قائلة: «جاء اختيار اللجنة بالإجماع للفنان نوار لقيمته الفنية أولاً، وبالتزامن مع حصوله على (جائزة النيل) من الدّولة المصرية، فهو فنان ومثقف ومحارب وحفّار ورسّام قدم على مدار مسيرته الفنية أعمالاً مركبة أو فناً تجميعياً أو تصويراً وغيرها، كما خدم الثقافة المصرية، وأشرف على الكثير من المتاحف والفعاليات الثقافية».
ويشارك في هذه الدورة 19 فناناً، منهم 10 فنانين أجانب وعرب هم: نينو بوسيكاشفيلي من جورجيا، وكونستانتين ميغليوريني من إيطاليا، ومادان لال من الهند، وميلان بانتيليتش من صربيا، ولي دونغبو من الصين، وميلتوس بانتلياس من اليونان، وشاليز ليي من السنغال، ونبيل علي من العراق، وسعيد العلوي من سلطنة عمان، ومحجوب حسن من السودان.
ويشارك من مصر 9 فنانين، هم: إيفيلين عشم الله، ورندا فخري، وعبد العزيز الجندي، ومحسن أبو العزم، وأيمن قدري، وكريم القريطي، وأسماء الدسوقي، وطارق حسن، وشعبان الحسيني. ومن شباب الورشة يشارك ثلاثة فنانين من الشباب المتميزين هم: أسماء أشرف، وخشوع الجوهري، ودعاء عبد الواحد.
ويمكن لعشاق فن التصوير متابعة مراحل تطور لوحات الفنانين المشاركين في الملتقى، واللغة البصرية التي تجمع التراث الفكري والثقافي للمشاركين بالتراث المصري والثقافة الفرعونية القديمة عبر صفحة الملتقى في موقع «فيسبوك»، حيث نجد في الأعمال مراوحة بين التراث المعماري الأثري للمدينة، وبين شخوص الأقصر، وتأثير النيل الخالد على المشاركين، فنجد درجات لونية ترابية ممزوجة بألوان باردة من وحي الطبيعة كالأزرق الأكاومارين، والأخضر بتدرجاته المستوحاة من الطبيعة الزراعية في مدينة الأقصر، ونجد بعض اللوحات متأثرة بطبيعة المدينة الخاصة ومنازلها الطينية المزخرفة، فيما نرى المرأة الأقصرية وملامحها الفرعونية حاضرة بقوة في الكثير من اللوحات، وهي الثيمة التي يحملها ملصق الدورة الثانية عشرة للملتقى.



محمد رحيم... رحيل يستدعي حزن جيل التسعينات

الملحن المصري محمد رحيم (حساب رحيم على فيسبوك)
الملحن المصري محمد رحيم (حساب رحيم على فيسبوك)
TT

محمد رحيم... رحيل يستدعي حزن جيل التسعينات

الملحن المصري محمد رحيم (حساب رحيم على فيسبوك)
الملحن المصري محمد رحيم (حساب رحيم على فيسبوك)

ما أن تم الإعلان عن خبر الرحيل المفاجئ للملحن المصري محمد رحيم، حتى سيطرت أجواء حزينة على الوسط الفني عامة والموسيقي خاصة بمصر، كما أعرب عدد كبير من متابعي «السوشيال ميديا» من جيل التسعينات والثمانينات عن حزنهم العميق لرحيل ملحنهم «المحبوب» الذي يعتبرونه أفضل من عبّر عن أحلامهم وصدماتهم، مشيرين إلى أن رحيله «خسارة فادحة» لعالم الموسيقى والغناء عربياً.

وبدأ الملحن المصري محمد رحيم مسيرته المهنية مبكراً، إذ تعاون مع نخبة كبيرة من النجوم بمصر والعالم العربي، وكان قاسماً مشتركاً في تألقهم، كما صنع لنفسه ذكرى داخل كل بيت عبر أعماله التي تميزت بالتنوع ووصلت للعالمية، وفق نقاد.

الشاعر فوزي إبراهيم والمطربة آية عبد الله والملحن محمد رحيم (حساب رحيم على فيسبوك)

ومن بين النجوم الذين تعاون معهم رحيم عمرو دياب، ونانسي عجرم، ومحمد منير، وأصالة، وإليسا، ونوال الزغبي، وأنغام، وآمال ماهر، وروبي، ومحمد حماقي، وتامر حسني، وغيرهم.

وقدم رحيم أول ألحانه مع الفنان عمرو دياب أواخر تسعينات القرن الماضي، قبل أن يكمل عامه الـ20، من خلال أغنية «وغلاوتك» ضمن شريط «عودوني»، التي حققت نجاحاً كبيراً وكانت بداية الطريق لأرشيف غنائي كبير صنع اسم رحيم في عالم الفن.

وقدم رحيم، الذي رحل السبت عن عمر يناهز الـ45 عاماً، مع عمرو دياب أغنية «حبيبي ولا على باله»، التي حصد عنها دياب جائزة «ميوزك أورد» العالمية عام 2001.

بدأ رحيم في عصر ازدهار «شرائط الكاسيت»، التي كانت الملاذ الوحيد لمحبي الأغاني وخصوصاً في مواسم الإجازات، وانتظار محلات وأكشاك بيع الشرائط في الشوارع والميادين بمصر كي تعلن عبر صوت صاخب طرح «شريط جديد».

الملحن محمد رحيم والمطربة جنات (حساب رحيم على فيسبوك)

ووفق موسيقيين؛ فإن الملحن الراحل قد نجح في صناعة ألحان يعتبرها جيل التسعينات والثمانينات «نوستالجيا»، على غرار «أنا لو قلت» لمحمد فؤاد، و«الليالي» لنوال الزغبي، و«يصعب علي» لحميد الشاعري، و«ياللي بتغيب» لمحمد محيي، و«أحلف بالله» لهيثم شاكر، و«جت تصالحني» لمصطفى قمر، و«مشتاق» لإيهاب توفيق، و«أنا في الغرام» لشيرين، وغيرهم. لذلك لم يكن مستغرباً تعليقات نجوم الغناء على رحيل رحيم بكلمات مؤثرة.

ويرى الشاعر والناقد الموسيقى المصري فوزي إبراهيم أن «محمد رحيم ملحن كان يتمتع بموهبة فريدة، وألحانه تميزت بالبساطة والقرب من ذائقة الجمهور التي يعرفها بمجرد سماعها، لذلك اقتربت موسيقاه من أجيال عدة».

لم يقم الموسيقار الراحل باستعارة أو اقتباس جمل موسيقية مطلقاً خلال مشواره، بل اعتمد على موهبته الإبداعية، برغم ترجمة أعماله للغات عدة، وفق إبراهيم، الذي أشار في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إلى «أن محمد منير وصف رحيم بأنه (أمل مصر في الموسيقى)، مثلما قالها عبد الحليم حافظ للموسيقار بليغ حمدي».

محمد حماقي ومحمد رحيم (حساب رحيم على فيسبوك)

«بدأ شاباً وكان يعي متطلبات الشباب»، على حد تعبير الناقد الموسيقى المصري أمجد مصطفى، الذي يقول في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «ارتباط جيل التسعينات بأعماله يرجع لكونه نجح في القرب منهم والتعبير عن أحلامهم ومشاعرهم، بجانب ثقافته الموسيقية المبكرة التي حملت أبعاداً مختلفة».

ولفت مصطفى إلى أن «رحيم كان تلميذاً للملحن الليبي ناصر المزداوي، الذي يتمتع بتجارب عالمية عديدة، كما أن رحيم كان متميزاً في فن اختيار الأصوات التي تبرز ألحانه، بجانب إحساسه الفني الذي صنع شخصيته وميزته عن أبناء جيله».

الملحن محمد رحيم والفنان محمد منير (حساب رحيم على فيسبوك)

وكان للملحن المصري بصمة واضحة عبر أشهر شرائط الكاسيت مثل «الحب الحقيقي» لمحمد فؤاد، و«عودوني» لعمرو دياب، و«غزالي» لحميد الشاعري، و«أخبارك إيه» لمايا نصري، و«صورة ودمعة» لمحمد محيي، و«شوق العيون» لرجاء بلمليح، و«وحداني» لخالد عجاج، و«حبيب حياتي» لمصطفى قمر، و«عايشالك» لإليسا، و«جرح تاني» لشيرين، و«قوم أقف» لبهاء سلطان، و«ليالي الشوق» لشذى، و«ليلي نهاري» لعمرو دياب، و«طعم البيوت» لمحمد منير، وغيرها من الألحان اللافتة.

الملحن محمد رحيم والفنانة نانسي عجرم (حساب رحيم على فيسبوك)

من جانبها قالت الشاعرة المصرية منة القيعي إنها من جيل التسعينات وارتباطها بأغاني رحيم لم يكن من فراغ، خصوصاً أغنية «غلاوتك»، التي أصرت على وجودها خلال احتفالها بخطبتها قبل عدة أشهر، رغم مرور ما يقرب من 26 عاماً على إصدارها.

وتوضح منة لـ«الشرق الأوسط» أن «رحيم كان صديقاً للجميع، ولديه حس فني وشعور بمتطلبات الأجيال، ويعرف كيف يصل إليهم بسهولة، كما أن اجتماع الناس على حبه نابع من ارتباطهم بأعماله التي عاشت معهم ولها ذكرى لن تزول من أذهانهم».

الملحن محمد رحيم والموسيقار الراحل حلمي بكر (حساب رحيم على فيسبوك)

وتؤكد منة أن «ألحان رحيم جزء لا يتجزأ من الهوية المصرية، والقوى الناعمة التي تملكها مصر، وفنه الراسخ هو (تحويشة) عمره، فقد بدأ صغيراً ورحل صغيراً، لكن عمره الفني كان كبيراً، وأثر في أجيال عديدة». على حد تعبيرها.