«هيومن رايتس ووتش»: الأمن العراقي تعاون مع مرتكبي مجزرة ساحة الخلاني

المنظمة الحقوقية نقلت عن شهود عيان أن القوات الحكومية انسحبت مع بدء الهجوم

محتجون في ساحة التحرير ببغداد أمس (أ.ف.ب)
محتجون في ساحة التحرير ببغداد أمس (أ.ف.ب)
TT

«هيومن رايتس ووتش»: الأمن العراقي تعاون مع مرتكبي مجزرة ساحة الخلاني

محتجون في ساحة التحرير ببغداد أمس (أ.ف.ب)
محتجون في ساحة التحرير ببغداد أمس (أ.ف.ب)

قالت منظمة «هيومن رايتس ووتش»، أمس، إن قوات مسلحة غير محددة، بالتعاون على ما يبدو مع قوات الأمن الوطنية والمحلية العراقية، نفّذت سلسلة من عمليات القتل الوحشية في منطقة الاحتجاج الرئيسية ببغداد في 6 ديسمبر (كانون الأول) 2019.
وقالت المنظمة، في تقرير، إن التقديرات تشير إلى سقوط ما بين 29 و80 قتيلاً، و137 جريحاً، وإن الكهرباء قُطعت عن المنطقة خلال الهجوم، ما جعل من الصعب على المتظاهرين تحديد هوية القَتَلة والفرار إلى بر الأمان. وأضافت: «انسحبت الشرطة والقوات العسكرية، عندما بدأت الميليشيا مجهولة الهوية، التي ارتدى بعض عناصرها زياً موحداً، بإطلاق النار».
وقال خمسة شهود على عمليات القتل لـ«هيومن رايتس ووتش»، عبر الهاتف، إنه في 6 ديسمبر (كانون الأول) كان هناك نحو ألف متظاهر في ساحة الخلاني ببغداد، على بعد 600 متر شمال ميدان التحرير، في مرآب السنك المكون من خمسة طوابق قبالة ساحة الخلاني، الذي شغلوه منذ 16 نوفمبر (تشرين الثاني). ونحو الساعة 7:30 مساء، قالوا إنهم رأوا سبع شاحنات «بيك آب» تسرع إلى ساحة الخلاني، ثم تتباطأ، وبينما كانت المركبات تسير ببطء في الميدان، فتح مسلحون يرتدون زياً أسود عادياً ولباساً مدنياً النيران من بنادق «كلاشنيكوف» ومدافع رشاشة من طراز «بي كي» (P K) فوق المتظاهرين، قبل إنزال الرشاشات وإطلاق النار عليهم مباشرة. في الوقت ذلك، قال الشهود إن المحتجين كانوا يتجمعون سلمياً، ولم يهددوا بأي أعمال عنف.
وأضاف الشهود أنهم رأوا نحو 20 عنصراً من الشرطة الاتحادية وقوات الأمن العراقية، كانوا يحرسون نقطتَي تفتيش في الساحة، يغادرون بالسيارات عند وصول المسلحين. بعد نحو 9 ساعات، الساعة 4:30 صباح 7 ديسمبر (كانون الأول)، غادر المسلحون، وفي غضون بضع دقائق، عادت قوات الأمن.
وحسب الشهود، فإن الكهرباء في ساحة الخلاني ومرآب السنك توقفت لمدة ساعة تقريباً، مع بدء إطلاق النار، وفي ساحة التحرير لبضع دقائق، ما أدى إلى إطفاء إنارة الشوارع. وقال أحدهم: «كل ما كنا نستطيع رؤيته هو ضوء الرصاص». كما أن الكهرباء في مناطق مجاورة مباشرة للساحات لم تنقطع.
وقال الشهود إنه بعد إطلاق النار على الناس في الميدان، توجه الرجال في شاحنات «البيك آب» إلى مرآب السنك. وقال متظاهر إنه كان في الطابق الأول من المرآب مع نحو 150 متظاهراً آخرين عندما سمع صوت إطلاق نار. ثم رأى نحو 30 رجلاً بملابس مدنية يحملون السواطير والعصي يقتحمون المبنى. بعد بضع دقائق، رأى خمس شاحنات صغيرة تنسحب إلى الخارج، ويدخلها رجال يرتدون زياً أسود يحملون أسلحة. بينما كان يهرب عبر الدرج وخرج من المبنى، قال إنه «رأى رجالاً مسلحين يفتحون النار على المتظاهرين داخل المبنى، ويطعنون الآخرين. رأى ما لا يقل عن سبعة محتجين جرحى».
وقال متظاهر في الطابق الثاني، إنه سمع صرخات من الطابق الأول، ورأى المسلحين يظهرون ويطعنون المحتجين الذين حاولوا الوقوف في طريقهم. قال: «رأيت كثيراً من الناس يصابون، ولكن كل ما كان يمكنني التفكير فيه هو كيف أخرج نفسي من هناك».
المتظاهر الذي كان في الطابق الأول، قال إنه عندما خرج اختبأ خلف كتلة خرسانية، وعندما نظر إلى الوراء، رأى مسلحاً يرمي متظاهراً من الطابق الثالث، وآخرين يشعلون إطارات لإغلاق مخارج الطوارئ. وقال شهود آخرون خارج المرآب إنهم رأوا حرائق قادمة من المرآب. وقال المحتج من الطابق الأول: «لا يزال خمسة من أصدقائي مفقودين، ولا أعرف إن كانوا قد ماتوا أو احتجزوا. رأيت المسلحين يحملون الجثث في حافلاتهم وشاحناتهم قبل ساعة واحدة من المغادرة عند 4:30 صباحاً».
وقال متظاهر كان خارج المرآب، إنه رأى 10 متظاهرين، على الأقل، يتعرضون لإطلاق النار من حوله. وقال هو وطبيبان موجودان في ساحة الخلاني، إنهم رأوا عربات «توك توك» (عربات آلية صغيرة) تُستخدم كسيارات الإسعاف حاولت ثلاث مرات الاقتراب من الجرحى لإجلائهم. في كل مرة قام مسلحون داخل المرآب بإلقاء قنابل «مولوتوف» لإيقافها. وقالوا في النهاية إن مجموعة أكبر من المتظاهرين هرعوا إلى الجثث ونقلوا الجرحى.
وقالت المنظمة إن الحكومة العراقية تتحمل المسؤولية الرئيسية عن حماية حق العراقيين في الحياة، وينبغي لها أن تحدد على وجه السرعة الجماعات وقوات الأمن التي شاركت في عمليات القتل هذه، أو نسقتها، وأن تعلن مرتكبيها، وأن تعوض ضحايا جميع عمليات القتل غير القانونية.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».