أما آن لجائزة «الملتقى» أن تمد قامتها خارج الحفلة؟

نجحت في إحياء خطاب القصة القصيرة وإعادة الجدل حول فنها

شيخة حليوى - طالب الرفاعي
شيخة حليوى - طالب الرفاعي
TT

أما آن لجائزة «الملتقى» أن تمد قامتها خارج الحفلة؟

شيخة حليوى - طالب الرفاعي
شيخة حليوى - طالب الرفاعي

قد تكون شيخة حليوى معروفة بصفتها قاصة ضمن محيط قرائي محدود، وربما تكون مقروءة بشكل جيد داخل دائرة ضيقة من المهتمين بفن القصة القصيرة، ولكن المؤكد أن نصها القصصي اليوم، بعد الثاني من أكتوبر (تشرين الأول) هذا العام، أي إثر إعلان نتائج الدورة الرابعة لجائزة الملتقى للقصة القصيرة في الكويت، قد أصبح ممدداً في مساحة عربية واسعة يصعب حصرها أو تخمين ارتداداتها الإبداعية. كما صارت مجموعتها القصصية الفائزة «الطلبية C345» محل اهتمام القراء في أنحاء العالم العربي. وبعد ترجمتها إلى اللغة الإنجليزية، ستتحرك في محطات استقبالية أبعد. وهذه ميزة من ميزات جائزة الملتقى، التي تراهن على مخرجات أدبية تعكس جدية وأصالة وهدفية الجائزة، كما تتمثل في طابور من الأسماء الذين تباغت بهم المشهد الثقافي كل عام من المتأهلين والمتأهلات للقائمتين الطويلة والقصيرة.
عندما تجرأ طالب الرفاعي على كتابة الجملة الأولى في قصة جائزة الملتقى للقصة القصيرة إنما كان يشعل خيط ضوء قصصي نحيل في مشهد روائي كثيف، وكأنه يتقدم في حقل ألغام ثقافي لا يلتفت إلا للرواية، سواء من قبل القراء أو النقاد أو الناشرين أو حتى الكُتّاب أنفسهم. وبذلك، راهن على نفض الغبار عن خطاب القصة القصيرة، وبعثه من جديد في واجهة المشهد الثقافي العربي. وهي مهمة تبدو على درجة من المغامرة في زمن يوصف بزمن الرواية. والأهم أنه حرض كُتّاب القصة في العالم العربي على استكمال قصة الجائزة، من خلال مشاركاتهم ومناقداتهم وتعليقاتهم وترقبهم الموسمي لأخبار وأسماء الموجة الجديدة من كُتّاب وكاتبات القصة للإبقاء على وهج الجائزة وخطاب القصة القصيرة في آن.
ومن يتأمل أسماء المتأهلين والمتأهلات للقائمتين: الطويلة والقصيرة خلال المواسم الأربعة التي تشكل عمر الجائزة، يظن بسبب قلة شهرة بعضهم، وضآلة حضورهم في المشهد الثقافي، أن الجائزة لا تستقبل أعمالاً لكُتّاب معروفين، وأن القاصين المشهورين في العالم العربي يزهدون في التسابق على الجائزة.
وهذا قد يجعل بعض القراء يفسرون فوز بعض الأسماء الجديدة بمقتضى ذلك التصور القاصر. والصحيح أن كبار كُتّاب القصة القصيرة وأهم رموز اللحظة الأدبية شاركوا في كل الدورات. وبمقتضى مقروئية لجان التحكيم التي تحتكم إلى فنية النص، لا إلى سطوة الاسم، لم يتأهل إلا من يمتلك نصه صفة الأدبية وحرفية الكتابة القصصية. وكل ذلك موجود في أرشيف الجائزة، حيث لا يُعلن عن أسماء المشاركين بموجب بروتوكول يراعي سمعة ومكانة كل المتسابقين.
ويُلاحظ أيضاً أن لجان التحكيم لم تتشكل في مجمل الدورات من تلك الأسماء الثقافية المكرسة في واجهة المشهد، القابضة على لعبة الجوائز، بل هي أسماء طازجة بعيدة عن المحسوبيات واللوبيات.
وهذا هو البعد التحكيمي الذي شكل مرجعية الجائزة خلال دوراتها الأربع. وهو ما يعني أنها مهتمة بتصدير خبرات تحكيمية ذات كفاءة عالية، بالقدر الذي تؤكد فيه على استظهار كُتّاب قصة مغايرين. وهو منحى يحفظ لسمعة الجائزة سمات الحيادية والنزاهة والابتكارية، حيث نجحت الجائزة في الإبقاء على مكانتها بمعزل عن الإشاعات والتخرصات ومراودات الإثارة الإعلامية، وبالتالي فرضت نفسها كجائزة أدبية رصينة، تأتي القيمة الأدبية في مقدمة أولوياتها، بما في ذلك مبلغ الجائزة الذي لا يجنح إلى المبالغة لكي لا تندرج في قائمة مشتبهات جوائز البذخ.
هكذا، نجحت الجائزة في إحياء خطاب القصة القصيرة، وتحريك عجلة النشر باتجاه الاعتراف بحق المجموعات القصصية باختلاف مستوياتها في النشر، وإعادة الجدل حول فن القصة القصيرة إلى واجهة المشهد، وتسليط الضوء على فصيل من الأسماء التي باتت تشكل علامة لافتة للإبداع القصصي، كما نشطت حركة الترجمة المتعلقة بفن القصة. فبالإضافة إلى ترجمة المجموعة الفائزة، حرصت الجائزة في كل دوراتها على وجود مترجمين من لغات مختلفة، سواء كهيئة استشارية أو كمحكمين أو كمراقبين أو كمحاضرين، للتعرف على واقع ومستقبل القصة القصيرة في العالم العربي، ولتوسيع فرصة نقل المنجز القصصي العربي إلى لغات الآخر. كما أكدت على أهمية وجود خبراء الكتابة القصصية، كوجود المعلّم محمد خضير، أحد الآباء الروحيين للقصة القصيرة في العالم العربي.
أخطر ما قد يواجه هذه الجائزة أن تقلد الجوائز الأخرى، من حيث الأداء الشكلي، والأخطر أن تجنح إلى تقليد نفسها، بمعنى أن تواصل استعادة ذات المشهد الاحتفالي كل عام. والآن، وقد انتهت الدورة الرابعة، يمكن بل ينبغي مراجعة أداء الجائزة خلال الفترة الماضية ومساءلتها، إذ المطلوب منها اليوم أن تمد قامتها في فضاء أوسع، أي أن تفكر في الصدى الثقافي الممكن خارج فضاء الحفلة، وأبعد مما يُتداول عنها كأخبار متفرقة بصفتها جائزة تأسيسية. وهذا يحتم وجود مخرجات أكثر شمولية وعمقاً، وذلك بترغيب النقاد والإعلاميين والناشرين في توطين خطاب القصة القصيرة في المشهد الثقافي، بطريقة مختلفة تماماً عما حدث في الدورات السابقة، حيث المداخلات النيئة والتعليقات العابرة، خصوصاً فيما يتعلق بالنقد، إذ ينبغي أن يصاحب حفل الجائزة ندوات نقدية جادة لنخبة من النقاد، وبمحاور متغيرة كل عام، مصممة لكي تصدر في منظومة كتب.
لقد أصدرت الجائزة كتابها الأول «القصة القصيرة العربية - النشأة والحضور»، بأقلام نخبة من الكتاب في جميع أنحاء العالم العربي. وهي مبادرة ثقافية على درجة من الأهمية، حيث يشكل الكتاب مرجعاً حيوياً لأي قارئ أو مهتم بفن القصة القصيرة، بالنظر إلى ما يحتويه من دراسات حول هذا الفن في كل قطر من أقطار الوطن العربي. ومن المنطلق ذاته، يمكن إصدار كتاب مختارات من قصص المتأهلين والمتأهلات للقوائم القصيرة خلال الدورات الأربع، كما يمكن أن يشمل حتى المتأهلين والمتأهلات للقوائم الطويلة. وكذلك تصلح بعض الشهادات التي قدمها بعض القاصين والقاصات في مختلف الدورات كمادة مرجعية لكتب تعكس وعي كُتّاب وكاتبات القصة بفن القص، حيث تشكل تلك الشهادات دليلاً على فلسفة القاص الجمالية، بالقدر الذي تفتح فيه أسئلة التجديد لكتابة القصة. وهو أمر يتطلب بالضرورة تحديث موقع الجائزة، واعتماد الملتيميديا لعرض منجزات الجائزة وأخبارها ورموزها.
عندما انطلقت الجائزة قبل أربع سنوات كانت مجبرة من الوجهة الفنية على حصر التعامل مع الشكل المتعارف عليه للقصة، ولم تكن في وارد تشتيت جهودها في التماس مع الأنماط الكتابية القصصية المغايرة. وهو منحى يمكن تفهم دوافعه، إلا أن الجائزة اليوم، وبالنظر إلى ما أبدته من اعتراف وتوطين للقصة القصيرة جداً، تبدو أقرب وأقدر على التعامل مع ما بات يُعرف بالسرديات متناهية الصغر، التي تتكثّر بشراهة في مواقع التواصل الاجتماعي، وهو اتجاه أدبي يلاقي قبولاً واعترافاً على مستوى العالم، ويُفترض أن يكون جزءاً من اهتمامات الجائزة، حيث سيكسبها هذا التوجه بعداً عصرياً يعكس وعيها بتحولات الكتابة القصصية، وذلك ضمن الشروط والمعايير التي تحافظ على رصانة الجائزة.
كل هذا التشظي الأدائي يستلزم في المقام الأول مأسسة الجائزة، فما تؤديه مجالس الأمناء والمجالس الاستشارية المتبدلة لا يعدو كونه مقترحات تشاورية ضئيلة الفاعلية، مقارنة بما تعد به الجائزة، في الوقت الذي يتطلب فيه الأمر أن تضم فريقاً تنفيذياً، إلى جانب ما يضطلع به طالب الرفاعي من أدوار إدارية وتواصلية وإعلامية وثقافية. وبتصوري أن جامعة الشرق الأوسط التي آلت إليها رعاية الجائزة لهذا العام قادرة وراغبة كما يبدو في إحداث ذلك التحول البنيوي في شكل وبنية ومواطن تأثير الجائزة، حيث أكدت بملاءتها المالية وتفهمها الواضح لأهمية ودور الثقافة استعدادها لتوطين الجائزة في واجهة المشهد الثقافي العربي، الأمر الذي يساعد على أن تحضر مفاعيل الجائزة أبعد وأوسع من مدار حفلة تتويج الفائزين.



ألحان وألوان من الموسيقى السعودية تتألق في «طوكيو أوبرا سيتي»

عزفت "الأوركسترا السعودية" أروع الالحان الموسيقية في ليلة ختامية استثنائية كان الابداع عنوانها (واس)
عزفت "الأوركسترا السعودية" أروع الالحان الموسيقية في ليلة ختامية استثنائية كان الابداع عنوانها (واس)
TT

ألحان وألوان من الموسيقى السعودية تتألق في «طوكيو أوبرا سيتي»

عزفت "الأوركسترا السعودية" أروع الالحان الموسيقية في ليلة ختامية استثنائية كان الابداع عنوانها (واس)
عزفت "الأوركسترا السعودية" أروع الالحان الموسيقية في ليلة ختامية استثنائية كان الابداع عنوانها (واس)

ازدهرت ألحان وألوان من الموسيقى السعودية على مسرح «طوكيو أوبرا سيتي» بالعاصمة اليابانية، وشارك 100 موسيقي ومؤدٍ من الأوركسترا والكورال الوطني السعودي، في رسم لوحة جمالية، جمعت التراث بالثقافة وعذوبة المفردة الموسيقية السعودية.

وعزفت الأوركسترا والكورال الوطني السعودي، أجمل الألحان الموسيقية في ليلة استثنائية كان الإبداع عنوانها، وقدمت التراث الغنائي السعودي وما يزخر به من تنوع على مسرح «طوكيو أوبرا سيتي» بالعاصمة اليابانية، بحضور الأمير بدر بن عبد الله بن فرحان وزير الثقافة رئيس مجلس إدارة هيئة الموسيقى، وعدد من المسؤولين ورجال الأعمال والإعلام وحضور جماهيري كبير.

‏وبدأت الليلة السعودية في اليابان، بجمالية الاستقبال بالقهوة السعودية لجمهور حفل روائع الأوركسترا السعودية في طوكيو، قبل أن ينطلق العرض الموسيقي الذي افتتحه باول باسيفيكو الرئيس التنفيذي لهيئة الموسيقى بالسعودية، وقال في كلمته خلال الحفل، إن النجاحات الكبيرة التي حققتها المشاركات السابقة لروائع الأوركسترا السعودية في العواصم العالمية، عازياً ما تحقق خلال حفلات روائع الأوركسترا السعودية إلى دعم وزير الثقافة السعودي رئيس مجلس إدارة هيئة الموسيقى.

100 موسيقي ومؤدٍ من الأوركسترا والكورال الوطني السعودي شاركوا في الليلة الختامية (واس)

وعدّ باسيفيكو «روائع الأوركسترا السعودية» إحدى الخطوات التي تسهم في نقل التراث الغنائي السعودي، وما يزخر به من تنوع إلى العالم عبر المشاركات الدولية المتعددة وبكوادر سعودية مؤهلة ومدربة على أعلى مستوى، مشيراً إلى سعي الهيئة للارتقاء بالموسيقى السعودية نحو آفاق جديدة، ودورها في التبادل الثقافي، مما يسهم في تعزيز التواصل الإنساني، ومد جسور التفاهم بين شعوب العالم عبر الموسيقى.

وبدأت «الأوركسترا الإمبراطورية اليابانية - بوغاكو ريو أو» بأداء لموسيقى البلاط الإمبراطوري الياباني، وهي موسيقى عريقة في الثقافة اليابانية، توارثتها الأجيال منذ 1300 عام وحتى اليوم. وأنهت الأوركسترا والكورال الوطني السعودي الفقرة الثانية من الحفل بأداء مُتناغم لـ«ميدلي الإنمي» باللحن السعودي، كما استفتحت الفقرة التالية بعزف موسيقى افتتاحية العلا من تأليف عمر خيرت.

حضور جماهيري كبير شهدته ليلة "روائع الأوركسترا السعودية" على مسرح "طوكيو أوبرا سيتي" (واس)

وبتعاون احتفى بالثقافتين ومزج موسيقى الحضارتين، اختتم الحفل بأداء مشترك للأوركسترا السعودية مع أكاديمية أوركسترا جامعة طوكيو للموسيقى والفنان الياباني هوتاي، وبقيادة المايسترو هاني فرحات، عبر عدد من الأعمال الموسيقية بتوزيع محمد عشي ورامي باصحيح.

واختتمت هيئة الموسيقى «روائع الأوركسترا السعودية» الجمعة، بحضور الأمير بدر بن عبد الله بن فرحان، وزير الثقافة رئيس مجلس إدارة هيئة الموسيقى، في جولتها الخامسة بعد النجاحات التي حققتها في 4 محطات سابقة، حيث تألقت في كل جولة بدايةً من باريس بقاعة دو شاتليه، وعلى المسرح الوطني بمكسيكو سيتي، وعلى مسرح دار الأوبرا متروبوليتان في مركز لينكون بمدينة نيويورك، وفي لندن بمسرح «سنترال هول وستمنستر».

اروقة مسرح "طوكيو أوبرا سيتي" اكتضت بالحضور منذ وقت مبكر (هيئة الموسيقى)

وتعتزم هيئة الموسيقى في السعودية استمرار تقديم عروض حفلات «روائع الأوركسترا السعودية» في عدة محطات، بهدف تعريف المجتمع العالمي بروائع الموسيقى السعودية، وتعزيزاً للتبادل الثقافي الدولي والتعاون المشترك لتحقيق مستهدفات رؤية المملكة 2030 التي تتقاطع مع مستهدفات هيئة الموسيقى.