إدارة ترمب تعتزم سحب 4 آلاف جندي من أفغانستان

قصف منزل قائد ميليشيا محلية بغارة جوية في مزار شريف

زيارة الرئيس دونالد ترمب إلى قاعدة «باغرام» في أفغانستان (أ.ب)
زيارة الرئيس دونالد ترمب إلى قاعدة «باغرام» في أفغانستان (أ.ب)
TT

إدارة ترمب تعتزم سحب 4 آلاف جندي من أفغانستان

زيارة الرئيس دونالد ترمب إلى قاعدة «باغرام» في أفغانستان (أ.ب)
زيارة الرئيس دونالد ترمب إلى قاعدة «باغرام» في أفغانستان (أ.ب)

تعتزم إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب، الإعلان هذا الأسبوع عن بدء سحب نحو 4000 جندي أميركي من أفغانستان من أصل 13 ألف جندي هناك، والإبقاء على نحو 9 آلاف جندي، بينما تدرس زيادة الوجود العسكري بمناطق أخرى بالشرق الأوسط، لمواجهة التهديد الإيراني. هذا الانسحاب سيتم بالتدريج، حسب مسؤولين حاليين وسابقين بالإدارة الأميركية، لم يريدوا الكشف عن هوياتهم، من خلال إعادة نشر بعض القوات، وعدم استبدال البعض الآخر، وأنه قد يستغرق عدة أشهر.
وفي اجتماعات عقدت يوم الخميس الماضي، وفقاً لما ذكره تلفزيون «إن بي سي»، أمس السبت، شارك قائد القيادة المركزية الأميركية، الجنرال فرانك ماكنزي، في مناقشات استهدفت بحث تأثير القوات الأميركية في منطقة الشرق الأوسط، وتضمنت المناقشات دراسة زيادة البصمة العسكرية الأميركية في أجزاء أخرى من الشرق الأوسط لمواجهة التهديد الإيراني. يأتي ذلك بعد أيام قليلة من انضمام الممثل الخاص للمصالحة في أفغانستان زلماي خليل زاد، إلى المحادثات الدبلوماسية مع «طالبان»، وهي المحادثات التي انهارت في سبتمبر (أيلول) الماضي.
السفير خليل زاد كان قد ذكر، يوم الخميس الماضي، أن الولايات المتحدة أوقفت المحادثات مؤقتاً بعد هجوم الأربعاء الماضي، بالقرب من قاعدة بغرام الجوية، الذي أسفر عن مقتل اثنين من المدنيين الأفغان وجرح 70 آخرين.
تخفيض عدد القوات الأميركية كان سيحدث حتى لو لم تتفاوض «طالبان» على اتفاق، هذا ما كان وزير الدفاع الأميركي مارك إسبر، قد ذكره خلال حضوره «منتدى ريغان للدفاع الوطني»، نهاية الأسبوع الماضي، مشيراً إلى أن قائد القوات الأميركية بأفغانستان، الجنرال سكوت ميلر، أكد أنه يمكن تحمل إجراء خفض في القوات هناك. إسبر أضاف أن «القائد يشعر بالثقة في أنه بإمكاننا خفض مستوى القوات دون أن نخاطر بتحول أفغانستان إلى ملاذ آمن للإرهاب»، منوهاً بأنه يأمل في إعادة توزيع القوات من القيادة المركزية الأميركية إلى منطقة آسيا والمحيط الهادي، الذي اعتبره أولوية لبلاده.
المتحدث باسم القوات الأميركية في أفغانستان، ذكر، في بيان، أن هذه القوات لم تتلق بعد أوامر لخفض مستويات القوات في تلك الدولة، مضيفاً: «نحن لا نزال ملتزمين تماماً بمهمة دعم القرار وشركائنا الأفغان، ونركز على هدفنا الرئيسي، وهو ضمان عدم عودة أفغانستان مرة أخرى ملاذاً آمناً للإرهابيين الذين يهددون الولايات المتحدة أو حلفاءنا أو مصالحنا».
كان الرئيس ترمب، كان قد لمح إلى الانسحاب من أفغانستان، وأشار إلى ذلك خلال زيارته الأخيرة للقوات الأميركية، هناك في عيد الشكر في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.
وقال مسؤول سابق بالإدارة الأميركية لـ«إن بي سي»، إن إعلان الانسحاب «هو جزء من محاولة إعادة ضبط المحادثات مع (طالبان)، حيث يمكن بعد ذلك لخليل زاد أن يقترح على (طالبان) استئناف المفاوضات من حيث توقفت، مع سحب القوات الأميركية وتعهد (طالبان) بوقف إطلاق النار».
وذكر إسبر في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، أن الولايات المتحدة قد تخفض قواتها بأفغانستان إلى 8600 جندي، دون التأثير على عمليات مكافحة الإرهاب. وكان ترمب قد وعد منذ حملته الانتخابية للبيت الأبيض في عام 2016 بإنهاء الحروب مثل تلك الموجودة في أفغانستان، وتقليل عدد القوات الأميركية المنتشرة في الخارج، إلا أنه، وعلى مدار السنوات الثلاث الماضية، أقنعه مستشاروه بعدم سحب القوات من أفغانستان، لكن الرئيس أبدى استعداده لاتخاذ مثل هذه الخطوة في أكتوبر الماضي عندما سحب القوات الأميركية فجأة من سوريا. وتشير التقديرات إلى أن الولايات المتحدة أنفقت ما يقرب من تريليون دولار على الحرب في أفغانستان، التي بدأت في أكتوبر 2001 في أعقاب هجمات 11 سبتمبر الإرهابية على مدار 18 عاماً من الصراع، لقي خلالها 2351 جندياً أميركياً مصرعهم.
في غضون ذلك، في كابل، ذكر مسؤولون أن سلاح الجو الأفغاني نفذ غارة جوية على منزل قائد ميليشيا سيئ السمعة في مزار شريف شمال أفغانستان، بعد ظهر أمس الأحد. وتم تنفيذ الغارة الجوية، بعد ساعات من تحول عملية اعتقال مقررة لقائد ميليشيا إلى اشتباك عنيف بين رجال مسلحين موالين له وقوات أمن أفغانية. وكان من المفترض أن يتم اعتقال نظام الدين قيصري، وهو قائد محلي موالٍ للحكومة، متهم بالاستيلاء على أراضٍ، واستخدام القوة ضد المدنيين، وتجنيد رجال مسلحين بشكل غير شرعي، بعد وقت قصير من منتصف الليل في العاصمة الإقليمية، مزار الشريف. وبدلاً من الاستسلام للسلطات، فتح رجاله النار على الشرطة، طبقاً لما ذكره المتحدث باسم شرطة إقليم بلخ، عادل شاه عادل. وقال عضو المجلس الإقليمي، ذبيح الله كاكار، إن رجال قيصري استخدموا بنادق هجومية وقذائف صاروخية من منزل القائد، فيما كانت مروحيات حكومية تحلق فوق المنزل. وذكر الصحافي، بلال سارواري، أن رجال قيصري أطلقوا صواريخ على مركبات مدرعة تابعة لقوات الشرطة الخاصة، التي كانت تطوق المنزل. وأكد المتحدث باسم الشرطة، عادل شاه، أن اثنين من رجال الشرطة أصيبا، نتيجة للاشتباكات مع رجال قيصري، مضيفاً أن الشرطة تجري العملية المستمرة، بحذر، لتفادي سقوط ضحايا من المدنيين. وذكر عادل: «إذا قاوم قيصري ورجاله، سيُقتلون».
وقال القائد لقناة «شامشاد» المحلية، إنه «لن يستسلم حتى الموت»، واصفاً العملية التي تُجرى بأنها «مؤامرة سياسية» ضده. وكان قيصري قد تم اعتقاله العام الماضي، بعد نزاع مع قوات الأمن الأفغانية في أعقاب اجتماع أمني، حيث تردد أنه هدد بقتل المشاركين.
وأسفر اعتقاله عن أسابيع من المظاهرات العنيفة في إقليم فارياب شمال أفغانستان. وفي ديسمبر (كانون الأول) 2018، أطلق سراح قيصري من السجن.


مقالات ذات صلة

ترمب يعين جنرالاً سابقاً مقرباً منه موفداً إلى أوكرانيا وروسيا

الولايات المتحدة​ ترمب وكيلوغ خلال لقاء سابق عام 2017 (أ.ف.ب)

ترمب يعين جنرالاً سابقاً مقرباً منه موفداً إلى أوكرانيا وروسيا

أعلن الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، اليوم (الأربعاء)، أنه عيّن الجنرال السابق كيث كيلوغ المقرب منه للغاية، موفداً إلى أوكرانيا وروسيا.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (رويترز)

فريق ترمب الجديد يتلقى «تهديدات»

أعلنت المتحدثة باسم الرئيس الأميركي المنتخب، اليوم (الأربعاء)، أن عدداً من أعضاء إدارة ترمب العتيدة تلقوا «تهديدات» وعلى وجه الخصوص «إنذارات بوجود قنبلة».

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ الصين تفرج عن 3 مواطنين أميركيين «محتجزين ظلماً» (أ.ب)

واشنطن تعلن الإفراج عن 3 أميركيين محتجزين في الصين

أفرجت الصين عن ثلاثة مواطنين أميركيين «محتجزين ظلماً» حسبما أعلن مسؤولون أميركيون اليوم الأربعاء، وذلك قبل أسابيع قليلة من تسلم ترمب للسلطة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب خلال حملة انتخابية في بنسلفانيا (أ.ب)

ترمب يرشح خبيرين لقيادة السياسة التجارية الأميركية مع العالم

اختار الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب جيمسون غرير ليكون الممثل التجاري لبلاده وكيفن هاسيت مديراً للمجلس الاقتصادي الوطني، بالإضافة إلى تعيينات أخرى.

علي بردى (واشنطن)
الاقتصاد جناح «فوكسكون» في مؤتمر الذكاء العالمي في تيانجين بالصين (رويترز)

«فوكسكون» التايوانية تتحدى رسوم ترمب... تأثير محدود بفضل الانتشار العالمي

قالت شركة «فوكسكون» التايوانية إنها تتوقع أن يكون تأثير الرسوم الجمركية الجديدة التي يُخطط لها الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب أقل حدة من منافسيها.

«الشرق الأوسط» (تايبيه)

كيف كسرت الحرب في أوكرانيا المحرّمات النووية؟

نظام صاروخي باليستي عابر للقارات من طراز «يارس» الروسي خلال عرض في «الساحة الحمراء» بموسكو يوم 24 يونيو 2020 (رويترز)
نظام صاروخي باليستي عابر للقارات من طراز «يارس» الروسي خلال عرض في «الساحة الحمراء» بموسكو يوم 24 يونيو 2020 (رويترز)
TT

كيف كسرت الحرب في أوكرانيا المحرّمات النووية؟

نظام صاروخي باليستي عابر للقارات من طراز «يارس» الروسي خلال عرض في «الساحة الحمراء» بموسكو يوم 24 يونيو 2020 (رويترز)
نظام صاروخي باليستي عابر للقارات من طراز «يارس» الروسي خلال عرض في «الساحة الحمراء» بموسكو يوم 24 يونيو 2020 (رويترز)

نجح الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، في خلق بيئة مواتية لانتشار أسلحة نووية جديدة في أوروبا وحول العالم، عبر جعل التهديد النووي أمراً عادياً، وإعلانه اعتزام تحويل القنبلة النووية إلى سلاح قابل للاستخدام، وفق تحليل لصحيفة «لوفيغارو» الفرنسية.

في عام 2009، حصل الرئيس الأميركي، باراك أوباما، على «جائزة نوبل للسلام»، ويرجع ذلك جزئياً إلى دعوته إلى ظهور «عالم خالٍ من الأسلحة النووية». وفي ذلك الوقت، بدت آمال الرئيس الأميركي الأسبق وهمية، في حين كانت قوى أخرى تستثمر في السباق نحو الذرة.

وهذا من دون شك أحد أخطر آثار الحرب في أوكرانيا على النظام الاستراتيجي الدولي. فعبر التهديد والتلويح المنتظم بالسلاح الذري، ساهم فلاديمير بوتين، إلى حد كبير، في اختفاء المحرمات النووية. وعبر استغلال الخوف من التصعيد النووي، تمكن الكرملين من الحد من الدعم العسكري الذي تقدمه الدول الغربية لأوكرانيا منذ بدء الغزو الروسي لأوكرانيا في فبراير (شباط) 2022، ومن مَنْع مشاركة الدول الغربية بشكل مباشر في الصراع، وتخويف جزء من سكان هذه الدول، الذين تغلّب عليهم «الإرهاق والإغراءات بالتخلي (عن أوكرانيا) باسم الأمن الزائف».

بدأ استخفاف الكرملين بالأسلحة النووية في عام 2014، عندما استخدم التهديد بالنيران الذرية للدفاع عن ضم شبه جزيرة القرم من طرف واحد إلى روسيا. ومنذ ذلك الحين، لُوّح باستخدام السلاح النووي في كل مرة شعرت فيها روسيا بصعوبة في الميدان، أو أرادت دفع الغرب إلى التراجع؛ ففي 27 فبراير 2022 على سبيل المثال، وُضع الجهاز النووي الروسي في حالة تأهب. وفي أبريل (نيسان) من العام نفسه، استخدمت روسيا التهديد النووي لمحاولة منع السويد وفنلندا من الانضمام إلى «حلف شمال الأطلسي (ناتو)». في مارس (آذار) 2023، نشرت روسيا صواريخ نووية تكتيكية في بيلاروسيا. في فبراير 2024، لجأت روسيا إلى التهديد النووي لجعل النشر المحتمل لقوات الـ«ناتو» في أوكرانيا مستحيلاً. وفي الآونة الأخيرة، وفي سياق المفاوضات المحتملة مع عودة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب إلى البيت الأبيض، جلبت روسيا مرة أخرى الخطاب النووي إلى الحرب، من خلال إطلاق صاروخ باليستي متوسط ​​المدى على أوكرانيا. كما أنها وسعت البنود التي يمكن أن تبرر استخدام الأسلحة الذرية، عبر مراجعة روسيا عقيدتها النووية.

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال اجتماع مع قيادة وزارة الدفاع وممثلي صناعة الدفاع في موسكو يوم 22 نوفمبر 2024 (إ.ب.أ)

التصعيد اللفظي

تأتي التهديدات النووية التي أطلقتها السلطات الروسية في الأساس ضمن الابتزاز السياسي، وفق «لوفيغارو». ولن تكون لدى فلاديمير بوتين مصلحة في اتخاذ إجراء عبر تنفيذ هجوم نووي تكتيكي، وهو ما يعني نهاية نظامه. فالتصعيد اللفظي من جانب القادة الروس ورجال الدعاية لم تصاحبه قط تحركات مشبوهة للأسلحة النووية على الأرض. ولم يتغير الوضع النووي الروسي، الذي تراقبه الأجهزة الغربية من كثب. وتستمر الصين أيضاً في لعب دور معتدل، حيث تحذّر موسكو بانتظام من أن الطاقة النووية تشكل خطاً أحمر مطلقاً بالنسبة إليها.

إن التهوين من الخطاب الروسي غير المقيد بشكل متنامٍ بشأن استخدام الأسلحة النووية ومن التهديد المتكرر، قد أدى إلى انعكاسات دولية كبيرة؛ فقد غير هذا الخطاب بالفعل البيئة الاستراتيجية الدولية. ومن الممكن أن تحاول قوى أخرى غير روسيا تقليد تصرفات روسيا في أوكرانيا، من أجل تغيير وضع سياسي أو إقليمي راهن محمي نووياً، أو إنهاء صراع في ظل ظروف مواتية لدولة تمتلك السلاح النووي وتهدد باستخدامه، أو إذا أرادت دولة نووية فرض معادلات جديدة.

يقول ضابط فرنسي: «لولا الأسلحة النووية، لكان (حلف شمال الأطلسي) قد طرد روسيا بالفعل من أوكرانيا. لقد فهم الجميع ذلك في جميع أنحاء العالم».

من الجانب الروسي، يعتبر الكرملين أن الحرب في أوكرانيا جاء نتيجة عدم الاكتراث لمخاوف الأمن القومي الروسي إذ لم يتم إعطاء روسيا ضمانات بحياد أوكرانيا ولم يتعهّد الغرب بعدم ضم كييف إلى حلف الناتو.

وترى روسيا كذلك أن حلف الناتو يتعمّد استفزاز روسيا في محيطها المباشر، أكان في أوكرانيا أو في بولندا مثلا حيث افتتحت الولايات المتحدة مؤخرا قاعدة عسكرية جديدة لها هناك. وقد اعتبرت موسكو أن افتتاح القاعدة الأميركية في شمال بولندا سيزيد المستوى العام للخطر النووي.