«مجلس سوريا الديمقراطية» يرفض اختزال الأزمة السورية في عملية دستورية

مظلوم عبدي يحث على وقف «الغزو التركي» بعد اعتراف الكونغرس الأميركي بإبادة الأرمن

نساء في مخيم الهول شمال شرقي سوريا (رويترز)
نساء في مخيم الهول شمال شرقي سوريا (رويترز)
TT

«مجلس سوريا الديمقراطية» يرفض اختزال الأزمة السورية في عملية دستورية

نساء في مخيم الهول شمال شرقي سوريا (رويترز)
نساء في مخيم الهول شمال شرقي سوريا (رويترز)

رفض «مجلس سوريا الديمقراطية» بيان اجتماع آستانا الأخير والتوافقات التي أكدت أنها لا تمثل حلاً ينهي أزمة السوريين ومعاناتهم، واتهمت الدول الضامنة بمحاولة تصفية القضية السورية بما يخدم مصالحها، كما جاء في بيان نشر على حسابها الرسمي يوم أمس، وأكد الرئيس المشترك للمجلس المعارض السوري رياض درار بأنّ بيان «آستانا» تعبير عن غياب إرادة الحل السياسي، وقال: «يتعاملون مع الملف السوري وخصوصاً بشمال وشرق سوريا تعاملاً أمنياً، واللجوء للحلول العسكرية التي قوضت السيادة السورية».
ويعتبر «مجلس سوريا الديمقراطية» المظلة السياسية لـ«قوات سوريا الديمقراطية» العربية - الكردية، حيث حملَ المجتمع الدولي والدول الضامنة لمسار «آستانا» والمبعوث الأممي غير بيدرسون التخلي عن قضية تمثيل الأطراف السياسية السورية بالعملية السياسية، «بعد أن اختزلت الأزمة في عملية دستورية أقصت أطرافاً سياسية سورية فاعلة على الأرض في مقدمتها مجلس (مسد)، والممثلون الحقيقيون للشعب الكردي رضوخاً لشروط الطرف التركي»، كما نص بيان المجلس.
وأكد درار استعداد الإدارة الذاتية و«مجلس سوريا الديمقراطية» للتعاون مع مختلف الأطراف الفاعلة في الأزمة السورية، بهدف وضع مشروع الإدارة ضمن مسار وطني يخدم الوحدة والسيادة السورية، وقال: «التزمنا طوال سنوات الأزمة بتبني الحوار السوري - السوري، ونؤكد التزامنا بالحلول الوطنية»، وأخبر بأن الحكومة السورية لا تمتلك رؤية للحل وترفض الحوار السياسي، وأضاف: «بشار الجعفري أنكر وجود أزمة يجب حلها عبر الحوار، واتهم الإدارة بالانفصال رغم إبرام تفاهم عسكري برعاية روسية بين قوات (قسد) والجيش السوري لحماية الحدود من الاحتلال التركي».
وأوضح درار: «هو تعبير عن غياب إرادة الحل السياسي لدى الضامنين، والتعامل مع الملف السوري وخصوصاً بشمال وشرق سوريا تعاملاً أمنياً، واللجوء للحلول العسكرية التي قوضت السيادة السورية في إدلب وعفرين»، واتهم المعارض السوري تركيا لالعمل على تهجير سكان مدينتي رأس العين بالحسكة وتل أبيض بالرقة بعد سيطرتها مع فصائل سورية مسلحة موالية بشهر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وقال: «الجيش التركي وفصائلها الموالية عمدت لتنفيذ الإعدامات الميدانية بحق النشطاء والمدنيين وتدمير المدارس ودور العبادة والمستشفيات»، مشيراً أنّ البيان: «واضح وصريح بمنح الجانب التركي مزيداً من الحماية ليستمر بارتكاب هذه الجرائم تحت عنوان تطبيق بنود (اتفاق أضنة) الأمنية».
ولفت درار إلى أن «أكثر ما يثير الاستياء» في نص البيان، «التأكيد على محاربة تنظيم (داعش) الذي لم يهزم عسكريا لولا تضحيات قوات (قسد)، وتعاونها الإيجابي مع مختلف الأطراف الدولية وفي مقدمتها التحالف الدولي لمكافحة الإرهاب»، وشدّد بأن خطاب الدول الضامنة: «لن يجدي في تبرئة تركيا من دعمها المستمر للإرهابيين خلال سنوات الأزمة، وتقديمها كافة التسهيلات لمرورهم إلى سوريا عبر حدودها وحماية أخطر القادة والعناصر الإرهابيين»، على حد تعبيره.
كان مجلس الشيوخ الأميركي أقر قبل يومين نصاً من أجل إحياء ذكرى الإبادة الأرمنية عبر الاعتراف بها رسمياً، في إشارة للمذابح التي تتهم السلطنة العثمانية بارتكابها في حقبة العام 1915. وعدت الخطوة تاريخية لكنها أثارت حفيظة تركيا ووجهت لطمة للعلاقات المتوترة بالفعل بين البلدين العضوين بحلف شمال الأطلسي.
ورحب قائد «قوات سوريا الديمقراطية» مظلوم عبدي بالقرار الأميركي، وكتب في تغريدة على حسابه الشخصي بموقع «تويتر» أمس: «اعتمد مجلس الشيوخ الأميركي قراراً يعترف بالإبادة الجماعية للأرمن. هذه رسالة واضحة مفادها أن حملات الإبادة الجماعية غير ممكنة في القرن الحادي والعشرين. هذا القرار سيمنع تركيا من ارتكاب مذابح ضد الشعب الكردي ويوقف غزوها لروجافا»، في إشارة إلى المناطق ذات الغالبية الكردية شمال شرقي سوريا.
وهنأ مظلوم عبدي رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون وحزب المحافظين البريطانيين بالفوز في الانتخابات البريطانية العامة. وقال: «معالي رئيس الوزراء بوريس جونسون، نهنئكم بهذا الفوز الكبير وبنيل ثقة الشعب البريطاني»، ودعا إلى تعزيز العلاقة بين قواته والمملكة المتحدة ورفع وتيرة العمل المشترك في سوريا: «من أجل إنهاء (داعش) وحماية مكتسباتنا وإيجاد حلول ديمقراطية دائمة تحبط التطرف وترسخ العودة الآمنة والكريمة للاجئين».



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.