الرئيس الجزائري الجديد «يغازل» الحراك... وتوقعات بالإفراج عن «مساجين الرأي»

تبون تحدث عن «تعديل عميق» للدستور وتفعيل قوانين محاربة الفساد

مواطنون يتابعون أخبار فوز تبون بالانتخابات الرئاسية في العاصمة الجزائرية أمس (إ.ب.أ)
مواطنون يتابعون أخبار فوز تبون بالانتخابات الرئاسية في العاصمة الجزائرية أمس (إ.ب.أ)
TT

الرئيس الجزائري الجديد «يغازل» الحراك... وتوقعات بالإفراج عن «مساجين الرأي»

مواطنون يتابعون أخبار فوز تبون بالانتخابات الرئاسية في العاصمة الجزائرية أمس (إ.ب.أ)
مواطنون يتابعون أخبار فوز تبون بالانتخابات الرئاسية في العاصمة الجزائرية أمس (إ.ب.أ)

فيما أعلن الرئيس الجزائري الجديد عبد المجيد تبون، أن إدخال تغيير عميق على الدستور سيكون أول خطوة سيقدم عليها، توقع مراقبون اتخاذه تدابير إيجابية بهدف تخفيف حدة الاحتجاج الشعبي في الشارع، أهمها الإفراج عن «مساجين الرأي» و«معتقلي الراية الأمازيغية»، وهم بالمئات تم اعتقالهم منذ أشهر لاعتقاد السلطة أنهم يعرقلون خطة تنظيم انتخابات رئاسية.
وأكد تبون في مؤتمر صحافي عقده مساء أول من أمس، بعد ساعات قليلة من إعلان نتائج «الرئاسية»، أنه يعتزم إعداد مسودة دستور جديدة، بـ«مساعدة خبراء في القانون الدستوري، وباستشارة أساتذة الجامعة»، من دون أن يقدم تفاصيل عن مضمون الدستور الذي يريده. ويعتقد تبون أن «الإصلاح الدستوري» هو مفتاح كل الإصلاحات التي تعهد بها خلال الأشهر الأولى لولايته، وأهمها إصلاح القضاء والتعليم ومنظومة العلاج الطبي، وتفعيل القوانين التي تنص على محاربة الفساد.
ويرى مراقبون للشأن الجزائري أن أهم ما يمكن أن يدخله الرئيس الجديد من تعديلات على الدستور هو تقليص «صلاحيات الملوك»، التي وضعها الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة في الدستور، منذ المراجعة التي أحدثها سنة 2008، فاسحاً المجال لنفسه لإضافة ولاية ثالثة، بينما كان الدستور لا يسمح إلا بفترتين (10 سنوات)، ولم يسبق لأي رئيس منذ الاستقلال أن جمع بين يديه سلطات واسعة، كما فعل بوتفليقة.
كما يتوقع بعض المراقبين أن يعيد بعض الصلاحيات التي سحبها الرئيس السابق من رئيس الوزراء، ومن بينها التعيين في المناصب الحساسة، وأن ينسحب كرئيس الجمهورية من رئاسة «المجلس الأعلى للقضاء»، لإعطاء ضمانات أكبر لقضاء أكثر استقلالاً عن السلطة التنفيذية، ووقف التدخل في عمل القضاة، وهي ممارسات أضرت بصدقية الدولة في الـ20 سنة من حكم بوتفليقة. وكان بقية منافسي تبون الأربعة قد تعهدوا خلال حملة الدعاية الانتخابية بتعزيز سلطة البرلمان، والرقابة الشعبية على عمل الأجهزة التنفيذية، التي يمثلها رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء وأعضاء الحكومة، والولاة الـ48.
وفي أول تصريحاته للإعلام بعد انتخابه، تعهد تبون بـ«الوفاء للحراك» وتلبية كل مطالبه، داعياً إلى «الحوار مع ممثلين عنه يختارهم». لكن ردة الفعل الشعبية جاءت سلبية في اليوم نفسه، حيث خرجت حشود كبيرة إلى شوارع العاصمة والمدن الكبيرة، لتعبر عن عدم اعترافها بالرئيس الجديد. ورفعت شعارات في المظاهرات تندد بنجله المتواجد بالسجن منذ عامين، بتهمة قضية فساد مرتبطة بتاجر مخدرات مسجون هو أيضاً. كما تعرض متظاهرون للضرب بالهراوات من طرف الشرطة، في وهران (غرب) مساء أمس.
ويعتقد على نطاق واسع أن الرئيس الجديد سيأمر بالإفراج عن ابنه. وقد أكد في مؤتمره الصحافي أنه سيخلي سبيل «الأشخاص الذين سجنتهم العصابة ظلماً». وبحسب تبون، فإن رجال بوتفليقة الذين وصفهم قائد الجيش، بـ«العصابة»، هم من سجنوا ابنه انتقاماً منه هو شخصياً، بحجة أنه «هدد مصالح رجال الأعمال» المقربين من الرئيس السابق عندما كان رئيسا للوزراء. ويوجد هؤلاء حاليا في السجن بتهم فساد.
وكخطوة منتظرة لمغازلة الحراك، يتوقع مراقبون إصدار أوامر من الرئيس الجديد بالإفراج عن مساجين سياسيين ينتظرون المحاكمة، ومن بينهم رجل الثورة الثمانيني لخضر بورقعة، ومرشح «رئاسية» 18 أبريل (نيسان) الماضي التي ألغيت، الجنرال المتقاعد علي غديري، والكاتب الصحافي فضيل بومالة، والناشط سمير بلعربي. وقد سجن هؤلاء بسبب مواقفهم من «تدخل قائد الجيش في السياسة». كما يتوقع الإفراج عن «معتقلي الراية الأمازيغية»، الذين تمت إدانة بعضهم بالسجن.
وكتب الصحافي حمزة عتبي بخصوص ما ينتظر الرئيس الجديد: «على تبون أن يتخلص من حمولة العسكر الزائدة، ويرسم حدوداً معلومة لقايد صالح (رئيس أركان الجيش)، عملاً بما هو منصوص عليه في الدستور، ومن الأجدر سن قوانين تردع أي عسكري، مهما علت مرتبته إن تخطى القانون، هذا إن كان فعلاً صادقاً في مسعاه ويريد ترتيب أوضاع البلد».
وأضاف عتبي موضحاً: «إن كان تبون مستعداً حقاً لعلاج الأزمة، من منظور جدي ويسعى إلى تبديد مخاوف الرافضين له، فعليه اتخاذ حزمة من القرارات بأن يبدأ بإطلاق سراح سجناء الرأي، ويحد من العنف على المتظاهرين الممارس من طرف رجال الأمن، ويعمل على توسيع مساحة حرية التعبير، وإصلاح أعطاب القضاء والسياسة والاقتصاد في ظرف وجيز. وعندما يجسد هذه الخطوات، يمكنه بعدها الحديث عن الحوار مع الحراك».



مصر وسلطنة عمان تبحثان سلامة الملاحة في البحر الأحمر

نائب رئيس الوزراء لشؤون مجلس الوزراء بسلطنة عُمان يستقبل وزير الخارجية المصري (الخارجية المصرية)
نائب رئيس الوزراء لشؤون مجلس الوزراء بسلطنة عُمان يستقبل وزير الخارجية المصري (الخارجية المصرية)
TT

مصر وسلطنة عمان تبحثان سلامة الملاحة في البحر الأحمر

نائب رئيس الوزراء لشؤون مجلس الوزراء بسلطنة عُمان يستقبل وزير الخارجية المصري (الخارجية المصرية)
نائب رئيس الوزراء لشؤون مجلس الوزراء بسلطنة عُمان يستقبل وزير الخارجية المصري (الخارجية المصرية)

بحث وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، في سلطنة عمان، الاثنين، ملفَ التوترات الأمنية في البحر الأحمر، مؤكداً أهمية سلامة الملاحة البحرية وحرية التجارة الدولية، وارتباط ذلك بشكل مباشر بأمن الدول المشاطئة للبحر الأحمر.

وحسب بيان صادر عن وزارة الخارجية المصرية، أشار عبد العاطي إلى «تأثير تصاعد حدة التوترات في البحر الأحمر على مصر، بشكل خاص، في ضوء تراجع إيرادات قناة السويس».

وأدى تصعيد جماعة «الحوثيين» في اليمن لهجماتها على السفن المارة في مضيق باب المندب والبحر الأحمر، منذ نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، بداعي التضامن مع الفلسطينيين في غزة، إلى تغيير شركات الشحن العالمية الكبرى مسارها من البحر الأحمر، واضطرت إلى تحويل مسار السفن إلى طرق بديلة منها مجرى رأس الرجاء الصالح.

وتراجعت إيرادات قناة السويس من 9.4 مليار دولار (الدولار الأميركي يساوي 50.7 جنيه في البنوك المصرية) خلال العام المالي (2022 - 2023)، إلى 7.2 مليار دولار خلال العام المالي (2023 - 2024)، حسب ما أعلنته هيئة قناة السويس في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.

وخلال لقاء الوزير عبد العاطي مع فهد بن محمود آل سعيد نائب رئيس الوزراء لشؤون مجلس الوزراء، أشار إلى تقدير مصر الكبير للقيادة الحكيمة للسلطان هيثم بن طارق، وللدور الإيجابي الذي تضطلع به سلطنة عمان على المستويين الإقليمي والدولي.

وأكد عبد العاطي أهمية التعاون المشترك لتعزيز الأمن العربي، وحرص مصر على التنسيق والتشاور مع السلطنة لتثبيت دعائم الأمن والاستقرار في المنطقة، لا سيما في ظل الاضطرابات غير المسبوقة التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط على عدة جبهات.

وطبقاً للبيان، تناول اللقاء مناقشة عدد من القضايا الإقليمية ذات الاهتمام المشترك، على رأسها القضية الفلسطينية واستمرار العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، والجهود المصرية لاحتواء التصعيد في المنطقة، والتوصل لاتفاق لوقف إطلاق النار وإطلاق سراح الرهائن، كما تم تبادل الرؤى حول الأوضاع في سوريا واليمن والسودان وليبيا.

وخلال لقائه مع بدر البوسعيدي، وزير خارجية سلطنة عُمان، في إطار زيارته الرسمية إلى مسقط، ناقش عبد العاطي مجمل العلاقات الثنائية والتنسيق المشترك حيال القضايا الإقليمية محل الاهتمام المشترك.

مباحثات سياسية بين وزير الخارجية المصري ونظيره العماني (الخارجية المصرية)

تناول الوزيران، حسب البيان المصري، أطر التعاون الثنائي القائمة، وسبل تعزيز مسار العلاقات بين مصر وسلطنة عُمان، والارتقاء بها إلى آفاق أوسع تنفيذاً لتوجيهات قيادتي البلدين.

وزار الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، مسقط، في يونيو (حزيران) 2022، بينما زار السلطان هيثم بن طارق القاهرة في مايو (أيار) 2023.

وأكد الوزيران على أهمية التحضير لعقد الدورة السادسة عشرة للجنة المشتركة بين البلدين خلال الربع الأول من عام 2025، لتعزيز التعاون الثنائي بين البلدين في مختلف المجالات.

وشدد عبد العاطي على الأهمية التي توليها مصر لتطوير وتعزيز علاقاتها مع سلطنة عُمان، مشيداً بالعلاقات الوطيدة والتاريخية التي تجمع بين البلدين. وأشار إلى الاهتمام الخاص الذي توليه مصر للتعاون مع أشقائها في الدول العربية في مجال جذب الاستثمارات والتعاون الاقتصادي والتبادل التجاري، مستعرضاً برنامج الإصلاح الاقتصادي والاجتماعي الجاري تطبيقه في مصر، والخطوات التي تم اتخاذها لتهيئة المناخ الاستثماري وتوفير الحوافز لجذب الاستثمارات الأجنبية.

كما أشار إلى أهمية العمل على تعزيز التعاون بين المنطقة الاقتصادية لقناة السويس وهيئة المنطقة الاقتصادية الخاصة بـالدقم، وكذلك الربط البحري بين ميناءي «الدقم» و«صلالة»، والموانئ المصرية مثل ميناء الإسكندرية وميناء العين السخنة وغيرهما، بما يعزز التبادل التجاري بين البلدين، ويساهم في تعميق التعاون بينهما في مجالات النقل الملاحي والتخزين اللوجستي، في ضوء ما تتمتع به مصر وعُمان من موقع جغرافي متميز يشرف على ممرات ملاحية ومضايق بحرية استراتيجية.

وفيما يتعلق بالأوضاع الإقليمية في ظل التحديات المتواترة التي تشهدها المنطقة، ناقش الوزيران، وفق البيان المصري، التطورات في سوريا، والحرب في غزة، وكذلك الأوضاع في ليبيا ولبنان، وتطورات الأزمة اليمنية وجهود التوصل لحل سياسي شامل، وحالة التوتر والتصعيد في البحر الأحمر التي تؤثر بشكل مباشر على أمن الدول المشاطئة له، كما تطرق النقاش إلى الأوضاع في منطقة القرن الأفريقي والتطورات في السودان والصومال.

وأكد البيان أن اللقاء عكس رؤيةً مشتركةً بين الوزيرين للعديد من التحديات التي تواجه المنطقة، وكيفية مواجهتها، وأكدا على أهمية تعزيز التعاون بين البلدين والحرص على تكثيف التشاور والتنسيق بشأن مختلف القضايا، كما اتفق الوزيران على تبادل تأييد الترشيحات في المحافل الإقليمية والدولية.