حرب مستعرة بين نتنياهو وساعر على قيادة حزب الليكود

يحاولان استقطاب قيادات بارزة قبل الانتخابات التمهيدية

TT

حرب مستعرة بين نتنياهو وساعر على قيادة حزب الليكود

قالت مصادر إسرائيلية إن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ومنافسه على رئاسة حزب الليكود، جدعون ساعر، يحاولان استمالة الوزير في حزب الليكود غلعاد أردان، ورئيس الكنيست يولي أدلشتاين، من أجل حسم السباق في الانتخابات الداخلية التي تجرى في 26 ديسمبر (كانون الأول) الحالي. واجتمع نتنياهو الأسبوع الماضي مع أردان الذي يعتبر أحد قادة الحزب الهامين وطلب دعمه، وكان اجتماعاً متوتراً بين الجانبين بسبب أن أردان هو شاهد رئيسي في الملف 4000 المتهم فيه نتنياهو بتلقي الرشوة، ثم لاحقاً اجتمع مع أردان منافس نتنياهو الرئيس جدعون ساعر، وطلب دعمه.
ولم يصدر عن أردان أي تصريح منذ القرار بتقديم لائحة اتهام ضد نتنياهو بمخالفات الرشوة والاحتيال وخيانة الأمانة بالملفات 1000 و2000 و4000 نهاية الشهر الماضي. ويبدو أن أردان نفسه فكر أن يخوض الترشح لرئاسة الحزب بعد نتنياهو، ولذلك اختار عدم التعبير عن أي دعم علني لأي من المرشحين في هذا الوقت وهو ما فعله أيضاً رئيس الكنيست يولي أدلشتاين. لكن من المتوقع أن يعلن أردان قراره الأسبوع القادم بحسب مصادر إسرائيلية، وفي حال قرر تأييد ساعر فإن هذه ستعتبر خطوة هامة بأن يعلن وزير في حكومة نتنياهو عن دعم ساعر لرئاسة الحزب.
وقال مقربون من ساعر إنهم طلبوا من الوزير أردان دعم ساعر في الانتخابات لرئاسة حزب الليكود أو بدلاً من ذلك عدم التحيز لطرف في المنافسة بين ساعر ونتنياهو. وتوجد منافسة شرسة بين نتنياهو الذي أطلق الجمعة حملته الانتخابية للانتخابات التمهيدية لحزب الليكود، وبين ساعر الذي أعلن تحديه. ونشر نتنياهو منشوراً على حسابه في الفيسبوك، دعا خلاله أعضاء حزب الليكود إلى تأييده، قائلاً «يوجد لليكود فريق ممتاز، ولأنه الحزب الديمقراطي الأكبر في البلاد سأتنافس خلال الأيام القادمة على رئاسة الليكود من أجل كسب ثقتكم والاستمرار بقيادة إسرائيل أيضاً خلال السنوات القادمة».
وأضاف نتنياهو «لقد فعلت كل ما بوسعي لتجنب الخيارات الإضافية وغير الضرورية لكننا الآن يجب علينا التوصل إلى قرار واضح. خذوا نفساً عميقاً، الأشهر القريبة ستكون صعبة لكن الهدف ممكن: فوز الليكود، فوز معسكر اليمين. إنه في أيدينا، حان الوقت للتكتل معاً». وستجري الانتخابات التمهيدية في 26 ديسمبر (كانون الأول)، وهي الأولى منذ عام 2014 حيث تغلب فيها نتنياهو على داني دانون بغالبية كبيرة. لكن ساعر الذي يملك شعبية أيضا داخل الليكود، قال إنه يجهز نفسه لأن يصبح رئيساً للوزراء. وخطوة ساعر جاءت في وقت يوجد فيه نقاشات داخل الليكود حول أهمية التخلص من نتنياهو بسبب قضايا الرشوة.
وساعر هو محامٍ وصحافي سابق، تم استقدامه لأول مرة إلى عالم السياسة في عام 1999 من قبل نتنياهو. وفي حين رحب الكثيرون في الحزب بعودة ساعر إلى السياسة مؤخرا، إلا أن نتنياهو رفضه وزعم في تصريحات علنية أن الشخص الذي كان تحت وصايته في السابق يعتزم «سرقة» رئاسة الوزراء منه، وقاد بشكل فعلي حملة ضده في الانتخابات التمهيدية للحزب التي سبقت انتخابات أبريل (نيسان). وقال ساعر لـ«تايمز أوف إسرائيل» إن الهدف من ترشيحه لنفسه هو إحياء «التقاليد الديمقراطية» في الليكود، التي يرى أنه معرضة للخطر.
وردا على سؤال حول ما إذا كان سيصوت لصالح طلب من قبل نتنياهو للحصول على حصانة برلمانية لتجنب محاكمته، بقي ساعر حذراً، وقال إنه من غير المناسب اتخاذ قرار قبل سماع كلا الطرفين. ويتحدث ساعر عن الحاجة لزعيم جديد لحزب الليكود، ليس بسبب لوائح الاتهام فقط، بل «لأن البلاد في حالة عجز بكل بساطة». وأضاف: «أعتقد أنه يجب أن يكون هناك تغيير، وأن هناك حاجة إلى نقطة تحول لإنقاذ البلاد من هذا الطريق المسدود، حتى نتمكن من تشكيل حكومة، ولكي نتمكن أيضاً من توحيد مواطني إسرائيل. قد يكون ذلك هو الشيء الأكثر أهمية اليوم». والذي سيفوز بين نتنياهو وساعر سيقود الليكود في انتخابات ثالثة ستجرى العام المقبل، وهي الثالثة في غضون عام.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.