افتتاح فعاليات «مسرح شباب العالم» في مدينة شرم الشيخ

لا يزال صوت سيدة الغناء العربي، أم كلثوم، كلما تردد صداه يجتذب آهة هنا، وتنهيداً هناك، سواء كانت إطلالتها عبر سماعة مُصمتة أو شاشة عملاقة، لكن رغم مرور 44 عاماً على رحيلها؛ فإنها بالصوت والصورة والحضور استطاعت أن تحشد التصفيق الحار والمتتابع، والدهشة الواضحة لأكثر من ألف شخص شاهدوا «كوكب الشرق» تُغني عبر تقنية «الهولوغرام»، مساء أول من أمس، على «مسرح شباب العالم» ضمن فعاليات «منتدى شباب العالم» في نسخته الثالثة التي تستضيفها مدينة شرم الشيخ بجنوب سيناء في مصر.
والحاضرون الذين لم يتمكن أغلبهم بحكم السن، أن يحضروا حفلات أم كلثوم التي رحلت عام 1975. وكان من بينهم أصحاب جنسيات غير عربية، بدوا متفاعلين مع أغنية «أنت عمري» التي استهلت الحفل، فتمايلوا مع لحن الموسيقار محمد عبد الوهاب، والذي كان الأول في مسيرة التعاون بين العَلمين الموسيقيين المصريين، كما أنهم رددوا بسهولة كلمات أحمد شفيق كامل.
وحظي حفل افتتاح «مسرح شباب العالم»، بحضور لافت من كبار المسؤولين في مصر، إذ تقدمهم الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، وقرينته، انتصار السيسي، فضلاً عن رئيس مجلس النواب، علي عبد العال، ورئيس مجلس الوزراء، مصطفى مدبولي، وعدد كبير من الوزراء.
وبسبب شعار دورة «مسرح شباب العالم» لهذا العام، والتي تأتي تحت اسم «الفنون إحياءً للإنسانية»، فإن أحد فقرات حفل الافتتاح، كان بطلاها، الراقصان ماريسا هماموتو، وبيوتر يوانيكي، وبينما قدمت هماموتو عرضاً مبهراً، خصوصاً مع العلم أنها تعافت من إصابة بالغة الخطورة في العمود الفقري أصابتها بالشلل، فإن يوانيكي لم يكن أقل إبهاراً وتمكن من تقديم لوحة فنية خاصة من فوق كرسي متحرك، لم يغادره بينما تنقل بخفة على خشبة المسرح مراقصاً الطرف الثاني من العرض.
أما الفنان الألباني فاتمير مورا، وهو محترف بمجال الرسم بالرمال، فقد حول فقرته، لرسالة خاصة بمصر، وتمكن عبر تشكيلات بالغة الدقة والحرفية، من التعبير عن الحضارات المختلفة التي عاصرتها مصر، وبدأ الفنان عرضه برسم الأهرامات، ثم حوّل التشكيل إلى صورة أيقونية للإسكندر المقدوني.
كما حرّك، مورا، أنامله ببراعة ساكباً الرمال على اللوح الزجاجي لتظهر خارطة القارة السمراء، وفي قلبها رسم الفيل الأفريقي، وكذلك فإن فقرته لم تعدم إشارة إلى المكون الديني لمصر، فجسد تشكيلاً خاصاً لكنيسة، يقابلها مسجداً، قبل أن يتمكن بلمسات معدودة من تشكيل يدين تخرجان من داري العبادة وتتصافحان.
وفي مشهد ذي دلالة، جلس الطالب الجنوب سوداني، جون مانوث، والذي كان ضحية لواقعة «تنمر» شهيرة حققت فيها النيابة المصرية، الشهر الماضي، في الصف الأول بالحفل، إلى جانب الرئيس السيسي.
وغير بعيد عما سبق، فإن الحفل اختتم بعرض مسرحية المحاكمة للمخرج، خالد جلال، التي قدمت في قالب غنائي وحواري، أفكاراً إنسانية بالغة الرهافة وتتعلق بقضايا استغلال الأطفال في المجتمعات، والإرهاب، فضلاً عن إبراز مشكلات الأطفال ذوي الإعاقة. وعبر محاكمة لـ«سانتا كلوز»، أمام «قاضي الإنسانية» عرض أبطال العمل من جنسيات مختلفة، وعبر خلط محترف بين اللغات المتعددة مظالمهم المختلفة.