مصر تطبق نظاما جديدا للثانوية العامة

عشرات الطلاب يصطفون أمام إحدى المدارس الثانوية بالقاهرة («الشرق الأوسط»)
عشرات الطلاب يصطفون أمام إحدى المدارس الثانوية بالقاهرة («الشرق الأوسط»)
TT

مصر تطبق نظاما جديدا للثانوية العامة

عشرات الطلاب يصطفون أمام إحدى المدارس الثانوية بالقاهرة («الشرق الأوسط»)
عشرات الطلاب يصطفون أمام إحدى المدارس الثانوية بالقاهرة («الشرق الأوسط»)

في خطوة لتحسين وضع التعليم في مصر بعد عامين من ثورة «25 يناير» عام 2011، أعلنت وزارة التربية والتعليم المعنية بشؤون التعليم في مصر، تطبيق نظام جديد للثانوية العامة والتي يطلق عليها «عنق الزجاجة»؛ لتكون سنة واحدة بدلا من سنتين اعتبارا من العام الجديد الذي سوف يبدأ يوم 21 سبتمبر (أيلول) الحالي، تخفيفا عن الأسر المصرية.
كما قامت الوزارة بإجراء تعديلات على المناهج، التي تم تعديلها في فترة حكم جماعة الإخوان المسلمين. وقالت مصادر مسؤولة في وزارة التربية والتعليم في مصر، إنه «بدءا من العام القادم سيتم ضم فترة حكم الرئيس السابق محمد مرسي، المحسوب على جماعة الإخوان المسلمين للمناهج الدراسية ولن يتم استبعادها، مثلما فعل الإخوان في فترة حكم الرئيس الأسبق حسني مبارك»، مؤكدة أنه سيتم تناول فترة الرئيس المعزول بسلبياتها وإيجابيتها.
وأوضحت المصادر، أنه تم حذف بعض التغييرات التي أدخلها رئيس المركز القومي للمناهج السابق في عهد حكم الرئيس المعزول، وأن معظم التدخلات في المنهج جاءت في مواد التاريخ والمواد القومية.
وأضافت المصادر المسؤولة التي تحدثت لـ«الشرق الأوسط»، أن «التعديل في المناهج الدراسية يتزامن مع اعتماد النظام الجديد للثانوية العامة والتي أصبحت عاما واحدا فقط، بدلا من عامين في النظام السابق»، لافتة إلى أن الطالب في نظام الثانوية العامة الجديد يدرس مواد «التربية الدينية، والتربية الوطنية، والاقتصاد»، سواء للشعبة الأدبية أو العلمية، وتجرى امتحاناتها مسبقا بالمدارس، ويشترط نجاح الطالب بها. وأوضحت المصادر أن زيادة عدد المواد جاء في صالح الطلاب، وأن الدرجات التي خصصت لكل مادة، جاء موازيا لعدد الحصص بالأسبوع الواحد، بالإضافة إلى عدد الساعات التي تدرس بها المادة.
وأعلن الدكتور محمود أبو النصر، وزير التربية والتعليم المصري، أن «النظام الجديد للثانوية العامة تم عرضه على عدة جهات، كان من أهمها مجلس التعليم قبل الجامعي، والذي اعتمده مؤخرا، بالإضافة إلى عقد عدة مشاورات مع اتحاد طلاب المدارس، والأخذ بآرائهم في بعض النقاط».
ويدرس طلاب شعبة العلمي علوم مواد «اللغة العربية، واللغة الإنجليزية، واللغة الأجنبية الثانية، والكيمياء، والفيزياء، والأحياء، والجيولوجيا وعلوم البيئة»، ومواد طلاب شعبة العلمي رياضيات «اللغة العربية، واللغة الإنجليزية، واللغة الأجنبية الثانية، والكيمياء، والفيزياء، ورياضة بحتة، ورياضة تطبيقية».
أما طلاب الشعبة الأدبية فسيدرسون مواد «اللغة العربية، واللغة الإنجليزية، واللغة الأجنبية الثانية، والتاريخ، والجغرافيا، والفلسفة والمنطق، وعلم النفس والاجتماع، والجيولوجيا». ويخير الطلاب بين دراسة عدد من المواد باللغة العربية أو اللغة الإنجليزية.
وأشار وزير التربية والتعليم إلى أن الوزارة ستشكل لجنة لدراسة نسبة الأنشطة الصفية واللاصفية في المراحل التعليمية، والتي تتمثل وفقا للقرار 313 في 50% بالنسبة للمرحلة الابتدائية و40% بالنسبة للمرحلة الإعدادية و30% بالنسبة للمرحلة الثانوية.
وأوضحت المصادر المسؤولة نفسها في وزارة التربية والتعليم، أن «الوزارة تدرس مقترحا خاصا بتخصيص 10 درجات في الثانوية العامة للحضور في المدارس، لأهمية عودة الانضباط إلى المدرسة، على ألا تكون هذه الفكرة وسيلة ضغط من جانب المعلمين لإعطاء المزيد من الدروس الخصوصية».
لكن نور عبد الحميد، ولي أمر أحد الطلاب، رفض هذه الفكرة واعتبرها مجالا يزيد الأعباء على الأسر المصرية في مسألة الدروس الخصوصية، مضيفا لـ«الشرق الأوسط»، أن «هذا المقترح لو طبق سيزيد من سطوة المدرس على الطالب في مسألة الدروس الخصوصية».
ويرى مراقبون أن نظام الثانوية العامة الجديد يهدف إلى تخفيف العبء عن كاهل الأسر المصرية التي تعاني من المصروفات والدروس الخصوصية لمدة عامين، بالإضافة إلى أن جعل نظام الثانوية العامة عاما واحدا يخفف العبء على الطالب في المذاكرة.
وقال وزير التربية والتعليم، إن «الوزارة استشعرت أن العودة لنظام العام الواحد للثانوية العامة هو مطلب جماهيري وشعبي لتخفيف الأعباء المالية والنفسية على الطلاب وأولياء أمورهم، خصوصا أن نظام العامين أدى إلى زيادة ظاهرة الدروس الخصوصية والعبء النفسي على الطلاب وأولياء الأمور».
وقال محمد حسيب، وهو وكيل وزارة سابق في وزارة التربية والتعليم، إن «الثانوية العامة المصرية مرت بعدد كبير من التغيرات على مدى تاريخها الطويل الممتد منذ الربع الأول من القرن التاسع عشر، ويعد عام 1825 أول أعوام التعليم الثانوي في مصر، وكانت وقتها تسمى المرحلة التجهيزية، حيث يتم «تجهيز» طلاب المدرسة لدخول التعليم في المدارس العالية مثل مدرسة الحقوق والمهندسخانة وغيرها. وظلت تلك المرحلة من التعليم تدار الامتحانات فيها بشكل منفصل في كل مديرية، أو حكمدارية، حتى جاء عام 1887، والذي تم فيه عقد أول امتحان موحد للثانوية العامة في أكثر من مدرسة، وعلى إثر هذا الامتحان أطلق عليها الشهادة العامة، لعمومية الامتحان فيها.
وتابع حسيب: «كان نظام التعليم في الثانوية العامة وقتها أربع سنوات، حتى عام 1891، حيث تمت زيادة مدة الدراسة بها إلى خمس سنوات، وفى عام 1897 تقلصت مدة الدراسة في الثانوية العامة إلى ثلاث سنوات، بسبب حاجة الحكومة وقتها إلى المتعلمين من أجل شغل الوظائف، لتعود بعد ذلك مدة الدراسة في الثانوية أربع سنوات عام 1905، إلا أن الدراسة وقتها كانت مقسمة على مرحلتين، وكان هناك عامان لكل مرحلة، وكانت السنتان الأوليان تسميان بـ«الكفاءة»، وهى شهادة مستقلة، بعدها يأتي التخصص في أحد القسمين العلمي أو الأدبي، وتمتد الدراسة في تلك المرحلة أيضا إلى عامين، بعدها يحصل الطالب على شهادة «البكالوريا» التي تعادل حاليا الثانوية العامة. وفى عام 1907 ألغيت شهادة الكفاءة، وأطلق عليها «القسم الأول من الشهادة الثانوية»، وظلت الثانوية العامة هكذا حتى عام 1928، وزيد عليها في تلك المرحلة عام خامس فأصبحت خمس سنوات، وظل هذا النظام ساريا حتى عام 1935، حين تم تعديل نظام الثانوية العامة لتصبح خمس سنوات دراسية للبنين وست سنوات للبنات، حيث كانت تضاف مواد تخص الفتيات.
وأضاف محمد حسيب، لـ«الشرق الأوسط»، في عام 1977 تغير نظام الدراسة في الثانوية العامة مرة أخرى، وتحددت مدة الدراسة بثلاث سنوات، وفى عام 1981 أدخلت وزارة التربية والتعليم نظاما جديدا على الثانوية، وتم تشعيب القسم الأدبي إلى شعبتين أيضا، وكان التخصص يبدأ مع هذا النظام منذ الصف الأول الثانوي، ولم يستمر هذا النظام طويلا، حيث ألغاه الدكتور أحمد فتحي سرور وزير التربية والتعليم الأسبق، وعاد بالثانوية العامة إلى ثانوية السنة الواحدة، فكان الصف الأول والثاني الثانوي دراسة عامة والتخصص يقع في الصف الثالث فقط، الذي كان بمثابة سنة الشهادة.
وفى عام 1991 تعدل نظام الدراسة في الثانوية العامة، وتم إدخال المواد الاختيارية لدراسة ميول وقدرات الطلاب، وكذلك كان هذا أول عام يتم فيه دراسة المستوى الرفيع للطلاب، بما يساعد على زيادة مجموع الطلاب، مؤكدا أنه في عهد الدكتور حسين كامل بهاء الدين، وزير التعليم الأسبق، دخلت الثانوية العامة بنظام المرحلتين، فشهد عام 1994 تحول الدراسة في الشهادة الثانوية إلى النظام الممتد بين العامين الثاني والثالث الثانوي، وكانت الدراسة تتم بموجب مواد إجبارية ومواد اختيارية يختارها الطالب عند التخصص في الصف الثاني الثانوي. وقد ألغي هذا النظام بعد عامين من تطبيقه، وتحديدا في عام 1996 في حكومة الدكتور كمال الجنزوري رئيس الوزراء الأسبق، ومع هذا ظلت الثانوية العامة تدرس بنظام العامين وبنظام الشعبتين.
وحصلت «الشرق الأوسط» على نسخة من التعديلات النهائية لنظام الثانوية العامة الجديد، فيما يتعلق بتوزيع درجات المواد، فبالنسبة للمواد الأساسية التي تدرسها جميع الشعب: 80 درجة للغة العربية، و50 درجة للغة الأجنبية الأولي، و40 درجة للغة الأجنبية الثانية. أما مواد التخصص لشعبة العلمي علوم، فحددت 60 درجة لكل من مواد الكيمياء والأحياء والفيزياء والجيولوجيا، وبالنسبة لشعبة الرياضة، فحددت 60 درجة لكل من مواد الكيمياء والفيزياء والرياضيات التطبيقية والرياضيات البحتة.
أما توزيع الدرجات بالنسبة لشعبة الأدبي، فتم تحديدها بـ60 درجة لكل من مواد التاريخ والجغرافيا والفلسفة والمنطق وعلم نفس والاجتماع، على أن يكون المجموع الكلي النهائي 410 درجات. وللطالب إعادة قيد واحدة ثم يحول إلى نظام «المنازل» (الذي يعني الدراسة في المنزل بدلا من الصف الدراسي)، إذا تغيب 15 يوما متصلة أو 30 يوما منفصلة. فيما تدرس جميع الشعب مواد لا تضاف للمجموع، لكنها أساسية للنجاح، وهي التربية الدينية والتربية الوطنية والاقتصاد والإحصاء.
كما نصت التعديلات على أنه بالنسبة لمواد «الكيمياء والفيزياء والأحياء والتاريخ والجغرافيا والفلسفة والمنطق وعلم النفس والاجتماع»، سيتم استكمال باقي المناهج، ولن تتم إضافة أي جديد عليه، أما فيما يتعلق بمادة الجيولوجيا، فسيتم حذف أجزاء من المنهج ولن تتم دراستها كاملة، بل نصفها فقط.
وكانت جماعة الإخوان قد أجرت تعديلات في كتب العام الماضي، وحسب مراقبين، تم حذف صور خاصة بثورة «25 يناير (كانون الثاني)»، وصورة لافتة «لا لبيع الغاز لإسرائيل»، واستبعاد صورة ناشطة حقوقية بسبب عدم ارتدائها الحجاب، مع استبدال صور المصحف والصليب بصور علم مصر فقط، وذلك في كتابي التربية الوطنية بالصفين الثاني والثالث الثانوي.



كلية الطب في بيروت... 150 عاماً من النجاحات

كلية الطب في بيروت... 150 عاماً من النجاحات
TT

كلية الطب في بيروت... 150 عاماً من النجاحات

كلية الطب في بيروت... 150 عاماً من النجاحات

التحدث عن كلية الطب في «الجامعة الأميركية» وما حققته من إنجازات وتطورات منذ تأسيسها عام 1867 لا يمكن تلخيصه بمقال؛ فهذه الكلية التي تحتل اليوم المركز الأول في عالم الطب والأبحاث في العالم العربي والمرتبة 250 بين دول العالم بالاعتماد على QS Ranking، استطاعت أن تسبق زمنها من خلال رؤيا مستقبلية وضعها القيمون عليها، وفي مقدمتهم الدكتور محمد صايغ نائب الرئيس التنفيذي لشؤون الطب والاستراتيجية الدولية وعميد كلية الطب في الجامعة الأميركية، الذي أطلق في عام 2010 «رؤيا (2020)»، وهي بمثابة خطة طموحة أسهمت في نقل الكلية والمركز الطبي إلى المقدمة ووضعهما في المركز الأول على مستوى المنطقة.

رؤية 2025

اليوم ومع مرور 150 عاماً على تأسيسها (احتفلت به أخيراً) ما زالت كلية الطب في «الجامعة الأميركية» تسابق عصرها من خلال إنجازات قيمة تعمل على تحقيقها بين اليوم والغد خوّلتها منافسة جامعات عالمية كـ«هارفرد» و«هوبكينز» وغيرهما. وقد وضعت الجامعة رؤيا جديدة لها منذ يوليو (تموز) في عام 2017 حملت عنوان «رؤية 2025»، وهي لا تقتصر فقط على تحسين مجالات التعليم والطبابة والتمريض بل تطال أيضاً الناحية الإنسانية.
«هي خطة بدأنا في تحقيقها أخيراً بحيث نستبق العلاج قبل وقوع المريض في براثن المرض، وبذلك نستطيع أن نؤمن صحة مجتمع بأكمله». يقول الدكتور محمد صايغ. ويضيف خلال حديثه لـ«الشرق الأوسط»: «لا نريد أن ننتظر وصول وفود المرضى إلى مركزنا الطبي كي نهتم بهم، بل إننا نعنى بتوعية المريض قبل إصابته بالمرض وحمايته منه من خلال حملات توعوية تطال جميع شرائح المجتمع. كما أننا نطمح إلى إيصال هذه الخطة إلى خارج لبنان لنغطي أكبر مساحات ممكنة من مجتمعنا العربي».
تأسَّسَت كلية الطب في الجامعة الأميركية في بيروت عام 1867، وتعمل وفقاً لميثاق صادر من ولاية نيويورك بالولايات المتحدة الأميركية، ويقوم على إدارتها مجلس أمناء خاص ومستقل.
وتسعى الكلية لإيجاد الفرص التي تمكن طلبتها من تنمية روح المبادرة، وتطوير قدراتهم الإبداعية واكتساب مهارات القيادة المهنية، وذلك من خلال المشاركة في الندوات العلمية والتطبيقات الكلينيكية العملية مما يُسهِم في تعليم وتدريب وتخريج أطباء اختصاصيين.
وملحَق بكلية الطب في الجامعة الأميركية في بيروت مركز طبي يضم أقساماً للأمراض الباطنية والجراحة والأطفال وأمراض النساء والتوليد ‏والطب النفسي. كما يقدم المركز الطبي خدمات الرعاية الصحية المتكاملة في كثير من مجالات الاختصاص، وبرامج للتدريب على التمريض وغيرها ‏من المهن المرتبطة بالطب.

اعتمادات دولية

منذ عام 1902، دأب المركز الطبي في الجامعة الأميركية في بيروت على توفير أعلى معايير الرعاية للمرضى في مختلف أنحاء لبنان والمنطقة. وهو أيضاً المركز الطبي التعليمي التابع لكلية الطب في الجامعة الأميركية في بيروت التي درّبت أجيالاً من طلاب الطب وخريجيها المنتشرين في المؤسسات الرائدة في كل أنحاء العالم. المركز الطبي في الجامعة الأميركية في بيروت هو المؤسسة الطبية الوحيدة في الشرق الأوسط التي حازت على خمس شهادات اعتماد دولية وهي JCI)، وMagnet، وCAP، وACGME - I و(JACIE مما يشكّل دليلاً على اعتماد المركز أعلى معايير الرعاية الصحية المتمحورة حول المريض والتمريض وعلم الأمراض والخدمات المخبرية والتعليم الطبي والدراسات العليا. وقد خرَّجَت كلية الطب أكثر من أربعة آلاف طالب وطبيب. وتقدم مدرسة رفيق الحريري للتمريض تعليماً متميزاً للعاملين في مجال التمريض، ويلبي المركز الطبي احتياجات الرعاية الصحية لأكثر من 360 ألف مريض سنوياً.
ويتألف المركز من عدد من مراكز الامتياز كمركز سرطان الأطفال التابع لمستشفى «سانت جود» البحثي في ولايتي ممفيس وتينيسي. كما تتضمن برنامج باسيل لأورام البالغين وفيه وحدة لزرع نخاع العظام، إضافة إلى مراكز طب الأعصاب المختلفة وأمراض القلب والأوعية الدموية ومركز للرعاية الصحية للنساء.
«هناك استثمارات تلامس نحو 400 مليون دولار رصدت من أجل بناء البنية التحتية اللازمة للمركز الطبي مع مشروع افتتاح عدة مبانٍ وأقسام جديدة خاصة بأمراض السرطان وأخرى تتعلق بالأطفال، إضافة إلى نقلة نوعية من خلال زيادة عدد الأسرة لتلبية الحاجات الصحية المختلفة لمرضانا»، كما أوضح د. صايغ في سياق حديثه.

تبرعات للمحتاجين

يعمل المركز الطبي على تأمين العلاج المجاني لأمراض مستعصية من خلال تأسيس صناديق تبرُّع للمحتاجين، هدفها تأمين العلاج لذوي الدخل المحدود. وهي تخصص سنوياً مبلغ 10 ملايين دولار لمساعدة هذه الشريحة من الناس التي تفتقر إلى الإمكانيات المادية اللازمة للعلاج.
وينظم المركز الطبي مؤتمراً سنوياً ودورات وورش عمل (MEMA) تتناول مواضيع مختلفة كطب الصراعات ومواضيع أخرى كصحة المرأة، والصحة العقلية، وعبء السرطان وغسل الكلى أثناء الصراع وتدريب وتثقيف المهنيين الصحيين للتعامل مع تحديات العناية بأفراد المجتمع.
تُعدّ كلية الطب في الجامعة الأميركية السباقة إلى تأمين برنامج تعليمي أكاديمي مباشر لطلابها، بحيث يطبقون ما يدرسونه مباشرة على الأرض في أروقة المركز الطبي التابع لها.
ويرى الدكتور محمد صايغ أن عودة نحو 180 طبيباً لبنانياً عالمياً من خريجيها إلى أحضانها بعد مسيرة غنية لهم في جامعات ومراكز علاج ومستشفيات عالمية هو إنجاز بحد ذاته. «ليس هناك من مؤسسة في لبنان استطاعت أن تقوم بهذا الإنجاز من قبل بحيث أعدنا هذا العدد من الأطباء إلى حرم الكلية وأنا من بينهم، إذ عملت نحو 25 عاماً في جامعة (هارفرد)، ولم أتردد في العودة إلى وطني للمشاركة في نهضته في عالم الطب». يوضح دكتور محمد صايغ لـ«الشرق الأوسط».

رائدة في المنطقة

أبهرت كلية الطب في الجامعة الأميركية العالم بإنجازاتها على الصعيدين التعليمي والعلاجي، ففي عام 1925. تخرجت فيها أول امرأة في علم الصيدلة (سارة ليفي) في العالم العربي، وبعد سنوات قليلة (1931) كان موعدها مع تخريج أول امرأة في عالم الطب (ادما أبو شديد). وبين عامي 1975 و1991 لعبت دوراً أساسياً في معالجة ضحايا الحرب اللبنانية فعالج قسم الطوارئ لديها في ظرف عام واحد (1976 - 1977) أكثر من 8000 جريح. وفي عام 2014 تلقت إحدى أضخم التبرعات المالية (32 مليون دولار) لدعم المركز الطبي فيها وتوسيعه.
كما لمع اسمها في إنجازات طبية كثيرة، لا سيما في أمراض القلب، فكان أحد أطبائها (دكتور إبراهيم داغر) أول من قام بعملية القلب المفتوح في العالم العربي، في عام 1958. وفي عام 2009، أجرت أولى عمليات زرع قلب اصطناعي في لبنان، وفي عام 2017 أحرز فريقها الطبي أول إنجاز من نوعه عربياً في أمراض القلب للأطفال، عندما نجح في زرع قلب طبيعي لطفل.
كما تصدرت المركز الأول عربياً في عالم الطب لثلاث سنوات متتالية (2014 - 2017) وحازت على جوائز كثيرة بينها «الجائزة الدولية في طب الطوارئ» و«جائزة عبد الحميد شومان» عن الأبحاث العربية، و«جائزة حمدان لأفضل كلية طبية في العالم العربي» لدورها في التعليم الطبي لعامي 2001 – 2002.


جامعة ياغيلونيا البولونية... احتلها النازيون فأسست مؤسسة تعليمية سرية مناهضة

جامعة ياغيلونيا البولونية... احتلها النازيون فأسست مؤسسة تعليمية سرية مناهضة
TT

جامعة ياغيلونيا البولونية... احتلها النازيون فأسست مؤسسة تعليمية سرية مناهضة

جامعة ياغيلونيا البولونية... احتلها النازيون فأسست مؤسسة تعليمية سرية مناهضة

تم تصنيف جامعة ياغيلونيا في مدينة كراكوف البولندية كأفضل مؤسسة تعليمية جامعية في البلاد، إلى جانب كونها واحدة من أعرق الجامعات في العالم. بدأت قصتها عام 1364 عندما نجح الملك كازيمير الأعظم بعد سنوات طويلة في إقناع البابا أوربان الخامس بمنح تصريح لإنشاء مؤسسة للتعليم الجامعي في مدينة كراكوف، قام الملك بتمويلها بعائدات مناجم فياليتشكا الملحية القريبة.
بعد ثلاث سنوات كان الجرس يدق في أرجاء المؤسسة معلناً عن بدء الدروس والتي كانت في الفلسفة والقانون والطب. وبدأت الجامعة، التي كان أول اسم يطلق عليها هو أكاديمية كراكوف، في الازدهار والنجاح خلال القرن التالي عندما بدأت في تدريس الرياضيات واللاهوت والفلك، حيث جذبت تلك المواد الباحثين والدارسين البارزين من مختلف أنحاء أوروبا. وتطلب توسعها بخطى سريعة إنشاء حرم جامعي أكبر. وقد التحق نيكولاس كوبرنيكوس، الذي أحدث بعد ذلك ثورة في فهم الكون، بالجامعة منذ عام 1491 حتى 1495.
مع ذلك، لم يستمر ما حققته الجامعة من نجاح وازدهار لمدة طويلة كما يحدث طوال تاريخ بولندا؛ ففي عام 1939 احتل النازيون مدينة كراكوف وألقوا القبض على الأساتذة بالجامعة وقاموا بنقلهم إلى معسكري التعذيب زاكزينهاوسين، وداخاو؛ ولم يعد الكثيرون، لكن من فعلوا ساعدوا في تأسيس جامعة مناهضة سرية ظلت تعمل حتى نهاية الحرب. كذلك اضطلعت جامعة ياغيلونيا بدور في الاحتجاجات المناهضة للنظام الشمولي في الستينات والثمانينات، واستعادت حالياً مكانتها المرموقة كمؤسسة لتدريب وتعليم النخبة المتعلمة المثقفة في بولندا.
ساعد انضمام بولندا إلى الاتحاد الأوروبي عام 2004 في زيادة موارد الجامعة، وفتح أقسام جديدة، وإنشاء مرافق أفضل منها ما يسمى بـ«الحرم الجامعي الثالث» أو «الحرم الجامعي للذكرى الـ600» في منطقة بيخوفيسه. وبلغ عدد الملتحقين بالجامعة في 87 برنامجا دراسيا خلال العام الدراسي 2015-2016 47.494 طالباً.
وطوال قرون التحق خلالها عدد كبير من الطلبة بالجامعة، كان التحاق أول طالبة بالجامعة يمثل حدثاً بارزاً، حيث قامت فتاة تدعى نوفويكا، بالتسجيل في الجامعة قبل السماح للفتيات بالالتحاق بالجامعة بنحو 500 عام، وكان ذلك عام 1897، وتمكنت من فعل ذلك بالتنكر في زي شاب، وكانت الفترة التي قضتها في الدراسة بالجامعة تسبق الفترة التي قضاها زميل آخر لحق بها بعد نحو قرن، وكان من أشهر خريجي الجامعة، وهو نيكولاس كوبرنيكوس، الذي انضم إلى مجموعة عام 1492، وربما يشتهر كوبرنيكوس، الذي يعد مؤسس علم الفلك الحديث، بكونه أول من يؤكد أن الأرض تدور حول الشمس، وهو استنتاج توصل إليه أثناء دراسته في الجامعة، ولم ينشره إلا قبل وفاته ببضعة أشهر خوفاً من الإعدام حرقاً على العمود. من الطلبة الآخرين المميزين كارول فويتيالا، والذي يعرف باسم البابا يوحنا بولس الثاني، الذي درس في قسم فقه اللغة التاريخي والمقارن بالجامعة.


«شمعة»... قاعدة بيانات مجانية للبحوث التربوية في 17 دولة عربية

لائحة قاعدة البيانات ببوابة «شمعة»
لائحة قاعدة البيانات ببوابة «شمعة»
TT

«شمعة»... قاعدة بيانات مجانية للبحوث التربوية في 17 دولة عربية

لائحة قاعدة البيانات ببوابة «شمعة»
لائحة قاعدة البيانات ببوابة «شمعة»

يقضي الباحثون في العالم العربي أوقاتاً من البحث المضني عن المراجع الإلكترونية التي تساعدهم في تحقيق أغراضهم البحثية. ويدرك هذه المشقة الباحثون الساعون للحصول على درجة الماجستير أو الدكتوراه، فإذا لم يكن لديه إمكانية الدخول إلى قواعد البيانات العلمية العالمية عبر إحدى المكتبات الكبرى، التي عادة لا تتاح كاملة أيضاً، فإن عملية البحث سوف تكلفه آلاف الدولارات لمتابعة والوصول لأحدث الأوراق العلمية المتصلة بمجال بحثه، أو أن مسح التراث العلمي سيتوقف لديه على المراجع الورقية.
بينما يحظى الباحثون في مجال البحوث التربوية بوجود «شمعة»، وهي شبكة المعلومات العربية التربوية (www.shamaa.org) التي توفر لهم أحدث البحوث والدوريات المحكمة من مختلف الجامعات العربية، وبثلاث لغات، هي: العربية، والفرنسية، والإنجليزية مجاناً.
تأسست «شمعة» عام 2007 في بيروت كقاعدة معلومات إلكترونية، لا تبغي الربح، توثق الدراسات التربوية الصادرة في البلدان العربية في مجمل ميادين التربية، من كتب ومقالات وتقارير ورسائل جامعية (الماجستير والدكتوراه) وتتيحها مجاناً للباحثين والمهتمين بالدراسات التربوية. تتميز «شمعة» بواجهة إلكترونية غاية في التنظيم والدقة، حيث يمكنك البحث عن مقال أو أطروحة أو كتاب أو فصل أو عدد أو تقرير. فضلاً عن تبويب وفهرسة رائعة، إذ تشتمل اليوم على أكثر من 36000 ألف دراسة، موزعة بنسبة 87 في المائة دراسات عربية، و11 في المائة دراسات بالإنجليزية و2 في المائة بالفرنسية، وهي دراسات عن العالم العربي من 135 جامعة حول العالم، فيما يخص الشأن التربوي والتعليم، إضافة لأقسام خاصة بتنفيذ مشاريع في التربية كورش تدريبية ومؤتمرات.
لا تتبع «شمعة» أي جهة حكومية، بل تخضع لإشراف مجلس أمناء عربي مؤلف من شخصيات عربية مرموقة من ميادين مختلفة، وبخاصة من الحقل التربوي. وهم: د. حسن علي الإبراهيم (رئيساً)، وسلوى السنيورة بعاصيري كرئيسة للجنة التنفيذية، وبسمة شباني (أمينة السر)، والدكتور عدنان الأمين (أمين الصندوق) مستشار التعليم العالي في مكتب اليونيسكو، وهو أول من أطلق فكرة إنشاء «شمعة» ورئيسها لمدة 9 سنوات.
تستمر «شمعة» بخدمة البحث التربوي بفضل كل من يدعمها من أفراد ومؤسّسات ومتطوعين، حيث تحتفل بالذكرى العاشرة لانطلاقتها (2007 - 2017)، وهي تعمل حاليا على إصدار كتيب يروي مسيرة العشر سنوات الأولى. وقد وصل عدد زائريها إلى نحو 35 ألف زائر شهرياً، بعد أن كانوا نحو ألفي زائر فقط في عام 2008.
تواصلت «الشرق الأوسط» مع المديرة التنفيذية لبوابة «شمعة» ببيروت د. ريتا معلوف، للوقوف على حجم مشاركات الباحثين العرب، وهل يقومون بمدّ البوابة بعدد جيّد من الأبحاث والدراسات، أم لا تزال المعدلات أقل من التوقعات؟ فأجابت: «تغطّي (شمعة) الدراسات التربوية الصّادرة في 17 دولة عربيّة بنسب متفاوتة. ولا شك أن حجم مشاركات الباحثين العرب بمد (شمعة) بالدراسات قد ارتفع مع الوقت، خصوصاً مع توّفر وسائل تكنولوجيا المعلومات والاتصالات التي سهّلت لهم عملية المشاركة».
وحول طرق تزويد «شمعة» بالأبحاث والدراسات، أوضحت معلوف أن ذلك يتم من خلال عدّة طرق، وهي: «توقيع اتفاقات شراكة مع كليات التربية في الجامعات العربية والمجلات التربوية المحكمة ومراكز الأبحاث التي تعنى بالتربية والتعليم، كما تتيح اتفاقية تعاون مع مركز المعلومات للموارد التربوية (إريك) (ERIC) تزويد (شمعة) بالدراسات الصادرة باللغة الإنجليزية من الدول العربية أو من باحثين عرب. ونعتبر أن الشراكة مع (إريك) هي خطوة كبيرة ومن أهم الإنجازات كمؤسسة عربية، وأيضاً من خلال اشتراكات بالمجلات الورقية التربوية المحكمة العربية، أو عبر الدراسات المتاحة إلكترونياً على شبكة الإنترنت بالمجان أي عبر مصادر الوصول الحر للمعلومات (Open Access)».
وتضيف: «الجدير بالذكر أيضاً أن (شمعة) وقعت اتفاقية من مستوى عالمي مع شركة (EBSCO Discovery Service EDS) التي تعتبر من أهم موزعي قواعد المعلومات في العالم العربي والغربي».
وتوضح معلوف أنه «يمكن تزويد (شمعة) بالدراسات مباشرة من الباحث عبر استمارة متوافرة على موقع (شمعة)، حيث يقوم الفريق التقني من التأكد من توافقها مع معايير القبول في (شمعة) قبل إدراجها في قاعدة المعلومات».
وحول ما إذا كان الباحثون العرب لديهم ثقافة التعاون الأكاديمي، أم أن الخوف من السرقات العلمية يشكل حاجزاً أمام نمو المجتمع البحثي العلمي العربي، قالت د. ريتا معلوف: «رغم أن مشاركة نتائج الأبحاث مع الآخرين ما زالت تخيف بعض الباحثين العرب، إلا أنه نلمس تقدماً ملحوظاً في هذا الموضوع، خصوصاً أن عدد الدراسات المتوافرة إلكترونياً على شبكة الإنترنت في السنين الأخيرة ارتفع كثيراً مقارنة مع بدايات (شمعة) في 2007، إذ تبلغ حالياً نسبة الدراسات المتوافرة مع نصوصها الكاملة 61 في المائة في (شمعة). فكلما تدنّى مستوى الخوف لدى الباحثين، كلما ارتفعت نسبة الدراسات والأبحاث الإلكترونيّة. وكلما ارتفعت نسبة الدراسات الإلكترونية على شبكة الإنترنت، كلما انخفضت نسبة السرقة الأدبية. تحرص (شمعة) على نشر هذا الوعي من خلال البرامج التدريبية التي تطورّها وورش العمل التي تنظمها لطلاب الماستر والدكتوراه في كليات التربية، والتي تبيّن فيها أهمية مشاركة الأبحاث والدراسات العلمية مع الآخرين».
وحول أهداف «شمعة» في العشر سنوات المقبلة، تؤكد د. ريتا معلوف: «(شمعة) هي القاعدة المعلومات العربية التربوية الأولى المجانية التي توّثق الإنتاج الفكري التربوي في أو عن البلدان العربية. ومؤخراً بدأت (شمعة) تلعب دوراً مهماً في تحسين نوعية الأبحاث التربوية في العالم العربي من خلال النشاطات والمشاريع البحثية التي تنفذها. وبالتالي، لم تعدّ تكتفي بأن تكون فقط مرجعيّة يعتمدها الباحثون التربويون وكلّ من يهتمّ في المجال التربوي عبر تجميع الدراسات وإتاحتها لهم إلكترونيّاً؛ بل تتطلّع لتطوير الأبحاث التربوية العلمية، وذلك لبناء مجتمع تربوي عربي لا يقلّ أهمية عن المجتمعات الأجنبية».