السودان: إيداع البشير مؤسسة الإصلاح الاجتماعي لمدة عامين

بعد إدانته بالفساد وحيازة مبالغ بالعملة الأجنبية بصورة غير مشروعة

الرئيس السوداني المعزول عمر البشير خلال جلسة محاكمة سابقة (أرشيف - أ.ف.ب)
الرئيس السوداني المعزول عمر البشير خلال جلسة محاكمة سابقة (أرشيف - أ.ف.ب)
TT

السودان: إيداع البشير مؤسسة الإصلاح الاجتماعي لمدة عامين

الرئيس السوداني المعزول عمر البشير خلال جلسة محاكمة سابقة (أرشيف - أ.ف.ب)
الرئيس السوداني المعزول عمر البشير خلال جلسة محاكمة سابقة (أرشيف - أ.ف.ب)

أدانت محكمة سودانية، اليوم (السبت)، الرئيس المعزول عمر البشير بالفساد وحيازة مبالغ بالعملة الأجنبية بصورة غير مشروعة، وقضت بإيداعه مؤسسة الإصلاح الاجتماعي لمدة عامين. وهو أول حكم قضائي على البشير بعدما أطاحه الجيش في 11 أبريل (نيسان) الماضي.
ومنذ أغسطس (آب)، حضر البشير داخل قفص حديدي وبالزي السوداني التقليدي (الجلابية البيضاء والعمامة)، عدداً من جلسات هذه المحاكمة. والرجل الذي وصل إلى السلطة على أثر انقلاب في 1989، معتقل منذ أبريل (نيسان) الماضي في سجن كوبر بالخرطوم.
وبعد دعوات إلى التظاهر دعماً للبشير نُشرت على مواقع التواصل الاجتماعي، أعلن الجيش مساء أمس (الجمعة) أن الطرق المؤدية إلى مقر قيادته في العاصمة السودانية ستكون مغلقة، اليوم (السبت)، مؤكداً في الوقت نفسه على «حرية التعبير».
ونُشرت صباح اليوم قوات أمنية كبيرة في شوارع الخرطوم. وقال الجيش في بيان محذراً: «سنمنع وقوع أي عنف».
وقال محمد الحسن الأمين أحد محامي البشير للصحافيين إن القضية ليست قانونية وإنما «سياسية».
والسودان من الدول الأكثر تضرراً بالفساد، وهو يحتل المرتبة 172 من جملة 180 دولة وفق «مؤشر منظمة الشفافية الدولية».
ورأى نائب الأمين العام لهيئة محامي دارفور آدم راشد إنه يجب محاكمة البشير «على جرائمه سواء كانت صغيرة أم كبيرة»، مؤكداً أن محاكمته بشأن الفساد «قضية صغيرة جداً بالنسبة للجرائم التي ارتكبها في دارفور». وأضاف أن «ضحايا جرائمه في دارفور لا يهتمون بهذه القضية، وهي ليست في حجم التهم التي يواجهها في المحكمة الجنائية الدولية».
وأصدرت المحكمة الجنائية الدولية مذكرات اعتقال بحق البشير لدوره في النزاع الذي اندلع في دارفور عام 2003 عندما حملت السلاح مجموعات تنتمي لأقليات ذات أصول أفريقية ضد حكومة الخرطوم التي ناصرتها القبائل العربية تحت دعاوى تهميش الإقليم سياسياً واقتصادياً.
وردَّت الخرطوم باستخدام مجموعات اعتمدت سياسة الأرض المحروقة ضد من تعتقد أنهم يناصرون المتمردين «عبر حرق القرى ونهب الممتلكات واغتصاب النساء»، وفق مجموعات حقوقية.
واتهمت المحكمة الجنائية الدولية البشير بارتكاب جرائم الإبادة الجماعية وجرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب لدوره في النزاع الذي خلف وفق الأمم المتحدة 300 ألف قتيل وشرد 2.5 مليون شخص من منازلهم.
وعقب الإطاحة بالبشير، طلب مدعي المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي من السلطات الجديدة تسليمه. لكن حتى الآن ترفض السلطة الانتقالية التي شُكلت في سبتمبر (أيلول) الماضي تسليم الرئيس السابق.
ويقتضي تسليم البشير أن توقع الحكومة الانتقالية المشتركة التي تشكلت بموجب اتفاق تم التوصل إليه في أغسطس (آب) المصادقة على «ميثاق روما» الذي أُنشئت بموجبه المحكمة الجنائية الدولية. غير أن السودان ملزم قانونياً بتوقيفه لأن تحقيق «المحكمة الجنائية الدولية» جرى بتفويض من الأمم المتحدة والسودان عضو فيها.
وأكد «تحالف الحرية والتغيير» الذي قاد الاحتجاجات ضد البشير أنه لا اعتراض لديه على تسليم البشير إلى «الجنائية الدولية».
وإلى جانب قضية الفساد واتهامات «المحكمة الجنائية الدولية»، يفترض أن يحاكم البشير لتهم أخرى أمام قضاء بلده.
ففي الثاني عشر من نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، حركت السلطات السودانية إجراءات قانونية ضد البشير وبعض مساعديه لدوره في انقلاب 1989 الذي أوصله إلى السلطة. وفي مايو (أيار) الماضي، أعلن النائب العام السوداني أن بلاغاً قُدم ضده بتهمة قتل متظاهرين أثناء الاحتجاجات، دون أن يذكر متى ستحال القضية على المحكمة.



أحداث سوريا تدفع الحوثيين لإطلاق مجاميع من المعتقلين

الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
TT

أحداث سوريا تدفع الحوثيين لإطلاق مجاميع من المعتقلين

الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)

دفعت الأحداث المتسارعة التي شهدتها سوريا الحوثيين إلى إطلاق العشرات من المعتقلين على ذمة التخطيط للاحتفال بالذكرى السنوية لإسقاط أسلافهم في شمال اليمن، في خطوة تؤكد المصادر أنها تهدف إلى امتصاص النقمة الشعبية ومواجهة الدعوات لاستنساخ التجربة السورية في تحرير صنعاء.

وذكرت مصادر سياسية في إب وصنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن الحوثيين أطلقوا دفعة جديدة من المعتقلين المنحدرين من محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) بعد مضي ثلاثة أشهر على اعتقالهم بتهمة الدعوة للاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بنظام حكم الإمامة في شمال البلاد عام 1962.

الكثيري والحذيفي بعد ساعات من إطلاق سراحهما من المعتقل الحوثي (إعلام محلي)

وبيّنت المصادر أن معتقلين آخرين من صنعاء تم إطلاق سراحهم أيضاً، ورأت أن هذه الخطوة تهدف إلى امتصاص النقمة الشعبية على إثر انكشاف حجم الجرائم التي ظهرت في سجون النظام السوري، الذي كان حليفاً للحوثيين.

وبحسب هذه المصادر، تم إطلاق سراح محمد الكثيري، وهو أول المعتقلين في محافظة إب، ومعه الناشط الحوثي سابقاً رداد الحذيفي، كما أُطلق سراح المراهق أمجد مرعي، والكاتب سعيد الحيمي، والطيار الحربي مقبل الكوكباني، مع مجموعة من المعتقلين الذين تم نقلهم إلى السجون السرية لمخابرات الحوثيين في صنعاء.

وتوقعت المصادر أن يقوم الحوثيون خلال الأيام المقبلة بإطلاق دفعة من قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» الذين اعتقلوا للأسباب ذاتها.

امتصاص النقمة

كان الحوثيون، وفقاً للمصادر السياسية، يرفضون حتى وقت قريب إطلاق سراح المعتقلين الذين يُقدر عددهم بالمئات، وأغلبهم من محافظة إب، ومن بينهم قيادات في جناح حزب «المؤتمر الشعبي»، أمضوا أكثر من ثلاثة أشهر في المعتقل واتُهموا بالتخطيط لإشاعة الفوضى في مناطق حكم الجماعة من خلال دعوة السكان للاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم الإمامة.

تعنت حوثي بشأن إطلاق سراح قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» (إعلام محلي)

وبيّنت المصادر أن الجهود التي بذلتها قيادة جناح حزب «المؤتمر» المتحالف شكليّاً مع الحوثيين، وكذلك الناشطون والمثقفون والشخصيات الاجتماعية، وصلت إلى طريق مسدود بسبب رفض مخابرات الحوثيين الاستجابة لطلب إطلاق سراح هؤلاء المعتقلين، على الرغم أنه لا يوجد نص قانوني يجرم الاحتفال بذكرى الثورة (26 سبتمبر 1962) أو رفع العلم الوطني، فضلاً عن أن الجماعة فشلت في إثبات أي تهمة على المعتقلين عدا منشورات على مواقع التواصل الاجتماعي تدعو للاحتفال بالمناسبة ورفع الأعلام.

وتذكر المصادر أنه عقب الإطاحة بنظام الرئيس السوري بشار الأسد وانكشاف حجم الانتهاكات والجرائم التي كانت تُمارس في سجونه، ووسط دعوات من أنصار الحكومة المعترف بها دولياً لإسقاط حكم الحوثيين على غرار ما حدث في سوريا وتفكك المحور الإيراني في المنطقة، سارعت الجماعة إلى ترتيب إطلاق الدفعات الجديدة من المعتقلين من خلال تكليف محافظي المحافظات باستلامهم والالتزام نيابة عنهم بعدم الاحتفال بذكرى الإطاحة بالإمامة أو رفع العلم الوطني، في مسعى لامتصاص النقمة الشعبية وتحسين صورتها أمام الرأي العام.

مراهق أمضى 3 أشهر في المعتقل الحوثي بسبب رفع العلم اليمني (إعلام محلي)

ورغم انقسام اليمنيين بشأن التوجهات الدينية للحكام الجدد في سوريا، أجمعت النخب اليمنية على المطالبة بتكرار سيناريو سقوط دمشق في بلادهم، وانتزاع العاصمة المختطفة صنعاء من يد الحوثيين، بوصفهم أحد مكونات المحور التابع لإيران.

وخلافاً لحالة التوجس التي يعيشها الحوثيون ومخاوفهم من أن يكونوا الهدف المقبل، أظهر قطاع عريض من اليمنيين، سواء في الشوارع أو على مواقع التواصل الاجتماعي، ارتياحاً للإطاحة بنظام الحكم في سوريا، ورأوا أن ذلك يزيد من الآمال بقرب إنهاء سيطرة الحوثيين على أجزاء من شمال البلاد، ودعوا الحكومة إلى استغلال هذا المناخ والتفاعل الشعبي للهجوم على مناطق سيطرة الحوثيين.