حمدوك: تعدد الجيوش أضر بالبلاد ونعمل على ضمها في كيان واحد

أكد السعي لخطة على غرار مشروع «مارشال» لتعمير ما دمرته الحرب

حمدوك: تعدد الجيوش أضر بالبلاد ونعمل على ضمها في كيان واحد
TT

حمدوك: تعدد الجيوش أضر بالبلاد ونعمل على ضمها في كيان واحد

حمدوك: تعدد الجيوش أضر بالبلاد ونعمل على ضمها في كيان واحد

شدد رئيس وزراء السودان، عبد الله حمدوك، على أهمية المشاركة الواسعة في عملية بناء السلام، وقال: «إن السلام الحقيقي المستدام يصنعه أصحاب المصلحة وليس النخب».
ودعا حمدوك المشاركين في ملتقى أهل السودان التفاكري بشأن السلام، بالخرطوم أمس، إلى الخروج بتوصيات واضحة للضغط على الحكومة والحركات المسلحة للوصول إلى سلام يعبر عن طموحات الشعب السوداني، ولا نريد سلاما هشا.
وخلال كلمة رئيس الوزراء، هتف المشاركون في الملتقى بهتافات تطالب بتسليم الرئيس المعزول، عمر البشير، إلى المحكمة الجنائية الدولية، وتفكيك النظام السابق، والقصاص لشهداء الثورة السودانية.
وفي هذا الصدد قال حمدوك، «لا توجد خطوط حمراء في المحاسبات، ولن يهدأ لنا بال حتى نحقق عدالة تلبي طموحات المتضررين، ومحاسبة كل من تسببوا بضرر في حق الشعب السوداني».
وأضاف «جئنا إلى السلطة قبل (3) أشهر مهتدين بشعار الثورة العظيم (حرية، سلام، وعدالة) ووضعنا 10 أولويات في الفترة الانتقالية، على رأسها السلام، وبدونه لن نحقق التنمية والاستقرار والديمقراطية».
وأكد حمدوك أن «ملف الترتيبات الأمنية مهم لحسم مسألة تعدد الجيوش التي أضرت بالبلاد»، وقال «يجب أن نصل مرحلة يكون السلاح في يد الدولة، حتى نستطيع بناء جيش وطني واحد يعبر عن إرادة كل السودانيين، ويتيح فرصا أكبر لتحقيق الاستقرار والأمن».
وعدد حمدوك المحاور الأساسية التي ترتكز عليها رؤية الحكومة لعملية السلام، أبرزها التنمية الاقتصادية الصحة والتعليم البنيات الأساسية وتوفير العيش الكريم، وقال: «نحلم بخطة على غرار مشروع (مارشال) لتعمير ما دمرته الحرب في المناطق التي تأثرت بالنزاعات في دارفور وجنوب كردفان والنيل الأزرق».
وقال رئيس الوزراء، «نحتاج لمشروع وطني يوحدنا كسودانيين، يكون السلام في قلب هذا المشروع، ونتفق على كيف يحكم السودان، ونترك للشعب السوداني أن يقرر في انتخابات حرة نزيهة من يحكمه».
وأضاف «السلام في المرحلة المقبلة يجب أن يرتكز على مخاطبة جذور الأزمة ووضع حد لمعاناة أهلنا في معسكرات النازحين واللاجئين، ومعالجة التنمية غير المتوازنة والتهميش والهوية»، مؤكداً على ضرورة حسم ملفات التعويضات وإجراء المصالحات الاجتماعية وجبر الضرر.
وشدد على ضرورة مشاركة النساء في صناعة السلام الشامل، مشيراً إلى دورهن الرئيس في قيادة ثورة الشعب السوداني الظافرة.
ونظمت المفوضية القومية للسلام أول ملتقى تفاكري بشأن السلام بالخرطوم أمس، شاركت فيه وفود من 18 ولاية، للمساهمة في دعم عملية السلام الجارية بالبلاد.
في غضون ذلك أكد مجلس الوزراء، في اجتماع طارئ ليل أول من أمس، على أن موازنة 2020 مصيرية لمستقبل البلاد السياسي والاقتصادي، للحفاظ على مكتسبات الثورة. ودعا إلى حشد التأييد الشعبي للحكومة الانتقالية ولمرجعيتها السياسية قوى إعلان الحرية والتغيير، وبناء الشراكة بين مكونات السلطات الانتقالية ودعم مشروع السلام مع حركات الكفاح المسلح.
وأكد وزير المالية، إبراهيم البدوي، أن موازنة 2020 تجسيد برامجي لمشروع اقتصادي نهضوي للثورة، يهدف إلى بناء وتعزيز السلام والإصلاح المؤسسي وتثبيت الاقتصاد الكلي. وأوضح أن الموازنة تعرضت للمخاطر الماثلة في الاقتصاد وتركة النظام البائد والتي أدت إلى انكماش الاقتصاد وارتفاع تكلفة المعيشة وتدني الخدمات، واختلال التوازن المالي وصعوبة السيطرة على التضخم وتدهور سعر الصرف والعجز في الميزان التجاري والديون الخارجية.



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.