ضابط إسرائيلي: إيران قتلت مساعد الطيار رون أراد انتقاماً لاغتيال 4 من دبلوماسييها

وقع في أسر حركة «أمل» اللبنانية عام 1986... واختفت أخباره

رون أراد (غيتي)
رون أراد (غيتي)
TT

ضابط إسرائيلي: إيران قتلت مساعد الطيار رون أراد انتقاماً لاغتيال 4 من دبلوماسييها

رون أراد (غيتي)
رون أراد (غيتي)

أكد ضابط كبير في شعبة الاستخبارات العسكرية في الجيش الإسرائيلي، أنه وعلى عكس المعلومات المنشورة سابقاً في إسرائيل، فإن مساعد الطيّار الإسرائيلي، رون أراد، الذي وقع في أسر حركة «أمل» اللبنانية بعد سقوط طائرته، عام 1986. مات على الأرض اللبنانية ولم يُنقل إلى إيران. وأضاف أن مبعوثين إيرانيين هم الذين قتلوه «انتقاماً» لأنهم يعتقدون أن إسرائيل تقف وراء اغتيال أربعة دبلوماسيين إيرانيين على أيدي جماعة لبنانية يقودها إيلي حبيقة (مسؤول جهاز الأمن في «القوات اللبنانية» سابقاً).
وقال الصحافي المحقق في الشؤون الأمنية في صحيفتي «يديعوت أحرونوت» الإسرائيلية و«نيويورك تايمز» الأميركية، رونين برغمان، أمس الجمعة، إن الضابط «روبين»، الذي يعتبر الخبير الأول والأهم في ملف أراد، اكتشف خلال تحقيقاته أن مساعد الطيّار الأسير كان مريضاً ومع ذلك فقد قتله الإيرانيون لاعتقادهم أن حبيقة لم يكن ليتصرف من دون موافقة إسرائيل في قضية كبيرة مثل قضية قتل الدبلوماسيين الإيرانيين الأربعة الذين اختفوا بعد خطفهم خلال الاجتياح الإسرائيلي للبنان عام 1982.
والدبلوماسيون الأربعة هم: العميد أحمد موتو سليان، ويعتبر أحد قادة الجيش الإيراني خلال الحرب مع العراق، في بداية الثمانينات، وقد عيّنه آية الله الخميني ملحقاً عسكرياً في السفارة الإيرانية في بيروت. والدبلوماسي الثاني هو محسن موسوي، وكان في حينه رئيساً لطاقم السفارة في بيروت. وموسوي ينتمي لعائلة لديها نفوذ ديني في إيران، فقد تبوأ والده منصباً يُعتبر الأول بعد من يحمل لقب «آية الله» في سلم الأهمية وكان مندوباً عن الخميني في مؤسسات أكاديمية إيرانية. وبحسب مصادر في الاستخبارات الإسرائيلية، كان موسوي رئيس ممثلية الحرس الثوري الإيراني في لبنان وأحد المسؤولين عن تأسيس «حزب الله». وكان برفقة موتو سليان وموسوي، في سيارة المرسيدس الفخمة، كل من كاظم أخوان، مصوّر وكالة «إيرنا» الإيرانية، وتقي رستجار، سائق السفارة.
وبحسب رواية «روبين»، فإن قوات روبير حاتم، رئيس قوات الحرس لدى «القوات اللبنانية» برئاسة إيلي حبيقة، التي كانت تقيم حاجزاً عسكرياً، هي التي أوقفت الإيرانيين وأسرتهم ونقلتهم إلى منطقة الكرنتينا (على أطراف بيروت الشرقية) حيث تمت تصفيتهم. ويقول برغمان، إنه تمكن من إجراء مقابلة صحافية بحثية، قبل سنوات، مع روبير حاتم، الذي اعترف بأن الدبلوماسيين الأربعة تعرضوا قبل قتلهم لتعذيب «جهنمي» استخدمت فيه «أساليب تعذيب عديدة». وأضاف أنه بعد قتلهم تم إلقاء جثثهم في آبار تحوي مواد «تأكل اللحم والعظام أيضاً. وبعد 10 – 15 يوماً لا يبقى شيء من الجثة سوى العظام الكبيرة، وأحياناً أجزاء من الجمجمة».
ويقول برغمان إن الرواية الإسرائيلية الرسمية حتى اليوم، تصف أراد بأنه «مفقود». وحسب هذه الرواية، فإن أراد سقط أسيراً على أيدي حركة «أمل» وبمسؤولية مصطفى الديراني الذي احتجزه في بيت بقرية النبي شيت اللبنانية. وفي مرحلة معينة، أخذ الحرس الثوري الإيراني أراد وتم نقله إلى إيران، حيث احتجز لعدة سنوات، ثم أعيد إلى لبنان. لكن ضابط المخابرات الإسرائيلي «روبين» قال لبرغمان إن «إسرائيل أخطأت، وأراد لم يغادر لبنان أبداً». ويصف برغمان «روبين» بأنه ضابط مخابرات كبير، وأنه مطلع على تفاصيل ملف «حرارة الجسد»، التسمية التي أطلقتها أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية على قضية أراد. واعتبر «روبين»، بحسب برغمان، أنه «لا يمكن فهم ما حدث لرون أراد من دون فهم العلاقة بين اختفائه وبين مقتل الدبلوماسيين الإيرانيين الأربعة. واستنتاجي هو أن أراد مات، في خريف العام 1989. على ما يبدو انتقاماً لقتل الإيرانيين»، بعكس ما يقال في شعبة الاستخبارات العسكرية «أمان». ويؤكد روبين أن أول من طرح نظرية مقتل أراد في لبنان، هو رئيس «الشاباك» الأسبق، يوفال ديسكين، خلال مداولات في «لجنة رؤساء أجهزة الاستخبارات». وفي منتصف العام 2006، طرح رئيس «الموساد» حينها، مئير دجان، موضوع «حرارة الجسد» واقترح أفكاراً بهدف معرفة ماذا حدث لأراد، وبينها عملية لـ«الموساد». وكان دجان يعتقد أن أراد احتجز لفترة في إيران، وفقا لرواية «أمان»، بينما شدد ديسكين على أن قصة احتجازه في إيران هي «جعجعة استخبارية» وأن أراد لم يغادر لبنان أبداً.
أما روبير حاتم، فقد قال للصحافي برغمان، إنه بعد شهر من قتل قوات حبيقة للإيرانيين الأربعة، بدأ يصل إلى لبنان محققون إيرانيون وكذلك أفراد من عائلة موسوي، وإثر ذلك أصدر حبيقة أمراً بتنظيف الآبار مع الجثث التي بداخلها، ونقلها إلى منطقة تُعرف بـ«وادي الجماجم». ولم يتمكن الإيرانيون من معرفة مصير الدبلوماسيين الأربعة. وعندها، بدأ الإيرانيون يشكون بأن الإجابة على هذا اللغز ليس في لبنان وإنما في إسرائيل، وذلك في أعقاب تقارير نُشرت حينذاك وتحدثت عن اختطاف ميليشيات تابعة لـ«القوات اللبنانية» للبنانيين وفلسطينيين ونقلهم إلى منشآت تحقيق تحت الأرض في إسرائيل. وقد نفت إسرائيل في حينه أن الإيرانيين الأربعة موجودون لديها. ولم يصدق الإيرانيون النفي الإسرائيلي، بينما أصر الإيرانيون على أن الأربعة موجودون في السجون الإسرائيلية.
وبالمقابل، كانت إسرائيل قد اختطفت في تلك الفترة مصطفى الديراني، والشيخ عبد الكريم عبيد، من بيتيهما في لبنان، وتعرض الديراني إلى تعذيب شديد في محاولة إسرائيلية لمعرفة مكان أو مصير أراد. وقال الديراني أثناء التحقيق معه في إسرائيل، إنه في 4 مايو (أيار) 1988، كان أراد محتجزاً في بيت عائلة شُكُر في النبي شيت، ولم يكن الديراني في المنزل. وفي اليوم نفسه نفذ الجيش الإسرائيلي عملية في قرية ميدون المجاورة. وإثر ذلك اعتقد حراس أراد أن العملية الإسرائيلية هي غزوة ينفذها الكوماندوز الإسرائيلي ضدهم، وهربوا من البيت وأبقوا أراد وحيداً. وعندما عادوا كان أراد قد اختفى. وبعد ذلك، تبلورت فرضية لدى الاستخبارات الإسرائيلية، مفادها أن الديراني أودع أراد بأيدي جهات إيرانية في لبنان، أو أنه استسلم لهذه الجهات وسلمهم أراد مقابل المال. واعتبر «روبين» أن هدف الإيرانيين كان بدء مفاوضات مع إسرائيل من أجل استعادة الدبلوماسيين الأربعة. وكتب برغمان أنه ليس واضحاً حتى اليوم ما إذا كان الإيرانيون قد أخذوا أراد في ذلك اليوم الذي جرت فيه العملية العسكرية في ميدون، أم أنهم كانوا يراقبون البيت وشاهدوا فرار الحراس واختطفوا أراد قبل ذلك. وحسب «روبين»، فإنه توجد أدلة على أن الجهات الإيرانية التي أخذت أراد مرتبطة بعائلة الدبلوماسي موسوي.



اليمن يستبعد تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم

الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
TT

اليمن يستبعد تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم

الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)

استبعدت الحكومة اليمنية تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم، داعية إيران إلى رفع يدها عن البلاد ووقف تسليح الجماعة، كما حمّلت المجتمع الدولي مسؤولية التهاون مع الانقلابيين، وعدم تنفيذ اتفاق «استوكهولم» بما فيه اتفاق «الحديدة».

التصريحات اليمنية جاءت في بيان الحكومة خلال أحدث اجتماع لمجلس الأمن في شأن اليمن؛ إذ أكد المندوب الدائم لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أن السلام في بلاده «لا يمكن أن يتحقق دون وجود شريك حقيقي يتخلّى عن خيار الحرب، ويؤمن بالحقوق والمواطنة المتساوية، ويتخلّى عن العنف بوصفه وسيلة لفرض أجنداته السياسية، ويضع مصالح الشعب اليمني فوق كل اعتبار».

وحمّلت الحكومة اليمنية الحوثيين المسؤولية عن عدم تحقيق السلام، واتهمتهم برفض كل الجهود الإقليمية والدولية الرامية إلى إنهاء الأزمة اليمنية، وعدم رغبتهم في السلام وانخراطهم بجدية مع هذه الجهود، مع الاستمرار في تعنتهم وتصعيدهم العسكري في مختلف الجبهات وحربهم الاقتصادية الممنهجة ضد الشعب.

وأكد السعدي، في البيان اليمني، التزام الحكومة بمسار السلام الشامل والعادل والمستدام المبني على مرجعيات الحل السياسي المتفق عليها، وهي المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل، وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، وفي مقدمتها القرار «2216».

عنصر حوثي يحمل صاروخاً وهمياً خلال حشد في صنعاء (رويترز)

وجدّد المندوب اليمني دعم الحكومة لجهود المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة، هانس غروندبرغ، وكل المبادرات والمقترحات الهادفة لتسوية الأزمة، وثمّن عالياً الجهود التي تبذلها السعودية وسلطنة عمان لإحياء العملية السياسية، بما يؤدي إلى تحقيق الحل السياسي، وإنهاء الصراع، واستعادة الأمن والاستقرار.

تهديد الملاحة

وفيما يتعلق بالهجمات الحوثية في البحر الأحمر وخليج عدن، أشار المندوب اليمني لدى الأمم المتحدة إلى أن ذلك لم يعدّ يشكّل تهديداً لليمن واستقراره فحسب، بل يُمثّل تهديداً خطراً على الأمن والسلم الإقليميين والدوليين، وحرية الملاحة البحرية والتجارة الدولية، وهروباً من استحقاقات السلام.

وقال السعدي إن هذا التهديد ليس بالأمر الجديد، ولم يأتِ من فراغ، وإنما جاء نتيجة تجاهل المجتمع الدولي لتحذيرات الحكومة اليمنية منذ سنوات من خطر تقويض الميليشيات الحوثية لاتفاق «استوكهولم»، بما في ذلك اتفاق الحديدة، واستمرار سيطرتها على المدينة وموانيها، واستخدامها منصةً لاستهداف طرق الملاحة الدولية والسفن التجارية، وإطلاق الصواريخ والمسيرات والألغام البحرية، وتهريب الأسلحة في انتهاك لتدابير الجزاءات المنشأة بموجب قرار مجلس الأمن «2140»، والقرارات اللاحقة ذات الصلة.

حرائق على متن ناقلة النفط اليونانية «سونيون» جراء هجمات حوثية (رويترز)

واتهم البيان اليمني الجماعة الحوثية، ومن خلفها النظام الإيراني، بالسعي لزعزعة الأمن والاستقرار في المنطقة، وتهديد خطوط الملاحة الدولية، وعصب الاقتصاد العالمي، وتقويض مبادرات وجهود التهدئة، وإفشال الحلول السلمية للأزمة اليمنية، وتدمير مقدرات الشعب اليمني، وإطالة أمد الحرب، ومفاقمة الأزمة الإنسانية، وعرقلة إحراز أي تقدم في عملية السلام التي تقودها الأمم المتحدة.

وقال السعدي: «على إيران رفع يدها عن اليمن، واحترام سيادته وهويته، وتمكين أبنائه من بناء دولتهم وصنع مستقبلهم الأفضل الذي يستحقونه جميعاً»، ووصف استمرار طهران في إمداد الميليشيات الحوثية بالخبراء والتدريب والأسلحة، بما في ذلك، الصواريخ الباليستية والطائرات المسيّرة، بأنه «يمثل انتهاكاً صريحاً لقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، لا سيما القرارين (2216) و(2140)، واستخفافاً بجهود المجتمع الدولي».