تمرد بين دول أوروبية كبيرة على سياسات التقشف الألمانية

محللون اقتصاديون يتحدثون عن مرحلة ثالثة للأزمة الأوروبية

تمرد بين دول أوروبية كبيرة على سياسات التقشف الألمانية
TT

تمرد بين دول أوروبية كبيرة على سياسات التقشف الألمانية

تمرد بين دول أوروبية كبيرة على سياسات التقشف الألمانية

في الوقت الذي تهتز فيه الأسواق الأوروبية مجددا، تناضل كثير من كبريات الدول الأوروبية ضد خطة التقشف الألمانية، وتطالب بالمزيد من الخطوات الجذرية التي من شأنها زيادة ثرواتهم المنخفضة.
وصل القادة الأوروبيون، واحدا تلو الآخر، إلى مدينة ميلانو يوم الخميس لحضور اجتماع القمة مع نظرائهم الآسيويين، ويحيون الكاميرات بابتسامات لطيفة، برغم الأنباء المالية القاتمة لهذا الأسبوع، حول أسواق الأسهم التي تشهد اهتزازات كبيرة وتكاليف الاقتراض المتصاعدة بجنون، وعلى الأخص في اليونان، مما يثير ذكريات أزمة اليورو، التي اندلعت قبل عامين ماضيين.
خلال السنوات الماضية، برغم كل شيء، رضخت دول منطقة اليورو الأوروبية للمطالب الألمانية لخفض عجز الميزانية واستعادة الخدمات العامة، ومن ثم وقفت لتشاهد في فزع تضاعف معدلات البطالة وانهيار النمو. أما الآن، تجمعت كل من فرنسا وإيطاليا مع البنك المركزي الأوروبي في كتلة واحدة في مواجهة المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، ويصرون على أن تنتهج برلين مسارا آخر.
يقول ماتيو رينزي رئيس الوزراء الإيطالي، متحدثا إلى الصحافيين خارج مركز المؤتمرات، عقب ترؤسه جلسة المؤتمر الافتتاحية: «إننا في حاجة لأن تظهر أوروبا مقدرتها على الاستثمار في النمو، وليس في التقشف والصرامة». ووصف رينزي الوضع المالي العالمي بأنه «هش للغاية»، وقال إن أوروبا لم تنل حتى الآن ثقة الأسواق العالمية. وقال مشيرا إلى صندوق النقد الدولي: «وكما قال الصندوق، ينبغي علينا التركيز على النمو».
أحد أهم الأسباب وراء اهتزاز الأسواق الانقسامات فيما بين الزعماء الأوروبيين، التي تأتي في لحظة تتسم فيها الوحدة بينهم بكثير من الحساسية، فضلا عن حقيقة أن صناع السياسة لم يعثروا بعد على الأداة التي يمكنها إنعاش النمو في مواجهة الدين العام المربك للغاية.
ومن شأن احتمال تعرض أوروبا لأزمة مالية جديدة أن يثير مشاعر من عدم الارتياح غير مرغوب فيها لدى واشنطن وبقية دول العالم، ومع اعتبار تباطؤ الاقتصاد الصيني، يظل تعافي الاقتصاد الأميركي هشا، وتظل الأزمة الأوكرانية من دون تسوية.
يساور القلق المستثمرين الماليين الذين يبدو أنهم تناسوا الأزمة المالية الأوروبية لعام 2008 وعام 2010، حول النقص المستمر في النمو لدى القارة، واحتمال سقوطها في شرك الانكماش.
يقول فرنسوا جودمون، وهو محلل لدى مجلس أوروبا لشؤون العلاقات الخارجية «إنها المرحلة الثالثة من الأزمة». وعلى الصعيد السياسي والاقتصادي، تبقى ألمانيا الدولة المركزية في أوروبا، وتبقى المستشارة ميركل هي الشخصية المركزية هناك، مدعومة من جينس ويدمان، وهو محافظ البنك المركزي الألماني ومن المدافعين طويلا عن الانضباط النقدي والمالي.
وتُعدّ ألمانيا أكبر محرك اقتصادي في منطقة اليورو، غير أنها تتعثر في الوقت الحالي، مع أن دورها الدافع لسياسات التقشف وضعها في موضع الخوف، والسخط، والبغض من قبل بعض القوى الأوروبية الأخرى. وفرنسا، التي كانت في العصر الحديث شريكا لا غنى عنه لألمانيا في إدارة الأزمة الأوروبية، تقترب من حافة الغليان الآن، وقد انضم الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند لتحالف مع رئيس الوزراء الإيطالي، رينزي، الذي تقدم بميزانية استثنائية لعام 2015 من شأنها خفض الضرائب رغم ضغوط بروكسل للوفاء بأهداف العجز.
ومارس ماريو دراغي، محافظ البنك المركزي الأوروبي، ضغوطه على ألمانيا للتهدئة من إصرارها على الانضباط في الميزانية وإنفاق المزيد على الأعمال العامة لتحفيز اقتصاد منطقة اليورو. وقد رحب الفرنسيون بخطواته تلك كثيرا. أما الزعماء الألمان فقد قاوموا ذلك، مع توضيح أن معارضتهم هي لقاء تدابير التحفيز القوية التي يتوقع المحللون أن يعمل البنك المركزي الأوروبي على تنفيذها قريبا.
وقد سرت موجة عارمة من الجمود السياسي في أوساط المستثمرين الدوليين، الذي يخشون من زيادة حالة الانقسام بين الزعماء الأوروبيين أكثر من ذي قبل، حول كيفية إخراج اقتصاد المنطقة من تراجعه الطويل، وخشيتهم من أن البنك المركزي الأوروبي لن تتاح له حرية اتخاذ المزيد من التدابير الاستثنائية المطلوبة لتفادي الوقوع في أزمة مالية جديدة.
يقول هولجر شميدينغ، كبير الاقتصاديين في لندن لدى بنك بيرينبيرغ الألماني: «العناد الألماني في مواجهة سعي البنك المركزي الأوروبي لتنفيذ سياسة أكثر صرامة من بين الأشياء التي تروع الأسواق كثيرا». وتظهر ميركل، في اللحظة الراهنة، مستوى الصلابة مع شركائها الأوروبيين كما فعلت في مواجهاتها السابقة حول سياسات منطقة اليورو.
قبل وصولها إلى ميلانو، رفضت ميركل أي تحركات لتخفيف السياسة المالية، بما في ذلك الطلبات الفرنسية للمزيد من المرونة إزاء الوفاء بأهداف تقليل العجز.
ومع ذلك، وحتى في ألمانيا نفسها، يتزايد الإحباط لدى قادة الشركات من عدم توافر الإجابات لدى صناع السياسة في خضم المخاوف المستمرة من الانكماش والقلق من تدهور الاقتصاد العالمي.
يقول نيكولا ليبنغر - كامولر، المدير التنفيذي لدى شركة «ترومبف»، وهي شركة ألمانية تعمل في صناعة الماكينات التي تستخدم الليزر في قطع المعادن: «يساور القطاع الخاص الألماني شعور بأن الحكومة لا تقوم بالتصرف الصحيح».
عكست الاضطرابات التي شهدتها الأسواق، وبدأت يوم الأربعاء، تتويجا لعدة عوامل، بما فيها حالة من التشاؤم المتزايد حول النمو الياباني والصيني، ووباء الإيبولا، والصراع في منطقة الشرق الأوسط، وأزمة أوكرانيا. ولكن حتى بعد الهدوء الذي شهدته الأسواق الأوروبية والأميركية في يوم الخميس، أعرب المستثمرون عن مخاوفهم من تجدد الأزمة في منطقة اليورو. وارتفعت تكاليف الدين اليوناني طويل الأجل بنسبة تقترب من 9 في المائة، من واقع نسبة 7 في المائة في يوم الأربعاء، وصولا إلى أعلى مستوياتها منذ شهر يناير (كانون الثاني). وفي نمط أثار ذكريات غير مريحة لأيام عام 2010 السوداء، انتشرت مبيعات السندات اليونانية إلى غيرها من الدول التي تعاني من مشاكل في الدين والنمو، ومنها البرتغال، وإسبانيا، وإيطاليا، وحتى آيرلندا.
وعانت أوروبا بالفعل سنوات طويلة من الركود، وارتفاع معدلات البطالة وخيبة أمل شعبية متنامية غذت ردود الفعل السياسية المشاهدة، وهناك الأحزاب اليمينية المشككة في اليورو التي تكتسب المزيد من الزخم بمرور الوقت. وفي فرنسا، يعاني هولاند من هبوط شديد في أرقام استطلاعات الرأي، في أن الجبهة الوطنية اليمينية تكتسب المزيد من الشعبية. وفي إيطاليا، لا يزال السيد رينزي محتفظا بشعبيته، غير أن المشاعر المناهضة للتقشف تحتفظ هي الآخر بقوتها، وخصوصا حالة الاستياء من تخفيضات الميزانية ونقص النمو.
وأحد الأسباب الكامنة وراء خروج السيد رينزي من الاجتماع للإدلاء بتصريحه بعد ظهر أول من أمس (الخميس)، كان للتعامل مع شكاوى الحكومات المحلية في إيطاليا، التي شهدت تخفيضات في ميزانياتها. وقال السيد رينزي: «إذا ما أرادت إيطاليا البدء من جديد، وسوف نبدأ فعلا من جديد، علينا أن نخفض من الفاقد. وقد قامت العائلات الإيطالية بذلك بالفعل. وحان الدور على أعضاء المجالس الإقليمية والبرلمانيين».
وتواجه ميركل ضغوطا مناوئة في ألمانيا، مع ازدياد ما يقوم البنك المركزي الأوروبي بفعله، لتفادي الانكماش ولتحفيز الاقتصاد، كلما تعاظمت مخاطر ردة الفعل بين الماليين المحافظين في ألمانيا.
في حين أن الألمان الذين يريدون التخلص من اتحاد عملة اليورو لا يزالون أقلية، إلا أن أعدادهم في ازدياد مطرد. وهناك حزب «إسناد ألمانيا البديلة»، وهو حزب مناوئ للعملة الأوروبية الموحدة، قد تأسس في ألمانيا قبل أقل من عامين، ويشهد ارتفاعا كبيرا في انتخابات الولايات الأخيرة ويمثل نسبة 8 في المائة من الكتلة الانتخابية على مستوى البلاد، طبقا لآخر استطلاعات الرأي.
ومع ذلك، لا تزال هناك إشارات طفيفة على إمكانية التوصل إلى تسوية أوروبية. سوف يجتمع وزراء المالية من فرنسا وألمانيا في برلين يوم الاثنين، لمحاولة طمأنة المواطنين من أنهم يمكنهم العمل معا. وعلى الرغم مما صرحت به السيدة ميركل يوم الخميس من أنه لن توجد استثناءات في قواعد الاتحاد الأوروبي إزاء أهداف العجز الوطنية، طبقا لوكالة أنباء «رويترز»، فإنها قد لمحت من قبل إلى وجود هامش ما للمناورة.
* خدمة «نيويورك تايمز»



السعودية تنضم لمبادرة الشراكة الدولية لتعزيز اقتصاد الهيدروجين وخلايا الوقود

مسؤولون بوزارة الطاقة السعودية بعد الإعلان عن الانضمام لمبادرة الشراكة الدولية لتعزيز اقتصاد الهيدروجين (وزارة الطاقة السعودية)
مسؤولون بوزارة الطاقة السعودية بعد الإعلان عن الانضمام لمبادرة الشراكة الدولية لتعزيز اقتصاد الهيدروجين (وزارة الطاقة السعودية)
TT

السعودية تنضم لمبادرة الشراكة الدولية لتعزيز اقتصاد الهيدروجين وخلايا الوقود

مسؤولون بوزارة الطاقة السعودية بعد الإعلان عن الانضمام لمبادرة الشراكة الدولية لتعزيز اقتصاد الهيدروجين (وزارة الطاقة السعودية)
مسؤولون بوزارة الطاقة السعودية بعد الإعلان عن الانضمام لمبادرة الشراكة الدولية لتعزيز اقتصاد الهيدروجين (وزارة الطاقة السعودية)

أعلنت وزارة الطاقة السعودية انضمام المملكة إلى مبادرة الشراكة الدولية لتعزيز اقتصاد الهيدروجين وخلايا الوقود، وذلك ضمن مساعي البلاد لدعم الجهود الدولية لتطوير هذا القطاع.

وبحسب بيان نشرته الوزارة، يُمثّل انضمام المملكة لهذه الشراكة خطوةً جديدة تؤكد الدور الريادي الذي تنهض به السعودية، ضمن الجهود الدولية الرامية إلى تعزيز الاستدامة، وابتكار حلول متقدمة في مجالات الطاقة النظيفة. كما يدعم طموح المملكة بأن تصبح أحد أهم منتجي ومصدّري الهيدروجين النظيف في العالم والوصول للحياد الصفري بحلول عام 2060، أو قبله، في إطار نهج الاقتصاد الدائري للكربون، وحسب توفر التقنيات اللازمة.

ويؤكّد انضمام المملكة إلى هذه الشراكة رؤيتها الراسخة حيال دور التعاون الدولي وأهميته لتحقيق مستقبل أكثر استدامة للطاقة، كما أنه يُسهم في تحقيق أهداف مبادرتي «السعودية الخضراء» و«الشرق الأوسط الأخضر»، اللتين تهدفان إلى تقليل الانبعاثات الكربونية، إضافة إلى دعم المساعي الدولية لتحفيز الطلب العالمي على الهيدروجين النظيف، والإسهام في وضع اللوائح والمعايير لتعزيز اقتصاد الهيدروجين النظيف، وفقاً للبيان.

كما تمثل الشراكة الدولية لتعزيز اقتصاد الهيدروجين وخلايا الوقود منصة رئيسة لتعزيز التعاون بين الدول الأعضاء لتسريع تطوير ونشر تقنيات الهيدروجين وخلايا الوقود والإسهام في تحقيق تحول عالمي متوازنٍ وفاعلٍ نحو أنظمة طاقة نظيفة وأكثر كفاءة. وتعمل الشراكة على تبادل المعرفة بين الأعضاء، ودعم تطوير البحوث والتقنيات ذات الصلة بالإضافة إلى التوعية والتعليم حول أهمية الهيدروجين النظيف ودوره المحوري في تحقيق التنمية المستدامة.

وفي هذا الإطار، أوضحت الوزارة أن المملكة تحرص على أن تكون عضواً فاعلاً في العديد من المنظمات والمبادرات الدولية ذات العلاقة بإنتاج الوقود النظيف والوقود منخفض الانبعاثات، مثل: مبادرة «مهمة الابتكار»، والاجتماع الوزاري للطاقة النظيفة، ومنتدى الحياد الصفري للمنتجين، ومبادرة الميثان العالمية، ومبادرة «الحد من حرق الغاز المصاحب لإنتاج البترول بحلول عام 2030»، والتعهد العالمي بشأن الميثان، والمنتدى الريادي لفصل وتخزين الكربون، وغيرها من المبادرات.