مصر: إطلاق «منتدى شباب العالم» اليوم وسط اهتمام بـ«طاقة المتوسط»

السيسي يفتتح النسخة الثالثة بمشاركة 7 آلاف شخص... ويلتقي أبو مازن

TT

مصر: إطلاق «منتدى شباب العالم» اليوم وسط اهتمام بـ«طاقة المتوسط»

وسط حضور دولي وعربي، يطلق الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، اليوم (السبت)، النسخة الثالثة من «منتدى شباب العالم»، التي تركز جلساتها على ملفات عدة، أبرزها «مصادر الطاقة في البحر المتوسط»، و«الأمن الغذائي في القارة الأفريقية»، فضلاً عن ملفات «التغيرات المناخية»، و«الأمن الدولي»، و«مكافحة الإرهاب».
والمنتدى الذي تتواصل فعالياته الرسمية على مدار 4 أيام، يشهد مشاركة نحو 7 آلاف مشارك، ومن المقرر أن يشارك في افتتاحه الرئيس الفلسطيني محمود عباس أبو مازن، فضلاً عن عدد من ممثلي دول وحكومات عربية، ودولية، ووزراء الشباب في دول أخرى.
وخيّم الاهتمام اللافت بفعاليات المنتدى، الذي بدأت أعماله للمرة الأولى عام 2017، على وسائل الإعلام المحلية في البلاد، وتصدر تغطياتها المختلفة، فيما بدت مدينة شرم الشيخ بجنوب سيناء على أهبة الاستعداد للفعالية، كما لوحظ على نحو لافت انتشار السائحين الأجانب في عدد من فنادق المدينة السياحية البارزة.
وناقشت الورش التحضيرية للمؤتمر، لليوم الثاني على التوالي، أمس، ملفات عدة، منها «ورشة الشباب والثورة الصناعية الرابعة»، و«الذكاء الصناعي»، و«التعليم والثورة الصناعية الرابعة»، و«تحديات الأمن والسلم الدوليين»، و«الأشخاص ذوي الإعاقة ودمجهم»، و«الأمن الغذائي في العالم».
وفي حين بدت قوات الشرطة منتشرة بكثافة في المدينة، أعلنت «وزارة الصحة» الدفع بـ45 سيارة إسعاف مجهزة، وعيادتين ميدانيتين، لتأمين قاعة المؤتمرات.
ووفق جدول المنتدى، فإن المشاركين سيحضرون 24 جلسة، و14 ورشة عمل، وتتضمن الجلسات القضايا الرئيسية محل الاهتمام العالمي، ومنها: «أثر التغيرات المناخية على الإنسانية: انعكاسات وحلول»، وتناقش الحاجة الماسة للتعامل العاجل مع قضية تغير المناخ، أما جلسة «آفاق التنمية المستدامة بأفريقيا: فرص وتحديات» فتبحث التنمية المستدامة في القارة من خلال تنفيذ مشروعات تكاملية بالقارة، وفي الشأن ذاته تأتي جلسة «الأمن الغذائي في أفريقيا».
وتبرز كذلك قضايا «الإرهاب والنزاعات المسلحة» بين جدول أعمال المنتدى، فيما يناقش الحضور في جلسة «التعاون في قطاع الطاقة بين دول المتوسط» ملفات «التعاون والتنسيق بين دول المتوسط في مجال اقتصاديات الطاقة، مثل التعاون في مجال التنقيب عن الغاز، ونقله، وتخزينه، وغير ذلك من مجالات التعاون، لا سيما بعد الاكتشافات الكبيرة التي تم تحقيقها في منطقة شرق المتوسط».
وفي السياق ذاته، تبحث جلسة «مجالات التعاون في مجال الطاقة المتجددة والربط الكهربائي»، «الفرص والتحديات التي تواجه دول شرق المتوسط في تأمين مصادر الطاقة المختلفة، وتمويل إنشاء وصيانة البنية التحتية للطاقة».
وبسبب الاهتمام بقضايا البحر المتوسط، فإن جلسة «دول المتوسط: حضارات إنسانية عريقة وتاريخ مشترك» ستناقش الأهمية الاستراتيجية للمنطقة، والترابط الحضاري بين البحر المتوسط والإنسانية.
وفي السياق ذاته، أعلن سفير دولة فلسطين لدى مصر ومندوبها الدائم لدى جامعة الدول العربية، دياب اللوح، أن «الرئيس محمود عباس لبى دعوة نظيره المصري للمشاركة بافتتاح النسخة الثالثة من (منتدى شباب العالم)».
وبحسب سفارة فلسطين، فإن السيسي وأبو مازن سيعقدان لقاء قمة ثنائية، على هامش فعاليات المنتدى، تبحث «العلاقة الثنائية بين البلدين والنهضة المتميزة وغير المسبوقة، والتنسيق للقضايا المتعددة على المستويات العربية والإقليمية والدولية».
وتضم قائمة حضور المنتدى شخصيات دولية ورؤساء عدة منظمات دولية كبرى، ومنهم: أحمد أبو الغيط الأمين العام لجامعة الدول العربية، ويوسف أحمد العثيمين الأمين العام لـ«منظمة التعاون الإسلامي»، وناصر كامل السكرتير العام لـ«منظمة الاتحاد من أجل المتوسط»، وهولين جاو السكرتير العام لـ«الاتحاد الدولي للاتصالات»، وشو دونيو المدير العام لـ«منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة» (الفاو)... ومن المقرر أيضاً حضور ديفيد بيزلي، المدير التنفيذي لـ«برنامج الأغذية العالمي»، ولي يونج المدير العام لـ«منظمة الأمم المتحدة للتنمية الصناعية» (اليونيدو)، وميغيل أنجيل موراتينوس، الممثل السامي لـ«تحالف الأمم المتحدة للحضارات» وزير الخارجية الإسباني الأسبق، ورافائيل ماريانو غروسي المدير العام لـ«الوكالة الدولية للطاقة الذرية».



القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
TT

القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)

تراهن الحكومة المصرية على القطن المشهور بجودته، لاستنهاض صناعة الغزل والنسيج وتصدير منتجاتها إلى الخارج، لكن رهانها يواجه تحديات عدة في ظل تراجع المساحات المزروعة من «الذهب الأبيض»، وانخفاض مؤشرات زيادتها قريباً.

ويمتاز القطن المصري بأنه طويل التيلة، وتزرعه دول محدودة حول العالم، حيث يُستخدم في صناعة الأقمشة الفاخرة. وقد ذاع صيته عالمياً منذ القرن التاسع عشر، حتى أن بعض دور الأزياء السويسرية كانت تعتمد عليه بشكل أساسي، حسب كتاب «سبع خواجات - سير رواد الصناعة الأجانب في مصر»، للكاتب مصطفى عبيد.

ولم يكن القطن بالنسبة لمصر مجرد محصول، بل «وقود» لصناعة الغزل والنسيج، «التي مثلت 40 في المائة من قوة الاقتصاد المصري في مرحلة ما، قبل أن تتهاوى وتصل إلى ما بين 2.5 و3 في المائة حالياً»، حسب رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، الذي أكد عناية الدولة باستنهاض هذه الصناعة مجدداً، خلال مؤتمر صحافي من داخل مصنع غزل «1» في مدينة المحلة 28 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

أشار مدبولي، حسب ما نقله بيان مجلس الوزراء، إلى أن مشروع «إحياء الأصول» في الغزل والنسيج يتكلف 56 مليار جنيه (الدولار يعادل 50.7 جنيها مصري)، ويبدأ من حلج القطن، ثم تحويله غزلاً فنسيجاً أو قماشاً، ثم صبغه وتطويره حتى يصل إلى مُنتج سواء ملابس أو منسوجات، متطلعاً إلى أن ينتهي المشروع نهاية 2025 أو بداية 2026 على الأكثر.

وتكمن أهمية المشروع لمصر باعتباره مصدراً للدولار الذي تعاني الدولة من نقصه منذ سنوات؛ ما تسبب في أزمة اقتصادية دفعت الحكومة إلى الاقتراض من صندوق النقد الدولي؛ مرتين أولاهما عام 2016 ثم في 2023.

وبينما دعا مدبولي المزارعين إلى زيادة المساحة المزروعة من القطن، أراد أن يطمئن الذين خسروا من زراعته، أو هجروه لزراعة الذرة والموالح، قائلاً: «مع انتهاء تطوير هذه القلعة الصناعية العام المقبل، فسوف نحتاج إلى كل ما تتم زراعته في مصر لتشغيل تلك المصانع».

وتراجعت زراعة القطن في مصر خلال الفترة من 2000 إلى عام 2021 بنسبة 54 في المائة، من 518 ألفاً و33 فداناً، إلى 237 ألفاً و72 فداناً، حسب دراسة صادرة عن مركز البحوث الزراعية في أبريل (نيسان) الماضي.

وأرجعت الدراسة انكماش مساحته إلى مشكلات خاصة بمدخلات الإنتاج من بذور وتقاوٍ وأسمدة، بالإضافة إلى أزمات مرتبطة بالتسويق.

أزمات الفلاحين

سمع المزارع الستيني محمد سعد، وعود رئيس الوزراء من شاشة تليفزيون منزله في محافظة الغربية (دلتا النيل)، لكنه ما زال قلقاً من زراعة القطن الموسم المقبل، الذي يبدأ في غضون 3 أشهر، تحديداً مارس (آذار) كل عام.

يقول لـ«الشرق الأوسط»: «زرعت قطناً الموسم الماضي، لكن التقاوي لم تثمر كما ينبغي... لو كنت أجَّرت الأرض لكسبت أكثر دون عناء». وأشار إلى أنه قرر الموسم المقبل زراعة ذرة أو موالح بدلاً منه.

نقيب الفلاحين المصري حسين أبو صدام (صفحته بفيسبوك)

على بعد مئات الكيلومترات، في محافظة المنيا (جنوب مصر)، زرع نقيب الفلاحين حسين أبو صدام، القطن وكان أفضل حظاً من سعد، فأزهر محصوله، وحصده مع غيره من المزارعين بقريته في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، لكن أزمة أخرى خيَّبت أملهم، متوقعاً أن تتراجع زراعة القطن الموسم المقبل مقارنة بالماضي (2024)، الذي بلغت المساحة المزروعة فيه 311 ألف فدان.

تتلخص الأزمة التي شرحها أبو صدام لـ«الشرق الأوسط» في التسويق، قائلاً إن «المحصول تراكم لدى الفلاحين شهوراً عدة؛ لرفض التجار شراءه وفق سعر الضمان الذي سبق وحدَّدته الحكومة لتشجيع الفلاح على زراعة القطن وزيادة المحصول».

ويوضح أن سعر الضمان هو سعر متغير تحدده الحكومة للفلاح قبل أو خلال الموسم الزراعي، وتضمن به ألا يبيع القنطار (وحدة قياس تساوي 100 كيلوغرام) بأقل منه، ويمكن أن يزيد السعر حسب المزايدات التي تقيمها الحكومة لعرض القطن على التجار.

وكان سعر الضمان الموسم الماضي 10 آلاف جنيه، لمحصول القطن من الوجه القبلي، و12 ألف جنيه للمحصول من الوجه البحري «الأعلى جودة». لكن رياح القطن لم تجرِ كما تشتهي سفن الحكومة، حيث انخفضت قيمة القطن المصري عالمياً في السوق، وأرجع نقيب الفلاحين ذلك إلى «الأزمات الإقليمية وتراجع الطلب عليه».

ويحدّد رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن التابع لوزارة الزراعة، الدكتور مصطفى عمارة، فارق سعر الضمان عن سعر السوق بنحو ألفي جنيه؛ ما نتج منه عزوف من التجار عن الشراء.

وأكد عمارة أن الدولة تدخلت واشترت جزءاً من المحصول، وحاولت التيسير على التجار لشراء الجزء المتبقي، مقابل أن تعوض هي الفلاح عن الفارق، لكن التجار تراجعوا؛ ما عمق الأزمة في السوق.

يتفق معه نقيب الفلاحين، مؤكداً أن مزارعي القطن يتعرضون لخسارة مستمرة «سواء في المحصول نفسه أو في عدم حصول الفلاح على أمواله؛ ما جعل كثيرين يسخطون وينون عدم تكرار التجربة».

د. مصطفى عمارة رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية (مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار المصري)

فرصة ثانية

يتفق المزارع ونقيب الفلاحين والمسؤول في مركز أبحاث القطن، على أن الحكومة أمامها تحدٍ صعب، لكنه ليس مستحيلاً كي تحافظ على مساحة القطن المزروعة وزيادتها.

أول مفاتيح الحل سرعة استيعاب أزمة الموسم الماضي وشراء المحصول من الفلاحين، ثم إعلان سعر ضمان مجزٍ قبل موسم الزراعة بفترة كافية، وتوفير التقاوي والأسمدة، والأهم الذي أكد عليه المزارع من الغربية محمد سعد، هو عودة نظام الإشراف والمراقبة والعناية بمنظومة زراعة القطن.

ويحذر رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن من هجران الفلاحين لزراعة القطن، قائلاً: «لو فلاح القطن هجره فـلن نعوضه».

أنواع جديدة

يشير رئيس غرفة الصناعات النسيجية في اتحاد الصناعات محمد المرشدي، إلى حاجة مصر ليس فقط إلى إقناع الفلاحين بزراعة القطن، لكن أيضاً إلى تعدد أنواعه، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن القطن طويل التيلة رغم تميزه الشديد، لكن نسبة دخوله في المنسوجات عالمياً قليلة ولا تقارن بالقطن قصير التيلة.

ويؤكد المسؤول في معهد بحوث القطن أنهم استنبطوا بالفعل الكثير من الأنواع الجديدة، وأن خطة الدولة للنهوض بصناعة القطن تبدأ من الزراعة، متمنياً أن يقتنع الفلاح ويساعدهم فيها.