القائمة المشتركة... وآمال جديدة

TT

القائمة المشتركة... وآمال جديدة

«القائمة المشتركة»، التي تضم ممثلي الأحزاب العربية في إسرائيل، وأصبحت ثالث أكبر كتلة بعد «أزرق – أبيض» (كحول لفان) والليكود، تطمح في هذه الانتخابات لأن تحقق مكسباً أكبر. وقد اختار نوابها الـ13 أن يختموا الأبحاث لحل الكنيست، فجر الأربعاء، برفع لافتات سجل عليها الرقم 15؛ ليرمزوا بذلك إلى هدفهم في رفع تمثيلهم في الانتخابات القادمة إلى 15 مقعداً. وهناك مجال فعلاً للارتفاع، لأسباب عدة:
- أولاً: مع أن العرب يشكلون نسبة 18.5 في المائة من السكان في إسرائيل، فإن نسبتهم في سجل الناخبين لا تتعدى 16 في المائة. ويعود ذلك إلى النسبة العالية في صفوفهم لشريحة الشباب ما دون 18 سنة (38 في المائة من السكان العرب)، مقابل 32 في المائة لدى اليهود. فلو تساوت نسبة التصويت بين اليهود والعرب سيستطيع العرب إدخال 19 نائباً. لكنهم في السنوات الأخيرة لا يصوتون بنسبة عالية. وتقل نسبة التصويت لديهم عن المصوتين اليهود. ففي الانتخابات الأولى لهذا الموسم، التي جرت في 9 أبريل (نيسان) 2019، بلغت نسبة التصويت عموماً 68.5 في المائة ولدى العرب 49.2 في المائة. وفي حينه عاقب الجمهور العربي قادته لأنهم فككوا القائمة المشتركة. فهبط التمثيل العربي من 13 إلى 10 مقاعد. وفي الانتخابات الثانية التي جرت في 17 سبتمبر (أيلول) 2019 تعلم قادة فلسطينيي 48 الدرس وأعادوا تشكيل القائمة المشتركة، فارتفعت نسبة التصويت إلى 60 في المائة وارتفع التمثيل من جديد إلى 13 نائباً. والتقدير هو أن ترتفع نسبة التصويت مرة أخرى في الجولة القادمة، وبمقدار هذه الزيادة ينعكس التمثيل.
- ثانياً، يتوقع المراقبون في هذه المرحلة أن تنخفض نسبة التصويت لدى اليهود هذه المرة، تعبيراً عن الغضب من السياسيين، الذين دفعوا المواطنين إلى انتخابات ثالثة. فإذا انخفضت نسبة تصويت اليهود وزادت نسبة تصويت العرب، فإن النتيجة تكون زيادة التمثيل العربي. ولا بد من الإشارة هنا إلى أن السياسيين اليهود، خصوصا في اليمين، يدركون هذه المعادلة ولا يخفون قلقهم إزاءها. وقد حذر رئيس حزب «البيت اليهودي» ووزير الدفاع، نفتالي بينيت، مما أسماه «خطر ارتفاع القائمة المشتركة إلى 15 مقعداً، نتيجة لتقاعس اليهود وتنشط العرب».
- ثالثاً، قادة القائمة المشتركة عموماً، ورئيسها أيمن عودة، ورئيس كتلتها أحمد الطيبي، وممثلو الحركة الإسلامية فيها، وقسم من ممثلي «الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة»، يبدون تجاوباً أكبر مع طلبات الجمهور ويطرحون خطاباً جديداً لا يستبعدون فيه إيجاد صيغة للشراكة مع حكومة يسار وسط، بقيادة بيني غانتس، ولو من خلال دعمها من الخارج. فقد دلت نتائج استطلاعات عدة على أن 75 في المائة من الناخبين العرب يريدون هذه الشراكة، من أجل تحقيق المكاسب. والنواب العرب أكدوا أنهم يشترطون لذلك تغييراً في سياسة الحكومة، أولاً في موضوع السلام وضرورة إنهاء الاحتلال، وثانياً في قضية المساواة. وقد اجتمع قادة القائمة مرات عدة مع غانتس خلال الشهور الأخيرة، وحصل تطور مهم في العلاقات بينهما. فقد طلب منهم أن يطلعوه على مشاكل المواطنين العرب وعن طلباتهم لحلها. فوضعوا قائمة بالمطالب في قضية المساواة، وغيرها، طلبوا خطة لمكافحة العنف المجتمعي الذي تهمله الشرطة الإسرائيلية وطلبوا وقف سياسة هدم البيوت غير المرخصة، وطلبوا الاعتراف بالقرى البدوية وطلبوا رفع ميزانية التعليم وأشياء كثيرة أخرى. وكان جوابه أنه سيدخل كل هذه المطالب في برنامج حكومته، حتى لو لم تسانده القائمة المشتركة. فبمجرد وجودهم، وقبولهم فتح حوار مع غانتس، جاءت هذه النتيجة. والجمهور العربي يحب أن يرى قادته يحققون إنجازات كهذه.
- رابعاً، في الوقت الذي كان فيه الجمهور عموماً يحبس أنفاسه متأملاً عدم الذهاب إلى انتخابات ثالثة، كان النواب العرب يديرون دراما، خلال أبحاث لجنة النظام البرلمانية، التي اجتمعت طوال الليل حتى تمكنت من صياغة قانون حل الكنيست (البرلمان الإسرائيلي) وتحديد موعد الانتخابات القادمة. فقد أعلن رئيس كتلة «المشتركة»، النائب أحمد الطيبي عن رفض المصادقة على اقتراح قانون الانتخابات وقدم عليه سلسلة اعتراضات، إلا إذا وافق أعضاء اللجنة على إلغاء «قانون كامينتس»، الذي يرمي إلى هدم عشرات ألوف البيوت العربية المبنية من دون تراخيص. وقال الطيبي، إن هذا القانون الجائر يحظى بتأييد غالبية أعضاء الكنيست، وهو مبني على ظلم. فالعرب لا يتمتعون بالبناء غير المرخص، لكنهم يضطرون إلى ذلك؛ لأن السلطات الرسمية لا توفر لهم التصاريح وتقلص عندهم مساحة الأرض بسبب المصادرات، ويجب على الدولة أن تجد حلاً آخر للمعضلة غير حل الهدم، الذي ينص عليه القانون. وقد حاول النواب الآخرون ثني النواب العرب عن هذا الموقف، بداية بالصراخ وتوجيه الاتهامات وفيما بعد بالإقناع الهادئ أن هذا موضوع منفصل. ورد العرب قائلين إنهم غير مستعجلين لتقديم موعد الانتخابات، ومن جهتهم فلتستمر الأبحاث حول الانتخابات أسابيع عدة. وقد تم تعليق الجلسة، وعُقد اجتماع لأكثر من ساعتين بين القائمة المشتركة، ورئيس وأعضاء اللجنة عن القوائم المُختلفة والمستشار القضائي للكنيست في محاولة للتوصل لتفاهمات في الموضوع، تتيح سحب اعتراضات القائمة المشتركة. ووافق النواب في النهاية على تجميد القانون المذكور لمدة خمس سنوات. هذا نموذج على تحصيل الحقوق.
كل هذه أسباب يمكن لها أن تشجع الناخبين العرب على رفع نسبة التصويت، إذا أحسن قادة القائمة المشتركة تعريف الجمهور على نشاطهم وأدائهم في هذه الحالة، وكذلك في حالات أخرى.



تاريخ مظلم للقيادات في كوريا الجنوبية

تشون دو - هوان (رويترز)
تشون دو - هوان (رويترز)
TT

تاريخ مظلم للقيادات في كوريا الجنوبية

تشون دو - هوان (رويترز)
تشون دو - هوان (رويترز)

سينغمان ري (الصورة الرئاسية الرسمية)

إلى جانب يون سوك - يول، فإن أربعة من رؤساء كوريا الجنوبية السبعة إما قد عُزلوا أو سُجنوا بتهمة الفساد منذ انتقال البلاد إلى الديمقراطية في أواخر الثمانينات.

وفي سلسلة من التاريخ المظلم لقادة البلاد، عزل البرلمان الرئيسة بارك غيون - هاي، التي كانت أول امرأة تتولى منصب الرئاسة الكورية الجنوبية، ثم سُجنت في وقت لاحق من عام 2016. ولقد واجهت بارك، التي هي ابنة الديكتاتور السابق بارك تشونغ - هي، اتهامات بقبول أو طلب عشرات الملايين من الدولارات من مجموعات اقتصادية وصناعية كبرى.

وفي الحالات الأخرى، انتحر روه مو - هيون، الذي تولى الرئاسة في الفترة من 2003 إلى 2008، بصورة مأساوية في مايو (أيار) 2009 عندما قفز من منحدر صخري بينما كان قيد التحقيق بتهمة تلقي رشوة، بلغت في مجموعها 6 ملايين دولار، ذهبت إلى زوجته وأقاربه.

وعلى نحو مماثل، حُكم على الرئيس السابق لي ميونغ - باك بالسجن 15 سنة في أكتوبر (تشرين الأول) 2018 بتهمة الفساد. ومع ذلك، اختُصرت فترة سجنه عندما تلقى عفواً من الرئيس الحالي يون سوك - يول في ديسمبر (كانون الأول) عام 2022.

ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، إذ أدين تشون دو - هوان، الرجل العسكري القوي والسيئ السمعة، الملقّب بـ«جزار غوانغجو»، وتلميذه الرئيس نوه تاي - وو، بتهمة الخيانة لدوريهما في انقلاب عام 1979، وحُكم عليهما بالسجن لأكثر من 20 سنة، ومع ذلك، صدر عفو عنهما في وقت لاحق.

بارك غيون- هاي (رويترز)

الأحكام العرفية

باعتبار اقتصاد كوريا الجنوبية، رابع أكبر اقتصاد في آسيا، وكون البلاد «البلد الجار» المتاخم لكوريا الشمالية المسلحة نووياً، تأثرت كوريا الجنوبية بفترات تاريخية من الحكم العسكري والاضطرابات السياسية، مع انتقال الدولة إلى نظام ديمقراطي حقيقي عام 1987.

والواقع، رغم وجود المؤسسات الديمقراطية، استمرت التوترات السياسية في البلاد، بدءاً من تأسيسها بعد نيل الاستقلال عن الاستعمار الياباني عام 1948. كذلك منذ تأسيسها، شهدت كوريا الجنوبية العديد من الصدامات السياسية - الأمنية التي أُعلن خلالها فرض الأحكام العرفية، بما في ذلك حلقة محورية عام 1980 خلّفت عشرات القتلى.

وهنا يشرح الصحافي الهندي شيخار غوبتا، رئيس تحرير صحيفة «ذا برنت»، مواجهات البلاد مع الانقلابات العسكرية وملاحقات الرؤساء، بالقول: «إجمالاً، أعلنت الأحكام العرفية في كوريا الجنوبية 16 مرة على الأقل. وكان أول مرسوم بالأحكام العرفية قد أصدره عام 1948 الرئيس (آنذاك) سينغمان ري، إثر مواجهة القوات الحكومية تمرداً عسكرياً بقيادة الشيوعيين. ثم فرض ري، الذي تولى الرئاسة لمدة 12 سنة، الأحكام العرفية مرة أخرى في عام 1952».

مع ذلك، كان تشون دو - هوان آخر «ديكتاتور» حكم كوريا الجنوبية. وتشون عسكري برتبة جنرال قفز إلى السلطة في انقلاب إثر اغتيال الرئيس بارك تشونغ - هي عام 1979، وكان بارك جنرالاً سابقاً أعلن أيضاً الأحكام العرفية أثناء وجوده في السلطة لقمع المعارضة حتى لا تنتقل البلاد رسمياً إلى الديمقراطية. نيودلهي: «الشرق الأوسط»