باسيل لن يشارك في الحكومة المقبلة وسيمارس {معارضة قوية}

قال إن مصيرها سيكون الفشل إذا أصر «حزب الله» و«حركة أمل» على أن يترأسها الحريري

بري مستقبلاً باسيل (الوكالة الوطنية)
بري مستقبلاً باسيل (الوكالة الوطنية)
TT

باسيل لن يشارك في الحكومة المقبلة وسيمارس {معارضة قوية}

بري مستقبلاً باسيل (الوكالة الوطنية)
بري مستقبلاً باسيل (الوكالة الوطنية)

أعلن رئيس «التيار الوطني الحر» وزير الخارجية اللبناني جبران باسيل الانتقال إلى المعارضة وعدم المشاركة في الحكومة المقبلة، متّهماً رئيس حكومة تصريف الأعمال سعد الحريري باعتماد سياسة «أنا أو لا أحد»، في وقت سجل فيه يوم أمس حركة لافتة على خط الاتصالات السياسية قبل 3 أيام من موعد الاستشارات النيابية يوم الاثنين المقبل.
وقال باسيل في مؤتمر صحافي بعد اجتماع «تكتل لبنان القوي»: «إذا أصرّ الرئيس الحريري على (أنا أو لا أحد) وأصرّ (حزب الله) و(حركة أمل) على مقاربتهما بمواجهة المخاطر الخارجية بحكومة تكنوسياسية برئاسة الحريري، فنحن كـ(تيّار وطني حرّ)، وكـ(تكتّل لبنان القوي)، لا يهمّنا أن نشارك بهكذا حكومة، لأن مصيرها الفشل حتماً». وأضاف: «لا نشارك ولا نحرّض، ولكن نقوم بمعارضة قوية وبنّاءة للسياسات المالية والاقتصادية والنقدية القائمة ونقوم بمقاومة لمنظومة الفساد القائمة من 30 سنة والتي يريد البعض الاستمرار فيها من خلال استنساخ نفس الحكومة».
وفي حين عدّ باسيل أن «الحريري يقول إن كل الأحزاب متهمة بالأزمة وإنه وحده بريء فيما بقية الأحزاب مسؤولة ومتهمة»، قال: «باب الحل هو تشكيل حكومة إنقاذ؛ أي حكومة اختصاصيين رئيسها وأعضاؤها من أصحاب الكف النظيف وفي الوقت نفسه مدعومين من الكتل السياسية على قاعدة احترام التوازنات الوطنية»، مضيفاً: «حكومة تجمع الاختصاصيين والميثاقية؛ هي بنظرنا الحل الوحيد القادر على إنقاذ لبنان من الأزمات، وهذه الحكومة هي الفرصة الوحيدة التي تمنع الانهيار، وبرأينا أن القضية تستأهل التضحية ولا أحد يخسر من تمثيله إنما نبرهن للناس أننا نضحي».
ورفض باسيل اتهامات الفساد، وقال: «(التيار الوطني الحر) نسج اتفاقاً في العام 2016، (التسوية مع الحريري التي أتت بالعماد ميشال عون رئيساً) قامت على تقوية الدولة وليس على أساس التسويات، وهذا الاتفاق حرر لبنان من الإرهاب وثبت الأمن وأوصل قانون انتخاب وشكل حكومات متوازنة لأول مرة، وأوجد موازنات، وأطلق مشاريع كثيرة على رأسها النفط والغاز. ويجب أن نعترف بأن هذا الاتفاق فشل بتأمين أبسط حقوق للناس مثل البنى التحتية وأمور كثيرة، وهذا الفشل يدفع ثمنه الشعب اللبناني والعهد والقوى السياسية ومن ضمنها نحن».
وقال: «نحن ندفع الثمن لأن الناس نظرت للتفاهم على أن هناك مصالح بيني وبين رئيس حكومة تصريف الأعمال سعد الحريري، ليس الوقت لتبرير الذات، لو كنت شريكاً فعلياً لمنظومة الفساد؛ هل كنت تعرضت للاغتيال السياسي من قبل المنظومة نفسها».
وأضاف: «الفشل بالمال والاقتصاد من 30 سنة إلى اليوم أدى إلى الانهيار، وأدى إلى اعتبار التفاهم صفقة. صرختنا ليست جديدة، ونحن تحدثنا عن هذه الأمور في الحكومة الأولى للعهد. وعندما تشكلت الحكومة الثانية أعطينا أنفسنا مهلة مائة يوم، ومن بعدها عبّرنا عن رفضنا للاستمرار في الحكومة إذا استمر الفساد واستمرت السياسة المالية المتبعة منذ التسعينات، وأبلغنا شركاءنا بذلك، وهددنا بقلب الطاولة والرجوع إلى المعارضة والناس»، عادّاً أن «ما حصل هو أن الناس سبقتنا ولم تعد تحتمل. ونستخلص من تجربة 3 سنين من جزئها السلبي أننا لسنا مستعدين لتكرار الفشل».
وتابع: «الموازين واضحة، لا نحن قادرون، ولا نحن نريد أن نتخطى الموقع الميثاقي للحريري الذي ثبته في الانتخابات. لا لزوم لحرق أسماء وتدخل صرح ديني مثل دار الفتوى لتثبيت المعادلة».
ولفت إلى أن «الحريري يحاول طرح معادلة أنه بقوة الميثاقية يترأس الحكومة ويلغي الآخرين»، مؤكداً «مرحلة إلغاء الآخر ولّت إلى غير رجعة، ولن نقبل لأحد أن يركب موجة الانتفاضة لضرب الميثاقية والشراكة الإسلامية - المسيحية، هذه المعادلة ناضلنا من أجل تثبيتها، وحرام أن نخسر وقتاً إضافياً لتأكيد المؤكد»، وقال: «التجربة أكدت أن لا أحد يستطيع أن يلغي أحداً، والآن ليس وقت تصفية الحسابات، القول إنه لا يقبل إلا بوزراء تكنوقراط كأنه يقول إنه هو الوحيد غير المسؤول عن الانهيار والفساد».
وأعلن باسيل عن قراره بعد ساعات من لقائه رئيس البرلمان نبيه بري الذي كان يوم أول من أمس بعث له برسالة أكد خلالها على أنه لن يرضى بأن يكون «التيار» خارج الحكومة. وفيما خرج باسيل من دون الإدلاء بأي تصريح، قالت مصادر مطلعة على اللقاء لـ«الشرق الأوسط» إنه «تم البحث في مضمون الرسالة التي وصلت إلى باسيل، وأكد بري على أهمية الشراكة الوطنية بين الفرقاء، خصوصاً في هذه المرحلة التي يمر بها لبنان، والتوصل إلى تأليف حكومة تلاقي المجتمع الدولي والنتائج الإيجابية التي صدرت عن مؤتمر باريس يوم أول من أمس».
من جهة أخرى؛ التقى رئيس الحكومة السابق تمام سلام البطريرك الماروني بشارة الراعي، ودعا إلى الإسراع بتأليف الحكومة. وقال سلام بعد اللقاء: «الوضع صعب ومأزوم ومعقد، ويتطلب الترفع والتواضع والتضحية من أجل إيجاد حلول نتمسك بها جميعاً ونلتف حولها لإنقاذ لبنان».
في المقابل، شن النائب طلال أرسلان هجوماً على الحريري من دون أن يسميه، وانتقد الطريقة التي انسحب بها المرشح السابق سمير الخطيب، وقال بعد لقائه الرئيس ميشال عون: «ما حصل من حيث الشكل بموضوع تسمية الرئيس المكلّف للحكومة هو ضربة موجهة إلى الدولة المدنية، وهذه سابقة خطيرة». ورأى أن «الميثاقية تعطي الشرعية المذهبية للشخص المكلف، إنما لا تعطيه تأليف الحكومة، لذلك لا يجب تدوير الزوايا حول هذا الموضوع».



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.