تعثر بمفاوضات التجارة الصينية ـ الأميركية

الغموض يحاصر مصير التعريفات الجديدة

يظهر خلاف بين واشنطن وبكين حول آلية رفع حجم المشتريات الزراعية الأميركية (رويترز)
يظهر خلاف بين واشنطن وبكين حول آلية رفع حجم المشتريات الزراعية الأميركية (رويترز)
TT

تعثر بمفاوضات التجارة الصينية ـ الأميركية

يظهر خلاف بين واشنطن وبكين حول آلية رفع حجم المشتريات الزراعية الأميركية (رويترز)
يظهر خلاف بين واشنطن وبكين حول آلية رفع حجم المشتريات الزراعية الأميركية (رويترز)

أعلنت كل من الولايات المتحدة والصين، تأجيل المضي قدما في المفاوضات التجارية الجارية بينهما، وأن «الاتفاق الأولي» الذي كان مرتقبا الوصل إليه قبل 15 ديسمبر (كانون الأول) الجاري ربما جرى إرجاؤه إلى أجل غير مسمى، حتى يتم التوصل إلى اتفاق بين الطرفين على آلية تلتزم بكين بمقتضاها بشراء كميات ضخمة من المنتجات الزراعية الأميركية.
وأشار المسؤولون في بكين وواشنطن إلى أن يوم الأحد المقبل «ليس هو الموعد النهائي» للتوصل إلى ما يسمى بـ«المرحلة الأولى»، التي أعلن عنها الرئيس الأميركي دونالد ترمب سابقا. وعلى الرغم من أن هذا هو التاريخ الذي حدده ترمب لزيادة التعريفات على 165 مليار دولار من البضائع الصينية، أشار المسؤولون إلى أنه يمكن تمديد هذا التاريخ، كما حدث عدة مرات عندما اعتقد الجانبان أنهما على وشك التوصل إلى صفقة.
وقال مسؤولون صينيون وأميركيون مشاركون في المحادثات إنهم ليس لديهم موعد نهائي محدد للتوصل إلى اتفاق مبدئي كمرحلة أولى. وقال المستشار الاقتصادي للبيت الأبيض، لاري كودلو، في ظهور تلفزيوني إنه «لا توجد مواعيد نهائية تعسفية»، وهو ما تم تأكيده من قبل المفاوضين التجاريين من البلدين أمس.
وقال كودلو إن فرض تعريفات في 15 ديسمبر: «لا تزال مطروحة» إذا لم يكن الرئيس ترمب سعيداً بنتيجة المحادثات التجارية بين الولايات المتحدة والصين. وأضاف خلال اجتماع مجلس الرؤساء التنفيذيين في وول ستريت جورنال، أمس: «إذا لم يكن الأمر نوع الصفقة التي يريدها الرئيس، فستعود الرسوم المقررة في 15 ديسمبر إلى مكانها»، مشيرا إلى أن إزالة بعض التعريفات الحالية جزء من التفاوض مع المسؤولين الصينيين حول صفقة المرحلة الأولى.
من جانبه، أشار وزير التجارة الأميركي، ويلبر روس، إلى أن إعادة فرض الرسوم مرتبط بنتاج المفاوضات مع الجانب الصيني. وقال على شبكة فوكس للأعمال، أمس: «من المهم للغاية الحصول على صفقة جيدة للولايات المتحدة»، مشيرا إلى أن «التعريفات ستطبق. حتى إذا لم يكن لدى الطرفين صفقة بحلول التاريخ».
وقال مستشار البيت الأبيض، جاريد كوشنر، وهو صهر الرئيس ترمب، إن المحادثات «تسير في اتجاه جيد»، مشيرا إلى أنه لا يعرف إذا كان الرئيس ترمب سيتخذ قرارا بإعادة التعرقات أم لا إذ لم يتم التوصل إلى اتفاق بحلول 15 ديسمبر الجاري.
ومنذ بدء المحادثات، يلتقي المفاوضون على مستوى العمل في معظم الأيام، ولكن اعتبارا من يوم الجمعة الماضي، لم يتحدث كبار المفاوضين من كلا الجانبين لمدة 10 أيام. وركز الممثل التجاري الأميركي، روبرت لايتهايزر، بدلا من ذلك على محاولة إقناع المكسيك بالموافقة على شروط اتفاقية الولايات المتحدة والمكسيك وكندا.
وتتمثل أكبر مشكلة في المفاوضات بين الولايات المتحدة والصين، في مطالبة واشنطن بأن تضمن الصين تعهدها بشراء المزيد من فول الصويا والدواجن وغيرها من المنتجات الزراعية الأميركية. وتشمل القضايا الأخرى التي تكمن في لب الحرب التجارية بين واشنطن وبكين، انتهاك الصين لحقوق الملكية الفكرية للشركات الأميركية، وضغط بكين على الشركات الأميركية لتسليم التكنولوجيا قسرا كشرط للاستثمار في الصين.
بالنسبة لواشنطن، تعتبر المشتريات محور الصفقة المحدودة. وأوضح ترمب أن شراء المزيد من المنتجات الزراعية يمثل أولوية قصوى بالنسبة لأي اتفاق قريب الأجل مع بكين. وجدير بالذكر أن ترمب يركز على المزارعين الأميركيين باعتبارهم شريحة أساسية من الناخبين تضمن إعادة انتخابه العام المقبل. وتشير دراسة حديثة أجراها معهد بيترسون للاقتصاد الدولي، إلى أن الجمهوريين خسروا خمسة مقاعد في انتخابات الكونغرس 2018 بسبب حرب التعريفات التي شنها ترمب على الصين وغيرها من الدول.
وتصر واشنطن على التزام الصين بشراء كميات محددة من المنتجات الزراعية الأميركية كشرط لاستئناف المحادثات. فيما يريد الجانب الصيني ربط هذا الالتزام المسبق، بمقدار الإعفاءات الجمركية الذي ترغب الولايات المتحدة في تمديده على الفور. ومن غير الواضح إلى أي مدى تضغط الولايات المتحدة، على الرغم من أن وزير الخزانة الأميركي، ستيفن منوتشين قال إن الصين التزمت بمشتريات سنوية تتراوح بين 40 و50 مليار دولار في السنة خلال السنة الثانية من الصفقة.
ويقول المفاوضون الصينيون إن عمليات شراء مضمونة ستنتهك قواعد منظمة التجارة العالمية وتتسبب في احتكاكات بين الصين وشركائها التجاريين الآخرين. كما تسعي بكين بجدية لحث أميركا على إلغاء رسوم شهر ديسمبر، وتخفيف أجزاء من التعريفة الجمركية الحالية على 360 مليار دولار من الواردات الصينية. وهو ما ترفضه واشنطن بشدة، وتعتبر أن هذه نقطة ضغط تعتبر أساسية لإبقاء الجانب الصيني منخرطاً في مفاوضات بشأن القضايا المعقدة مثل الإعانات ونقل التكنولوجيا القسري.
وفي حالة تم المضي قدما في فرض التعريفات الأسبوع المقبل، فسيكون لذلك آثار سلبية على البلدين. وأظهرت أحدث البيانات الرسمية أن صادرات الصين إلى الولايات المتحدة تراجعت بنسبة 23 في المائة في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي على أساس سنوي بسبب التعريفات الأميركية.



مسؤولتان في «الفيدرالي»: معركة التضخم لم تنته بعد

دالي وكوغلر أثناء حضورهما المؤتمر السنوي للجمعية الاقتصادية الأميركية في سان فرانسيسكو (رويترز)
دالي وكوغلر أثناء حضورهما المؤتمر السنوي للجمعية الاقتصادية الأميركية في سان فرانسيسكو (رويترز)
TT

مسؤولتان في «الفيدرالي»: معركة التضخم لم تنته بعد

دالي وكوغلر أثناء حضورهما المؤتمر السنوي للجمعية الاقتصادية الأميركية في سان فرانسيسكو (رويترز)
دالي وكوغلر أثناء حضورهما المؤتمر السنوي للجمعية الاقتصادية الأميركية في سان فرانسيسكو (رويترز)

قالت اثنتان من صانعي السياسة في «الاحتياطي الفيدرالي» إنهما يشعران بأن مهمة البنك المركزي الأميركي في ترويض التضخم لم تنتهِ بعد، لكنهما أشارا أيضاً إلى أنهما لا يريدان المخاطرة بإلحاق الضرر بسوق العمل أثناء محاولتهما إنهاء هذه المهمة.

وتسلِّط هذه التصريحات الصادرة عن محافِظة البنك المركزي الأميركي، أدريانا كوغلر، ورئيسة بنك الاحتياطي الفيدرالي في سان فرانسيسكو، ماري دالي، الضوء على عملية الموازنة الدقيقة التي يواجهها محافظو المصارف المركزية الأميركية، هذا العام، وهم يتطلعون إلى إبطاء وتيرة خفض أسعار الفائدة؛ فقد خفَّض «الاحتياطي الفيدرالي» أسعار الفائدة قصيرة الأجل بمقدار نقطة مئوية كاملة، العام الماضي، إلى النطاق الحالي الذي يتراوح بين 4.25 في المائة و4.50 في المائة.

وانخفض التضخم، حسب المقياس المفضل لدى «الاحتياطي الفيدرالي»، بشكل جيد من ذروته في منتصف عام 2022 عند نحو 7 في المائة، مسجلاً 2.4 في المائة في نوفمبر (تشرين الثاني). ومع ذلك، لا يزال هذا أعلى من هدف «الاحتياطي الفيدرالي» البالغ 2 في المائة. وفي ديسمبر (كانون الأول)، توقع صانعو السياسة تقدماً أبطأ نحو هذا الهدف مما توقعوه سابقاً.

وقال كوغلر في المؤتمر السنوي للجمعية الاقتصادية الأميركية في سان فرانسيسكو: «ندرك تماماً أننا لم نصل إلى هناك بعد... وفي الوقت نفسه، نريد أن يبقى معدل البطالة كما هو، وألا يرتفع بسرعة».

في نوفمبر، كان معدل البطالة 4.2 في المائة، وهو ما يتفق في رأيها ورأي زميلتها دالي مع الحد الأقصى للتوظيف، وهو الهدف الثاني لـ«الاحتياطي الفيدرالي»، إلى جانب هدف استقرار الأسعار.

وقالت دالي، التي كانت تتحدث في الجلسة إياها: «في هذه المرحلة، لا أريد أن أرى المزيد من التباطؤ في سوق العمل. ربما يتحرك تدريجياً في نتوءات وكتل في شهر معين، ولكن بالتأكيد ليس تباطؤاً إضافياً في سوق العمل».

لم يُسأل صانعو السياسات، ولم يتطوعوا بإبداء آرائهم حول التأثير المحتمل للسياسات الاقتصادية للرئيس القادم، دونالد ترمب، بما في ذلك الرسوم الجمركية والتخفيضات الضريبية، التي تكهَّن البعض بأنها قد تغذي النمو وتعيد إشعال التضخم.