أميركا تشدد العقوبات على إيران وتتمسك بحملة الضغوط القصوى

تجدد التوتر بين باريس وطهران على خلفية قضية الأسرى

وزير الخارجية الأميركي لدى عقده مؤتمرا صحافيا في واشنطن أمس (أ.ف.ب)
وزير الخارجية الأميركي لدى عقده مؤتمرا صحافيا في واشنطن أمس (أ.ف.ب)
TT

أميركا تشدد العقوبات على إيران وتتمسك بحملة الضغوط القصوى

وزير الخارجية الأميركي لدى عقده مؤتمرا صحافيا في واشنطن أمس (أ.ف.ب)
وزير الخارجية الأميركي لدى عقده مؤتمرا صحافيا في واشنطن أمس (أ.ف.ب)

أعلن مايك بومبيو، وزير الخارجية الأميركي، أمس، أن بلاده فرضت عقوبات جديدة على ثلاث شركات إيرانية وأجنبية لمساعدة الحكومة الإيرانية على نقل مساعدات فتّاكة من إيران لليمن، ونشر أسلحة للدمار الشامل، وبناء شبكة تهريب أسلحة على نطاق واسع، مؤكداً أن الولايات المتحدة ستعاقب كل من أسهم مع إيران أو الشركات التابعة لها في هذه العملية.
وقال الوزير بومبيو إن واشنطن استهدفت وكلاء مبيعات عامة لشركة «ماهان إير» بسبب الدور الذي تلعبه شركة الطيران في نشر أسلحة الدمار الشامل، وشركة نقل صينية مركزها شانغهاي تساعد الحكومة الإيرانية في صناعة الصواريخ. وأضافت وزارة الخزانة الأميركية أنه تمت أيضاً إضافة شبكة شحن إيرانية لقائمة سوداء، بسبب تورطها في تهريب مساعدات فتاكة من إيران لليمن نيابة عن «الحرس الثوري الإيراني» و«فيلق القدس» التابع له. ومن المتوقع أن تدخل العقوبات الجديد حيز التنفيذ بعد 180 يوماً.
وتأتي العقوبات الجديدة بعد أيام فقط من تبادل للأسرى، مطلع الأسبوع، بين الولايات المتحدة وإيران، في تعاون نادر منذ تصاعد التوتر بينهما، عقب انسحاب الرئيس الأميركي دونالد ترمب من الاتفاق النووي المبرم مع إيران عام 2015.
إلى ذلك، أكّد بومبيو مواصلة سياسة «العقوبات القصوى» على طهران، وطالب جميع الدول بالانضمام إلى هذه الجهود. وقال: «نريد ضمان أن تمارس كل الدول الضغط على إيران، بما فيها الصين». وأشار الوزير الأميركي إلى أن إدارة الرئيس ترمب طلبت من الصين الالتزام بالعقوبات الأميركية المفروضة على إيران، مؤكداً أنه تحدث مع نظيره الصيني في عطلة نهاية الأسبوع الماضي، حول وقف دعم إيران والالتزام بالعقوبات المفروضة.
وأضاف: «قلت لوزير الخارجية الصيني إن هناك حملة ضغط قصوى من جانبنا على إيران، ونتأكد أن كل دولة تلتزم بالعقوبات التي فرضناها عليها، والصين ليست استثناء. وطلبنا من الصين ألا تشتري النفط الإيراني الخام، وستستمر واشنطن في فرض عقوبات على الدول التي تنتهك عقوباتنا».
وأوضح بومبيو أن العقوبات الأميركية على إيران تهدف إلى «منع أنشطتها التي تهدد العالم وحلفاءنا في الشرق الأوسط، مثل إسرائيل وبقية دول المنطقة والعالم، ولكي تمتثل القيادة الإيرانية وتصبح دولة عادية، سنستمر في التأكد من ذلك مع كل دول العالم، بما في ذلك الصين».
في سياق متصل، أعرب بومبيو عن أمله في توسيع الحوار مع إيران حول السجناء. وتم تبادل سجينين بين البلدين نهاية الأسبوع الماضي، برعاية سويسرية، إذ تم الإفراج عن مسعود سليماني العالم الإيراني الموقوف في الولايات المتحدة منذ 2018. وعن شيوي وانغ الأميركي المولود في الصين، والمسجون في إيران منذ 2016.
وأبدت السلطات الإيرانية بعد ذلك استعدادها لتبادل مزيد من السجناء، كما ذكرت «وكالة الصحافة الفرنسية». وقال وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو: «آمل أن يتمكن هذا التبادل من أن يقود إلى حوار أوسع نطاقاً حول الشؤون القنصلية»، مضيفاً: «ما زال لدينا أميركيون محتجزون في إيران، هناك بالتأكيد عدد كبير منهم».
وتابع: «نحاول البناء على ما حصل، توسيع ذلك ليكون مناسبة من أجل الاستمرار في هذا الجهد». وأفاد عن «بعض المؤشرات» إلى أن تبادل السجينين، في نهاية الأسبوع الماضي، يمكن أن «يُنبِئ بأخبار سارة»، غير أنه توخّى الحذر «لعدم إعطاء آمال زائفة». وقال: «سنسعى لاستغلال أدنى انفتاح لإعادة هؤلاء الأشخاص إلى الديار».
كما ذكّر بومبيو بالتحذير من الدرجة الرابعة، وهي أعلى درجة تحذير من السفر، إلى إيران، خصوصاً للأميركيين من أصول إيرانية، قائلاً: «إن احتمال تعرضهم للاعتقال التعسفي وارد في كل لحظة». في سياق آخر، ذكرت وكالة إيرانية للأنباء، أمس، أن طهران رفضت دعوة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون للإفراج عن فرنسيين تحتجزهما منذ يونيو (حزيران)، معتبرةً ذلك تدخلاً في شؤونها. ونقلت الوكالة عن عباس موسوي المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية قوله إن «الحكومة والقضاء في إيران لا يأخذان النصيحة من الآخرين... التدخل في شؤون دولتنا غير مقبول».
ويأتي ذلك بعدما طالب ماكرون، أول من أمس (الثلاثاء)، بـ«الإفراج فوراً»، عن الفرنسيين فاريبا عادلخاه ورولان مارشال، من السجن في إيران.
على صعيد آخر، قال وزير الاتصالات الإيراني، محمد جواد آذري جهرمي، أمس، إن بلاده «أحبطت هجوماً إلكترونياً كبيراً شنته حكومة أجنبية على البنية التحتية الإيرانية»، وذلك بعد شهرين من تقارير إعلامية عن عملية إلكترونية أميركية استهدفت الدعاية الإيرانية. وكانت وكالة «رويترز» قد نقلت عن مسؤولين أميركيين أن الولايات المتحدة نفذت ضربة إلكترونية سرية على إيران بعد الهجمات التي استهدفت في 14 سبتمبر (أيلول) منشأتي نفط سعوديتين.
وقال آذري جهرمي لوكالة «مهر» شبه الرسمية للأنباء: «واجهنا في الآونة الأخيرة هجوماً منظماً للغاية برعاية دولة على البنية التحتية للحكومة الإلكترونية، تم (...) صده من قبل الدرع الأمني للشبكة الوطنية للمعلومات».
وأضاف: «هذا الهجوم كان كبيراً جداً»، وذكر أنه سيتم الكشف لاحقاً عن التفاصيل.
ولم يتضح ما إذا كان آذري جهرمي يشير إلى الهجوم الإلكتروني الذي قال مسؤولون أميركيون إنه وقع في أواخر سبتمبر، واستهدف تعطيل قدرة طهران على نشر الدعاية.
يُشار إلى أن آذري جهرمي كان قد نفى هذه التقارير في السابق، وقال عن الهجوم الإلكتروني السابق: «يبدو أنهم شاهدوا حلماً».



قلق أميركي من سعي إيران لإعادة حضورها العسكري في سوريا

عناصر من الميليشيات الإيرانية في سوريا (المرصد السوري لحقوق الإنسان)
عناصر من الميليشيات الإيرانية في سوريا (المرصد السوري لحقوق الإنسان)
TT

قلق أميركي من سعي إيران لإعادة حضورها العسكري في سوريا

عناصر من الميليشيات الإيرانية في سوريا (المرصد السوري لحقوق الإنسان)
عناصر من الميليشيات الإيرانية في سوريا (المرصد السوري لحقوق الإنسان)

تخشى الولايات المتحدة من محاولات إيران لاستعادة حضورها العسكري في سوريا، بما في ذلك خط إمداد «حزب الله»، رغم سحبها الكبير لقواتها من الأراضي السورية بعد انهيار نظام الأسد، الشهر الماضي، في ضربة لاستراتيجيتها الإقليمية، وفقاً لمسؤولين غربيين وإقليميين.

وقال مسؤول أميركي رفيع لصحيفة «وول ستريت جورنال» إن الانسحاب الإيراني من سوريا يمثل نهاية لجهود طهران الإقليمية لنشر النفوذ وشن حروب بالوكالة ضد أميركا وإسرائيل، حيث فر أعضاء في «فيلق القدس»، وتم تفكيك الميليشيات.

وأنفقت إيران مليارات الدولارات لدعم الأسد خلال الحرب، وأرسلت قوات من «الحرس الثوري» إلى سوريا؛ لمساعدة حليفها على البقاء في السلطة.

بدأت إيران بسحب قواتها بعد انهيار الجيش السوري في أواخر العام الماضي، في ظل ضربات إسرائيلية متواصلة، وكانت غاضبة من الأسد الذي ظل غائباً خلال صراعها مع إسرائيل.

وامتدت شبكة إيران في سوريا من الشرق لنقل الأسلحة والمقاتلين إلى حدود لبنان لتسليح «حزب الله».

وقال مسؤولون غربيون وعرب إن معظم المقاتلين المدعومين من إيران في شرق سوريا، بينهم ضباط من «الحرس الثوري»، فروا إلى القائم بالعراق، بينما هرب بعض الإيرانيين المقيمين في دمشق إلى طهران، ومقاتلو «حزب الله» عبروا إلى لبنان.

وقالت باربرا ليف، المسؤولة عن شؤون الشرق الأوسط في وزارة الخارجية الأميركية، عن مغادرة القوات الإيرانية من سوريا: «إلى حد كبير، نعم... إنه أمر استثنائي».

الرئيس السوري بشار الأسد في لقاء مع وزير الخارجية الإيراني خلال زيارته لسوريا في 2 ديسمبر 2024 (د.ب.أ)

وقالت ليف إن سوريا أصبحت الآن أرضاً معادية لإيران، وأضافت: «هذا لا يعني أنهم لن يحاولوا العودة، لكن الأوضاع هناك معادية للغاية».

وهاجم المرشد الإيراني، علي خامنئي، الأسبوع الماضي، الانتقادات لحضور إيران الإقليمي، قائلاً: «بعض الأشخاص بسبب افتقارهم للفهم وقلة الوعي والتحليل الصحيح للقضايا يقولون إن الدماء التي أريقت في سبيل الدفاع عن الأضرحة قد ذهبت هدراً». وأضاف: «هذا التصور خطأ كبير؛ لأنه لولا قتال الجنرال سليماني ومدافعي الأضرحة لما بقي أثر من المراقد المقدسة، سواء السيدة زينب أو حتى كربلاء والنجف».

وقال دبلوماسيون غربيون إن العسكريين الإيرانيين وحلفاءهم أُجبروا على ترك كمية كبيرة من المعدات والذخائر العسكرية في أثناء هروبهم، وجرى تدميرها لاحقاً بواسطة إسرائيل، أو تم الاستيلاء عليها من قبل «هيئة تحرير الشام» وجماعات أخرى.

وقال مسؤول سابق في «البنتاغون» إن انهيار نظام الأسد قلل من تأثير إيران في المنطقة، وقدرتها على دعم الجماعات المسلحة لتحقيق أهدافها الإقليمية.

في الأيام الأخيرة، أفادت تقارير بأن إيران حاولت زيادة شحنات النقود إلى «حزب الله» في لبنان، وتم تأخير وتفتيش رحلة دبلوماسية إيرانية لدى وصولها إلى بيروت.

صورة نشرها موقع البرلمان الإيراني من سلامي خلال جلسة مغلقة حول سوريا ديسمبر الماضي

ويعتقد المسؤولون الأميركيون أن إيران ستسعى لإعادة الجسر البري، ولكن من غير المحتمل أن تسمح الحكومة السورية الجديدة لـ«الحرس الثوري» الإيراني بتجديد وجوده العسكري بسبب دعمه للأسد.

وفي نهاية ديسمبر (كانون الأول)، توقع خامنئي ظهور «قوة شريفة في سوريا»، قائلاً إن «الشباب الشجعان والغيارى في سوريا سيقومون بطرد إسرائيل».

ویخشی المسؤولون الأمیركيون من أن إيران قد تحاول إعادة نفوذها في سوريا على المدى الطويل، عبر تفعيل الشبكات القديمة، واستغلال عدم الاستقرار في البلد.

قال أندرو تابيلر، المدير السابق لسوريا في مجلس الأمن القومي: «هذا فشل كارثي لإيران. حجم الكارثة سيعتمد على ما إذا كانت سوريا ستظل موحدة»، وأضاف: «قد تجد إيران طريقاٌ للعودة بفضل الانقسامات الطائفية التي لا تزال غير محلولة في ظل النظام الجديد».