«الجنوب في عصر الاضطرابات» عنواناً لمؤتمر «حوارات أطلسية»

تستضيفه مراكش اليوم بمشاركة 400 شخصية من 66 دولة

TT

«الجنوب في عصر الاضطرابات» عنواناً لمؤتمر «حوارات أطلسية»

ينتظر أن يتم اليوم (الخميس)، بمناسبة افتتاح الدورة الـ8 لمؤتمر «حوارات أطلسية»، التي تناقش موضوع «الجنوب في عصر الاضطرابات»، بمشاركة 400 شخصية من 66 دولة، تقديم تقرير «تيارات أطلسية» في طبعته الـ 6، الذي أعدت مقدمته أميناتا توري، رئيسة وزراء السنغال السابقة، وساهم فيه باحثون من أفريقيا وأميركا اللاتينية ومنطقة بحر الكاريبي وأوروبا.
وتسلط طبعة هذه السنة من التقرير، الذي يبقى واحدا من أهم الأعمال التي يصدرها «مركز السياسات للجنوب الجديد»، فيما يخص دراسة وتحليل القضايا العالمية الرئيسية من منظور الجنوب، الضوء على التحديات الجديدة التي تواجه المحيط الأطلسي جنوبا وشمالا، وذلك في اتساق مع موضوع مؤتمر «حوارات أطلسية» لهذه السنة، ورؤية المركز بخصوص «التعبير عن آراء الجنوب على الساحة الدولية».
وأشار كريم العيناوي، رئيس مركز السياسات للجنوب الجديد، وبشرى رحموني مديرة البحث والشراكات والفعاليات، في مقدمتهما للتقرير إلى أن «الإصدارات السابقة بينت كيف تنقسم هذه المنطقة، التي لم تتم دراستها بشكل كاف، إلى منطقة مضطربة في الشمال، ومنطقة تتصف بضعف اقتصادي وسياسي واجتماعي متزايد في الجنوب».
وشدد العيناوي ورحموني على «تعزيز الحوار والبناء لتفاهم أفضل، كأوراش أساسية وذات أولوية لمساعدة بلدان المحيط الأطلسي على التغلب على هذه الانقسامات ونقاط القطيعة، والسير سويا نحو التنمية المستدامة».
ويقول العيناوي ورحموني إن التقرير «لا يقدم تشخيصا للاضطرابات في النظام العالمي والحوض الأطلسي فحسب، بل أيضا بعض الآفاق الواعدة والمشاريع الرائدة، بما في ذلك الابتكار الاجتماعي كرد فعل للمشاكل الاجتماعية، وتمكين المرأة، والدبلوماسية الثقافية، والحوار بين الثقافات، وكذلك الثورة الرقمية كقوة من أجل الرفاه وكأداة لتعزيز التعاون».
وناقش تقرير «تيارات أطلسية» من خلال فصوله التسعة، أسئلة جوهرية حول «نظام ما بعد أميركا»، والنظام التجاري القائم على قواعد «فرص النجاة»، و«الدبلوماسية الثقافية»، و«مستقبل الاتحاد الأوروبي»، قبل أن يتطرق إلى المشاكل المتعلقة بجنوب المحيط الأطلسي، مثل «توسع التمرد في الساحل، وعلامات القلق في غرب أفريقيا الساحلية» و«الصين وأفريقيا في عصر الاضطرابات»، وغيرها.
وركز الخبراء وكبار الباحثين في مركز السياسات من منطقة البحر الكاريبي وكوستاريكا والمغرب وفرنسا والبرازيل، المشاركون في طبعة هذه السنة من التقرير، على قضايا الأطلسي الاقتصادية والدبلوماسية والثقافية، آخذين بعين الاعتبار الرؤية الأوسع التي وضعتها رئيسة وزراء السنغال السابقة في مقدمتها، حيث شددت على أن «أفريقيا التي نريدها هي أفريقيا متكاملة»، وأن «لشبابها ونسائها إيمانا وأملا حقيقيا في مستقبلهم، يصبون إلى مستوى أفضل من الرخاء والرفاهية، تاركين بالتالي وراءهم أي إحساس بالخوف والقلق والتهميش والإقصاء والإيذاء في حياتهم اليومية».
وفي فصله المعنون «الحكامة العالمية في عالم ما بعد أميركا»، افتتح لين إسماعيل (سانت لوسيا)، السفير السابق لدول شرق البحر الكاريبي لدى مملكة بلجيكا والاتحاد الأوروبي، التقرير بملاحظات حول انحسار دور الولايات المتحدة في القيادة الغربية وعواقبها على الجنوب.
وفي فصل آخر تدرس أنابيل غونزاليس، وزيرة التجارة السابقة في كوستاريكا، المخاطر التي تواجه منظمة التجارة العالمية، وتدافع عن ضرورة «تجديد الإدارة التجارة العالمية»، في حين يناقش السفير محمد لوليشكي، الممثل الدائم السابق للمملكة المغربية لدى الأمم المتحدة، تداعيات «الدبلوماسية الثقافية»، وذلك في سياق التراجع في استخدام القوة الخشنة منذ نهاية الحرب الباردة.
من جهته، يسلط دومينيك بوكيه (فرنسا) الضوء على خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، والتشكيك في المشروع الأوروبي، والشعبية عموما كرموز للوضع الراهن، متسائلا عن «مستقبل الاتحاد الأوروبي».
من جهة أخرى، تناولت كل من فاطمة الزهراء منغوب (المغرب) وأوليسيلوكا أوكوتشا، وهي عضوة سابقة لقادة الحوارات الأطلسية الرواد من نيجيريا، موضوع استخدام التكنولوجيا في القطاع الفلاحي الأفريقي لتحسين النمو، إذ تعتبران أن التكنولوجيا التجديدية يمكن أن تساعد في حل الكثير من المشاكل إذا تم وضع بنية تحتية مناسبة. فيما رسم الاقتصاديان المغربيان الطيب غازي، ويوسف الجاي خريطة شاملة لحالة التقارب داخل كل من التكتلات الاقتصادية على حوض المحيط الأطلسي، وللمزيد من العمل لتحسين مستوى العلاقات بين البلدان.
يشار إلى أن «مركز السياسات للجنوب الجديد»، الذي تم إطلاقه عام 2014 في الرباط، مع 39 باحثاً مشاركاً من الجنوب والشمال، يهدف من خلال منظور الجنوب بشأن قضايا البلدان النامية، إلى تسهيل القرارات المتعلقة بالسياسات في إطار برامجه الرئيسية الأربعة: الزراعة والبيئة والأمن الغذائي؛ الاقتصاد والتنمية الاجتماعية؛ المواد الخام والتمويل. الجغرافيا السياسية والعلاقات الدولية.
ويهدف مؤتمر «حوارات أطلسية» إلى «تشجيع خطاب واضح ووضع حلول مبتكرة»، وذلك خلال مناقشة وجهات نظر السياسيين والأكاديميين والمحللين والمراقبين من الشمال والجنوب بروح من الانفتاح والشفافية والإثراء المتبادل. كما يسعى، منذ إطلاقه في 2012 إلى إدماج جنوب المحيط الأطلسي في النقاش الجيوسياسي العالمي. وقد تبنى من أجل ذلك مقاربة تعتمد على إخضاع الإشكالات لمناقشة قائمة على الحقائق والأرقام.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.